الزجل هو نوع شهير وشعبي من الشعر، الذي يعود أصله -بحسب ما اختلف الباحثون- إلى شبه الجزيرة العربية في فترة ما قبل ظهور الإسلام أو الأندلس، وهذا النوع التقليدي من الشعر يكون ارتجاليًا وعفويًا على شكل مناظرة بين عدة شعراء زجالين ارتجاليين في أغلب الأحيان، وتكون أبياته مصحوبة بإيقاع لحني لبعض الآلات الموسيقية، ويشتهر شعر الزجل بصورة كبيرة للغاية في دول الشام، لا سيما لبنان وشمال فلسطين وشمال الأردن وغرب سوريا، ويسرد الزجال في شعره ما يحدث في الحياة اليومية من أحداث، فنجده يتغنى بأشياء مثل أمجاد الوطن وجمال الطبيعة الخلابة والكون وغيرهم، لذا فإن الزجال يتميز بقدرة كبيرة على الارتجال ويمتلك سرعة بديهة وقدرة تعبيرية مثيرة للإعجاب.

تعريف الزجل لغة واصطلاحًا

لغة: الزجل (زجل، يزجل، زجلًا) هو الصوت أو الطرب أو الغناء، وهو نوع من الشعر تغلب عليه العامية، أما اصطلاحًا فيعرف أحمد مجاهد الزجل بقوله إنه: "شعر عامي لا يتقيد بقواعد اللغة، وخاصة الإعراب وصيغ المفردات، ونظم على أوزان البحور القديمة وأوزان أخرى مشتقة منها"، أما الدكتور عدنان حيدر صاحب كتاب الزجل اللبناني بالإنجليزية فيعرفه قائلًا إنه: " فن كسائر فنون الشعر، وإذا كان الشعر يتميز بفتنة البيان فالزجل يتميز بفتنة النغم".

تاريخ ظهور الزجل وأصوله

يمكننا تتبع أصل الزجل إلى العصر الجاهلي، إذ إن الخنساء كانت من أشهر شعراء الزجل، إلا أن شيوع الزجل واشتهاره وبداية كتابته وتدوينه كانت في القرن الثاني عشر ميلاديًا على يد الشاعر ابن قزمان، واشتهر على يده ليصل لكل بلاد المشرق العربي، ويقول صفي الدين الحلبي إن المغاربة هم من اخترعوا الزجل وانتقل منهم إلى بلاد العراق ثم باقي الدول العربية، ويرجع العديد من الباحثين أصل الزجل إلى أهل الأندلس، الذين تفوقوا على الجميع في هذا النوع من الشعر المحكي.

أما سكان جبال لبنان فهم من أضافوا عدد كبير من ألوان الشعر الشعبي، بفضل ما كانوا يمتلكون من ثروة طبيعية كبيرة وفنون متعددة، وهم من أطلقوا اسم الزجل على شعرهم العامي، أما قبل ذلك فكان هذا اللون يعرف باسم "القول أو المعنى" في سوريا ولبنان، و"الحدا أو الحدادي" في فلسطين، واستمر وجود الزجل لآخر آيام وجود العرب في الأندلس، وبعد عام 1450م كتبت الكثير من القصائد الزجلية لكنها لم تكن تدون، وبحلول منتصف القرن الثامن عشر أصبح هناك العديد من الشعراء الكبار الذين يكتبون الزجل، على رأسهم: وردة الترك، محمد سلطان، منصور شاهين الغريب، رومانوس حنيني، رشيد نخلة، أسعد الخوري، خليل روكز وغيرهم.

أبرز أنواع شعر الزجل

هناك أنواع مختلفة من شعر الزجل، وأبرز هذه الأنواع هي:

زجل المعنى

يكون زجل المعنى على بحر الرجز (مستفعلن مستفعلن مستفعلن) أو الكامل (متفاعلن متفاعلن متفاعلن)، ومن أجمل الأمثلة عليه ما يأتي:

يا بيرق الشعر لمجدك ما انطوى                           رفرف مع النسمات وتمايل غوى

زند اللي شالك زند ماكن ما التوى                        سلاحه عقل من معجن الحكمة ارتوى

زجل العتابا

هو نوع آخر شهير من الزجل، الذي يكون على البحر المتناهي ذي الـتسعة مقاطع لكل شطر، أو السريع ذي العشرة مقاطع لكل شطر، أو البسيط ذي الأحد عشر مقطعًا لكل شطر، ومن أجمل الأمثلة عليه:

لا تظني عن ربوعك بعدنا                                     على درب الهوى مشينا بعدنا

تعالي انظري انشغلي بعدنا                                   تريني براس قايمة الحباب

زجل الميجانا

زجل الميجانا هو أشهر أنواع الزجل المعروفة، ويكون على الوزن اليعقوبي الذي يتكون من 24 حركة صوتية مقسمة على 12 حركة في كل شطر، ومن أبرز الأمثلة عليه:

يا ميجانا يا ميجانا يا ميجانا                                 أعطينا عيونك تا نسل سيوفنا

قد الحلو ما يوم قدامي خطر                              إلا ما حبه مر عَ بالي وخطر

وشو هم حبو يكون مرصود بخطر                       ما دام كل الحب تعتير وهنا

قلبي أنا كيف شكل فيني أحمله                            وكل ما حلو قبالو مرق بشعله

وحتى إذا بنوم الهنا بيبصر حلو                           بيشعل حريق الحب بنوم الهنا

زجل الروزانا

يحتوي كل بيت من زجل الروزانا على 13 مقطع صوتي مقسمين على 7 في الشطر الأول و6 في الشهر الثاني، ومن أبرز الأمثلة عليه ما يأتي:

عَ الروزانا عَ الروزانا                               كل الحلا فيها

شو عملت الروزانا                                  حتّـى نجافيها

زجل أبو الزلف

يقوم زجل أبو الزلف على الوزن المزدوج المكون من 13 مقطع صوتي، مقسمة كـ 7 حركات في الشطر الأول و6 في الثاني، ومن أجمل الأمثلة عليه ما يأتي:

هيهات يا بو الزلف                                               عيني يا موليا

قلبي أماني معـك                                                 لا تنكرو عليا

يا حلو حاجي بقى                                              تسرق غفا مني

تمرّد علي الشقا                                               في غيبتك عني

كنا بليل النقا                                                    عا ليلنا نغني

ما عدت بعد اللقا                                                شفتك بعينيا

زجل الشروقي

يقوم الزجل الشروقي على البحر الوفائي، حيث يتكون كل شطر فيه من 13 حركة، ومن أجمل الأمثلة عليه:

يلِّي هديتك قلب حب ووفا مليان                              وغنيت فيكي بِكر شعر وإلهامي

ياما وياما نظمت بمحاسنك قصدان                    وما كان وادي الوفا يردد صدى هيامي

زجل الندب

زجل الندب هو الزجل الذي تكون فيها القافية على طريقة المعنى، وتقوم على البحر المتفاوت الذي يتألف من 8 حركات، ومن أبرز الأمثلة عليه:

دموعكم لا تحجبوها                                        من المحاجر اسكبوها

واتركو الزهرة اللطيفة                                         الباكية تودع أبوها

زجل الزغرودة

هذا النوع من الزجل يبدأ في العادة بكلمة أويها، وينتهي بزغرودة "لي لي لي لي لي"، ويقوم وزنه على البحر البسيط الذي يتألف من 11 حركة لكل شطر بمجموع 22 حركة للبيت، ومن أبرز أمثلته:

أويها مبروك يابني انشال الهم من بالك                 أويها اليوم عرسك كنار الأرز غنّالك

أويها حقك تشوف بعروسك عالمدى حالك            أويها بالحسن أخت البدر يا ألف نيّالك

                                   لي لي لي لي لي