الملك الحسين بن طلال (بالإنجليزية: Hussein bin Talal) هو صاحب أطول فترة حكم تنفيذي في العالم وثالث ملك للمملكة الأردنية الهاشمية من سلالة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد جده الملك عبد الله الأول ووالده الملك طلال بن عبد الله، والملك الحسين بن طلال من الجيل الثاني والأربعين من سلالة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعُرف بأنه من الأوصياء التقليديين على المقدسات الإسلامية: أولى القبلتين المسجد الأقصى ومكة المكرمة والمدينة المنورة.

شهد عهد الملك الحسين بن طلال تشكيل المملكة الأردنية الهاشمية الحديثة وساعدت سياسته على تحسين مستوى المعيشة وتحقيق التقدم الاقتصادي الملحوظ، واتبع الحسين بن طلال نهجًا خاصًا في التعامل مع الشعب والقبائل إذ أقام علاقات وثيقة معهم، وعمل من ناحية أخرى على تعزيز المؤسسات العسكرية للدولة وتقويتها تأكيدًا على سلطة التاج الملكي، وعزز مفاوضات السلام بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال لفترات طويلة من حياته.

الملك الحسين بن طلال... طفولته ونشأته

ولد الملك الحسين بن طلال في 14 نوفمبر/تشرين ثاني عام 1935م في عمان، الأردن، لوالده الملك طلال بن عبد الله الأول ووالدته الملكة زين الشرف بنت جميل، وكان له من الأخوة الأمير محمد بن طلال والأمير الحسن بن طلال والأميرة بسمة بنت طلال، وتلقى الحسين تعليمه الابتدائي في عمان، ثم درس في كلية فيكتوريا في الإسكندرية في مصر، ثم توجه للأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست في المملكة المتحدة.

وفي وقت مبكر من حياته شهد الحسين بن طلال اغتيال جده الملك عبد الله الأول في المسجد الأقصى في 20 يوليو/تموز عام 1951م حيث كان يرافقه لأداء صلاة الجمعة، وكان معرضًا للرصاص أيضًا إلا أن القلادة التي منحه إياها جده حمته من رصاص القتل، ولاحقًا نُصّب الحسين بن طلال ملكًا على المملكة الأردنية الهاشمية في 11 أغسطس عام 1952م بعد أن تبين عدم قدرة والده الملك طلال تولي الحكم لأسباب صحية وكان يبلغ من العمر 17 عامًا، ولعدم قدرته على تولي العرش لعدم بلوغه السن القانوني، عُيّن مجلس وصاية حتى تولى الملك رسميًا العرش في 2 مايو/أيار  عام 1953م.

الملك الحسين بن طلال... حياته الشخصية

تزوج الملك الحسين بن طلال أربع مرات، وكانت زوجته الأولى هي الشريفة دينا بنت عبد الحميد وهي ابنة عم بعيدة للمك الحسين بن طلال، وأنجب منها ابنته الأميرة علياء، إلا أن الزواج لم يدم أكثر من عام واحد ليعلن انفصالهم عام 1956م، وفي عام 1961م تزوج الحسين بن طلال ابنة ضابط بالجيش البريطاني تُدعى أنطوانيت طوني جاردنر والتي عرفت باسم منى لكنها لم تمنح لقب ملكة لعدم اعتناقها الديانة الإسلامية، وأنجب منها الحسين بن طلال أربعة أبناء هم الأمير عبد الله (ملك المملكة الأردنية الهاشمية حاليًا) والأمير فيصل والأميرة زين والأميرة عائشة، وفي عام 1972 انتهى زواجهم.

في عام 1972، تزوج الملك الحسين بن طلال زوجته الثالثة وهي علياء طوقان وأنجب منها الأميرة هيا والأمير علي، وكانت لهم ابنة بالتبني هي عبير محيسن، وفي عام 1977م توفيت الملكة علياء نتيجة تحطم المروحية التي كانت تستقلها في عمان ليتزوج الملك الحسين بن طلال في العام التالي من أخر زوجاته ليزا حلبي والتي تعرف باسم الملكة نور الحسين وأنجب منها الأمير حمزة والأمير هاشم والأميرة إيمان والأميرة راية، واستمر زواجهم لأكثر من عقدين حتى وفاة الملك الحسين عام 1999م.

إنجازات الملك الحسين بن طلال

حقق الملك الحسين بن طلال العديد من الإنجازات في مختلف المجالات وفيما يأتي ذكرها وبيانها:

  • إنشاء البنية التحتية

برز دور الملك الحسين بن طلال بشكل جلي وفعّال في إنشاء البنية التحتية الاقتصادية والصناعية للملكة الأردنية الهاشمية إذ ساعد على تعزيز الوصول إلى الخدمات الأساسية، وشهد عهده إنشاء المدارس في جميع أنحاء المملكة لاتاحة التعليم لكافة الأطفال، مما ساعد على ارتفاع نسبة الالتحاق بالتعليم في عهده وارتفاع معدل القراءة والكتابة إلى 83 في المئة عام 1996م بعد أن كانت 33 في المئة عام 1960م.

  • تعزيز السلام في الشرق الأوسط

خلال فترة حكم الملك الحسين بن طلال والتي استمرت 47 عامًا، سعى جاهدًا لتحقيق السلام في الشرق الأوسط إذ بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967م برز دوره الفعال في صياغة قرار الأمم المتحدة رقم 242 والذي دعا دولة الاحتلال والقوات الصهيونة  للإنسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها في حرب 1967م مقابل السلام، والذي كان معيارًا لمفاوضات السلام اللاحقة، وقاد الملك الحسين عام 1991م مؤتمر مدريد للسلام، وفي عام 1994 وقع الملك الحسين بن طلال معاهدة السلام مع دولة الاحتلال لتحقيق الأمن الداخلي للمنطقة.

  • التحسين الاجتماعي

رأى الملك الحسين بن طلال أن الإنسان هو أكبر ثروة للبلاد، ومن هذا المنطلق قدم الدعم الكامل لأبناء وطنه من المحرومين وذوي الهمم والأيتام بهدف تعزيز عملية نهوضهم وارتقائهم بأنفسهم ليصبحوا منتجين في الوطن وقادرين على العطاء، ومن ناحية أخرى عرف الملك الحسين بدعمه لحقوق الإنسان.

  • تعزيز الحرية السياسية

سعى الملك الحسن بن طلال إلى تعزيز الحريات السياسية إذ ظهرت في عهده الأحزاب السياسية ذات الاتجاهات الفكرية المتعددة، وأسست النقابات العملية والمهنية، ونشطت الصحافة بشكل كبير مما انعكس على الوعي السياسي والشعور الوطني والإنتماء لدى مختلف أبناء الشعب الأردني.

  • تعريب الجيش

أمر الملك الحسن بن طلال عام 1956م بالاستغناء عن القيادة البريطانية للجيش الأردني مما نتج عنه تعريب قيادة الجيش الأردني وإنهاء المعاهدة الأردنية البريطانية عام 1957م.

  • مشاريع الوحدة العربية

قاد الملك الحسين العديد من المشاريع التي هدفت بالمقام الأول إلى توحيد البلاد العربية ومن أهمها:

  • الاتحاد العربي الهاشمي: وهو تحالف بين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة العراق أوجد عام 1958م بهدف توفير الدعم والأمان والتطور لكلا البلدين والذي انتهى بانقلاب عسكري على الملك فيصل ابن عم الملك طلال واستشهاده عام 1959م.
  • مشروع المملكة العربية المتحدة عام 1972م: وهو مشروع الوحدة بين الأردن وفلسطين، وهي مبادرة أطلقها الملك الحسين بن طلال ودعا فيها إلى ضرورة الحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في أرضه.
  • مشروع مجلس التعاون العربي: ضم مشروع مجلس التعاون العربي عام 1989م أربع دول وهي الأردن واليمن والعراق ومصر، مع إمكانية انضمام دول عربية أخرى، بهدف مضافرة الجهود للتعاون والعمل المشترك.

وفاة الملك الحسين بن طلال

كانت السنوات الأخيرة من حياة الملك الحسين بن طلال مليئة بالانتكاسات الصحية، إذ أصيب في عام 1992م بمرض سرطان الكلى وبعدها خضع لعمليات لعلاج مشاكل الغدد اللمفاوية ومشاكل في البروستاتا، وفي عام 1998م شُخّص الملك الحسين بن طلال بإصابته بمرض سرطان الغدد اللمفاوية، إذ انتقل لمدة 6 أشهر إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج الكيميائي وزراعة النخاع الشوكي.

 وفي 19 يناير/كانون ثاني عام 1999، عاد الملك الحسين إلى أرض الوطن وكان يقود طائرته الخاصة مما أيقظ الأمل في أبناء الشعب الأردني بشفائه إلا أن الشهر التالي وتحديدًا في 7 فبراير/شباط عام 1999 أعلن الديوان الملكي الهاشمي وفاة الملك الحسين بن طلال عن عمر يناهز 63 عامًا بسبب مضاعفات مرض سرطان الغدد اللمفاوية.