مجموعة دونغ العرقية، والمعروفة أيضًا باسم كام، هم شعب من جنوب الصين وواحدة من 56 مجموعة عرقية معترف بها رسميًا من قبل جمهورية الصين الشعبية، ويشتهرون بأرزهم الأصلي ومهاراتهم في النجارة والهندسة المعمارية الفريدة، ولا سيما الجسر المُغطى المعروف باسم جسر الرياح والمطر، ويعيش شعب دونغ بشكل رئيسي في شرق قويتشو وغرب هونان وشمال قوانغشي في الصين.

أصل شعب دونغ

تختلف المصادر وحتى الأساطير عن أصل شعب دونغ، وفيها يتم تقسيم دونغ إلى شمال وجنوب، وتشير الأساطير إلى أنهم شعبين مختلفين الأصول، فالأسطورة تقول إن دونغ الشمالية نشأت من المنطقة المحيطة بمقاطعة تشجيانغ في أقصى الشرق، بينما نشأت دونغ الجنوبية حول منطقة غوانغدونغ.

أماكن تواجد شعب دونغ

يتمركز شعب دونغ بشكل رئيسي في منطقة جبلية عند مفترق طرق ثلاث مقاطعات، هي قويتشو وجوانجشي وهونان، مع مناخ حار وأمطار غزيرة وعبور الأنهار المتدفقة في جميع الاتجاهات. وتقع القرى في سفوح التلال وتحدها الجداول، ويبلغ عدد أفراد المجموعة بشكل عام ما يقارب 3 ملايين نسمة.

لغة شعب دونغ

لغة دونغ، والمعروفة أيضًا باسم "كام أو جام"، هي لغة مُعقدة جدًا مثل ثقافتهم، فالكام لغة نغمية، ولكن على عكس الصينية التي تحتوي على 4 نغمات فقط، هناك 9 نغمات في لغة الكام وتُستخدم جميعها للإشارة إلى المعنى، ولا يوجد رسميًا أي شكل مكتوب للكام، وتم تناقل التاريخ والحكايات الشعبية والأساطير لشعب دونغ من خلال الأغاني جزءً من تقاليدهم الشفوية. وفي عام 1958، تم إنشاء نظام كتابة أبجدي قائم على اللاتينية، والذي أثبت أنه مفيد جدًا.

مجتمع شعب دونغ

يتكون متوسط عدد الأسر في قرى دونغ من حوالي 200 إلى 300 أسرة، وتتكون القرى الصغيرة من 10 إلى 20 أسرة، ويمكن أن تضم القرى الكبيرة ما يزيد عن 1000 أسرة، وعادةً ما يقود القرى مجلس من الحكماء تزيد أعمارهم عن 60 عامًا. وهناك بعض الأشكال المميزة في جميع قرى دونغ، وتشمل المنازل الخشبية المدعمة بركائز متينة وجسور الرياح والأمطار وأبراج الطبل والأشجار القديمة المقدسة وساحات مصارعة الثيران والآبار التي تحيط بها الحواف الحجرية وبرك الأسماك المشتركة وبوابات القرية.

الطعام لدى شعب دونغ

تحتوي كل أطباق مجموعة دونغ العرقية على الأرز ، وهو غذائهم الأساسي، وهم يُفضلون الأطباق الحلوة والحامضة، ومن الأطعمة التقليدية الخاصة بهم السمك و اللحوم المُمَلحة، ويتم تمليح الأسماك أو اللحوم النيئة لمدة ثلاثة أيام وتُتبّل بمسحوق الفلفل والزنجبيل والأرز اللزج، ثم توضع في أواني أو براميل خشبية محكمة الغلق، وتشبه الفسيخ والأسماك المُملحة في مصر.

والمشروب الشائع هو "الشاي بالزيت" ويُسمى "يو تشا"، ويُحضر عن طريق تقليب أوراق الشاي في الزيت، ثم يقومون بتخميرها، وتتم إضافة مكونات مثل الزنجبيل أو الملح أو مسحوق الفلفل الحار أو الأرز أو الفول السوداني أو الفاصوليا المقلية إليها.

الزواج عند شعب دونغ

يشبه الزواج عند مجموعة دونغ العرقية الزواج عند مجموعات عرقية أخرى مثل "تشوانغ"، فهم أحرار في اختيار الزوج والزيجات المرتبة نادرة جدًا، وفي حفل الزفاف تمشي العروس وهي تحمل مظلة برفقة ست نساء إلى منزل العريس مباشرة. ويتم الترحيب بها من قبل أطفال من عائلة العريس، وتعيش مع زوجها فقط لبضعة أيام، وأيضًا خلال المهرجانات أو بعد موسم الذروة، وإذا حملت ستنتقل إلى منزل زوجها بشكل دائم، وإذا لم تحمل، فمن المتوقع أن تنتقل بعد ثلاث إلى خمس سنوات إلى منزل الزوج.

ملابس شعب دونغ

يقوم سكان الريف بصنع الخيوط وصبغها ثم نسج ملابسهم التقليدية، والألوان المُفضلة لديهم هي الأزرق الداكن والأرجواني والأبيض، ويرتدي الرجال قمصانًا وسراويل قطنية ويلفون رؤوسهم دائمًا. بينما مُعظم النساء ترتدين البلوزات القصيرة والتنانير ذات الثنيات، وتستخدمن قطعة قماش قطنية زرقاء داكنة للف أرجلهم من الركبة إلى الكاحل، وترتدين الصنادل، وعادة ما تلف النساء شعورهم في شكل كعكة مزينة بالورود الملونة. وتحب بعض النساء ارتداء وشاح قطني زهري لتغطية أكتافهن وخياطة أزرار فضية كبيرة على بدلاتهن للزينة، ويرتدي البعض الآخر قمصانًا بطول الركبة وسراويل فضفاضة، مع أطراف أكمام وسراويل مزينة بحبال ودانتيل. وعادة ما يرتدي أفراد دونغ الذين يعيشون في المناطق الحضرية نفس الملابس الأساسية لدى الصينيين.

الهندسة المعمارية

قدمت مجموعة دونغ العرقية مساهمة فريدة في العمارة الخشبية في الصين، فهم يبنون دون استخدام المسامير ويستخدمون جذوع الأشجار ويقيمون أسقفًا متعددة الطوابق ويجهزون قواعد حجرية ممتازة وينشئون جسورًا مميزة جدًا، وكل أعمالهم مصنوعة يدويًا بمهارات استثنائية. وتمتلئ مجتمعاتهم بالمباني التي صمدت لقرون في بيئتها المعرضة للزلازل والتي تقدم شهادة على براعتهم الحرفية والتكنولوجية، ويشتهرون أيضًا بمهاراتهم البارزة في النجارة.

أيضًا من المنشآت المميزة لديهم أبراج الطبلة، وهي مباني هرمية يبلغ ارتفاعها من سبعة إلى ثلاثة عشر طابقًا، وهي مصنوعة من الخشب الخالص دون استخدام المسامير. ويُعدّ برج "مابانج درام"، الذي تم بناؤه عام 1911، مثالاً على ذلك، فهو أعلى مبنى في قرية مابانج، وهو مكان القرويين الخاص بالتجمع في المناسبات الاجتماعية والمناسبات العامة.

موسيقى شعب دونغ

نأتي إلي الجزء الأهم والذي يميز أفراد مجموعة دونغ وهي الموسيقى، فلطالما اعتقد شعب دونغ أن الأغاني وسيلة لتذكر أصولهم وتقديرها، وذلك نتيجة لعدم وجود لغة مكتوبة حتى عام 1958، وتم الحفاظ على قصصهم من خلال استخدام الأغاني وتوارثها من جيل إلى جيل. والشيء الجذاب في استخدامهم للأغاني هو أنها كانت تُستخدم تقليديًا للتحدث في الحياة اليومية مثل العمل في الحقول وتقديم المشروبات والمواعدة ومناقشة الأحداث الفردية والاجتماعية، وفي كل شيء تقريبًا. وتُعدّ أغاني شعب دونغ من أكثر الأغاني الشعبية الصينية ديناميكية. والآلة الموسيقية المفضلة لدى شعب دونغ هي آلة النفخ المسماة "لوشنغ"، وتم تطوير شكلها المعقد من قبل أجيال من الموسيقيين، ولا يستمتع شعب دونغ بالغناء على هذه الآلة فحسب، بل يرقصون عليها أيضًا في مجموعات يصل عدد أفرادها إلى ما يقارب المائة فرد.

عادات وتقاليد مميزة

اليوم الثاني من الشهر القمري الثاني (أواخر فبراير أو أوائل مارس) هو يوم ميمون عند شعب دونغ، ففي مثل هذا اليوم، وفقًا للفولكلور المحلي، قد ينهض تنين من الماء ويمكن أن يجلب التنين الحظ الجيد أو السيئ للقرويين، والجميع حريص على استرضائه. ولضمان حظ سعيد مع موسم الحصاد، يقدم الدونغ أيضًا تضحيات لإله الزراعة الذي يعيش تحت الجسور في اليوم الثاني من الشهر الثاني، وتشمل العروض الأطعمة اللذيذة مثل كعك الأرز واللحوم وأطباق البيض والأسماك الطازجة، ويتنزه القرويون على الجسر لتكريمهم.

أيضًا تُعد "العلامات" واحدة من أكثر العادات إثارة للاهتمام، وفيها يأخذ الدونغ العشب أو النباتات الأخرى ويجمعها معًا ويثبتها بربطة عنق ويضعها علامات، ويمكن ترك هذه العلامة المتعددة في أي مكان ذي أهمية. وبالنسبة إلى الدونغ، يمكن أن تشير العلامة المتعددة إلى الحب أو الخطر وحتى الازدراء، فعلى سبيل المثال، يتم وضع رذاذ من العشب بالقرب من لوح مكسور على جسر بمثابة تحذير.