تعد مملكة المناذرة واحدة من الممالك العربية التي حكمت قبل الإسلام وتميزت المملكة بالقوة والحضارة المذهلة التي ما تزال آثارها قائمة إلى هذا اليوم، وفي هذا المقال سنقدم أبرز المعلومات المتعلقة بمملكة المناذرة.
من هم المناذرة؟
المناذرة، أو كما يُطلق عليهم أيضًا اللخميون أو بنو لخم، سلالة عربية من قبائل تنوخ العربية، وحكم المناذرة العراق قبل الإسلام وبدأ ظهورهم في أوائل القرن الأول قبل الميلاد، وأسسوا مملكة المناذرة العربية واتخذوا من الحيرة عاصمة لهم، ومن مدنهم الأخرى في العراق النجف والكوفة والأنبار والنعمانية، وكان المناذرة حلفاء للإمبراطورية الساسانية وشاركوا في الحروب الفارسية الرومانية.
لماذا أطلق على اللخميين لقب المناذرة؟
أطلق على اللخميين لقب المناذرة لأنّ معظم ملوكهم سُموا بالمنذر، وأطلق عليهم أيضًا الشاهبة نسبة إلى جمالهم، وعُرفوا أيضًا باسم آل نصر نسبة إلى جدهم نصر بن الحارث اللخمي.
تأسيس مملكة المناذرة
تأسست مملكة المناذرة في 278 للميلاد واستمرت إلى 633 للميلاد، وشكلت أقوى مملكة من بين الممالك العربية في العراق قبل الإسلام، وكانت امتداد للممالك العربية العراقية السابقة لها مثل مملكة الحضر ومملكة ميسان، وامتدت حدود مملكة المناذرة من العراق إلى أطراف بلاد الشام شمالًا وإلى عمّان جنوبًا، ويشمل ذلك الخليج العربي، وكانت المملكة ترتبط بعلاقات مع الممالك العربية الأخرى في ذلك الوقت مثل مملكة تدمر والمملكة النبطية، إلى جانب علاقتها بقبيلة قريش، وذلك وفقًا للنقوش الأثرية المكتوبة بالنبطي والتي عُثر عليها في منطقة أم الجمال في مدينة المفرق الأردنية، وكان لمملكة المناذرة واحد من أهم الأسواق العربية التي أقامتها في الحيرة حيث كان التجار يتبادلون البضائع، بما فيها البضائع التي كان يجلبها التجار المناذرة من دولة فارس.
التجارة في مملكة المناذرة
اهتم المناذرة بالتجارة اهتمام كبير، حيث كانوا يعبرون بقوافلهم التجارية من طريق يربط العراق والشام بالجزيرة العربية ويجوبون بقوافلهم مختلف الأسواق العربية، ووصلوا بتجارتهم إلى الصين والهند من الشرق وعدن والبحرين من الغرب، وذلك من خلال استغلال نهر الحيرة المتفرع من نهر الفرات، والذي سهّل تجارتهم البحرية، حيث كانوا يصلون عبره بقواربهم إلى ميناء الأبلة على الخليج العربي، ومن هناك يركبون السفن ليصلوا إلى البلاد البعيدة، وأيضًا كانت السفن القادمة من الهند والصين تمر باستمرار بالحيرة.
الزراعة في مملكة المناذرة
كانت التربة في مملكة المناذرة خصبة نظرًا لوجود نهر الحيرة فيها، ممّا أدى إلى ازدهار الزراعة وتطورها في المملكة، وكانت الأراضي الممتدة من الحيرة إلى الفرات والنجف مزروعة بأكملها بالبساتين والجنان وأشجار النخيل، ومن أشهر المنتوجات التي عُرفت بها المملكة في هذا المجال الخمر الحيري، والذي لم يفقد شهرته حتى بعد مجيء الإسلام.
الصناعة في مملكة المناذرة
كانت مقر معظم صناعات مملكة المناذرة في الحيرة وبلغت الصناعة عند المناذرة درجة عالية من الفن والإتقان، وكان هناك الكثير من المنتجات التي تُصنّع في الحيرة، منها صناعة السلاح، حيث كانت الحيرة مشهورة بسيوفها ونصال الرماح والسهام، إلى جانب صناعة الدبغ وصناعة النسيج لا سيما الصوف والكتان والحرير، وكانوا يستخدمون في تزيين النسيج التطريز بخيوط الذهب والتقصيب والوشي، ومن ملابس الحيريين الطيلسان والساج والسيراء والدخدار، وكان ملوك الحيرة عندما يرغبون في تكريم أحد الشعراء يأمرون له بثوب يُعرف بثوب الرضا، وهو جبة (كساء طويل) يدخل في تصميمه الذهب والزمرد.
الحياة الفكرية في مملكة المناذرة
كانت الحيرة عاصمة مملكة المناذرة موطن للفكر والمعرفة، حيث كانت تضم العديد من المدارس التي تُدرس العلوم والدين والشعر والطب، ودرس العديد من العلماء في مدارس الحيرة ومعاهدها، وبرز عدد كبير من الشعراء في مملكة المناذرة، منهم النابغة الذبياني وطرفة بن العبد وعدي بن زيد العبادي وعمرو بن قميئة، لذلك كانت الحيرة ملتقى ثقافي ومركز علمي جذب الكثير من طلاب العلم والشعراء من مختلف البقاع.
الحياة الدينية في مملكة المناذرة
انتشرت في مملكة المناذرة العديد من العقائد والديانات، من أبرزها ما يأتي:
- المسيحية: وجدت طريقها إلى المملكة عن طريق المبشرين.
- الوثنية: يُعدّ جذيمة الأبرش أول من أدخل عبادة الأصنام إلى الحيرة.
- المجوسية: كانت الديانة الأساسية في بلاد فارس، ودخلت إلى الحيرة عن طريق الفرس الذي استقروا في الحيرة.
- اليهودية: من الديانات التي كانت في الحيرة، ويُعتقد أنّ معتنقيها هم يهود بابل الذي سباهم نبوخذ نصّر.
جيش مملكة المناذرة
كان جيش مملكة المناذرة يتكون من خمس كتائب، وهنّ الأشاهب ودوسر والرهائن والوضائع والصنائع، أمّا الأشاهب فكانوا من الفرس الذين وُجدوا لحماية ملوك الحيرة، ودوسر هم مجموعة عربية موجودة أيضًا لحماية ملوك الحيرة وعُرفوا بقوتهم وبطشهم، فيُقال في المثل أبطش من دوسر، أما كتيبة الرهائن فهي مجموعة مكونة من 500 رجل عربي يقيمون في خدمة ملوك الحيرة لمدة عام كامل، ثمّ يأتي بعدهم مجموعة أخرى، أمّا كتيبة الصنائع فهم قوم مقربين إلى الملك من بني تيم اللات وبني قيس وأبناء ثعلبة، وقد سُخروا للحروب، والكتيبة الأخيرة هي كتيبة الوضائع وهي مكونة من ألف مقاتل من الفرس، كان يضعهم ملك الفرس لإنقاذ ملوك الحيرة وكانوا يرابطون لمدة عام، ثمّ يُستبدلون بألف آخرين.
الآثار المعمارية لمملكة المناذرة
تركت مملكة المناذرة الكثير من الآثار المعمارية الشاهدة على حضارتها العريقة، من أبرزها ما يأتي:
- قصر بن بليلة
- قصر العدسيين الكلبيين
- قصر بني مازن
- قصر الزوراء
- قصر الخورنق
- دير اللج
- دير الحريق
- دير هند الكبرى
- دير هند الصغرى
- دير الجماجم
- دير مارية