إمارة شمر، التي تعرف أيضًا باسم إمارة آل رشيد أو إمارة حائل، هي إمارة تأسست على يد عبد الله آل علي آل رشيد وأخيه عبيد آل علي آل رشيد في مدينة حائل، الواقعة في الجزء الشمالي الأوسط من الجزيرة العربية، وكان الأخان معاصرين للدولة السعودية الثانية، ويعود نسب أسرتهما إلى آل جعفر من عشيرة عبدة التابعين لقبيلة شمر، إلا أن آل علي سبقوا آل الرشيد في حكم الإمارة، المعروفة باسم إمارة شمر الأولى، قبل أن يتمكن الأخيرون من إسقاطهم وتأسيس الإمارة الثانية من جديد.
وتتميز المنطقة التي قامت فيها دولة شمر بأنها واحدة من بين أكثر ثلاث مناطق خصبة زراعيًا في السعودية، وتتميز قبائل شمر بأنها أكثر القبائل التي تمتلك أحسن أنواع شجر النخيل والإبل، وانتهت إمارة شمر من الوجود عام 1921م، حين قام أخر أمراءها -الأمير محمد آل طلال آل رشيد- في مطلع نفس العام، بتسليم نفسه للملك عبد العزيز آل سعود، بعد أن شددت القوات السعودية الحصار عليه لاستعادة حائل وضمها للمملكة، فسلمها لهم بالفعل في 2 نوفمبر عام 1921م، وانتقل الأمير للعيش في الرياض بعد هزيمته.
أصل إمارة شمر
في عام 905 هجرية الموافق لسنة 1499 و1500م ترأس عشيرة عبدة الأمير علي الكبير بن عطية آل جعفر، والذي تمكن من تأسيس أول حكم مركزي حضري بمدينة حائل، لكن لم يستطع أن يفرض سلطته على كامل جبل شمر، بل كانت سلطته محدودة، واستمر باقي شيوخ القبائل الأخرى في شمر في الحفاظ على سلطتهم على قبائلهم، حتى وصل الأمير محمد بن عيسى من آل علي للحكم، والذي اشتهر بلقب الأشمل، وفرض سلطته على كامل جبل شمر وشمال نجد، وأصبحت الإمارة قوية في عهده وكان الآخرون يحسبون لها ألف حساب، وتُعدّ هذه الإمارة أقدم إمارة في نجد حيث لم يذكر التاريخ أي إمارة قامت قبل ذلك هناك.
تحالف إمارة شمر مع آل سعود
بعد أن انتشر المذهب الوهابي الذي دعت له الدولة السعودية الأولى، قام الأمير محمد بن عبد المحسن آل علي حاكم جبل شمر وشمال نجد الحادي عشر بعقد تحالف مع آل سعود، ولقب بعدها بلقب أمير المسلمين، واستمر هذا التحالف طوال فترة حكمه، والذي بسببه تعرض محمد بن عبد المحسن للاغتيال على يد الأتراك بمقصورة الداحس في وسط حائل، ودفن جسده في مقابر حائل، بينما أرسلت رأسه لمقر الإمبراطورية العثمانية في إسطنبول.
سقوط حكم آل علي على إمارة شمر
بعد أن تعرض الأمير محمد بن عبد المحسن آل علي للاغتيال، وصل للعرش مكانه أخوه الشقيق الأمير صالح بن عبد المحسن آل علي عام 1818م، لكن بعد ذلك بعامين –تحديدًا في 1820م– تأسست جبهة من المعارضة بقيادة عبد الله آل علي آل رشيد الشمري على حكم آل علي لحائل، وعلى إثر هذا قام الأمير صالح بنفي عبد الله للعراق في الحال، وبعد سقوط الدولة السعودية الأولى قام آل سعود بتأسيس الدولة السعودية الثانية، والتي كانت ضعيفة لكثرة الخيانات فيها، فقام الإمام فيصل بن تركي بإرسال طلب استنجاد بعبد الله بن آل رشيد لكي يساعده على الثأر من قاتل والده واستعادة ملكه من جديد، فكانت هذه الفرصة التي ينتظرها عبد الله لكي يعود لنجد مرة أخرى، وبعد أن ساعد في استرداد مُلك آل سعود طلب من ابن سعود المساعدة في المقابل للإطاحة بحكم آل علي، وهذا ما حدث بالفعل عام 1834م.
استرداد آل علي إمارة شمر
بحلول عام 1837م نجح الأمير عيسى بن عبيد الله آل علي في استرداد سلطته على إمارة جبل شمر من جديد، وطرد عبد الله آل رشيد منها، لكن بعد بضعة أشهر قام آل رشيد باسترداد الإمارة مرة أخرى وفرض سيطرتهم عليها، وقاموا بتطبيق الإقامة الجبرية على الأمير عيسى في القصيم، وكان عيسى هو أخر من حاول من آل علي استرداد إمارة شمر، ومع سقوطه انتهت دولة شمر الأولى وبدأت دولة شمر الثانية تحت حكم آل الرشيد.
فترة حكم آل الرشيد لإمارة شمر
بدأت فترة حكم آل الرشيد التي كانت من العصور الذهبية لإمارة شمر منذ عام 1834م، وكانت الأوضاع فيها مستقرة، وبحلول عام 1836م تأسست إمارة جبل شمر وبدأت فترة من النزاع للسيطرة على نجد مع آل سعود، وبحلول عام 1891م بدأ حكام شمر في طرد السعوديين من الرياض بعد فوزهم في معركة الموليدة، وهذا ما أدى لسقوط الدولة السعودية الثانية وإمارة نجد، وضم أراضيهم لجبل شمر، ونُفي السعوديون للكويت، وقام آل الرشيد بإقامة علاقات ودية وتكوين صداقات مع العثمانيين، لكن في القرن التاسع عشر بدأت هذه العلاقات تفقد قوتها بسبب ضعف الإمبراطورية العثمانية.
سقوط إمارة شمر
بحلول عام 1921م تولى حكم إمارة شمر الأمير محمد آل طلال آل رشيد الذي يُعدّ أخر أمير على شمر، بعد فترة حكم عبد الله آل متعب آل رشيد الحاكم الحادي عشر لشمر، والذي كانت فترته تنذر بسقوط إمارة شمر، لأنه لجأ إلى آل سعود الذين كان هدفهم ضم حائل للسعودية كونها جزءًا من أراضيها، وبعد تولي الأمير محمد الحكم شدد الملك عبد العزيز آل سعود من حصاره على حائل، وخاض الأمير معه -بالتعاون مع أهل حائل وقبيلة شمر- العديد من المعارك المستميتة للدفاع عن أراضيه، لكن القوات البريطانية كانت تدعم آل سعود وهذا ما ساعد في فوزهم على آل الرشيد، فسقطت حائل في يد جيش الملك عبد العزيز آل سعود في الثاني من نوفمبر عام 1921م الموافق التاسع والعشرون من صفر لعام 1340 هجرية، وبسقوط حائل انتهت إمارة شمر الثانية تمامًا.