الفانوس أو فانوس رمضان (بالإنجليزية: Ramadan Lantern) أحد أشهر الرموز الإسلامية المرتبطة بشهر رمضان المبارك في مصر خاصة والدول العربية عامة، وهو أيضًا أحد الفنون الفلكورية البارزة منذ عدة قرون في احتفاليات شهر رمضان، ويذكر أن مصر هي أولى الدول الإسلامية وأكثرها استخدامًا لفانوس رمضان والذي انتقل منها إلى أغلبية الدول والمدن العربية الإسلامية، خاصة دمشق وحلب والقدس وغزة وغيرها العديد.
ويُعرف الفانوس لغة بأنه مشكاة مستقلة جوانبها زجاجية تقي المصباح الداخلي من الهواء أو الكسر، والجمع فوانيس، وهو دلالة على أحد أنواع المصابيح المستخدمة منذ عصور في المساء، ويُقال الفانوس مصباح ليلي يستخدم للاستضاءة بنوره أو يعلق في مكان الجلوس ويحيط به الزجاج. ويشار إلى أن مصطلح فانوس مشتق من الكلمة اليونانية هانوس (Hanos) والتي تعني النور.
يتخذ فانوس رمضان شكل مجسم ثلاثي الأبعاد (طول، عرض، عمق) وهو من أشكال العمل النحتي إذ يمكن رؤيته من مختلف الجهات، ويضم العديد من الرسوم والزخارف والكتابات والعناصر الفنية الأخرى مثل التفريغ أو التقبيب أو إضافة أجزاء من الصفيح المفرغ والمثبت باستخدام وسائل عدة مثل اللصق أو اللحام، وغالبًا ما يتكون فانوس رمضان من أجزاء رئيسية وهي:
- الحامل أو العلاقة: وهي الجزء العلوي من الفانوس المستخدم لتركيب الفانوس على الجدار أو غيره.
- القبة: وتلي الحامل وعادة ما تتكون من شرائح رقيقة من المادة المصنع منها الفانوس سواء معدن أو غيره.
- الشرفة: وهي الجزء المحيط بالقبة.
- الجوانب: وهي الأجزاء المكونة من الزجاج والمتخذة شكل الفانوس وهيئته.
- الأضلاع: وهي الأجزاء التي تربط جوانب الفانوس بعضها ببعض.
- القاعدة: وهي الجزء الذي ترتكز عليه كل من الجوانب والأضلع والقبة والحامل.
- الشماعة: وهي المكان المخصص لوضع الشمع في الفانوس، وفي بعض الفوانيس يتكون هذا الجزء من خزان لحفظ المادة القابلة للاشتعال لتوفير الضوء.
تاريخ فانوس رمضان
تَذْكُر العديد من المراجع التاريخية أن أصل فانوس رمضان يعود إلى 5 من شهر رمضان عام 969م الموافق هجري 358 حيث جاء الخليفة المعز لدين الله إلى مصر خلال شهر رمضان ليلًا وأمر القائد العسكري حينها جوهر الصقلي بإضاءة الطريق للخليفة فاستخدم الناس المصابيح أو الفوانيس التي أصبحت منذ ذلك الحين رمزًا وتقليدًا وثيقًا مرتبط بشهر رمضان المبارك في مصر خاصة وباقي دول الشرق الأوسط عامة، إذ انتقل هذا التقليد إلى العديد من الدول الغربية مع المسلمين المغتربين الذين استخدموه في تزيين منازلهم وإضفاء أجواء روحانية خلال الشهر المبارك في المنزل خاصة مع افتقارهم للطقوس والعادات المنتشرة في الدول العربية.
تجدر الإشارة إلى أن هنالك 3 روايات أساسية تتعلق بفانوس رمضان وتتحدث عن تاريخه وفيما يأتي ذكرها:
- الفانوس والخليفة الفاطمي
تذكر إحدى الروايات أن الخليفة الفاطمي كان يخرج ليلة تحري هلال شهر رمضان إلى الطرقات والأطفال حوله يحملون الفوانيس ليضيئوا له الطريق، وخلال ذلك كان الأطفال ينشدون بعضًا من الأغاني الجميلة تعبيرًا عن سعادتهم وفرحهم باستقبال الشهر المبارك، وبهذا ارتبط الفانوس بشهر رمضان وأصبح أحد أبرز طقوسه وتقاليده.
- إضاءة الفوانيس طوال شهر رمضان المبارك
في رواية أخرى تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن أحد الخلفاء الفاطمين أمر أن تضاء الطرقات طوال ليالي شهر رمضان المبارك حيث قام شيوخ المساجد بتعليق الفوانيس في محيط المساجد وداخلها، ومنذ ذلك الحين ارتبط الفانوس بشهر رمضان المبارك وأصبح أحد تقاليده المعهودة.
- فانوس رمضان والنساء
في روايه ثالثة يشار إلى أن النساء خلال العصر الفاطمي لم يسمح لهن بالخروج من منازلهن إلا في شهر رمضان المبارك وكان يسبقهن خلال خروجهن غلام يحمل فانوسًا لتنبيه الرجال بوجود نساء في الطريق ليبتعدوا وليفسحوا لهن المجال بالمرور، ومع مرور الوقت احتفظ الناس بتقليد حمل الفانوس في رمضان.
واتخذت صناعة فانوس رمضان مسارًا حرفيًا وإبداعيًا منذ العصر الفاطمي إذ برع العديد من الحرفيين في صناعته بأشكال وزخارف وألوان متعددة، وغالبًا ما صنع فانوس رمضان قديمًا من النحاس ووضع بداخله مادة الشمع، ومع مرور الوقت أصبح يصنع من الصفيح والزجاج الملون، ومع نهاية القرن 19 ميلادي اتخذ الفانوس الشكل التقليدي المعروف حاليًا وأصبح يستخدم لوظائف عدة غير الإنارة وأهمها التزيين وإضفاء أجواء روحانية في المكان الذي يوضع به.
رمزية فانوس رمضان
يظهر فانوس رمضان في مصر والعديد من الدول العربية أكثر من كونه عنصر زخرفي في الشهر المبارك،فهو أحد أشهر الصناعات الحرفية الفلكورية الإسلامية المنتشرة في أسواق مصر، والتي من أهمها أسواق حي الربيع في القاهرة القديمة حيث توجد العشرات من الأكشاك التي تصنع فوانيس رمضان الخشبية والمعدنية وتبيعها.
ويشير في هذا الصدد الخبير الأثري عبد الرحيم ريحان أن فانورس رمضان مرتبط بشكل وثيق باستقبال هلال شهر رمضان المبارك حيث يردد الأطفال في أثناء حمل الفانوس بعض الكلمات ذات الأصل الفرعوني القديم وهي (وحوي يا وحوي) وتعني أشرقت أشرقت يا قمر حيث كان يطلق على القمر في العصر الفرعوني اسم (إحع)، وعليه ارتبط ضوء الفانوس بضوء الشهر المبارك واستقباله لدى المسلمين خلال العهد الفاطمي وما بعده، خاصة أن أغنية (وحوي يا وحوي) أصبحت تردد فقط في شهر رمضان المبارك.
ومن ناحية أخرى، حمل فانوس رمضان، فإضافة لكونه أداة إضاءة رمزية ترفيهية استخدمه الأطفال في شهر رمضان المبارك في عهد الدولة الفاطمية للتنقل من مكان لآخر وطلب الهدايا والحلويات وتقديم المباركات بحول شهر رمضان الفضيل.
أنواع فوانيس رمضان
يظهر فانوس رمضان بأشكال وأنواع مختلفة وفيما يأتي ذكر أبرز الأنواع وأكثرها انتشارًا:
- فانوس النجمة المخمس
وهو من أشهر أنواع الفوانيس التي تصنع بشكل خاص في حوش أيوب في القاهرة، وغالبًا ما يصنع من الصفيح الأبيض والزجاج الملون باللون الأحمر والأخضر والكحلي، ويتخذ الفانوس شكل النجمة بحيث يظهر كل طرف من أطراف النجمة في الفانوس على شكل هرمي ما بين قبة الفانوس وقعدته.
- فانوس برلمان
وهو من أشهر أنواع الفوانيس المصنعة في القاهرة في شارع نور الظلام من الصفيح الأصفر والزجاج الملون باللون الأحمر والكحلي، وغالبًا ما يتكون هذا الفانوس من 20 ضلعًا مقسمة بين الجوانب العلوية والسفلية، ويتكون كل جانب من مثلث ناقص ضلع بداخله قطع من الزجاج الملون.
- فانوس علامة النصر
وهو فانوس يصنع من الصفيح الأبيض والزجاج الملون باللون الأحمر والكحلي والأخضر والأصفر، ويتكون من 3 مستويات بحيث يتكون المستوى الأول من 4 أوجه يضم كل منها مستطيل من الصفيح بداخله زجاج ملون بينما يتكون المستوى الثاني من 4 أوجه يضم كل منها منشور ثلاثي بزجاج ملون، بينما المستوى الثالث كما المستوى الثاني يضم 4 أوجه ومستطيل من الصفيح يحتوي الزجاج الملون.
- فانوس تاج الملك
وهو فانوس مصنوع من الصفيح الأصفر والزجاج الكحلي، وينتشر بصورة أساسية في حارة شقبون في القاهرة، ويتخذ شكلًا دائريًا على هيئة كرة تضم 10 أضلاع كل ضلع خماسي الشكل يضم بداخله الزجاج الكحلي.
- الفانوس المقرنص
وهو فانوس يصنع من الصفيح الأصفر والزجاج الملون باللون الأحمر والكحلي والأخضر، ويظهر على شكل مثلثات مجتمعة مع وحدات مربعة تحت قبة الفانوس متخذة شكل المعين والتي تشكل فيه قمة المثلث نقطة تماس بين الوحدات المربعة.