شعب التوا (بالإنجليزية: Twa) الذين يعرفون أيضًا باسم باتوا أو كوا هم أحد أشهر المجموعات العرقية من الأقزام الذين ينتشرون في جميع أنحاء إفريقيا الاستوائية، والذين يبلغ متوسط طولهم –مثلهم مثل كل الأقزام الأفارقة الآخرين– 1.5 متر تقريبًا، والذين يعرفون بأنهم أحد المجموعات التي تنتمي لقبائل البيغمي الأفريقيين الأصليين –وهم الأقزام الأفارقة أو أقزام الكونغو المعروفين باسم صيادي الغابات المطيرة الإفريقية أو سكان غابات وسط إفريقيا، وهم أحد الأعراق الأصلية بمنطقة وسط إفريقيا ومعظمهم يسكن حوض الكونغو– ويمكن اعتبار شعب التوا شعب ذا أصول مختلطة، ينحدرون في الغالب من سكان الغابات الاستوائية المطيرة الأصليين، ويعيشون في الجبال العالية والسهول حول بحيرة كيفو في الكونغو ورواندا وبوروندي، بجانب كل من التوتسي والهوتو وغيرهم من الشعوب التي تسكن المنطقة، ويشتهرون بصناعة الفخار.

ويشتهر شعب التوا أحيانًا باسم الأشخاص المنسيين، كونهم تعرضوا للعديد من الضغوطات وثقافة القمع الشديد من قبل المجموعات العرقية الأكبر والأكثر قوة، ويشكل التوا الآن حوالي 1 % من السكان في رواندا وأوغندا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ويقدر عددهم بحوالي 80000 إلى 100000 نسمة إجمالًا، ويصنفون أنهم من المجموعات شبه الرحل، الذين يقومون بالصيد وجمع الثمار، لكنهم حرموا من الكثير من أماكن الصيد، لذا يقول علماء الإثنولوجيا إن شعب التوا الحديث في الغالب فقير جدًا ولا يمتلك أرضًا ويتعرض للتمييز الشديد بسبب هويته العرقية واختلافه الجسدي، ويواجه صعوبة في الحصول على أساسيات الحياة من صحة وتعليم وغيرها من الخدمات الحيوية الأخرى، وإنهم تعرضوا للاستعباد والعنف والإبادة، حتى إن التقديرات تشير إلى أن 30 % منهم تقريبًا ربما يكونون تعرضوا للقتل.

أصل شعب التوا وتاريخهم

ينحدر شعب  توا في الأصل من سكان الغابات الذين كانوا يسكنون على ارتفاعات عالية في الجبال في وسط إفريقيا، والذين امتهنوا الصيد وجمع الثمار، وتقول الروايات التاريخية إن شعب التوا هو أول من سكن هذه الغابات، لذا يعرفون أنفسهم بأنهم الشعوب الأصلية في إفريقيا، ومع دخول الهوتو والتوتسي للمنطقة وسيطرتهم على غابات التوا وتطهيرها وامتهان الزراعة والرعي، اضطر التوا للتخلي عن أسلوب حياتهم التقليدي وثقافتهم المعتادة وعاشوا على هامش المجتمع الجديد الذي نشأ في المنطقة، واستمر عدد قليل منهم في صناعة الفخار وبيعه.

وبحلول السبعينيات من القرن العشرين زادت الزراعة وازداد معها الضغط على التوا، لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين لا يمتلكون أرضًا منهم، وبحلول أواخر الثمانينيات جرد التوا من كل أراضيهم في منطقة الغابات بمتنزه البراكين الوطني ومحمية غابة نيونغوي وغابة جيشواتي، مما جعلهم منبوذين أكثر من المجتمع، وتعرض الكثير منهم للقتل وللإبادة الجماعية في حرب 1994م، حيث تقول الأمم المتحدة إن أكثر من ثلث سكان التوا في رواندا في هذا الوقت قتلوا، والذين يقدر عددهم بـ 10000 شخص، وفر مثل هذا العدد تقريبًا للبلاد المجاورة لاجئين.

لغة شعب التوا

لا يمكن القول إن هناك لغة واحدة معينة لشعب التوا، ولكن يتحدث شعب التوا العديد من اللغات المختلفة حسب البلد الذي يعيش فيه، فعلى سبيل المثال يتحدث شعب التوا الذي يعيش في رواندا لغة الكينيارواندا، ويتحدث التوا في بوروندي لغة الكيروندية، أما في أوغندا فيتحدثون لغة الروكيغا، على الرغم من أن البعض منهم لا يزال يتحدث بلغته الأصلية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وعمومًا فإن كل اللغات التي يتحدثها التوا هي جزء من مجموعة لغات البانتو.

دين شعب التوا

يدين جزء صغير من شعب التوا –10 % منهم تقريبًا– بالدين المسيحي، بينما ظل الجزء الأكبر منهم متمسكًا بمعتقداته الأصلية القديمة في عبادة العديد من الآلهة، ويعد أهم إله لديهم عمومًا هو الصياد العظيم خنفوم "إله الصيد"، والذي يصطاد مستخدمًا قوس مصنوع من الثعبان يظهر للبشر على شكل قوس قزح، أما ثاني أهم إله لديهم هو إله الرعد الذي يمكنه التواصل مع الإنسان الفاني، ويؤمن التوا بأن الإنسان خلق من الطين بواسطة الإله خنفوم، الذي خلق الكثير من الأعراق والشعوب المختلفة، فخلق الأشخاص ذوي البشرة السوداء من الطين الأسود والأشخاص ذوي البشرة البيضاء من الطين الأبيض وخلق التوا من الطين الأحمر.

ويؤمن التوا أن الإله خنفوم أيضًا كان كريمًا جدًا معهم ومنحهم غابة كبيرة غنية بالموارد والحيوانات ليصطادوا فيها، وهناك بالطبع العديد من الآلهة الأخرى عند شعب التوا، مثل الإله توري "إله الغابة" وإله الموت الذي كتب الموت على البشر بعد وفاة والدته، ويؤمن شعب التوا أن العديد من الآلهة تظهر في صور حيوانات كالفيل والحرباء والفهد والزواحف، وهذا يتناسب مع حقيقة أن حياة شعب التوا جزء لا يتجزأ من الغابة، وأن الغابة مكان مقدس بالنسبة لهم، ورثته لهم الآلهة الأخيار.

طبيعة الحياة عند شعب التوا

يعيش شعب التوا حياة بسيطة في أكواخ تبنيها نساؤهن في الغالب، تكون مصنوعة من الأغصان والأوراق، ويرون الصيد من أهم الأنشطة التي يجب ممارستها، ويعيشون في مجموعات صغيرة تتألف من 30 إلى 100 شخص، وتتم تربية الأطفال من قبل أفراد المجموعة كلها، أما من حيث الملابس، فإن التوا تقليديًا يرتدون ملابس بسيطة تتكون من مئزر مصنوع من القماش، أما اليوم فيرتدي كل من الرجال والنساء الملابس الغربية، ويتناول شعب التوا الطعام الذي يصطادونه، مثل الفيلة والخنازير البرية وخنزير الغابة العملاق والقرود والظباء، ويتناولون الأطعمة التي يتم جمعها من الغابة مثل البطاطا البرية والتوت والفواكه والفطر والجذور وغيرها من النباتات الصالحة للأكل، ويتغذون على الكائنات الصغيرة مثل اليرقات والقواقع والنمل والزواحف.