التوتسي (بالإنجليزية: Tutsi)‏ ويعرفون أيضًا باسم باتوسي أو توسي أو واتوسي أو واتوتسي، هم مجموعة عرقية تنتمي لعشوب البانتو وتمثل أحد الشعوب الثلاثة التي تعيش في منطقة البحيرات العظمي في إفريقيا، لا سيما في دولتي رواندا وبوروندي، بجانب شعب الهوتو الذي يمثل الأغلبية وشعب التوا، وهم ثاني أكبر مجموعة عرقية من الشعوب الثلاثة هناك حيث يبلغ عددهم حوالي 2.5 مليون نسمة، معظمهم يدين بالمسيحية الكاثوليكية والقليل منهم يدين بالإسلام، ويمثلون الأقلية الأرستقراطية في رواندا وبوروندي، حيث يشكلون ما نسبته 15 % من سكان رواندا -بينما يمثل الهوتو الأغلبية بما نسبته 84% من السكان هناك- و14% من سكان بوروندي، وقد تعرض شعب التوتسي لإبادة جماعية هناك قتل فيها مئات الآلاف منهم على يد الهوتو المتطرفين، وقلت أعدادهم بشكل كبير منذ عام 1994م، وعلى مر التاريخ كان التوتسي من الرعاة وكان جزء منهم من المحاربين، وسيطروا على المجتمع الروندي قبل عام 1962م، واحتلوا وقتها العديد من المناصب المهمة وشكلوا الطبقة الحاكمة في المجتمع.

أصل شعب التوتسي وتاريخهم

عرف المستعمرون البلجيكيون التوتسي بأنهم الأشخاص الذين يمتلكون أكثر من 10 بقرات في رواندا وبوروندي وأنهم يتميزون بأنف رفيعة وطويلة مع عظام وجنتين مرتفعتين وطول يتجاوز الستة أقدام، ويقال إن التوتسي هاجروا من القرن الإفريقي لمنطقة البحيرات العظمى الإفريقية وعاشوا فيها على مدار 400 عام، وأن أصلهم يعود إلى كوش، على الرغم من أنهم لا يتحدثون اللغة الكوشية، وتزوجوا من شعوب الهوتو الذين كانوا يمثلون الأغلبية في المنطقة، لذا يطلق على شعب التوتسي أيضًا اسم الكوشيك، ويتم تمييزهم عن شعوب البانتو الأخرى مثل الهوتو.

وكانت رواندا قبل وصول المستعمرين تحكمها الملكية التي يسيطر عليها التوتسي بعد منتصف القرن السابع عشر، وبداية من عام 1880م وصل الرومان الكاثوليك من المبشرين لمنطقة البحيرات العظمى، وبعد قيام الحرب العالمية الأولى احتلت القوات البلجيكية المنطقة وزادت الجهود الكاثوليكية، على الرغم من محاولة التوتسي مقاومة التحولات الكاثوليكية، فلم يجد المبشرون أمامهم إلا الهوتو الذين استطاعوا التأثير عليهم، وصادرت قوات الاستعمار أراضي التوتسي وخصصتها للهوتو مكافئة لهم على قبول التحول، وفي بوروندي كان التوتسي مسيطرين أكثر على الحكم، حيث كانت المنطقة محكومة من قبل ألمانيا قبل الحرب العالمية الأولى ثم بلجيكا، وسمحت الحكومة الاستعمارية هناك للتوتسي فقط –دونًا عن الهوتو– بأشياء مثل التعليم والمشاركة في الحكومة، وولدت هذه السياسيات القائمة على التمييز نوع من الاستياء الشديد من الهوتو والتوتسي.

وبحلول 1959م غيرت الحكومة البلجيكية موقفها وسمحت للهوتو بتولي السيطرة على الحكومة، وبحلول عام 1962م ثار الهوتو على التوتسي في رواندا وأجبروهم على الفرار إلى أوغندا وتنزانيا، وبحلول عام 1993م بعد اغتيال أول رئيس من الهوتو في بوروندي "ملكيور نداداي" على يد التوتسي، ثارت شعوب الهوتو وأدى هذا لحدوث إبادة للتوتسي، قتل فيها ما يصل لـ 25000 منهم، وبحلول عام 1994م حدثت في رواندا إبادة جماعية مشابهة حيث قتل الهوتو ما يقدر بـ 500 إلى 600 ألف شخص من الشعب التوتسي، واليوم تتشارك أقلية من التوتسي في السلطة مع الهوتو  الذين يمثلون الأغلبية في المنطقة.

لغة شعب التوتسي

يتحدث شعب التوتسي وكذلك الهوتو لغة البانتو الوسطى، والتي تعرف باسم كينيارواندا في رواندا وكيروندي في بوروندي، وهي تحتوي على نفس اللهجات مع اختلافات بسيطة بين النسختين، ويتحدث العديد من الشعب الرواندي والبوروندي اللغة الفرنسية وهي لغة الحكام البلجيكيين السابقين، وتستخدم اللغة الفرنسية هناك في المدارس، بل إن لدى الكثير منهم أسماء فرنسية، وقد يتحدث التوتسي أيضًا، لا سيما الذين يعيشون في أوغندا، اللغة الإنجليزية.

الدين عند شعب التوتسي

معظم الناس في رواندا وبوروندي الآن يدينون بالديانة المسيحية، إلا أن المعتقدات القديمة التقليدية ما زالت راسخة وباقية، ومن أبرزها الإيمان بالإله Imaana، الذي لديه القدرة على منح الخصوبة والثروة، والذي يمكن رؤيته في النار المقدسة بعد قرع الطبول الملكية وإقامة الطقوس، ويؤمن التوتسي بوجود أرواح الأقارب المتوفين من الأجداد، والذين يعرفون باسم الأبازيمة، وهم يوصلون الرسائل للبشر، لكنهم يجلبون للحي الحظ السيء أيضًا إذا قلل من احترامهم، لذلك يقدم لهم الأحياء الهدايا التي تحميهم من غضبهم وسخطهم، ويحاولون معرفة رغبات هذه الأرواح من خلال رؤى العرافين.

طبيعة الحياة عند شعب التوتسي

في الماضي كان شعب التوتسي سواء رجالًا أو نساء يرتدون ملابس وأردية يتم إحضارها من الساحل الإفريقي، وكان زي المرأة يشمل رداء أبيض وعصابات بيضاء على الرأس، أما اليوم فغالبًا ما يرتدي شعب التوتسي وغيره من الشعوب التي تعيش في المنطقة الملابس الغربية، حيث ترتدي النساء الفساتين والأوشحة بقماش مطبوع بنقوشات مشهورة في شرق إفريقيا، بينما يرتدي الرجال السراويل والقمصان.

أما الطعام فإن التوتسي يرون الحليب واللحوم والزبدة من الأطعمة الأكثر قيمة، على الرغم من هذا فإنهم لا يذبحون البقر إلا في المناسبات الخاصة، ويتناولون أيضًا لحم الماعز وحليبه، وفي المناطق الريفية يتناول التوتسي منتجات الألبان والموز وبيرة الذرة، ويتناولون المشروبات الكحولية المصنوعة من الذرة الرفيعة في المناسبات الخاصة.

ويشتهر شعب التوتسي وسائر الشعوب التي تعيش في رواندا وبوروندي بحرف تقليدية أساسية تشمل نسج السلال والفخار والنجارة وصناعة المجوهرات، ومن حيث المنزل كانت منازل التوتسي التقليدية أكواخ مصنوعة من الخشب والقصب والقش، تحاوطها أسوار عالية، أما التوتسي الحديثون فشرعوا في بناء منازل مستطيلة بمواد البناء العصرية الحديثة، والتي تحتوي على أسطح من الحديد المموج أو القرميد.