السويداء هي إحدى محافظات الجمهورية العربية السورية، والتي تقع في جنوب سوريا ويُعتقد أنّ العرب الأنباط هم من أسسوها في القرن الأول قبل الميلاد وتبلغ مساحتها الإجمالية 6550 كم²، ويحدها من الجهة الشمالية العاصمة دمشق والتي تبعد عنها مسافة تُقدر بـ 128 كم ومن الجهة الغربية محافظة درعا ومن الجهة الشّرقية البادية السورية والصفا ومن الجنوب المملكة الأردنية الهاشمية.
تاريخ مدينة السويداء
مرّت السويداء بعدة حقب تاريخية تركت كل منها آثار ما يزال بعضها موجود حتى يومنا هذا، وتنتشر هذه الآثار في أرجاء المدينة منها آثار نبطية ورومانية وبيزنطية وآرامية، وعثر الباحثون في المدينة أيضًا على أدوات صوانية كان يستخدمها الإنسان في فترة ما قبل التاريخ.
وتشير الحقائق التاريخية أنّ الأنباط هم من أسسوا المدينة وأطلقوا عليها اسم "سودا" وتعني السوداء الصغيرة وجاءت التسمية من طبيعية المنطقة إذ تشتهر بانتشار الحجارة البركانية السوداء، وبعد أنّ ضعفت الدولة النبطية وتراجعت قوتها، وقعت المدينة تحت سيطرة الرومان وخلال فترة حكمهم شيدوا فيها المباني والمعابد والمسارح والقصور، وبعد ضعف الدولة الرومانية وانحلالها سيطر الغساسنة على المدينة وخلال الفتوحات الإسلامية عين الخليفة عمر بن الخطاب مالك بن الحارث أميرًا على منطقة حوران وجبل العرب الذي تُعدّ السويداء جزءًا منه.
وخلال الخلافة الأموية والخلافة العباسية ازدهرت المدينة من شتى النواحي ولكن تراجعت المدينة فيما بعد بسبب هجرة السّكان ونزوحهم نحو المدن، ومن ثم خضعت بلاد الشام للحكم العثماني الذي فرض التجنيد على السّكان، ومن ثم شهدت منطقة جبل العرب حربًا شرسة استمرت لمدة 9 أشهر مارست خلالها الدولة العثمانية جميع أساليب العنف والقتل ضد الأهالي ودمرت الممتلكات العامة والبيوت، وبعد انتهاء الحكم العثماني سنة 1918م، شارك أهالي الجبل بالثورة العربية الكبرى التي قادها الشّريف الحسين بن علي، وفي بداية القرن العشرين أُعلن عن استقلال سوريا ولكنه لم يدم طويلًا بسبب الاحتلال الفرنسي للبلاد، وكغيرهم من أبناء الشّعب السوري شارك أهل السويداء بالثورة السورية بقيادة سلطان الأطرش حتى نالت البلاد استقلالها في شهر أبريل من عام 1946م.
سكان مدينة السويداء
في الحقيقة أنّ عدد سكان السويداء لعام 2021 أو 2022 غير معروف لعدم توفر إحصائيات رسمية بسبب ما شهدته سوريا من حرب داخلية بدأت منذ عام 2011م، وبحسب أخر إحصائية رسمية عام 2011 بلغ عدد سكان المدينة 777.000 نسمة وبهذا العدد تُصنف المدينة في المرتبة الثالثة عشر من حيث عدد السَكان في سوريا.
وتُعدّ السويداء المدينة الوحيدة في سوريا التي يسكنها أغلبية درزية فيشكل الدروز ما نسبته 87.6% من السكان بينما يشكل المسيحيون ما نسبته 11% أما المسلمون فهم أقلية ويشكلون ما نسبته 2% فقط من عدد السكان.
الزراعة في السويداء
تضم الجمهورية العربية السورية مساحات زراعية كبيرة، وفي السويداء تحديدًا تنتشر زراعة العنب على مساحات شاسعة وخلال موسم القطاف يُستهلك بعض المحصول محليًا ويُصدر بعضه ويذهب جزءًا منه للمصانع لإنتاج عصير العنب، ويُعرف عنب السويداء بأنه من أجود أنواع العنب في العالم.
وبالإضافة للعنب، تنتشر في المدينة زراعة أشجار الدراق والخوخ والتفاح واللوزيات والإجاص والزيتون، وتشتهر المدينة أيضًا بزراعة القمح والحمص والعدس والشّعير، ولكن للأسف تراجعت الزراعة بالسويداء بعد اندلاع الثورة السّورية لعدة أسباب منها هجرة السّكان واندلاع الحرائق وتدهور الأوضاع الأمنية وارتفاع تكلفة الزراعة.
أبرز الآثار السياحية في المدينة
تنتشر في قرى محافظة السويداء وبلداتها الكثير من الآثار التاريخية كالحمامات والقصور والمسارح والكنائس والأعمدة والمساكن والجسور، وفيما يلي سنتعرف على أبرز الآثار السّياحيةفي المدينة وأهمها:
- معبد هيليوس: يقع المعبد في شمال شرق المدينة ويعود تاريخ بنائه للقرن الثاني، وهو معبد روماني قديم بناه الرومان لعبادة آلهة الشّمس "هيليوس" ويتكون من أربعة أعمدة في واجهته الأمامية وخلفها عدد من الأعمدة وجميعها مُزينة بالنقوش والزخارف وتعلوها تيجان.
- قلعة صلخد: وهي قلعة ضخمة مُقامة على تل بازلتي يرتفع عن سطح البحر بمقدار 1450م، ويُرجح الكثير من المؤرخين وعلماء الآثار أنها بُنيت خلال الخلافة الفاطمية وبالتحديد خلال خلافة المستنصر بالله، ثم عاصرت الأحداث التي مرت بها المدينة وسكنها عدد من القادة والأمراء والعلماء.
- معبد زيوس: وهو أحد أهم المعالم في المدينة ويقع في بلدة قنوات في ريف السويداء ويعود تاريخ بنائه للقرن الأول قبل الميلاد، وتُشير النقوشات الموجودة على أعمدة المعبد أنه بُني خلال الحكم اليوناني تكريمًا للإله "زيوس ماجيستوس" ويعني زيوس العظيم أو المهيب.
- مدينة شهبا: وهي مدينة أثرية يعود تاريخها للعصر الحجري ووقعت فيما بعد تحت حكم الإمبراطورية اليونانية ومن ثم تحت سيطرة المكدونيين ومن ثم الدولة البيزنطية ومن بعدها دولة الأنباط ومن ثم تحت سيطرة الرومان الذين أولوا عناية كبيرة بها، وتحتوي المدينة على قلعة تحمل اسمها وعدد من الحمامات الرومانية والمعابد ومسرح روماني ومتحف وعدد من البوابات والشوارع.