شعب الشيروكي (بالإنجليزية: Cherokee) من القبائل القديمة التي سكنت أمريكا قبل أن يبدأ المستوطنون الأوروبيون في الانتشار في جميع أجزاء الأمريكيتين، ومن بعدها اختلط شعب الشيروكي بالمستوطنين الجدد. وفي هذا المقال، ستُطرح أبرز المعلومات المتعلقة بهذا الشعب العريق.
من هم شعب الشيروكي؟
شعب الشيروكي هم هنود أمريكا الشمالية من سلالة قبائل الإيروكوا الذين كانوا من القبائل القوية سياسيًا خلال الاحتلال الأوروبي للأمريكيتين. ويُعتقد أنّ عدد أفراد قبيلة الشيروكي بلغ قرابة 22500 شخص في عام 1650، وكانوا يسيطرون على حوالي مائة ألف كيلو متر مربع من جبال الأبلاش في جورجيا الحالية وشرق تينيسي وأجزاء من كارولينا الجنوبية الحالية.
نمط حياة شعب الشيروكي
كان شعب الشيروكي يعيش نمط حياة تقليدي يشبه إلى حد كبير نمط حياة القبائل الهندية القديمة الأخرى، وكانت منطقتهم مكونة من اتحاد عدة مدن، وهي المدن الحمراء (مدن الحرب) والمدن البيضاء (مدن السلام)، وكان رؤساء المدن الحمراء تحت قيادة زعيم حرب أعلى، بينما كان رؤساء المدن البيضاء تحت قيادة رئيس السلام الأعلى، وكانت البلدات الحمراء لإقامة مراسم الحروب، أمّا البلدات البيضاء فكانت ملاذ آمن لمن يبحث عن الأمان بعيدًا عن الحروب والنزاعات.
الحياة الاجتماعية لشعب الشيروكي
كان شعب الشيروكي يستخدم مجموعة من الأدوات الحجرية المختلفة مثل الفؤوس والأزاميل والسكاكين، وكانوا أيضًا يصنعون الفخار وينسجون السلال ويزرعون النباتات مثل الذرة والقرع والفول ويصطادون الحيوانات لاستخدام لحومها وجلودها مثل الدببة والغزلان والأيائل، أمّا منازل الشيروكي فكانت كبائن خشبية من دون نوافذ، سقفها مصنوع من اللحاء وبه فتحة للدخان، ولكل مسكن باب واحد، وكانت البلدة الواحدة لشعب الشيروكي تتكون من حوالي 30 إلى 60 منزل، وفي كل بلدة مجلس لعقد الاجتماعات التي يُناقش فيها الشؤون العامة للبلدة.
الحياة الدينية لشعب الشيروكي
بنى شعب الشيروكي معتقداتهم الدينية على أساس أنّ للكون ثلاثة عوالم مترابطة، وهي العالم العلوي والعالم الأوسط والعالم السفلي، حيث اعتقدوا أنّ العالم الأوسط هو المكان الذي تسكن فيه جميع الكائنات الحية، بينما العالم الأعلى هو المكان الذي تسكن فيه أرواح الأسلاف والحيوانات الميتة، بينما تعيش الأرواح الشريرة في العالم السفلي. واعتقد شعب الشيروكي أنّ أرواح العالم السفلي تأتي إلى العالم الأوسط لتسبب النزاعات والتنافر، ولكن يمكن طلب العون من أرواح العالم الأعلى لطرد الأرواح الشريرة، وأقيمت احتفالات خاصة من أجل طلب مساعدة أرواح العالم الأعلى.
النظام الغذائي لشعب الشيروكي
كان الشيروكي صيادين ومزارعين ماهرين، حيث كان الرجال يصطادون الخنازير البرية والغزلان والديك الرومي والأرانب، مستخدمين الأقواس المصنوعة من أشجار الجوز والسهام المصنوعة من الصوان، بينما كانت النساء تبحث عن النباتات البرية والفطر والبصل والتوت، إلى جانب زراعتهن للعديد من المحاصيل الزراعية مثل الذرة والفاصوليا. وعند وصول الأوروبيين لمناطق شعب الشيروكي، دخلت بعض الزراعات الجديدة مثل زراعة البطيخ والخوخ والتفاح والبطاطا الحلوة والبازلاء، والعديد من البذور التي لم تكن معروفة من قبل، وكان شعب الشيروكي يصطادون للضروة فقط لإطعام أسرهم، ولكن عندما دخل المستوطنون الأوروبيون بدأ الشيروكي باستخدام الأسلحة النارية والصيد بهدف التجارة.
دور المرأة والرجل في المجتمع الشيروكي
كان لكل من المرأة والرجل أدوار مميزة عند الشعب الشيروكي، فكان الرجال يتولون مهمة الصيد والقتال واتخاذ القرارات السياسية، بينما كانت النساء مسؤولات عن الممتلكات والزراعة ورعاية الأسرة واتخاذ القرارات الاجتماعية الخاصة بالقبيلة، أمّا من ناحية الحقوق فكان الحق للرجال فقط في قيادة الحروب، بينما سُمح للمرأة بامتلاك الأراضي وتبوء المناصب الاجتماعية، أمّا فيما يتعلق بالمظهر والملابس، فكان الرجال يرتدون على أجسادهم قطعة بسيطة من الثياب ويحلقون رؤوسهم، في حين أبقت النساء على شعرهن طويلًا وارتدين الفساتين والتنانير المصنوعة من جلود الأيائل.
الاحتفالات عند شعب الشيروكي
كانت الاحتفالات عند شعب الشيروكي قائمة بالدرجة الأولى على الموسيقى، فهي جزء مهم من ثقافة الشيروكي، وكانت تُعزف للعديد من الوظائف المتنوعة بما في ذلك الاحتفالات الدينية والشفائية ورواية القصص ولجني حصاد وافر وإظهار الامتنان للأرض، وكانت الطبول والمزامير والخشخشة من أبرز الآلات الموسيقية المصنوعة يدويًا لدى شعب الشيروكي، والتي كان يرافق العزف عليها ترديد الأغاني والرقصات الخاصة بالقبيلة.
ماذا حدث عند وصول الاستعمار الأوروبي؟
حاول الفرنسيون والإنجليز والإسبان استعمار أجزاء من أمريكا الشمالية، بما فيها الإقليم الذي يسكنه شعب الشيروكي، الذين اختاروا إقامة تحالف عسكري وتجاري مع البريطانيين في بدايات القرن الثامن عشر، وفي المقابل تحالف الفرنسيون مع القبائل المعادية للشيروكي، ولكن بحلول عام 1759 بدأ البريطانيون في تنفيذ سياسة الأرض المحروقة، والتي ألحقت الدمار بالبلدات الهندية من دون استثناء، بما في ذلك بلدات شعب الشيروكي المتحالفة معهم، ممّا اضطر العديد من القبائل للتنازل عن مساحات واسعة من أراضيها وبدأ بعدها الاستعمار الأوروبي الفعلي للمنطقة.
أين يسكن شعب الشيروكي حاليًا؟
منذ حوالي 200 عام، كان شعب الشيروكي قبيلة واحدة متماسكة عاشت في الجزء الجنوبي الشرقي بِما يُعرف حاليًا بالولايات المتحدة الأمريكية، في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر، وبعد ذلك انتقل الكثير من الشيروكي للعيش غربًا بما يُعرف الآن بولاية أوكلاهوما، فيما بقي عدد منهم في الجنوب الشرقي وتجمعوا في ولاية كارولينا الشمالية، حيث اشتروا أراضٍ واستقروا هناك، بينما فضّلت فئة قليلة من شعب الشيروكي اللجوء إلى جبال الأبلاش في جورجيا، ولا يزال أحفادهم يعيشون هناك حتى الآن.