وردة اليازجي أو وردة اليازجية (بالإنجليزية: Warda al-Yaziji) هي أديبة وشاعرة لبنانية الجنسية، عاشت في بيروت قبل أن تنتقل إلى مصر، واشتهرت كشاعرة مناسبات، سواء احتفالات الزواج أو رثاء الأموات، وهذا ما جعلها تلقب بخنساء العصر، فقد شهدت وفاة أخوانها وأخواتها ووالديها وابنتها وابنها، ورثتهم جميعًا، ولها عدة قصائد في نبذ الجهل والدعوة للعلم، وقصائد أخرى تفخر فيها بعروبتها، ولها ديوان يحمل أجمل قصائدها تحت عنوان "حديقة الورد"، والذي نشر لأول مرة عام 1867م في بيروت ومصر.

ميلاد الأديبة والشاعرة وردة اليازجي ونشأتها

وردة بنت الشيخ ناصيف اليازجي هي شاعرة ومعلمة ولدت في عائلة من الشعراء والأدباء والعلماء من الطبقة الراقية في قرية لبنانية تدعى كفر شيما عام 1838م، وقد انتقلت مع أسرتها وهي بعمر العامين إلى بيروت، ودرست هناك في مدرسة البنات الأميركية باللغة الفرنسية، وتعلمت قواعد اللغة العربية وتراكيب الشعر العربي على يد والدها الشيخ ناصيف اليازجي، الأديب والشاعر  اللبناني ذي الأصول السورية، والذي يعود إليه الفضل في استخدام اللغة العربية الفصحى مجددًا بين العرب في القرن التاسع عشر، وهو أول من شارك في ترجمة الإنجيل والعهد القديم للغة العربية في العصر الحديث.

وهي أخت إبراهيم اليازجي، وهو لغوي وناقد وأديب شارك في تعريب الكتاب المقدس ودرس العبرية والسريانية فتمكن من ترجمته بلغة عربية فصيحة وبليغة وواضحة، ويعد واحدًا من رواد النهضة اللغوية العربية، وقد التحقت وردة اليازجي فيما بعد بمدرسة محلية لتساعد في تعليم أخواتها، حتى تزوجت من فرانسيس شمعون عام 1866م، وقد كان رجلًا من أهل العلم، لذا ظلت تنظم الشعر بعد الزواج، وقد أنهت ديوانها "حديقة الورد" بعد زواجها بعام واحد، والذي طبع لأول مرة عام 1867م، وكونت حياة أسرية سعيدة مع زوجها، وأنجبت منه خمسة أطفال عاشوا معًا جميعًا في بيروت حتى عام 1899م، وحين توفي زوجها انتقلت إلى مصر وعاشت في الإسكندرية وتوفيت فيها عام 1924م.

الحياة الأدبية للشاعرة وردة اليازجي

يقال أن وردة اليازجي قد بدأت كتابة الشعر منذ سن الثالثة عشر، ومع تقدمها في السن بدأت بالعمل في التدريس في مدارس بيروت بجانب استمرارها في الكتابة، وبعد أن توفي زوجها انتقلت إلى الإسكندرية، وعملت في مدارس الإسكندرية الطائفية، مثل مدرسة راحيل عطا ومدرسة سعدي كركور اليهودية ومدرسة عبد الله الوتوات الدرزي، وقد نشرت مجموعتها الشعرية الأولى "حديقة الورد" عام 1867م في بيروت، والتي أعيد نشرها بشكل أوسع عام 1887م، ثم عام 1914م في القاهرة.

كتبت وردة العديد من المقالات عن قضايا المرأة لصالح مجلة الضياء، لهذا تُعدّ وردة اليازجي رائدة النسوية العربية، فهي أول من فتح مجال الكتابة أمام  النساء، لهذا فهي من أفضل شاعرات القرن العشرين، وقد قالوا عن شعر وردة أنه يُعدّ بداية النهضة، إذ إنها أحيت جمال الشعر في العصور الذهبية، وقد اتبعت الشكل الكلاسيكي للقصيدة، وهذا ما أضاف إلى كتاباتها شيء من الأنوثة، وهذا النوع من الشعر لطالما كان ينظر له نظرة دونية، إلا أن شعرها ألهم العديد من النساء في العالم العربي، لا سيما مي زيادة التي كانت تتواصل معها عبر الرسائل الأدبية وقالت عنها في إحدى محاضراتها  "إذا أبلغتنا أن السطور مؤلفة عن صديقة ، فإننا ندرك أنها تحتوي على أشياء موجهة إلى صديق ذكر، لكنها أخفتها خلف حجاب ضمير المؤنث لتتوافق مع القواعد الاجتماعية التي تتطلب من المرأة إخفاء عواطفها حتى في الشعر ".

وكانت وردة تتراسل مع أدباء آخرين في مصر وسوريا، مثل: وردة الترك وعائشة التيمورية وعيسى إسكندر المعلوف، ويُعزى إلى وردة دورها المهم في دعم حقوق المرأة، على رأسها حق المرأة في الكشف عن هويتها في الأماكن العامة.

أجمل أشعار وردة اليازجي

كتبت وردة اليازجي ديوان حديقة الورد الذي يُعدّ الديوان الوحيد الذي طبع لشاعر معاصر ثلاث مرات، وهو الديوان الوحيد المتبقي من أدب وردة اليازجي، وقد أطلقت عليه هذا الاسم اقتباسًا من اسمها، ومن أجمل الأبيات التي جاءت في الديوان:

أزهار ورد قطفناها بأبصارِ                                   ونشر ورد شممناه بأفكارِ

ووردةٌ أثمرت في القلب إذ غُرست                         ولم أرَ وردةً تأتي بأثمارِ

لقد سمت في الورى قدرًا، فلا عجب                    فالوردُ بين الورى سلطان أزهارِ

وتقول فيه أيضًا:

بيني وبينك في أسمائنا نسبٌ                                لكنما بيننا فرق بأقدارِ

والورد من بعضهِ النسرين يشبههُ                         في العين، لكنه من طيبهِ عارِ

وتقول:

هذي حديقة ورد قد بعثتُ بها                              إلى حديقة فضلٍ في الورى عظُما

سيَّرتها نحو غيثٍ طاب موردهُ                               مشفوعةً بثناءٍ أشبه النسما

يشدو بها كلُّ بيتٍ في مناقبهِ                                 حلا بوصفك نظم الشعر فابتمسا

ومن أجمل أبياتها تحية للأميرة نازلي حين زارت لبنان:

يا ثغر بيروت البهيج، تبسَّمِ                                   وبحمد خالقك الكريم ترنَّمِ

اليوم زارتك المليكة فاكتست                               شرفًا ربوعك بالطراز المعلمِ

هي غصن دوحة آلِ عثمان الأُلَى                           شادوا فخارًا ليس بالمتهدِّمِ

قومٌ لهم شرف الخلافة والعُلا                             بين الملوك من الزمان الأقدمِ