الشعر النبطي أو كما يطلق عليه "القصيد"، هو فن أدبي ونوع من أنواع الشعر العربي الذي ينظم بلهجة منطقة شبه الجزيرة العربية كالمملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج، وكذلك اليمن والأردن والعراق وفلسطين وسوريا والسودان والمغرب العربي وموريتانيا، وفي هذا الشعر يخاطب الشاعر عامة الناس بلهجتهم وبلغة سلسة وسهلة يفهمها الجميع بديلًا للغة العربية الفصحى وما يمكن أن يصحبها من صعوبة في الألفاظ، وعلى الرغم من أن هناك الكثير من الانتقادات التي وجهت للشعر النبطي مثل إمكانية قضاءه على العربية الفصحى، نال شهرة كبيرة للغاية وثبت أنه يستخدم نفس القواعد والأصول التي يستخدمها الشعر المكتوب بلغة عربية فصحى.

أصل تسمية الشعر النبطي

لا يوجد اتفاق بين الباحثين على أصل تسمية الشعر النبطي بهذا الاسم، لذا فإن أشهر ثلاثة آراء حول سبب تسميته بهذا الاسم هم:

  • الرأي الأول: يقول إن سبب تسمية الشعر النبطي بهذا الاسم يرجع إلى الأنباط –وهم جماعة قديمة من العرب كانوا يسكنون منطقة شمال الجزيرة العربية وجنوب الشام، وتعود أصولهم إلى نبط إسماعيل، واستمرت مستوطناتهم هذه من عام 100 إلى عام 37 ق.م– إلا أن هذا الرأي ذا حجة ضعيفة لأسباب عديدة، منها أن الأنباط كانوا يكتبون اللغة الآرامية، أما الشعر النبطي فهو شعر عربي في كلماته وأوزانه وبحوره الشعرية، بجانب أن مملكة الأنباط لم يوجد لها شعر أو شعراء على الإطلاق.
  • الرأي الثاني: يقول إن الشعر النبطي سمي بهذا الاسم لأن أول من قاله هم "النبطة" الذين يرجع أصلهم إلى الخضران من فرع بني عمر التابعين لقبيلة سبيع.
  • الرأي الثالث: يقول إن سبب تسمية الشعر النبطي بهذا الاسم يرجع إلى وداي "نبطا" الواقع بالقرب من المدينة المنورة، إلا أن هذا الرأي ذا أدلة وحجج ضعيفة ولا يمكن إثبات صحته.

نشأة الشعر النبطي

يقال إن الشعر النبطي بدأ مع بداية ظهور اللهجات العامية التي ظهرت لأول مرة بين أهل المدينة والحضر بسبب اختلاطهم بالعجم الأجانب في أوائل القرن الرابع هجرية، بينما استمر أهل البادية في الاحتفاظ بلغتهم الفصحى حتى أواخر القرن ذاته، ويقول البعض إن الشعر النبطي ظهر في العصر الجاهلي، على الرغم من أن هذا الرأي يحتاج للمزيد من الأدلة القوية، وفي العموم تشتهر رواية تراثية متداولة أن أول من قال الشعر النبطي هو"أبو زيد الهلالي" تلك الشخصية الأسطورية التي كان يفترض وجودها بين القرنين الثاني والرابع هجرية / الموافق الثامن إلى العاشر ميلادية، لكن هذه الرواية غير مدعومة من الناحية العلمية.

ويُعدّ الشاعر العراقي صفي الدين الحلي هو أول من كتب الشعر باللهجة العامية في القرن الرابع عشر، وبعده ابن خلدون في القرن الخامس عشر، لكنهما لم يطلقا عليه اسم الشعر النبطي، وفي القرن السادس عشر الميلادي نجد قصائد جعثين اليزيدي وباقي شعراء الدولة الجبرية التي كتبت بالعامية، وقصائد جبر بن سيار ورميزان التميمي ورشيدان التميمي في القرن السابع عشر الميلادي، ثم ظهر بعدها اثنان من أشهر شعراء الشعر النبطي وهم حميدان الشويعر الذي اشتهر بقصائده في النصح والحكمة والسياسة والهجاء، ومحسن الهزاني الذي كان يكتب أشعارًا غزلية بديعة.

وفي القرن التاسع عشر الميلادي ظهر عدد من شعراء النبط الآخرين، مثل محمد بن قرملة وتركي بن حميد وراكان بن حثلين وبديوي الوقداني ومحمد العبد الله القاضي وعبد الله بن رشيد وعبيد ابن رشيد وغيرهم،  وبحلول أوائل القرن العشرين ظهر شعراء مثل: محمد بن عبد الله العوني وعبد الله بن سبيل، ومنذ هذا الوقت جرت محاولات لتدوين الشعر النبطي للحفاظ عليه من الضياع، ولا يزال الشعر النبطي منذ هذا الوقت يحظى بمكانة كبيرة بين عامة الناس في دول الخليج على رأسهم المملكة العربية السعودية.

أسلوب الشعر النبطي

للشعر النبطي العديد من الأساليب المتنوعة، إلا أن أشهر هذه الأساليب هي:

  • الأهاجي: وهو المتعلق بقصائد الهجاء التي تدور بين شاعرين لديهم عداء شخصي أو صراع قبلي.
  • المشاكاة والمردة: المشاكاة قصيدة يرسلها شاعر لشاعر آخر ليشتكي فيها من شيء يعاني منه أو ليخبره بحاجة معنوية أو مادية، أما المردة فهي رد الشاعر الآخر عليه وتقديم الحل له.
  • المحاورة (القلطة): هذا الأسلوب من أقوى الأساليب وأصعبها، لأنه يتم بشكل ارتجالي فوري بين شاعرين أمام الجمهور.
  • المخاطبات: في المخاطبات يقوم شاعر بكتابة قصيدة يقلد أو يعارض فيها قصيدة شاعر آخر، إما لأنه معجب بها أو لأنها نالت شهرة واسعة.

شكل الشعر النبطي ومضمونه

يسير الشعر النبطي على الأنماط التقليدية للشعر العربي الفصيح، فيتخذ الشكل العمودي ويلتزم بوحدة القافية طوال القصيدة، ويستخدم نفس الأوزان العروضية للشعر الفصيح مع بعض الأوزان الأخرى المشتقة منها، ويكثر فيه استخدام الألفاظ الفصيحة لضرورة السير على نفس الوزن ودعم المعنى، وعلى الرغم من تدوين الشعر النبطي إلا أنه في الأساس شعر مسموع أكثر من كونه شعر مقروء، ومن حيث المضمون فالشعر النبطي منذ ظهوره وحتى بدايات القرن العشرين كان يبدأ بمقدمات غزلية ثم يدخل في موضوع القصيدة، سواء كانت في الفخر، المدح، الحكمة والنصح، الوصف أو الهجاء، أما الآن فأصبح يستخدم مفردات أقل صعوبة وأصبح يشبه الشعر العامي للبلاد الأخرى، وصار الغزل يستحوذ على الجزء الأكبر منه.

أجمل أبيات الشعر النبطي

من أجمل أبيات الشعر النبطي ما يأتي:

أنا عزاك وعزوتك لا جرالك                                 من تاعس الدنيا هواجيس وأهوال

ماني من اللي لاغتنى ما وفالك                              لو لك عليه من الجمايل والأفضال

وماني صديقك كان وقتك صفالك                             أنا صديقك لأدبرت فيك الأحوال

خذني عصى موسى إذا كنت هالك                          لمسحلك بحور القهر قول وأفعال

فالك عسى الله يسعدك اليوم فالك                           فالك عقب صوم الدهر عيد شوال

ومن أجمل الأبيات أيضًا:

يعود الفضل منك على قريش                                وتفرج عنهم الكرب الشدادا

وقد أمنت وحشهم برفق                                 ويُعيي الناس وحشُك أن يصادا

وتدعو الله مجتهدًا ليرضى                                    وتذكر في رعيتك المعادا

وما كعب بن مامة وابن سعدي                            بأجود منك يا عمر الجوادا