برز اسم عباس العقاد ضمن أهم المفكرين العرب في مجال الأدب والسياسة والاجتماع والثقافة، إذ قضى ما يقارب من سبعة عقود من حياته في إثراء الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية في العالم العربي وفي مصر خاصة، فهو من الشخصيات الراسخة في العلوم والمعرفة المتميز بذكاءه وعمق نظرته، والمتخذ من الديمقراطية والروح الإنسانية مبادئ ومعتقدات ينطلق من خلالها، ويشار إلى أنه أحد الرجال الصادقين المحب لوطنه دون عنصرية أو تعصب.

 وقال الدكتور أحمد شوقي ضيف في العقاد: "ملكات العقاد العقلية لا تطغى على ملكاته الروحية، بل هو يلائم بينها بالقسطاس، ولعل أول ما يبدو من ملكته الأخيرة نزعته القومية نحو المُثل العليا في الفضائل النفسية والمزايا الفكرية، وهو لا يقيس الحياة الصحيحة بمقياس المادة والجسد إنما يقيسها بمقياس الروح والعقل ومقاصدهما المثالية".

من هو عباس العقاد؟

هو عباس محمود العقاد (Abbas Mahmoud al-Aqqad)، صحفي وشاعر وناقد أدبي يُعرف بأنه أحد رواد الأدب العربي في القرن العشرين، وفيما يأتي تعريف بالعقاد الصحفي والشاعر والناقد والأديب:

  • عباس العقاد صحفيًا

عمل العقادة فترة لا بأس بها من حياته صحفيًا إذ حرر في جريدة الدستور ومجلة البيان التي كان يصدرها عبد الرحمن البرقوقي، وفي عام 1912م عين العقاد موظفًا في ديوان الأوقاف وكتب في مجلة عكاظ لمدة سنتين، واتجه العقاد خلال الحرب العالمية الأولى إلى مجال التدريس ليعود بعدها إلى المجال الصحافي محررًا في جريدة الأهرام.

  • عباس العقاد سياسيًا

انضم العقاد إلى حزب الوفد وعين نائبًا في البرلمان عن الحزب عام 1929م وكسب آنذاك احترام القائد سعد زغلول وتقديره، إلا أن الصراعات الحزبية أدت إلى إلغاء الدستور من قبل إسماعيل صدقي -رئيس الوزراء المصري- وحُكم بحبس العقاد مدة 9 أشهر، ولكن هذه الأحداث لم توقف عباس العقاد عن التعبير عن مواقفه السياسة والكتابة عنها في سبيل الأمة والوطن، ويشار إلى أن السبب الرئيسي في سجن العقاد من قبل إسماعيل صدقي مقولته الشهيرة: "إن الأمة على استعداد لسحق أكبر رأس في البلد يخون الأمة ويعتدي على الدستور".

  • عباس العقاد ناقدًا

كتب عباس العقاد في النقد السياسي والأدبي والفكري، ويُعدّ كتاب (مطالعات في الكتب والحياة) وكتاب (ساعات بين الكتب) من نماذج النقد الشهيرة لعباس العقاد، والتي هدف من خلالها إلى توجيه الأدب الحديث إلى المبادئ الإنسانية، ويشار إلى أن أسلوبه النقدي في الكتابة تأثر بصورة كبيرة بالأدب الإنجليزي.

  • عباس العقاد شاعرًا

عُرف عباس العقاد شاعرًا فذًا إذ كان يعتقد أن الشعر ضرورة من ضروريات الأدب، حيث كتب العديد من القصائد والدواوين الشعرية ونشرها في سنوات مختلفة من حياته، ومن أهم مؤلفاته الشعرية ديوان يقظة الصباح وأشباح الأصيل ووهج الظهيرة وأشجان الليل والمجموعة في ديوان واحد تحت اسم ديوان العقاد.

  • عباس العقاد روائيًا وقاصًا

عُرف عباس العقاد بشح إنتاجه القصصي والروائي ويشار إلى أنه لم يكتب سوى رواية واحدة باسم (سارة) التي ألفها عام 1938م ولعل السبب في ذلك يعود إلى شاعرية العقاد إذ كان يرى في الشعر مبتغاه وتوجهه وأنه الأسلوب الأقوى في التعبير عن العواطف والمشاعر مقارنة بالقصة أو الرواية، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن عباس العقاد أدخل القصة النفسية للأدب العربي عبر رواية سارة.

  • عباس العقاد مفكرًا

يُعدّ عباس العقاد من أبرز المفكرين العرب ذوي التوجه والمسؤولية، إذ كتب العديد من المقالات في المجال السياسي والاجتماعي بصورة تحليلية وتفسيرية، وهو أحد الممهدين لطريق الفكر في العالم العربي وخصوصًا في المجال الاجتماعي، إذ قدم العديد من النظريات الاجتماعية القائمة على مفهوم التقسيم والتنظيم الاجتماعيين، وأُطلق عليه لقب الكاتب الأول للشعب وصاحب القلم الجبار بسبب منهجه الفكري ومؤلفاته السياسية والاجتماعية، وتجدر الإشارة إلى أن العقاد تناول موضوع المرأة في كتاباته فتحدث عن جمال المرأة وأخلاقها وحقوقها ومعاملتها.

  • عباس العقاد عاشقًا

عُرف عباس العقاد عاشقًا إذ ارتبط عاطفيًا بالأديبة والكاتبة مي زيادة، حيث عرفها أولًا عبر مقالاتها الصحفية لتتطور علاقتهما عبر الخطابات لاحقًا مما ساعد على تطور أدب الرسائل لدى العقاد ومي في آن واحد وبصورة بارزة، حيث عُدّت الرسائل المكتوبة بينهم ثروة أدبية وفكرية وثقافية وإنسانية في الأدب العربي، ويشار إلى أن العقاد أنتج العديد من القصائد الشعرية لمي زيادة إلى جانب الرسائل والخطابات مما أثرى إنتاجه الأدبي الضخم.

  • عباس العقاد والتراجم

كتب عباس العقاد العديد من كتب التراجم والتي من أهمها سلسلة العبقريات التي تضم عبقرية محمد وعبقرية عمر وعبقرية الصديق وعبقرية المسيح، إضافة إلى تراجم الشخصيات الإسلامية والمصرية والعربية، وتجد الإشارة إلى أن عباس العقاد تأثر في كتابته للتراجم بالعديد من الأدباء الغربيين مثل توماس كارليل وبلوتارك.

عباس العقاد... مولده ونشأته

ولد عباس محمود العقاد عام 1889م في 28 من شهر يونيو/حزيران في مصر في محافظة أسوان في ظروف متواضعة، إذ تلقى تعليمه الأساسي الحكومي للمرحلة الابتدائية فقط، ثم عزز تعليمه بشكل شخصي من خلال شراء الكتب والقراءة بشكل فردي، حيث تثقف في مجالات الدين والجغرافيا والتاريخ والمواضيع الأخرى، وتميز بلغته الإنجليزية ولغته الفرنسية.

ومن الجدير ذكره أن عباس العقاد أنتج خلال حياته أكثر من 100 كتاب ضمن موضوعات الفلسفة والدين والشعر، وأسس مدرسة للشعر مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري أُطلق عليها اسم مدرسة الديوان.

ويشار إلى أن عباس العقاد أنشأ في منزله خلال فترة الخمسينيات صالونًا مخصصًا للاجتماعات الأسبوعية مع كبار المفكرين والفنانين المصريين لمناقشة مواضيع أدبية وفلسفية وعلميةوتاريخية ومواضيع أخرى، ومن أبرز المواضيع التي برزت في صالون العقاد دور المرأة المسلمة في المجتمع وتمتعها بحرية الفكر.

أسلوب عباس العقاد الأدبي

تميز عباس العقاد بآراءه الجمالية والمتجددة في الشعر والأدب، إذ صُنف ضمن القادة الانتقاليين للأدب العربي من الأسلوب التقليدي إلى الأسلوب الحديث، ونهج الأسلوب العقلاني المبني على المعرفة في الطرح الأدبي في مختلف أشكاله. وعلى الرغم من اعتماد العقاد النهج المتجدد على مدى زمني طويل، نادى بالأسلوب المحافظ في أواخر مسيرته الأدبية.

واعتمد عباس العقاد على الفكرة أساسًا للعمل الأدبي ويلحظ المُطلع على أعمال العقاد أنه يستخدم الأسلوب الاستنتاجي والاستنباطي بحيث يُبعد كل مسببات الشك عن ذهن القارئ، واعتمد أيضًا على المنهج الدائري في الطرح، أي أن جميع ما يطرح من معلومات متصل ومترابط بعضه ببعض ويؤدي إلى نتيجة واحدة.

ويشار إلى أن العقاد اعتمد منهج عنونة الأفكار داخل الفصل الواحد استنادًا إلى السمات النفسية للشخصية والتي تبقي الكاتب متنبهًا إلى كافة الأفكار في الطرح دون إسقاط أي منها مما يساعد على إنتاج أدبي يتميز بالجودة والقوة.

أشهر مؤلفات عباس العقاد

تعددت إنتاجات العقاد في مجال الأدب والشعر والمقالات والتي تجاوزت في عددها المائة كتاب وفيما يأتي قائمة بأهم أعمال عباس العقاد:

الكتب

  • إبراهيم أبو الأنبياء
  • أثر العرب في الحضارة الأوروبية
  • أفيون الشعوب
  • ابن الرومي
  • الإسلام في القرن العشرين
  • التفكير فريضة إسلامية
  • الثقافة العربية
  • الديوان في الأدب والنقد
  • الصهيونية العالمية
  • الله
  • حقائق الإسلام وأباطيل خصومة
  • دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
  • روح عظيم الماتما غاندي
  • سعد زغلول زعيم الثورة
  • سارة
  • عبقرية محمد

القصائد

  • أصداع الشارع
  • أغلب الظن
  • الحكمة الصادقة
  • الخبز والفقير
  • الخلود المزدرى
  • الرجاء
  • العقل والجنون
  • صلاح المشيب
  • حشرات
  • حكمة الجهل
  • الغنى والسعادة
  • جلال الموت
  • الخداع القاتل
  • ظلال الخلود

وفاة عباس العقاد

قضى عباس محمود العقاد حياة ملئية بالإنجازات العملية والسياسية والاجتماعية خلال سبعة عقود إلى أن توفي في صباح 13 مارس/آذار عام 1964م ودفن في محافظة أسوان، وتجدر الإشارة إلى أنه أُطلق على أحد شوارع مدينة نصر في القاهرة اسم العقاد تكريمًا له.