المملكة النبطية أو مملكة النبط هي مملكة عربية قديمة كانت بالأساس قبائل بدوية متفرقة ترتحل في الصحراء إلى أنْ نظّمت نفسها  وأصبحت كيان قوي لا يُستهان به، وأسّست بعد ذلك مملكة عريقة ما تزال آثارها قائمة حتى هذا اليوم، وفي هذا المقال سنطرح أبرز المعلومات المتعلقة بهذه المملكة.

من هم الأنباط؟

الأنباط  هم قبائل عربية ظهروا لأول مرة في القرن السادس قبل الميلاد في صحراء الأردن وتعود أصولهم إلى شبه الجزيرة العربية، ووفقًا للسجلات التاريخية فإنّ الأنباط ينتمون إلى نبط بن إسماعيل بن إبراهيم وسكنوا في وادي عربة بين خليج العقبة والبحر الميت، وحتى القرن الرابع عشر قبل الميلاد بقي الأنباط يعيشون بدو رحّل ويتحدثون اللغة العربية ويكرهون الخمر، ولم يكن لديهم اهتمام بالزراعة، ولكن بحلول القرن الثاني قبل الميلاد تطورا وأصبحوا مجتمع منظم، وهم من أسسوا المملكة النبطية واتخذوا البتراء عاصمة لها.

تأسيس المملكة النبطية

ظهرت المملكة النبطية مملكة تجارية عظيمة منذ القرون الأولى قبل الميلاد وأثار ازدهار المملكة النبطية الطمع في نفوس الإغريق فحاولوا غزو أراضي المملكة، ولكن لم يفلحوا في ذلك، وبمرور الوقت أصبحت مدينة البتراء (رقمو قديمًا) مركزًا للمملكة النبطية، نظرًا لموقعها الاستراتيجي على مفترق طرق معظم القوافل التجارية التي تربط الهند والصين وجنوب الجزيرة العربية بالبحر الأبيض المتوسط.

توسّع حدود المملكة النبطية

في عهد الملك الحارثة الثالث الذي حكم من 86 إلى 62 قبل الميلاد، توسّعت حدود المملكة النبطية إلى الشمال واحتلت دمشق ووصلت إلى معظم أراضي الأردن وسوريا وشمال شبه الجزيرة العربية والنقب وصحراء سيناء، وبلغت المملكة أوج ازدهارها في عهد الملك الحارثة الرابع الذي حكم من 9 قبل الميلاد إلى 40 للميلاد، حيث أصبحت المملكة النبطية مركز تجاري عالمي، وبلغ عدد سكانها 25000 نسمة على أقل تقدير، وبقيت المملكة مستقلة حتى تمّ ضمّها إلى أراضي شبه الجزيرة العربية الواقعة تحت سيطرة الرومان تحت حكم الإمبراطور الروماني تراجان في عام 106 للميلاد.

البتراء عاصمة المملكة النبطية

تُعدّ مدينة البتراء عاصمة المملكة النبطية من أشهر المواقع الأثرية في العالم، وهي تقع على بعد 240 كم جنوب العاصمة عمان، ولا يُعرف تاريخ بناء المدينة بالتحديد ولكنها بدأت بالازدهار كعاصمة نبطية منذ القرن الأول للميلاد، واستمرت المدينة بالازدهار بعد ضمها لاحقًا إلى الإمبراطورية الرومانية حتى وقوع زلزال عظيم في عام 363 للميلاد دمر معظم آثارها، وفقدت البتراء أهميتها بعد ذلك، ولكن في عام 1812 أعاد مستكشف سويسري اكتشاف المدينة المفقودة، وأصبحت في وقت لاحق مكان لجذب السياح حتى هذا اليوم، وتُعرف البتراء أيضًا باسم المدينة الوردية، نسبةً إلى لون الصخر الذي نُحتت فيه، وفي عام 1985 صُنفت البتراء موقعًا للتراث العالمي.

تجارة المملكة النبطية

كان الأنباط تجار مهرة إلى حد كبير، ووصلت تجارتهم إلى الهند والصين والشرق الأقصى وروما واليونان ومصر وسوريا، وتعاملوا بالعديد من أنواع السلع مثل البخور والبهارات والذهب والحديد والنحاس والأدوية والسكر والحيوانات والعطور والأقمشة والعاج وغيرها الكثير.

الحياة الاجتماعية في المملكة النبطية

لم يُعرف الكثير عن الحياة الاجتماعية للأنباط، ولكن عامةً أشارت المعلومات إلى أنّ المجتمع النبطي كان يحكمه عائلة ملكية، وسادت آنذاك روح الديمقراطية إلى حد بعيد، حيث لم يكن يوجد عبيد في المملكة النبطية، بل كان جميع الأفراد يتعاونون معًا في إنجاز الأعمال، ومن الناحية الدينية كان الأنباط يعبدون عدد من الآلهة، منهم إله الشمس ومجموعة غيره الأصنام مثل العزى ومناة وهُبل.

فن العمارة في المملكة النبطية

على الرغم من أنّ الأنباط استطاعوا مقاومة الغزو العسكري اليوناني، أثرت الثقافة اليونانية لجيرانهم عليهم بشكل كبير، حيث يمكن رؤية ذلك في الفن والعمارة النبطية، لا سيما في الفترة التي كانت تتوسع فيها المملكة النبطية شمالًا نحو سوريا في حوالي 150 قبل الميلاد.

سر قوة المملكة النبطية

يُعتقد أنّ أهم الأسرار التي تقف خلف قوة المملكة النبطية هو سيطرتهم المبكرة على المياه على طول الطرق، ممّا دفع باقي القبائل العربية الأخرى إلى المقايضة مقابل المياه، وكانت استراتيجية الأنباط تتلخص في حفر آبار عميقة على طول الطرق وتعبئتها بمياه الأمطار، ثمّ تغطيتها بعلامات لا يستطيع التعرف عليها سواهم، وباتباع هذه السياسة تمكنوا من السفر والتنقل بسهولة أكبر من منافسيهم في التجارة، بالإضافة إلى أنهم استطاعوا إيجاد حل لمشكلة الفيضانات في البتراء، حيث أسّسوا نظام نقل متطور للمياه لم يكن موجود في ذلك العصر حماية للمدينة، ولم يُستحدث أفضل منه في المنطقة، وبهذا تمكنوا من خلال بناء السدود والآبار والقنوات المائية من إنشاء واحة في وسط الصحراء القاحلة، وهذا ما جعل المملكة النبطية أقوى مملكة في المنطقة.

الإمبراطورية الرومانية تحتل المملكة النبطية

 جذب ازدهار المملكة النبطية أطماع الإمبراطورية الرومانية القوية التي بدأت تتوسع نحو الشرق الأوسط، حيث كان الرومان حريصين على توسيع حدود إمبراطوريتهم وسيطروا على البتراء عاصمة المملكة النبطية في عام 106 بعد الميلاد، ولم يُحدث الرومان تغيير كبير في الحياة هناك، بل وضعوا نمط حضارتهم في جميع أجزاء المدينة، مثل المنحوتات والأماكن العامة وحتى في تصميم المدينة، وبنى الرومان طرق جديدة، مثل شارع الأعمدة في قلب مدينة البتراء، وهو شارع طويل ومستقيم تصطف على جانبيه أعمدة ضخمة في غاية الروعة، وحكم الرومان البتراء لمدة 300 عام إلى أن تحول مركز الإمبراطورية الرومانية التجاري إلى الشمال وبدأت أهمية مدينة البتراء تتراجع في تلك الفترة.

أبرز آثار المملكة النبطية

تركت المملكة النبطية خلفها العديد من الآثار في المناطق التي كانت تحت حكمها، من أبرزها ما يأتي:

  • مدينة البتراء في الأردن
  • مدينة بصرى التاريخية في سوريا
  • مدائن صالح في شمال غرب السعودية
  • الموقع الأثري شيفتا في صحراء النقب في فلسطين
  • مدينة عين عبدة أو عبدات في صحراء النقب في فلسطين