حلب هي محافظة سورية تقع في الجزء الشمالي الغربي من البلاد بالقرب من الحدود التركية، وهي مركز محافظة حلب  والعاصمة الاقتصادية للبلاد، تبعد حلب عن العاصمة دمشق مسافة تُقدر بـ 310 كم مربع وتبلغ المساحة الإجمالية للمدينة 190 كم مربع ويُقدر عدد سكانها بحسب إحصائية عام 2004م بـ 4.6 مليون نسمة يشكلون ما نسبته 22% من إجمالي عدد السكان في البلاد، وبهذا العدد تحتل حلب المرتبة الأولى من حيث المحافظة الأعلى سكانًا في البلاد متفوقةً على العاصمة دمشق.

سبب التسمية

عُرفت حلب منذ القدم باسم حلب الشهباء واختلفت الآراء حول التسمية واللقب، فيرى البعض أنها سُميت بذلك نسبةً لمؤسسها الأول وهو حلب بن مهر بن خاب، وقيل إنها سُميت بهذا الاسم لأنّ أغلب مبانيها استخدم في بنائها الحجارة الحليبية ولُقبت بالشهباء نسبةً للون هذه الحجارة التي تتميز بلونها الأشهب، ولكن القول الأرجح هو أنها سُميت بذلك لأنّ سيدنا إبراهيم عليه السلام سكنها وكانت له بقرةً شهباء يحلبها كل يوم ويوزع حليبها على جيرانه دون مُقابل.

تاريخ مدينة حلب قبل الفتوحات الإسلامية

على الرغم من أنّ العمر الدقيق لمدينة حلب غير معروف، تُعدّ إحدى أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم، وبسبب موقعها المتميز الذي يصل بين الشرق والغرب ومزاياها الطبيعية المُتمثلة بخصوبة التربة ووفرة المياه كانت حلب مدينة مُتنازع عليها من قِبل الشّعوب والحضارات المُختلفة.

فكانت المدينة خلال القرن الثامن عشر قبل الميلاد مملكةً للعموريين، ثم وقعت تحت سيطرة الحِثيين الذين احتلوها منذ القرن الرابع عشر وحتى القرن السابع عشر وخلال حكمهم سيطر عليها المصريون ثم الميتانيون لفترات قصيرة ثم عادت لحكمهم، ومن ثم وقعت حلب تحت أيدي الأشوريين ومن ثم غزاها الفرس، وفي بداية القرن الثالث عشر قبل الميلاد  وقعت حلب في أيدي اليونانيين والذين أطلقوا عليها اسم "بيرويا" واستمرت تحت حكمهم لمدة 300 عام، ومن ثم وقعت حلب تحت سيطرة الرومان وكانت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية الشرقية.

تاريخ حلب بعد الفتوحات الإسلامية

فيما يلي سنتعرف على تاريخ مدينة حلب بعد الفتوحات الإسلامية:

  • عهد الخلفاء الراشدين: في عام 637 م خلال خلافة عمر بن الخطاب، خرجت الجيوش الإسلامية بقيادة خالد بن الوليد لفتح حلب فحاصرت الجيوش الإسلامية المدينة ثم طلب أهلها الأمان والصلح فدخلها المسلمون بدون قتال.
  • العصر الأموي: شهدت حلب خلال الخلافة الأموية ثورة عمرانية هائلة، ففي عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان تزينت حلب بأجمل العمران وأصبحت مركزًا إداريًا وبها بنى قصره، وعندما تولى الخلافة سليمان بن عبد الملك أمر ببناء مسجد كبير يضاهي المسجد الأموي في دمشق فبني مسجد حلب الكبير الموجود حتى يومنا هذا.
  • العصر العباسي: بعد أن تولى العباسيون الحكم، نقلوا مركز الخلافة من دمشق إلى بغداد فبدأت مكانة حلب بالتراجع.
  • الدولة الحمدانية: دخل الحمدانيون حلب وأصبحت في حكمهم أهم مدينة في منطقة شمال الشام، وتوصف فترة حكمهم بالفترة الذهبية نظرًا لما شهدته المدينة من ازدهار ونمو وتطور، ولكن في عام 962 م وقعت المدينة تحت سيطرة الروم وعندما دخلوا المدينة نهبوا خيراتها وأحرقوا مساجدها وقتلوا الكثير من أهلها وأخذوا بعضهم أسرى.
  • الدولة الزنكية: استمر الروم بالسيطرة على حلب وترويع أهلها وفرض الضرائب الباهظة على تجارها إلى أنّ تولى عماد الدين زنكي حكم حلب عام 1128 م فطرد الروم من المدينة وأعاد إليها الأمن والاستقرار، وبعد وفاته عام 1146 م خلفه ابنه نور الدين محمود بن زنكي الذي واصل نهج والده في إعادة إعمار حلب فبنى أسوارها ورمم قلعتها ومساجدها وأسواقها وأنشأ دارًا للعدل وعددًا من المدارس.
  • الدولة الأيوبية: في عام 1173 م توفي نور الدين محمود بن زنكي فخلفه ابنه الصالح إسماعيل في حكم بلاد الشام ولكن بسبب صغر سنه رأي صلاح الدين الأيوبي أنه من مصلحة المسلمين دخول بلاد الشام تحت حكم الدولة الأيوبية التي نشأت في مصر، وفي عام 1174 م استطاع دخول دمشق وحماة وحمص وأخفق في دخول حلب بسبب قوة تحصيناتها ولم يستطع دخولها إلا سنة 1183 م، وولى عليها ابنه الظاهر وفي عهده ازدهرت حلب عمرانيًا وصناعيًا وثقافيًا.
  • دولة المماليك: بقيت حلب تحت سيطرة الأيوبيين حتى عام 1259 م، حينها وقعت المدينة تحت أيدي المغول فارتكبوا المجازر الوحشية بحق أهلها ودمروا الكثير من ممتلكاتها، ولكن لم تدم المدينة تحت سيطرتهم طويلًا ففي عام 1260 م استطاع المماليك هزيمة المغول في معركة عين جالوت ودخلت المدينة في حكمهم.
  • الدولة العثمانية: بقيت حلب تحت سيطرة المماليك حتى عام 1516 م حينها وقعت المدينة تحت حكم العثمانيين بعد انتصارهم على المماليك في معركة مرج دابق، وفي حكمهم كان لحلب مكانة دبلوماسية وسياسية في الدولة، وبرزت المدينة تجاريًا فأصبحت مركزًا تجاريًا يربط الشرق بالغرب وأُقيم بها سوق رئيسي كبير، وأصبحت المدينة تضم مزيجًا من كافة الأعراق والأجناس، ولكن تراجعت المدينة لاحقًا بسبب الفساد الإداري وتعرضها لزلزال دمر أغلب أجزائها.
  • الانتداب الفرنسي: في عام 1920 م وقعت حلب كغيرها من المدن السورية تحت الانتداب الفرنسي وشارك أهلها مع أبناء بلدهم في الثورة ضد المُحتل، وفي عام 1946 م حصلت البلاد على استقلالها.

اقتصاد مدينة حلب

تُعدّ حلب عصبًا اقتصاديًا مُهمًا على مستوى الدولة السورية، فتتمتع المدينة باقتصاد قوي يضاهي باقي المدن السورية، وتشتهر حلب بعدة صناعات حديثة وأخرى تقليدية بالإضافة للصناعات الغذائية، ومن أهم الصناعات في المدينة صناعة النسيج والقطن والملابس وقطع السيارات والأجهزة الكهربائية والصناعات الكيميائية والسيراميك وغيرها.

ولكن من المؤسف القول إنّ اقتصاد حلب بات في مهب الريح بسبب الأحداث التي مرت بها الدولة السورية منذ عام 2011 م وحتى يومنا هذا، وأدت لوقوع المدينة بعجز اقتصادي سببه الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والمنشأت الصناعية بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي والعقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد.

أهم الآثار في المدينة

تزخر حلب بالعديد من المعالم التاريخية التي تعود للحضارات والشعوب المُتعاقبة عليها مما جعلها تتمتع بحركة سياحية نشطة، وفيما يلي سنتعرف على أهم هذه المعالم:

  • قلعة حلب: وهي من أكبر القلاع في العالم وأقدمها، ويعود بنائها للعصور الوسطى ولِقدمها لا يُعرف بالتحديد من قام ببنائها ولكن تُرجح المصادر التاريخية أنها بُنيت على يد الحِثيين.
  • جامع حلب الكبير: ويسمى أيضًا الجامع الأموي وهو من أهم المعالم الدينية في المدينة.
  • قلعة سمعان: وهي بالأصل كنيسة بناها البيزنطيون وعندما دخل المسلمون المدينة تركوها كما هي ولكن عندما ضعفت الدولة الإسلامية فيما بعد استطاع البيزنطيون السيطرة على الكنيسة وللدفاع عنها حولوها لقلعة مُحصنة، وسُميت بهذا الاسم نسبةً للراهب سمعان العامودي.
  • كنيسة الشيباني: هي مركز ديني وثقافي بُني في القرن الثاني عشر يقع في حلب القديمة، وفي عام 1986 م أدرجته اليونسكو على قائمتها ضمن مواقع التراث العالمي.
  • كهف دودرية: يقع الكهف في شمال المدينة ويعود تاريخه للعصر الحجري قبل 100.000 عام، وعُثر بداخله على هياكل عظمية لطفلين.
  • برج حيدر: وهو قرية تقع في شمال غرب المدينة وتحتوي على العديد من الآثار المسيحية التي تعود للفترة البيزنطية، وفي عام 2011 م أدرجته اليونسكو على قائمتها ضمن مواقع التراث العالمي.

أعلام مدينة حلب

على مدى العصور السابقة خرجت من حلب العديد من الشخصيات العامة التي دُون اسمها في كتب التاريخ نذكر منهم:

  • عبد الرحمن الكواكبي: من أشهر رواد النهضة في القرن التاسع عشر.
  • صلاح الدين برمدا: أديب وكاتب ومُترجم سوري.
  • عبد المسيح الأنطاكي: أديب وشاعر وكاتب سوري.
  • عمر أبو ريشة: شاعر ودبلوماسي سوري ترك بصمة مميزة في الشّعر العربي وعُرف بمواقفه الوطنية الرافضة للاستعمار الفرنسي.
  • درية الخطيب: كاتبة وأديبة سورية.
  •  ابن اللبودي: طبيب وفلكي وعالم رياضيات.
  • صباح فخري: من أشهر مطربي الغناء في سوريا والوطن العربي.