"لم يكن العرق موجودًا في الطبيعة، وإنما اخترعه الأشخاص ذوو السلطة".

برزت هذه المقولة ضمن معرض العرق الذي نظمه متحف مينيسوتا للعلوم للدلالة على أن العرق هو بالأصل اختراع، وأن الأعراق البشرية غير مستمدة من الطبيعة بل هي نتاج للمعتقدات الشعبية وما تتضمنه من ممارسات ثقافية واجتماعية.

ما هو العرق؟

يرى الباحثون أن العرق (بالإنجليزية Race) ليس سوى فكرة أو مجموعة فكر تدور حول الاختلاف بين البشر، ولكنها غير دقيقة لتفسير هذا الاختلاف أو التنوع البشري رغم دورها الرئيسي في التفسيرات التي نطلقها على الاختلاف بين مجموعات الأفراد.

بالإضافة إلى ذلك، لا توجد وسائل موضوعية ندرك من خلالها وجود تلك الأعراق البشرية لأنها ليست نتاج للطبيعة بل نتاج لمعتقداتنا المستمدة من ممارساتنا الثقافية والاجتماعية.

بدايات مفهوم العرق

تعود بدايات فكرة العرق إلى أوائل القرن السادس عشر حينما وصل المستعمرون الأوربيون إلى أمريكا الشمالية وبدأوا في بناء مستعمراتهم والاشتباك مع السكان الأصليين. وفي البداية، لم يصف المستعمرون الأوربيون السكان الأصليين بالأعراق ولم ينعتوهم بألفاظ تتضمن صبغة عرقية، لكن الأمر اتخذ مسار آخر فيما بعد مع الأفارقة.

وبحلول منتصف القرن السابع عشر، بدأت التصنيفات العرقية مرحلة جديدة مع العبودية التي لازمت العرق واعتمد عليها المستعمرون في تصنيفاتهم العرقية واتخذوا العرق وسيلة لتبريرها، وكانوا يصورون السكان الأصليين بأنهم همجيون وغير نبلاء ولا يستحقون أراضيهم.

وخلال القرن الثامن عشر، تزايد الاستعباد والتمييز على أساس العرق، وراجت تجارة العبيد الأفارقة لا لشئ إلّا لأنهم صُنفوا عرقيًا بأنهم طبقة أقل لا يستحقون ما تستحقه النخبة البيضاء من حقوق.

استمرّ الحال كما هو عليه حتى القرن التاسع عشر، وبدأت حركات تطالب بإلغاء العبودية والتمييز على أساس العرق. وفي النهاية، انتصرت بعض تلك الحركات وأصبح التمييز على أساس العرق جريمة يعاقب عليها القانون الدولي قبل المحلي.

خصائص التصنيفات العرقية

يصنف الباحثون البشر على أساس العرق إلى سلالات لكل منها صفات جسمانية أو وراثية تميزها كما يلي:

لون البشرة

يُعدّ لون البشرة الصفة الأساسية التي يعتمد عليها الباحثون في تصنيف السلالات البشرية على أساس العرق، وقد قسّم العلماء السلالات البشرية من حيث لون البشرة إلى ثلاثة أنواع: أصحاب البشرة البيضاء، وأصحاب البشرة الصفراء، وأصحاب البشرة السوداء.

وربطوا بين اختلاف اللون والمناخ المحيط أو الإقليم المناخي الذي تتواجد فيه السلالة البشرية المعنية حيث وجدوا أن أصحاب البشرة البيضاء يتواجدون في شمال أوروبا، ثم يقلّ هذا البياض وتميل البشرة إلى بعض السمرة في جنوب أوروبا ومنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وتزداد السمرة في المنطقة الاستوائية.

طول القامة

دائمًا ما تُوصف بعض الشعوب بطول القامة ويُوصف بعضها الآخر بقصر القامة وقد يُقال عنهم أقزام. ومن المسلم به أنه لا يوجد طول معياري لأفراد الشعب الواحد بل تختلف الأطوال وتتفاوت بين أفراد السلالة أو الشعب الواحد، ولكن الشائع هو عدم وجود أقزام بين أفراد الشعوب طويلة القامة ولا يوجد عملاقة بين أفراد الشعوب قصيرة القامة إلّا لأسباب مرضية.

ويُرجح أن اختلاف الأطوال يعود لبعض الأسباب ومنها البيئة التي يقطنها الشعب المعني وتضاريسها، وهل هي بيئة مكشوفة تتعرض للضوء والشمس أم لا. ولُوحظ أن الشعوب طويلة القامة تسكن البيئات المكشوفة والشعوب قصيرة القامة تسكن بيئات غير مكشوفة.

شكل الرأس

عادةً ما يُؤخذ شكل الرأس دليلًا على العرق حيث يمكن ملاحظته بسهولة وقياسه بدقة، إضافة إلى عدم تأثرها بالطبيعة. وبالرغم من كون شكل الرأس من التصنيفات العرقية المهمة، يرى بعض الباحثين أنه قد لا يفيد كثيرًا في تقسيم التصنيفات البشرية نظرًا للاختلافات الشديدة بين السلالات الموجودة حاليًا مقارنة بالسلالات القديمة.

ومن الجدير بالذكر أن هناك تصنيفات أخرى للسلالات البشرية على أساس العرق، منها شكل الأنف، أي عريضة أم ضيقة أم مدببة، وشكل العين الذي يميز بعض السلالات بوضوح شديد.

مجموعات الأعراق

تُقسّم الشعوب إلى سلالات أو مجموعات كبرى تندرج تحتها سلالات ثانوية، وقد ساعدت التصنيفات العرقية في هذه التقسيمات. وعليه تُقسم السلالات كما يلي:

  • مجموعة القوقازيين (Homo Caucasicus)

وتندرج تحتها أربعة مجموعات أو سلالات ثانوية، وهي:

  • الجنس النوردي
  • الجنس الألبي
  • جنس البحر الأبيض المتوسط
  • جنس الهندوس

 

  • مجموعة الزنوج (Homo Aethiopicus)

وتندرج تحتها مجموعتان أو سلالتان ثانويتان، وهي:

  • الزنوج في إفريقيا وبابوا ونيوغينيا وملانيزيا
  • الأقزام

 

  • مجموعة المغول (Homo Mongolicus)

وتندرج تحتها ثلاثة مجموعات أو سلالات ثانوية، وهي:

  • المغول الأصليون بشرقي آسيا
  • مغول الملايو وجزر الهند الشرقية
  • الهنود الحمر في أمريكا

مكافحة التمييز على أساس العرق

تتابعت، ولا تزال، الحركات التي تدعو إلى إنهاء التمييز بين البشر على أساس العرق ووضع حدًا له مما حدا بالمجتمع الدولي إلى سنّ تشريعات تناهض التمييز على أساس العرق ومن بين هذه التشريعات الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، بالإضافة إلى اعتماد برنامج عمل ديربان، الحركة المناهضة للعنصرية والتمييز العنصري.

أبرز الشخصيات المناهضة للتمييز على أساس العرق

عانى الكثير من الأشخاص من التمييز  العنصري والعرقي ومنهم من أمضى حياته بين السجون مدافعًا عن فكرته وحريته ومنهم من مات في سبيل بحثه عن الحرية ومناهضة التمييز، ومن بينهم:

نيلسون مانديلا: أمضى حياته مدافعًا عن حقوق ذوي البشرة السوداء ومكافحة العبودية في جنوب إفريقيا.

مارتن لوثر كينج الابن: أفنى حياته ووهب عمره لمكافحة التمييز العرقي في الولايات المتحدة الأمريكية حتى اغتيل في 14 أبريل 1968.

ألكسندر دوما: ناهض ألكسندر دوما التمييز العرقي من خلال كتاباته، حيث عانى من التمييز بسبب بشرته السمراء ولأن جدته لأبيه كانت من ذوات البشرة السوداء.