العرب هم شعب سامي سكنوا شبه الجزيرة العربية، وكانوا غالبًا من البدو الرحّل، ولم يكن منهم إلا فئة قليلة تسكن في مدن شبه الجزيرة العربية، وكانت مكة المكرمة ويثرب من أهم مراكزهم التجارية، وعاش العرب في قبائل متنافسة غير منتمين لبلد محدد.
أصل العرب
أجمع النسّابون والعلماء والرواة على أنّ آدم عليه السلام هو أبو البشر وأولهم، ومن بعده تكاثر نسله وعمروا الأرض، إلى أن وصل نسله إلى نوح عليه السلام، وحدث الطوفان المعروف الذي هلك فيه معظم البشر، ومَن تبقّى منهم لم يترك خلفه نسل، وبذلك أصبح نوح عليه السلام ثاني أب للبشر، وكل الأمم التي تفرّعت بعد حادثة الطوفان تفرّعت من نسل نوح، والذي أنجب ثلاثة من الأبناء وهم يافث وسام وحام، ويُجمع النسّابون أنّ سام الابن الثاني لسيدنا نوح هو أبو العرب، لهذا يُقال عن العرب إنّهم من الشعوب السامية، ونسب ابن إسحاق خمسة أبناء إلى سام بن نوح، وهم إرَم وأشوذ وغليم ولاوِذ وأرفخشذ.
أقسام العرب
أجمع المؤرخون أنّ العرب ينقسمون إلى ثلاثة أقسام، وهي ما يلي:
العرب البائدة
هم العرب الذين بادوا (هلكوا) قبل مجيء الإسلام، ولم يتبقَ من حضارتهم سوى الأطلال والأخبار وبعض الآثار.
العرب العاربة
هم العرب القحطانيون الذين ينحدرون من نسل قحطان، وهو قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
العرب المستعربة
هم الفئة الثالثة من العرب، وينحدر العرب المستعربة من نسل إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ويسموّن أيضًا العدنانيون أو المعديون أو التراريون، وسموا العرب المستعربة لمخالطتهم العرب العاربة وأخذ اللغة العربية عنهم، حيث أن إسماعيل عليه السلام الجد الأكبر لهم تعلّم العربية من مخالطة العرب العاربة، حيث كان أبوه إبراهيم أعجمي اللسان ولا يتكلم العربية.
ممالك وحضارات العرب القديمة الكبرى
تعددت حضارات العرب وممالكها القديمة، والتي من أبرزها ما يلي:
حضارة دلمون
هي حضارة قديمة قامت شرق الجزيرة العربية وجزيرة البحرين في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانت مركز تجاري مهم في ذروتها، حيث سيطرت على الطرق التجارية للخليج العربي، ونظر السومريون إلى دلمون على أنها أرض مقدسة، وهي من أقدم حضارات الشرق الأوسط التي قامت في عصور ما قبل التاريخ.
حضارة الفينيقيين
يُجمع المؤرخون أنّ الفينيقيين هم عرب جاؤوا من شرق شبه الجزيرة العربية، واستقروا في بلاد الشام وقبرص والأناضول وشمال إفريقيا، وكانوا يتحدثون اللغة العربية السامية، وأنشأ الفينيقيون مستعمرات قوية قائمة على التجارة والملاحة البحرية، حيث كانوا بارعين في هذين المجالين.
مملكة معين
نشأت مملكة معين العربية في اليمن في القرن العاشر قبل الميلاد، وكانت عاصمتها مدينة كرنة (مدينة صعدة الآن)، وكانت مدينتهم المهمة الأخرى أيضًا ياثيل (مدينة براقش الآن)، وكانت معين من الممالك العربية القوية التي تركت خلفها حضارة عظيمة.
مملكة سبأ
قامت مملكة سبأ وعاصمتها مأرب في اليمن في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وازدهرت في المملكة الزراعة والتجارة، ويُقال إنّ سام بن نوح هو مؤسس مدينة مأرب اليمنية، وكان ازدهار مملكة سبأ قائم على زراعة المواد العطرية والتوابل مثل المر واللبان والتجارة فيها، والتي كانت تُصدّر إلى الهند والحبشة وغيرها من المناطق عن طريق القوافل التجارية البرية أو عن طريق السفن البحرية.
مملكة حضرموت
وفقًا للنقوش الأثرية قامت مملكة حضرموت العربية في اليمن في القرن الثامن قبل الميلاد، وسيطرت المملكة على طرق القوافل التجارية حتى القرن الثاني للميلاد، حيث وصلت إلى أوج ازدهارها في هذه الفترة قبل أن يغزوها ملك حِمير ويضمها إلى الممالك العربية الجنوبية.
مملكة الأنباط
نشأت مملكة الأنباط وفقًا للنقوش في حوالي عام 312 قبل الميلاد في جنوب الأردن، وقد تكون برزت قبل ذلك التاريخ، واتخذ الأنباط من البتراء عاصمة لهم، ونجحت المملكة النبطية بسبب تجارتها القوية وأنظمة الري الزراعية منقطعة النظير في ذلك الوقت.
تاريخ العرب في شبه الجزيرة العربية
يُشير مصطلح العرب إلى البدو الرّحل الذين كانوا يعيشون في شبه الجزيرة العربية ويتحدثون اللغة العربية، أما في التاريخ المعاصر توسّع هذا المفهوم ليشمل جميع الشعوب العربية الناطقة بالعربية التي تسكن في موريتانيا وأجزاء كبيرة من إفريقيا بما في ذلك المغرب بأكمله ومصر والسودان وفي شبه الجزيرة العربية ومعظم منطقة الشرق الأوسط، وكان العرب الأوائل في شبه الجزيرة العربية من الرعاة الرحّل الذين يرعون ماعزهم وأغنامهم وإبلهم في البيئة الصحراوية القاسية، وزرع العرب القريبن في الواحات بعض المحاصيل الزراعية مثل التمر والحبوب، وكانت منطقة شبه الجزيرة العربية ممر للقوافل التجارية المُحمّلة بالذهب والعاج والتوابل، والتي كانت تنتقل من شبه الجزيرة العربية والقرن الإفريقي إلى حضارات أقصى الشمال ودولها.
سمات الشخصية العربية
يغلب على الشخصية العربية العديد من السمات المعروفة والثابتة غالبًا، من أبرزها ما يلي:
- الصدق
ينبذ العرب الكذب ويستنكرون من الشخص الكاذب، فالصدق مغروس في نفوس العرب منذ أيام الجاهلية قبل مجيء الإسلام، وجعل الإسلام بعد مجيئه الصدق من أهم الأخلاق الإسلامية الحسنة.
- الكرم
يُعدّ الكرم من الصفات الأساسية المعروفة عن العرب، وهي صفة أصيلة موجودة في أنفسهم منذ القدم، وجاء الإسلام ليعزز هذه الصفة ويشجع الناس عليها، ولكن من دون الوصول إلى مرحلة الإسراف.
- الشجاعة
كان العرب قبل الإسلام يتفاخرون بشجاعتهم وإقدامهم ولا يهابون الموت في سبيل الدفاع عن كلمتهم أو وعودهم أو كل ما يتعلق بهم.
- العِزة
وهي صفة أساسية متأصلة عند العرب، فالعربي يأبى أن يكون ذليلًا ويرفض الظلم ويعشق الحرية.
- الصبر وقوة التحمل
اكتسب العرب الصبر وقوة التحمل من طبيعة مناطقهم الجافة وظروف معيشتهم القاسية، لذلك يستطيع العربي تحمل جميع مشاق الحياة مهما كانت قاسية.
مساهمات العرب في الحضارة
ازدهرت الثقافة والتعليم في آسيا وشمال إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط بين القرنين السابع والثالث عشر للميلاد، وكان للعرب النصيب الأكبر في التقدم الحضاري، ومن أبرز مساهماتهم في ذلك ما يلي:
- الرياضيات
يرجع الفضل للعرب في اختراع الصفر، الذي سهّل حل المسائل الرياضية، بجانب أنهم أصحاب اختراع النظام العشري وعلم الجبر وغيره من المجالات المهمة في الرياضيات.
- الفلك
اخترع العرب الأسطرلاب الذي ساعد في تحديد وقت شروق الشمس وغروبها وتحديد بداية شهر رمضان ونهايته، بالإضافة إلى اكتشاف العديد من جوانب علم الفلك وتطويرها، مثل اكتشاف دوران الأرض حول محورها.
- الطب
برع العرب منذ القدم في فنون الطب والعلاجات، وكانوا أول من اكتشف العديد من الأمراض التي كان يُرجعها الأوروبيون إلى الأرواح الشريرة مثل مرض الجدري والحصبة والطاعون، واستخدم العرب مجموعة من النباتات الطبية لعلاج الأمراض مثل اليانسون وإكليل الجبل وجوزة الطيب.
- الهندسة المعمارية
برع المهندسون العرب في تصميم الأضرحة والمباني الإسلامية والعربية الأخرى مثل المساجد والمدارس وبناءها، وتنفرد العمارة الإسلامية بخصائص تميزها عن غيرها من العمارات الأخرى.
- الفلسفة
دمج العلماء المسلمين بين الحقيقة العلمية والإيمان في محاولة للعثور على إجابات للأسئلة الأساسية المتعلقة بخلق الكون وبالنفس البشرية وبالطبيعة عامةً، وساهم الفلاسفة العرب في وضع قوانين ونظريات فلسفية ما زالت تُدرّس في كبرى الجامعات حول العالم.