الزنوج هو مصطلح يوصف مجموعة من الناس ذوي البشرة السوداء، وغالبًا ما يستخدم المصطلح بالتبادل مع "العرق الإفريقي أو العرق الأسود" للإشارة إلى أشخاص ذوي تصنيف عرقي معين بطريقة عنصرية، ويشير المصطلح إلى الجماعات داكنة البشرة من أصول إفريقية، وهناك حوالي مليار شخص من ذوي البشرة الداكنة في العالم، يعيش منهم حوالي 890 مليون في إفريقيا فقط، بينما يعيش حوالي 100 مليون في الأمريكتين، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل وكولومبيا وبعض المناطق في جزر الأنتيل، ويعيش أقليات منهم في دول مثل بليز وبنما وغيانا وسورينام وجويانا الفرنسية.
بينما يعيش حوالي 10 مليون نسمة في آسيا لا سيما في الهند وبنغلاديش وشبه الجزيرة العربية، وحوالي 15 مليون في دول أوروبا لا سيما فرنسا وإسبانيا وهولندا والبرتغال والمملكة المتحدة، هذا بالنسبة للعرق الأسود بصورة عامة، أما مصطلح الزنوج بصورة خاصة فهو اسم أطلقه الجغرافيون المسلمون في فترة العصور الوسطى على الأشخاص الذين يسكنون في جنوب شرق إفريقيا لا سيما سكان الساحل السواحلي وشعوب البانتو، وأطلق المصطلح اللاتيني Zingium على سكان ساحل جنوب شرق إفريقيا قديمًا، وهو المكان الذي يعرف الآن باسم كينيا وتنزانيا.
أصل الزنوج وتاريخهم
قام الجغرافيون على مر التاريخ بتقسيم الساحل الشرقي لإفريقيا لعدة مناطق بحسب سكان كل منطقة، وتقول المصادر التاريخية العربية والصينية إن المنطقة التي تقع جنوب مصر إلى الحبشة والصومال كان يشار لها باسم منطقة الزنج، وتاريخيًا يمكننا القول إن بلاد الزنج أو بلاد السود هي المنطقة التي كانت تقع جنوب شرق إفريقيا ويستوطنها الشعوب التي تتحدث لغة البانتو، لا سيما المنطقة التي تمتد من رأس كامبوني من الجنوب حتى جزيرة بيمبا الواقعة في تنزانيا من ناحية الشمال، بينما كانت منطقة بانغاني في تنزانيا الحدود الشمالية، والمنطقة وراء موزمبيق كانت تعرف باسم بلاد الواق واق أو العالم المجهول، ويقول أبو الحسن المسعودي الرحالة والمؤرخ العربي الشهير إن منطقة صوفالا في موزمبيق هي أبعد نقطة في منطقة الزنج وإن ملكها كان يلقب بـ "مفالم"، وهي كلمة من كلمات لغة البانتو.
وعلى مر التاريخ كان الزنوج يقومون بعمليات تبادل تجارية مع العرب والفرس والهنود، إلا أن هذا كان على المستوى المحلي فقط، لأن الزنوج –بحسب عدة مصادر– لم يكن لديهم أي سفن تجارية يمكنها الإبحار في المحيط، بينما أكدت بعض المصادر الأخرى أن شعوب البانتو كانوا يمتلكون العديد من السفن التجارية التي تبحر إلى الجزيرة العربية وبلاد فارس والشرق الأقصى كالهند والصين، وبسبب هذه التجارة حدث اندماج بين الشعوب وتزوج العرب من نساء البانتو، وهذا ما أدى في النهاية إلى ظهور لغة وثقافة سواحلية مشتقة في الأصل من لغة وثقافة البانتو، وعلى مدار قرون طويلة كان التجار العرب يبيعون الزنوج عبيدًا إلى دول المحيط الهندي، وقد استخدمهم الخلفاء الأمويون والعباسيون مرتزقة أحيانًا، وبحلول عام 696م قام الزنوج العبيد بالعديد من الثورات على العرب في العراق ليتخلصوا من الرق.
إقليم الزنج
كان إقليم الزنج يشمل العديد من المستوطنات والمدن المهمة، على رأسهم مالينديا وجيدي ومومباسا، ويقال إن عدد المدن الزنجية وصل إلى 37 مدينة بحلول أواخر فترة العصور الوسطى، وكانت معظم هذه المدن ذات ثروة ووضع اقتصادي مرتفع، إلا أن هذه المدن لم تندمج تحت كيان سياسي واحد، ولم تظهر إمبراطورية الزنج قبل أواخر القرن الثامن عشر، وفي المستوطنات الساحلية كان العرب والفرس هم من يشكلون الطبقة الحاكمة المسيطرة والمتحضرة، أما شعوب البانتو فكانت تعيش في هذه المناطق في شكل مجموعات وعائلات بدائية.
تاريخ استخدام مصطلح الزنوج
كان مصطلح الزنوج يستخدم بكثرة في منطقة الساحل الشرقي لإفريقيا، وهذا المصطلح مشتق في الأساس من كلمة زنجي السواحلية، إلا أنه كان يستخدم في المناطق الداخلية الريفية ليصف أي شيء أسود قبيح بصورة مهينة، وقد توقف هذا المصطلح عن الشيوع في الاستخدام منذ القرن العاشر، ومع ذلك ففي عام 1861م قام البريطانيون بفصل جزء من زنجبار عن عمان، وكان يشار إلى هذه المنطقة باسم منطقة الزنج، وكان البحر الواقع قبالة ساحل إفريقيا الجنوبي الشرقي يعرف باسم بحر الزنج، وكان يضم جزر مدغشقر وماسكارين، وفي أثناء فترة النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ظهر اقتراح من قبل البعض بتسمية دولة جنوب إفريقيا باسم أزانيا كاقتباس من مصطلح "زنج" القديم.
شكل الزنوج ومظهرهم
أوصاف الزنوج كانت مختلفة من رحالة لرحالة ومن مستشكف لآخر، فمثلًا قال الرحالة العربي شمس الدين المقدسي في كتاب البديع في وصف الزنوج: "الزنج هم ناسٌ ذوو لون أسود وأنوفٍ مسطحة وشعرٍ غريب وفهمٍ وذكاءٍ قليل"، بينما نجد أن الرحالة والمستكشف المعروف ابن بطوطة الذي زار سلطنة كيلوا في إقليم الزنوج عام 1331م، والتي كان يحكمها في هذا الوقت السلطان حسن بن سليمان، قال في وصفهم إنهم أصحاب لون أسود غامق ووشوم على وجوههم، وقال في كتابه: "كيلوا واحدةٌ من أجمل مدن العالم، وقد بُنيت بدقَّةٍ متناهية، الأمطار فيها غزيرةٌ جدًا، والناس منخرطون في جهادٍ مقدَّس ضدَّ الزنوج الوثنيِّين الذين يجاورونهم، يتصف شعب كيلوا بالتقوى والولاء المطلق وهم يتبعون المذهب الشافعي، عندما وصلتُ كان يحكمهم السلطان أبو المظفَّر حسن بن سليمان، وكان كثيرًا ما يقوم بالغزوات على بلاد الزنج ويعود بالغنائم التي يأخذ خمسها ويقسِّم الباقي وفق تعاليم القرآن الكريم".
ثورة الزنوج
حدثت العديد من الثورات والانتفاضات الزنجية على مر التاريخ، لا سيما بين الأعوام 869م و883م، بالقرب من مدينة البصرة الواقعة في العراق، والتي كانت في هذا العصر "العصر العباسي" مركزًا للخلافة الإسلامية، والسبب في نشوب هذه الثورات أن الزنوج في الشرق الأوسط لا سيما في جنوب العراق أوكلت لهم مهمات وأعمال زراعية شاقة في ظروف شديدة القسوة، لذا قامت العديد من الانتفاضات بين القرنين السابع والتاسع، كان أشهرها وأكبرها الثورة التي تعرف الآن باسم "ثورة الزنوج".