افتخر العرب في شبه الجزيرة العربية بلغتهم ونظموا من خلالها الأشعار التي كانت وسيلة لإظهار الفخر والرثاء والحب والولاء وغيره، وأطلقوا عليها اسم "لسان العرب"، وما بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وانتشار الإسلام، بدأت اللغة العربية في الانتشار حتى وصلت إلى أقصى الغرب (المغرب)، وأصبحت في الوقت الحاضر لغة رسمية لأكثر من 20 دولة في العالم ويتحدث بها أكثر من 420 مليون شخص، وهي اللغة الأم لأكثر من 300 مليون شخص حول العالم، وتُعدّ سادس لغة عالمية بعد الإنجليزية والصينية والفرنسية والروسية والإسبانية، وتُعرف بأنها لغة أكثر من مليار ونصف مسلم حول العالم.

واختلطت اللغة العربية، مع امتداد الإمبراطورية الإسلامية، مع لهجات الدول التي أصبحت تحت سيطرتها، ولصعوبة استخدام اللغة العربية الفصحى في المحادثات اليومية نتجت العديد من اللهجات العربية الجديدة تحت مظلة اللغة العربية، ويشار إلى أن اللغة العربية مع مرور الوقت تطورت بحيث أنتجت نسخة أسهل وأخف وزنًا من العربية الفصحى الخام وعرفت باسم اللغة العربية الفصحى الحديثة (بالإنجليزية:  Modern Standard Arabic).

ويشار إلى أن اللغة العربية الحديثة تستخدم بشكل رسمي في جميع الدول العربية وتُعدّ وسيلة التواصل والإعلام والصحف والأخبار والإعلانات التجارية والمؤتمرات والمحاضرات والمدارس والكليات، وليست كاللغة العربية الفصحى التي تُعدّ لغة أدبية، أي لا يُتحدث بها لغة أصلية.

مفهوم اللغة العربية

تعرف اللغة العربية (بالإنجليزية: Arabic Language) بأنها إحدى اللغات السامية التي استطاعت البقاء مقارنة باللغات الأخرى المنتمية للسامية مثل الكنعانية والنبطية والبابلية والحبشية، وتتميز بأصواتها غير المتوفرة في اللغات الأخرى ونظامها النحوي الكامل.

ويمكن تعريف اللغة العربية أيضًا بأنها اللغة التي يتحدث بها سكان الوطن العربي إضافة إلى العديد من الدول المجاورة مثل بعض مناطق تركيا والأهواز وتشاد ومالي ونيجيريا وغيرها من الدول الإسلامية حول العالم مثل أندونيسيا وماليزيا وغيرها.

أو هي لغة القرآن الكريم المحافظة على وجودها عبر عدة قرون، المتميزة ببلاغتها وجماليتها وبيانها ونظامها الصوتي والصرفي والنحوي والتركيبي، ذات الدلالات اللفظية الخاصة التي لا يمكن استخدامها بشكل عشوائي بعيدًا عن قواعدها أو دمجها مع لغة أخرى حيث تفقد خصائصها ومعانيها.

تاريخ اللغة العربية

وفقًا للدراسات اللغوية التاريخية، تعود جذور اللغة العربية إلى 2000 ق.م كإحدى اللغات السامية، إلا أنها أصبحت شائعة الاستخدام والانتشار ما بعد القرن الخامس ميلادي، ويُقال إن قريش هي أول القبائل العربية التي تحدثت العربية الفصحى، ومن ثم كتبت ونقّطت وشكلت ما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وتشير بعض الدراسات إلى أن الكتابة العربية الأولى نشأت في شمال الحيرة (مدينة بائدة في العراق) في الفترة ما بين القرنين 49 ميلادي، بينما تبين دراسات أخرى أنها نشأت في جنوب شبه الجزيرة العربية من حمير (اليمن) في الفترة 110 ق.م – 525م، ويجب الإشارة إلى أن أصل اللغة العربية موضوع جدل لم يحسم بعد نتيجة العديد من الاكتشافات الأثرية التي تحدث العديد من التغيرات على نظريات أصل اللغة العربية.

وفي عام 2014م، اكتُشف أقدم نقش عربي في نجران في المملكة العربية السعودية من قبل بعثة فرنسية سعودية، ويشار إلى أن النص المكتوب يتطابق مع ألواح حجرية تعود تاريخيًا إلى 470 م، وغالبًا ما يعتقد أن هذا النص هو نص يربط العربية بالنبطية ويمثل المرحلة الأولى من مراحل الكتابة العربية.

وفيما يأتي موجز تاريخ اللغة العربية عبر خط زمني يبين أهم الأحداث التي أدت لنشأة اللغة العربية وتطورها:

  • الفترة 333400 ميلادي

استوطنت عدة قبائل شبه الجزيرة العربية وعبروا سيناء مصر وأقامو في هذه المنطقة القصور والعمارة، والتي بقي منها القليل حتى يومنا الحالي.

  • الفترة 500600 ميلادي

كانت العربية اللغة الرسمية والمنطوقة للقبائل في شبه الجزيرة العربية وهذه هي الفترة التي انتشر فيها الإسلام وبعث فيها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في شبه الجزيرة العربية، ويشار إلى أن هذه الفترة ضمت بعض السجلات المكتوبة التي تعود بتاريخها إلى ما قبل 600 ميلادي إلا أنها لا تُعدّ لغة عربية وإنما مجرد نقوش قصيرة، وفي القرن السابع الميلادي كانت اللغة العربية واسعة الانتشار.

  • الفترة 700- 1100 ميلادي

بدأت اللغة العربية في هذه الفترة تتشكل وتأخذ مكانتها وصُنفت ضمن اللغات القديمة السامية وضمن مجموعة الأفرو آسيوية للغات العالمية.

  • الفترة 12001300 ميلادي

انتشرت اللغة العربية في منطقة الوطن العربي والتي تشمل اليوم السعودية واليمن والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت والعراق وسوريا والأردن ولبنان ومصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، وأصبحت اللغة المستخدمة في كافة التعاملات الرسمية وغيرها.

  • الفترة 14001500 ميلادي

أخذت العربية خصائصها العامة فعرفت بأنها تكتب من اليمين إلى اليسار وتتكون من 28 حرفًا، واستُخدمت في العديد من الإنتاجات الأدبية والعلمية، وبحلول عام 1500 ميلادي كانت اللغة العربية لغة أكثر من 100 مليون عربي.

  • الفترة 1500 - 1600

انتشرت العربية خلال هذه الفترة في أقصى الشرق حيث وصلت إلى أندونيسيا، وفي أقصى الغرب حيث وصلت إلى البرتغال، خاصة بعد أن حلت محل لغات شمال القارة الإفريقية وبلاد الشام، وما بعد ذلك انتشرت اللغة العربية كما نعرفها في الوقت الراهن.

خصائص اللغة العربية

تتميز اللغة العربية عن غيرها من اللغات بعدة خصائص فريدة وفيما يأتي ذكرها وبيانها:

  • تتكون اللغة العربية من 28 حرفًا لكل حرف 4 أشكال حيث يكون له شكل في أول الكلمة ووسطها وأخرها، إضافة إلى الشكل المفرد الحر.
  • تتميز اللغة العربية بصعوبة نطقها نتيجة وجود الحروف الساكنة والمتحركة.
  • تعتمد اللغة العربية على نظام قواعدي يستند على الجذور الثلاثية، فمعظم الكلمات العربية هي كلمات تتكون من 3 أحرف تدل على معنى معين ويضاف إليها أحرف مختلفة بحيث تأخذ معنى جديد له علاقة بالمعنى الأساسي، مثال ذلك كلمة كتابة هي من الجذر "كَتَبَ" والتي يمكن أن يشتق منها عدة كلمات مثل تكاتبنا ومكتب ومكتبة.
  • تتميز اللغة العربية بتفردها واستخدامها علامات الترقيم لتحديد المعنى العام والسياق للجملة.
  • تتميز اللغة العربية باستخدام المترادفات التي تساعد على إيصال المعنى في قوالب متعددة، ويقصد بالمترادفات الكلمات المختلفة التي تحمل نفس المعنى إن وضعت في سياق واحد مثل (وفير وكثير).
  • تتميز اللغة العربية بالتقسيم والتفصيل مما يجعلها من أكثر اللغات وفرة وغزارة بالمفردات والمعاني، إذ يمكن أن نجد في اللغة العربية أنواع وصفات الأصوات والحركات والألوان والحيوان والروائح وأسماء الطعام والطبيعة وغيرها.

أنواع اللغة العربية

يمكن تقسيم اللغة العربية إلى ثلاثة أقسام أو أنواع رئيسة وهي:

  • اللغة العربية الفصحى

اللغة العربية الفصحى هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، وغالبًا ما يشار إليها باسم اللغة القرآنية، وهي اللغة المحسنة من لغة العصور الوسطى والأساس التي انبثقت عنها اللغة العربية الحديثة، وغالبًا ما تتميز اللغة العربية الفصحى بعدم احتوائها على الكلمات المحكية في الحياة اليومية.

  • اللغة العربية الفصحى الحديثة

هي اللغة العربية المستخدمة عبر العديد من وسائل الإعلام والتواصل وغيرها، وهي التي تساعد على تحقيق الفهم العام لجميع العرب نتيجة اختلاف اللهجات التي تعيق الفهم أحيانًا، وتحتوي على العديد من المفردات مقارنة باللغة العربية الفصحى التي نزل بها القرآن الكريم، ويشار إلى أن هذه اللغة ليست حديثة فهنالك العديد من الأعمال الأدبية والعلمية والدينية كتبت باللغة العربية الحديثة في الفترة الذهبية الإسلامية.

  • العامية العربية

تُعرف اللغة العربية العامية بأنها لغة غير رسمية تختلف من منطقة لأخرى وتضم العديد من الأنواع واللهجات وتستخدم في الحياة اليومية لتسيير أمور الحياة.

فروع اللغة العربية

تضم اللغة العربية الحديثة أربعة فروع أو لهجات أساسية وهي:

  • المصرية

تنتشر اللهجة المصرية على نحو رئيسي في مصر وهي من أكثر اللهجات العربية ذات الشهرة والانتشار، إذ يمكن سماعها في العديد من البرامج التلفزيونية والأفلام والمسلسلات، وتُعدّ من أكثر اللهجات العربية فهمًا على مستوى الوطن العربي.

  • المغربية

يتحدث أكثر من 70 مليون شخص في الوطن العربي اللغة المغاربية وغالبًا ما يتركزون في شمال القارة الإفريقية، ويشار إلى أن المغاربية تأثرت وبدرجات كبيرة بالإحتلال فهي تضم العديد من المصطلحات الفرنسية والإيطالية مما يجعلها تتميز بالتنوع والاختلافات.

  • الخليجية

يتحدث اللهجة الخليجية 36 مليون ناطق أصلي في العالم العربي وغالبًا ما تنتشر هذه اللهجة في الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين،والكويت والمملكة العربية السعودية وعمان والعراق واليمن، وتتضمن أيضًا العديد من الاختلافات في المفردات وطريقة النطق للكلمات إلا أنها في الغالب متشابهة.

  • الشامية

يتحدث اللغة العربية الشامية أكثر من 21 مليون شخص في الوطن العربي وأهم ما يميز هذه اللهجة أنها تستخدم لغة منطوقة ومكتوبة، وهي منتشرة في لبنان وسوريا وفلسطين، وهي ثاني أكبر لهجة عربية منتشرة عبر قنوات الإعلام بعد اللهجة المصرية، ويشار إلى أن اللغة العربية الشامية تطورت بصورة أساسية عن الآرامية.