ابن رشد (بالإنجليزية: Ibn Rushd) هو فيلسوف عربي مسلم من الأندلس، وفقيه ورياضي وطبيب وقاض، ويصنف واحدًا من أهم فلاسفة الإسلام، إذ إنه دافع عن الفلسفة بشدة ووضح نظريات أفلاطون وأرسطو وصحح المفاهيم الخاطئة التي أخذت عنهم من قبل الفلاسفة السابقين له مثل الفارابي وابن سينا، وقد عين طبيبًا ثم قاضيًا في قرطبة بتوصية من أبي يعقوب خليفة الموحدين، ثم تولى منصب القضاء في إشبيلية، وقد نشأ في أسرة راقية في الأندلس كانت تتبع المذهب المالكي، لذا حفظ موطأ الإمام مالك ودرس الفقه حسب المذهب المالكي، بالإضافة إلى أنه درس العقيدة على المذهب الأشعري.

اسم ابن رشد ونسبه ونشأته

محمد بن أحمد بن محمد بن رشد، الذي يشتهر باسم ابن رشد ويكنى بأبي الوليد، ولد عام 1126م / 520هـ في قرطبة بالأندلس، وترعرع في بيت يضمّ قضاة وفقهاء، حيث كانت أسرته واحدة من أكبر الأسر وأكثرها رقيًا وشهرة في الأندلس، وكان والده وجده قضاة في قرطبة وكانوا يتبعون مذهب الإمام مالك، لذا نشأ ابن رشد رجل علم وفقه وحكمة وصاحب مباحث فلسفية وأحكام وفتاوى شرعية.

أما والدة ابن رشد فلا يؤكد عنها معلومات واضحة، لأن الآداب الدينية والعرفية لمشاهير الإسلام كانت تقتضي ألا يذكر معلومات عن النساء علنًا، وهذا ما جعل ابن رشد مناصرًا للمرأة ولحريتها والمطالبة بتحريرها، وقد درس ابن رشد الشريعة على منهج الأشعرية ودرس فقه الإمام مالك، وهذا ما جعل هناك تشابه بين آرائه الشرعية والفقهية وبين أفكاره الفلسفية.

فكر ابن رشد وأهم العلوم التي تخصص فيها

كان ابن رشد يؤمن بأنه لا يوجد تعارض بين الإسلام والفلسفة، وكان يؤمن أن الروح الإنسانية تنقسم إلى قسمين، القسم الأول قسم بشري يتعلق بالشخص، والقسم الثاني إلهي يتعلق بالله، وطرح ابن رشد نظريته حول المعرفة التي قال فيها إن هناك نوعان من معرفة الحقائق، النوع الأول يتعلق بمعرفة الحقيقة بناءً على الدين الذي يعتمد على العقيدة، وهذا النوع لا يمكن أن يخضع للتدقيق والفهم الشامل والتمحيص، أما النوع الثاني فيتعلق بمعرفة الحقيقة بناءً على الفلسفة، والتي تسمح بإجراء الدراسات الجديدة عليها، وقد تخصص ابن رشد في العديد من العلوم، أهمها على سبيل المثال ما يأتي:

علم الفلك

كان ابن رشد يهوى علم الفلك منذ الصغر، إذ كانت أسرار السماء تجذبه، لذا ببلوغه عمر الخامسة وعشرين عامًا بدأ ينظر في سماء مراكش واكتشفها ولاحظ ظواهر فلكية جديدة فيها قدمها للعالم، واكتشف نجمًا لم يتمكن أحد قبله من اكتشافه، ولأنه كان ذكيًا ويمتلك فطنة وملكة، كان يناقش نظريات بطليموس ويحللها، وهذا ما جعله ينبذها ويرفضها ويبدلها بنظريات ونماذج جديدة أعطت تفسيرات أفضل للكون، واستطاع تقديم أوصاف واضحة للقمر، حيث قال إنه يحتوي على طبقات سميكة وطبقات أقل سماكة وإن الطبقات الأكثر سمكًا هي ما تجذب ضوء الشمس أكثر.

علم الأخلاق

اهتم ابن رشد بالأخلاق اهتمامًا كبيرًا، وتأثر فيها بمذهبي أفلاطون وأرسطو، حيث آمن بالفضائل الأساسية الأربعة لأفلاطون، وهي الحكمة والعفة والشجاعة والعدالة، وقال إن الهدف من وجود هذه الفضائل هو تحقيق السعادة النظرية التي تعني المعرفة العلمية الفلسفية، وآمن أيضًا أن للمرأة دور كبير في تربية الأجيال القادمة تربية صحيحة، لذا كان يدعو لتحريرها والتوقف عن نبذها خارج دائرة الحياة.

الفيزياء

على الرغم من أن ابن رشد كان في الزمن الذي يتبع فيه الأسلوب الاستقرائي في الفيزياء، والذي طوره البيروني، لم يتبع هذا الأسلوب، بل اتبع طريقته الخاصة التي تعد الأقرب للفيزياءالحديثة، لذا يقال إن أعماله في هذا المجال كانت مهدًا لنظريات وأفكار فريدة ومبتكرة في الفيزياء، لا سيما ما قام به من شرح وتفسير لنظرية الطبيعة الصغرى لأرسطو، وكذلك نظرية المواضع المتتالية التي تصف الحركة، واللذان ساعدا في تطور علم الفيزياء ككل.

علم النفس

كان ابن رشد يميل لشرح الكثير من الأفكار عن علم النفس، وكان مهتمًا بالذكاء البشري وتفسيره باستخدام الأساليب الفلسفية القائمة على أفكار أرسطو، لكن هذه الأفكار ظلت تتغير باستمرار كلما تطورت أفكاره، وقد كان ابن رشد يؤمن بوجود عقل مادي يخزن الصور والأشياء والمفاهيم، وهي نظرية صاغها ابن باغة، وناقش ابن رشد أفكار الفارابي وابن سينا وحللها لا سيما حول العقل المادي.

مؤلفات ابن رشد

لابن رشد العديد من المؤلفات التي تأتي في أربعة أقسام أساسية، وهي كتب الشروحات العلمية والفلسفية وكتب الشروحات الطبية والكتب الفقهية والكلامية والكتب الأدبية واللغوية، وهناك حوالي 108 مؤلفًا له تقريبًا لم يصل منها إلينا سوى 58 مؤلفًا فقط، ومن أهم مؤلفات ابن رشد ما يأتي:

  • تلخيص وشرح كتاب ما بعد الطبيعة أو (الميتافيزياء)
  • شرح كتاب النفس
  • شرح كتاب القياس
  • شرح كتاب البرهان "الأورغنون" وتلخيصه
  • مقالات في العقل والقياس
  • مقال في حركة الفلك
  • مقال في القياس الشرطي
  • كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد
  • كتاب مناهج الأدلة
  • كتاب فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال
  • كتاب تهافت التهافت
  • كتاب الحيوان
  • كتاب المسائل
  • كتاب شرح أرجوزة ابن سينا

أهم أقوال ابن رشد

لابن الرشد العديد من الأقوال الحكيمة التي يمكن ذكر بعضًا منها فيما يأتي:

  • إن المرأة كفء لأن تمارس أعمال الحرب وأعمال السلم معًا، وأنها قادرة على دراسة الفلسفة، وأن الكلبة الأنثى تحرس القطيع كما يحرس الكلب الذكر، وأن المجتمع العربي لن يرقى إلا إذا كفّ الرجل عن استعمال المرأة لمتعته وقصر نشاطها على البيت.
  • إن الحكمة هي النظر في الأشياء بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان.
  • التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل.
  • إنّ الحكمة هي صاحبة الشّريعة، والأخت الرّضيعة لها، وهما المصطحبتان بالطّبع، المتحابّتان بالجوهر.
  • االله لا يمكن أن يعطينا عقولًا ويعطينا شرائع مخالفة لها.