شعب الفولاني (بالإنجليزية: Fulani)، المعروف أيضًا باسم شعب الفولا، هم شعبًا متواجدًا في عشرين دولة بغرب إفريقيا، ويتوزع الجزء الأكبر منهم في بوركينا فاسو وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى والسودان، وهي مواقع جغرافية مرتبطة باحتياجات قطعان الخيول التي يتم تربيتها من قِبل الفولاني، فهم شعب كبير وهذا يجعلهم أهم البدو أو شبه الرحل في القارة الإفريقية بأكملها.
أصل شعب الفولاني
وفقًا للمستكشف هنري لوتي، نشأ الفولاني في وادي أعالي النيل بصعيد مصر والنوبة وإثيوبيا، وكانت رسوم الماشية في الكهوف هي التي أتاحت إمكانية متابعة تقدم هذا الشعب حتى وصولهم إلى موريتانيا والسنغال، حيث استقروا أولًا في شرق إفريقيا، وتحديدًا في مصر وشمال السودان، وهاجروا من الشرق إلى الغرب، مرورًا بمنطقة الصحراء حتى وصولهم إلى وادي نهر السنغال، وتم ذلك عن طريق هجرات متتالية في مناطق مختلفة وفي أوقات مختلفة.
ويظهر شعب الفولاني في تاريخ مصر من خلال رسالة تخصهم كشعب "يدخل" إلى مصر في كتابات كتبها المصريون. ويعتقد البعض الآخر أن الفولاني ينحدرون من البربر، لكن من الصعب جدًا تحديد ذلك، لأن الهجرات المستمرة تعني أن بعضهم اختلط مع مجموعات سكانية أخرى.
لغة الفولاني
هناك أكثر من 27 مليون شخص يستخدمون اللغة الفولانية لغة أولى أو ثانية، ويمثلون 3.7 بالمائة من سكان القارة بأكملها، ويوجد العديد من اللهجات المختلفة التي يتم التحدث بها، ففي أكثر من 17 دولة يمكننا أن نلاحظ لهجات مختلفة لشعب الفولاني.
وهناك طرق كثيرة لكتابة الفولانية في البلدان المختلفة التي يتم التحدث بها فيها، فيستخدم معظمهم الأبجدية اللاتينية، وتم أيضًا استخدام الأبجدية العربية، بالإضافة إلى الأبجدية المسماة "أدلم"، والتي تم ابتكارها في الثمانينيات في غينيا من قِبل إبراهيما وعبد الله باري، الأخوين الغينيين اللذين قررا أن لغتهم (الفولانية) بحاجة للأبجدية الخاصة بها.
الدين لدى الفولاني
جميع أفراد شعب الفولاني في الوقت الحاضر من المسلمين، ويوجد مسيحيون أيضًا وهم يعيشون في سلام وسط العائلات المسلمة. وكان جزء كبير من أفراد الفولاني في غرب إفريقيا من بين دعاة الإسلام السني، ولا سيما مع شخصيات من جماعة تكرور العرقية، مثل عثمان دان فوديو، مؤسس إمبراطورية سوكوتو، وسيكو أمادو وأمادو لوبو باري ومحمد بيلو "سلطان صكتو" وموديبو أداما، مؤسس مملكة بولة في "أداماوا".
وكمسلمين، يلتزم الفولاني بالممارسات الدينية الإسلامية، فهم يصلون خمس مرات في اليوم ويتعلمون تلاوة القرآن عن ظهر قلب ويقدمون الصدقات لمن هم في حاجة إليها ويحجون مرة واحدة على الأقل في حياتهم إلى الأرض الإسلامية المقدسة.
التأثير التاريخي والاتحاد
على مر القرون، أثر شعب الفولاني في المكان الذي ذهبوا إليه، فأنشأوا إمبراطوريات ودمروها مثل "إمبراطورية موسي" في بوركينا فاسو، وكان لهم دور بارز في حركات الهجرة القسرية للشعوب في النيجر ونيجيريا والكاميرون، بالإضافة إلى أنهم مسؤولون عن إدخال الإسلام ونشره في مناطق واسعة من وسط وغرب إفريقيا.
واستمر الشكل التقليدي للهياكل الرئيسية للشعب الفولاني من بداية القرن التاسع عشر إلى بداية القرن العشرين، ليتم بعد ذلك توحيد هذه القوة تحت راية عثمان دان فوديو وتمركزت في شمال نيجيريا، وتمكن دان فوديو، الذي واصل تقليد الحروب المقدسة التي شنها أسلافه، من توحيد العديد من مجموعات الفولاني المتناثرة لتشكيل إمبراطورية واسعة وقوية.
الاقتصاد
كان الفولاني على مر السنين رعاة وتجارًا من البدو الرحل، وأتاحت الطرق التي أنشأوها في غرب إفريقيا علاقات واسعة النطاق خلقت روابط اقتصادية وسياسية بين الجماعات العرقية من السودان إلى السنغال، وفي البداية، قاموا بتبادل منتجات الألبان التي تنتجها مواشيهم مع الشعوب المستقرة التي وجدوها في طرقهم، ثم استخدموا هذه الطرق فيما بعد لتبادل جميع أنواع المنتجات.
وغالبًا ما استقر أفراد بعض عشائر الفولاني بين جيرانهم من الأعراق الأخرى، واختلطوا وتزوجوا منهم، وأقاموا مستوطنات مستقرة للمعاملات التجارية المستقبلية. ومن الجدير بالذكر أن أعمال الرعي والتجارة جعلت أفراد الفولاني منفصلين إلى حد ما عن السكان الزراعيين المحليين المستقرين.
التراث الشعبي
على الرغم من أهمية الإسلام، فإن بعض تقاليد الفولاني الحديثة تروي أصل شعبها الجاهلي، وتحظى القصص والأساطير عن المجموعة العرقية بشعبية بين جميع أفراد الفولاني ويتم سردها للأطفال قبل النوم، والتي عادة ما يكون لها جانب أخلاقي. وبين البدو الرحل، هناك العديد من القصص المتعلقة بماشيتهم وهجراتهم، فيروي أفراد الفولاني حكايات الحيوانات ومغامرات السناجب والثعابين والضباع والأرانب.
الملابس والطعام
تختلف الملابس وأنماطها بشكل كبير بين أفراد الفولاني، لكن بشكل عام، فإن الرجال والنساء المتزوجين يتبعون قواعد الزي الإسلامي التي تنص على الاحتشام، ويرتدي الرجال الجلابيب والسراويل والقبعات الكبيرة. وترتدي النساء المعاطف والبلوزات، وترتدي المسلمات المتزوجات الحجاب عند مغادرتهن منازلهن، ويرتدي البدو الفولانيون الملابس الإسلامية أيضًا، لكنها ليست متقنة، والمرأة لا تلبس الحجاب، والرجال والنساء الأصغر سنًا يزينون أنفسهم بالمجوهرات وأغطية الرأس ويجدلون شعرهم.
ويُشتق نظامهم الغذائي الرئيسي من منتجات الألبان، مثل الحليب والجبن، ويستخدمون الزبدة مرافقًا وطبقًا تقليديًا يتكون من عصيدة ثقيلة تُسمى (نييري) مصنوعة من دقيق الحبوب مثل الذرة الرفيعة، ويأكلونه مع حساء الطماطم والخضروات الأخرى.
التعليم عند الفولاني
يساعد البالغون والأطفال الأكبر سنًا من الفولاني في تعليم الأطفال الصغار من خلال الأقوال والأمثال والقصص، ويتعلم الأطفال أيضًا من خلال الملاحظة والتقليد، ففي العديد من المجتمعات، يلتحق الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات بمدرسة إسلامية حيث يتم تعليمهم فلسفة الدين الإسلامي. واليوم، يلتحق أطفال الفولاني في البلدات والمدن بالمدارس الابتدائية والثانوية، والبعض في النهاية يلتحق بالجامعات، ويبدأ الطلاب في الذهاب إلى المدرسة بسن السادسة تقريبًا، ويصعب على أطفال العائلات البدوية الذهاب إلى المدرسة لأنهم غالبًا متنقلون وغير مستقرون.
ثقافة الفولاني
بالنسبة للفولاني، تُعدّ الموسيقى والفن بشكل عام جزءً من الحياة اليومية، فهم يغنون في أثناء العمل، وتُلعب الموسيقى على الطبول والمزامير، وتحظى الآلات الموسيقية مثل المزامير والطبول والغناء الديني بشعبية خلال المهرجانات. ويتحدث المغنيون في أثناء الغناء عن تاريخ المجتمع وقادته والأشخاص البارزين الآخرين، وأيضًا يحظى الفن الزخرفي بنصيب كبير من الثقافة الفولانية، ويتجلى ذلك في شكل الهندسة المعمارية أو في شكل الزينة الشخصية مثل المجوهرات والقبعات والملابس.
الرياضة
من بين البدو الرحل، يشارك الشباب في نوع من الرياضة يعرف باسم "شارو"، وهذا اختبار للشجاعة يقوم فيه الشباب بجلد بعضهم البعض إلى أقصى درجة من المقاومة، وهذه التجربة أكثر شيوعًا عندما يدخل الرجال مرحلة النضج.
ومع ذلك، يستمر البعض حتى يكبرون في المشاركة بذلك النشاط، وأيضًا هناك مجموعة متنوعة من وسائل الترفيه والاستجمام المحلية الشائعة، بما في ذلك المصارعة والملاكمة، وتتواجد الآن الرياضات الغربية مثل كرة القدم وألعاب القوى في المجتمعات والمدارس.
وأخيرًا، يُعدّ شعب الفولاني أحد أبرز الشعوب الإفريقية التي تتميز بتقاليد مميزة ومختلفة عن باقي الشعوب الأخرى، فهم امتداد لثقافات إفريقية مندثرة ونموذج يحتذى به في الاندماج مع الثقافات الأخرى.