عائشة التيمورية (بالإنجليزية: Aisha Taymur) هي شاعرة وكاتبة نثرية وروائية وناشطة اجتماعية مصرية من أصول تركية كردية، ولدت في الأساس داخل عائلة أدبية، إذ إنها شقيقة الباحث والروائي أحمد باشا تيمور وعمة الكاتب المسرحي محمد تيمور والكاتب الروائي محمود تيمور، وكانت عائشة تكتب الشعر باللغات العربية والتركية والفارسية، كونها حصلت على تعليم جيد بفضل عمل والدها عضوًا في الوفد الملكي، بجانب أنها كانت ضليعة في علوم اللغة والقرآن الكريم، واشتهرت عائشة بدعمها للمرأة ودعوتها لتعليمها، لذا تُعدّ من مؤسسات الحركة النسوية العربية.
نشأة الشاعرة عائشة التيمورية وتعليمها
عائشة عصمت بنت إسماعيل باشا بن محمد كاشف تيمور المعروفة باسم عائشة التيمورية، هي شاعرة وأديبة مصرية ولدت عام 1840م في أحد أحياء الدرب الأحمر الذي يعرف باسم "درب سعادة"، وكانت هذه المنطقة في هذا الوقت مكان يضم الطبقة الأرستقراطية والعائلات العريقة، وكان والدها إسماعيل باشا تيمور مسؤول حكومي رفيع المستوى في عهد الخديوي إسماعيل، فقد كان رئيس قلم الخديوي (هذا المنصب يعادل منصب وزير الآن)، ثم أصبح رئيس عام لديوان الخديوي، وكان تركي من أصل كردي.
أما والدتها السيدة ماهيتاب هانم كانت شركسية أرستقراطية، قالت عنها عائشة إنها كانت شخصية قوية وهكذا حصلت عائشة على شخصيتها القوية، وهي أخت لأحمد تيمور من الأب، وهو باحث وروائي وأديب له جذور شركسية، وعمة الكاتبان محمد تيمور ومحمود تيمور، ونشأت عائشة في منزل يعج بالعلم والسياسة، فأبوها رجل سياسي مثقف له مكانته وكان محبًا للأدب، لذا كانت عائشة تميل إلى القراءة على الرغم من معارضة أمها لذلك، حيث كانت الأم تريد أن تتعلم ابنتها ما تتعلمه كل الفتيات في هذا العصر كالخياطة والتطريز، لكن عائشة أصرت على القراءة، فأحضر لها أبوها أساتذة لتعليمها اللغة الفارسية والعلوم العربية.
الحياة الأدبية للشاعرة عائشة التيمورية
بدأت عائشة التيمورية في كتابة الشعر وتأليفه باللغة الفارسية ثم العربية والتركية، وكرست كل وقتها في التعليم، لكن في هذا الوقت لم يكن يُسمح للفتيات بالتعلم إلا في المنزل، حتى بعد دعوة الحكومة المصرية لتعليم الفتيات في المدارس في مطلع القرن التاسع عشر حتى القرن العشرين، حيث أصرت العائلات –لا سيما عائلات الطبقة العليا– على استمرار تعليم فتياتها في المنازل، وهذا ما جعل عائشة تشعر بالإحباط، وحين بلغت عائشة سن أربعة عشر عام، تحديدًا عام 1854م، زوجها أهلها من محمد بك توفيق الإسلامبولي التركي المرموق.
وأكملت دراستها في العلم والأدب ودرست علوم الصرف والنحو والعروض، حتى أنجبت ابنتها توحيدة في العام التالي من زواجها عام 1855م، وهذا ما جعلها تتوقف عن مسيرتها الأدبية وتكرس كل وقتها لأسرتها، لكنها فقدتها بسبب مرض غير معروف، وهي ابنة اثني عشر عامًا ويقال وهي ابنة ثمانية عشر عام، وظلت ترثيها طوال حياتها حتى ضعف بصرها وأصيبت بالرمد وتوقفت عن ممارسة الشعر والأدب، واستمر الوضع هكذا لمدة سبع سنوات.
وفي عام 1882م فقدت عائشة والدها ثم فقدت زوجها بعد ثلاث سنوات فقط، ولم تجد بد من العودة إلى الكتابة حتى تدفن فيها همومها وأحزانها، فنشرت مجموعة من المقالات في الصحافة المصرية تدعو فيها لتعليم الفتيات، وتواصلت مع عدد من المثقفات الأخريات كالشاعرة اللبنانية وردة اليازجي، بالإضافة إلى أنها أكملت تعليمها الذي تركته سابقًا على الرغم من وصولها إلى سن الأربعين، وكتبت القصائد والأشعار الرومانسية والدينية والأخلاقية، وكتبت قصائد لعائلتها وأصدقائها.
مرض عائشة التيمورية ووفاتها
في السنوات الأخيرة من حياة الشاعرة والكاتبة عائشة التيمورية، عانت من التهاب في العين، وهذا ما جعل الكتابة صعبة عليها، وفي عام 1898م أصيبت عائشة بمرض في المخ، وظلت على هذا الوضع لمدة أربع سنوات حتى توفيت في مايو عام 1902م.
أجمل أشعار عائشة التيمورية
كتبت عائشة التيمورية خلال حياتها العديد من المقالات والقصص، ولها رواية مكتملة بعنوان اللقا بعد الشتات، وأخرى غير مكتملة مكتوبة بخط يدها، بجانب أنها كتبت رسالة في الأدب بعنوان "نتائج الأحوال في الأقوال والأفعال" والتي طبعت في كل من مصر وتونس، وفي الشعر لها ديوان بالعربية تحت عنوان "حلية الطراز" وآخر باللغة الفارسية طبع في إيران ومصر والأستانة، ومن أجمل أبيات الشعر التي كتبتها ما يأتي:
قَد صدني وَدَواعي الحُب شاغَلَتي وَاللَيل طالَ جَوى وَالقَلبُ مَشغول
أَبانَ لي حُسن تيه راقَني شَغفا وَهِمت بِالتيهِ حَتّى قيلَ مَقتول
أَصاعَني عِندَما أَومى بِحاجِبِه وَطُرفِه مِن بَديع السِحر مَكحول
وَشَق يا قوتَة في طَيِّها دُرَر عِندَ التَبسم حَتّى قاتَ اِكليل
نَفسي مُطيعَتِهِ اِن رامَ قَتلَها إذ كل ما يَفعَل المَقبول مَقبول
تَلومي في ذهاب الصَبر عاذِلَتي وَعِقدُ صَبري اِذا ما بانَ مَحلول
طَويت لَيلى مَشغوفاً بِطَلعَتِهِ وَالعَينُ شاخِصَة وَالكَف مَغلول
وقالت أيضًا:
شَرَفوا النادي وَحَيّوا بِالصَفا وَالاِرتِياحِ
فيهِ تَجويدُ المَثانى وَسَماعِ الاِنشِراحِ
أَيكَة المَحمود داعى فَاِعطَفوا يالَ السَماحِ
فَمَذاقُ العيشِ يَحلو في نَسيمات الصَباح
كَي يَقول البَدرُ فَوزا نَسير المشكاة لاح
وكتبت تقول:
سيف جفنيكَ دائِماً مَسلول ما أَنتَ عَن فِعلاتِهِ مَسؤول
شَهِدت عُيونِكَ اِن لَحظِكَ قاتَلى وَقَصاصَة حَق وَهن عَدول
لِما رَأَت مَنصوب قَلبي وَهُوَ في صَلة العَذاب لِوَصلِهِ مَوصول
بنيت عَلى كَسرِ وَعامِل سِحرِها تَقديرُهُ اِنَّ الشَجى مَقتول
ومن أشعارها:
مال الفُؤاد لِغُصنِ بِاللُمى ثَمل مِن ميله لَعِبت أَيدى النَسيم بِهِ
أَمال جيد الظَبي مِن لينه شَغفا وَالمَيل في الظَبي مِن أَقوى مَذاهِبُه
وارَت ذَوائِبُه شَمسا فَغَرته تَحتَ الشُعور كَليل في غَياهبه
شَب الجَوى بَينَ أَحشائي لِرؤيَتِه فَقُمتُ وَاللَحظُ يَصمى في مَضارِبُه
سَأَلتَهُ رَحمَة مِن لَحظَة فَأَبى وَزادَ قَلبي تَبريحاً بِحاجِبِه
مِن سِحرِ أَجفانِه هاروت قابَلَني وَمُد في صَدغِهِ اِحدى عَقارِبِه
وَكَنز مَبسضمِ الزاهى وَلُؤلُؤهِ مُرصَد بافاع مِن ذَوائِبُه