البوشناق أو البوسنيون (بالإنجليزية: Bosniaks) هم مجموعة عرقية سكنت الجزء الجنوبي الشرقي من القارة الأوربية، وخاصة في منطقة البوسنة والهرسك، واستوطنته، ويعتقد أن جذور البوشناق الجينية تعكس العديد من مكونات ما قبل التاريخ للمنطقة الدينارية (البلقان)،  ومن الجدير ذكره أن مصطلح البوشناق يعود تاريخيًا إلى العصر العثماني حيث أُطلق على المسلمين في مختلف دول العالم المرتبطين بالبوسنة والهرسك ثقافيًا، وتشير الإحصاءات المسحية إلى أن 44% من البوشناق ينتمون إلى العقدية الإسلامية السنية في الغالب، بينما يُعرف الإيليريون (بالإنجليزية: Illyrians) بأنهم أقدم الشعوب التي سكنت منطقة البوسنة والهرسك والتي تحدثت الألبانية الحديثة.

وتجدر الإشارة إلى أن تفكك الجمهورية اليوغسلافية الاتحادية الاشتراكية واندلاع الحرب في نهاية القرن العشرين ميلادي أدى إلى قيام العديد من المسلمين وغير المسلمين المرتبطين بالثقافة البوسنية باعتماد مصطلح البوشناق لتحديد الهوية الذاتية لهم، والذين يعدون البوسنة والهرسك دولتهم العرقية، بينما يعد إقليم السنجق في الجبل الأسود وصربيا ومدينة نوفي بازار أكبر موطن لأكبر عدد من البوشناق خارج الموطن الأصلي، وتوجد أقليات من البوشناق في كل من كرواتيا وكوسوفو وسلوفينيا ومقدونيا الشمالية.

تاريخ البوشناق

ارتبط تاريخ البوشناق بتاريخ البوسنة والهرسك على نحو خاص والذي يمكن إيجازه عبر عدة مراحل أساسية وفيما يأتي ذكرها وبيانها:

  • انتشار السلاف

انتشر السلاف أو الصقالبة (شعوب عرقية سكنت جبال الأورال والبحر الأدرياتيكي في أجزاء من أوروبا) في دول البلقان في القرن السادس ميلادي وعاشت العديد من المجموعات العرقية السلافية الجنوبية في البوسنة والهرسك، وأصبحت المنطقة متنازع عليها من قبل الإمبراطورية البيزنطية ومملكة المجر.

  • الحكم العثماني

بعد انهيار المملكة البوسنية احتل مراد الأول الحاكم العثماني البوسنة وأحدث العديد من التغيرات في المنطقة وأهمها دخول الإسلام، وخلال أوائل القرن السابع عشر ميلادي اعتنق أكثر من ثلثي السكان الديانة الإسلامية الذين أطلقوا على أنفسهم لاحقًا اسم البوشناق.

  • أزمة البلقان الأولى والثانية

بعد الإطاحة بالحكم العثماني في البوسنة وإعلان بلغاريا استقلالها عن الإمبراطورية العثمانية، أعلنت الإمبراطورية النمساوية المجرية ضم البوسنة لها، مما زاد من تثبيت معتقدات البوشناق الانتمائية والوطنية، وفي المرحلة التي تم فيها تشكيل تحالف ضد الإمبراطورية العثمانية ظهرت العديد من الخلافات بين الحلفاء مما ساعد على نشوء حرب البلقان الثانية، الأمر الذي تجسد في ذاكرة البوشناق الوطنية والتاريخية.

  • مقتل فرانز فرديناند

تعرض الوريث المفترض لعرش الإمبراطورية النمساوية ذا الأصل البوسني الصربي للاغتيال عام 1914م، مما أدى إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية النمساوية المجرية، وعليه أصبحت البوسنة جزءً من مملكة الكروات والصرب والسلوفينيين (مملكة يوغسلافيا).

  • ضم البوسنة إلى كرواتيا

بعد انهيار يوغسلافيا شُكِلت دولة كرواتيا وضمت البوسنة عام 1941م مما يعني أن البوشناق في مرحلة من المراحل التاريخية انتموا إلى الدولة الكرواتية، إلا أن الحرب العالمية الثانية كانت سببًا في انقسام الكروات إلى قسمين، قسم يدعم دولة كرواتيا المستقلة والجزء الآخر يدعم يوغسلافيا الشيوعية، وخلال هذه الفترة ونتيجة غزو القوات الألمانية ليوغوسلافيا دعى جوزيف بروز تيتو جميع مواطنين يوغوسلافيا إلى الاتحاد ضد المعارضة ونجح في تحرير المنطقة، وقامت اليوغوسلافية الشيوعية.

  • سقوط الشيوعية

نتيجة الثورات التي نشأت في العديد من أنحاء أوروبا، تم التخلي عن الشيوعية في يوغسلافيا مما أدى إلى نشوب حرب نتج عنها استقلال البوسنة وكرواتيا ومقدونيا والهرسك وجمهورية يوغوسلافيا الاتحادية، وخلال هذه المرحلة أصبح مصطلح بوشناق يشير بصورة خاصة إلى هوية الشعب الذي قطن منطقة البوسنة والهرسك.

  • حرب الاستقلال

بعد سقوط الشيوعية أصبحت جزر البلقان محط أنظار البوشناق وتحديدًا المسلمين منهم حيث رأوا أن البوسنة يجب أن تكون دولة مركزية مستقلة، بينما أراد القوميون الصرب البقاء في يوغسلافيا وأراد الكروات الانضمام إلى دولة كرواتية مستقلة، وعلى الرغم من اتفاقية لشبونة التي وضعت لمنع دخول البوسنة والهرسك في الحرب، انسحب علي عزت بيغوفيتش ذو الأصل البوسني (البوشناق) من الاتفاقية واندلعت الحرب، مما أوقع العديد من القتلى من البوشناق خلال هذه الحرب، وتعرضت العديد من المساجد للتدمير وتعرض التراث الثقافي البوشناقي للطمث في العديد من المناطق.

ثقافة البوشناق

يتمتع البوشناق بثقافتهم المتميزة عن العديد من الثقافات حول العالم وفيما يأتي ذكر أبرز خصائصهم الثقافية:

  • الحياة اليومية

يشتهر البوشناق بالبهجة والفرح والعفوية وتفاعلهم الإيجابي والقوي مع الناس بصورة عامة، ويذكر أن أهم خِصالهم الأخلاقية الحميدة هي الإثار والكرم ومد يد العون، ومن ناحية أخرى يفضل البوشناق عيش حياة هادئة إذ يبتعدون عن المخططات المعقدة للحياة اليومية ويسمحون للأحداث أن تسير على طبيعتها.

  • ثقافة احتساء القهوة

يرى البوشناق أن احتساء القهوة أكثر منه أمرًا عاديًا إذ ينظرون لهذا الأمر على أنه حدثًا اجتماعيًا يضم العديد من الأنشطة المسلية، فغالبًا ما يرتبط احتساء القهوة لدى لبوشناق بالتقاء الأصدقاء أو العائلة.

  • العلاجات الشعبية والخرافات

لدى البوشناق العديد من العادات الشعبية المتوارثة من جيل إلى آخر والتي من أهمها عدم تقليم الأظافر بعد غروب الشمس واستخدام الجوارب المنقوعة بالمشروب الكحولي لعلاج الحمى، وعلى الرغم من أن هذه المعتقدات قد لا تؤخد على محمل الجد من قبل الأجيال الشابة، ما تزال الأجيال القديمة تسترشد بهذه المعتقدات وغيرها العديد، والتي تخلق مع مرور الزمن إرثًا ثقافيًا مهمًا.

  • الثقافة الغذائية

يشتهر البوشناق بأطباقهم الغذائية المستمدة بشكل كبير من المطبخ التركي والتي من أهمها وأشهرها على الإطلاق طبق كباب سيبافي وطبق البوريك (معجنات محشوة باللحم أو الجبن) وطبق بيغوفا كوربا (حساء دجاج مع الخضراوات) وطبق زلابية باللحم المفروم (كليبي) وطبق الدولما والذي يشكل البصل المكون الأساسي فيه وطبق حساء الفاصولياء وطبق بوسناكي لوناك، نوع من أنواع الحساء وأحد الأطباق الوطنية للبوشناق، وطبق أوستيبسي (طبق مكون من العجين المقلي مع حشوة حلوة أو مالحة).

لغة البوشناق

يتحدث البوشناق اللغة البوسنية وهي إحدى اللغات الثلاث الرسمية المستخدمة في البوسنة والهرسك، إلى جانب الكرواتبة والصربية، وإحدى اللغات السلافية الجنوبية التي عرفت قبل تفكيك يوغسلافيا باسم اللغة الصربية الكرواتية، ومن الجدير ذكره أن اللغة البوسنية تتميز بغناها بالمفردات المستعارة من اللغات الأوروبية والعربية والفارسية والتركية.