العصر الإدواردي أو العهد الإدواردي (بالإنجليزية: Edwardian Era) هي فترة حكم الملك إدوارد السابع لبريطانيا، والممتدة بين 1901-1910، وعلى الرغم من قصر فترة العصر الإدواردي نسبيًا، كانت له أهمية تاريخية لبريطانيا، حيث وُصفت هذه الفترة بأنها الفترة الذهبية للبلاد.

نبذة تاريخية

تُوّج إدوارد السابع على عرش الإمبراطورية البريطانية بعد وفاة والدته الملكة فكتوريا أول إمبراطورة للهند في عام 1910، وبهذا انتهى العصر الفيكتوري وبدأ العصر الإدواردي. وكانت فكتوريا ملكة معمرة، حيث امتد عمرها لمدة 82 عام وحكمت البلاد لمدة 64 عام، وكان إدوارد يبلغ من العمر 59 عام عندما أصبح ملكًا، أي كان متقدّم بالعمر عندما اعتلى العرش، لذلك من الطبيعي أن تكون فترة حكمه قصيرة، حيث توفي الملك إدوارد في مايو 1910، أي قبل أن يكمل عقد من تسلمه الحكم، وشهد العصر الإدواردي تطورات كبيرة في مختلف الصُّعد، بما في ذلك التقدم المجتمعي والتكنولوجي والإبداعي، مما بشّر بإشراقة شمس قرن جديد، فتغيرت الدول وأُعيد رسم الخرائط وتقدّم العلم بدرجات هائلة، وبالرغم من ذلك ازدادت التوترات الدولية مع بعض البلدان، مما جعل هذه الفترة القصيرة بداية شرارات الحرب العالمية الأولى في نهاية المطاف، لذلك يرى بعض المؤرخين أنّ العصر الإدواردي يمتد حتى بداية هذا النزاع العالمي، لأنّ العديد من أسبابه جاءت من تلك الفترة وكانت إنجلترا تشهد تقلبات داخلية شتى، وعلى الرغم من أنها تحتل الصدارة العالمية، كانت تواجه الاختلاف والتغيير في قراراتها، ويعد العصر الإدواردي أخر عصر في تاريخ بريطانيا الذي يُسمى على اسم الملك الحالي.

الاختلافات بين العصرين الفيكتوري والإدواردي

عُرف عن الملك إدوارد مغامراته غير الرزينة وأسلوب حياته المستهتر، على النقيض من والدته المعروفة بحزمها الكبير، فكانت الأخلاق أكثر تهاونًا في عصره، على العكس من العهد الفيكتوري المحافظ إلى أبعد الحدود، لكنه كان يمتلك مذاق للفخامة، وهذا ما لعب دور كبير في توجيه أسلوب الموضة وتشكيل تصاميم المجوهرات في خلال فتره حكمه، فبعد اعتلائه العرش قام الملك إدوارد بتحديث القصور الملكية لتواكب أسلوب أزياء عصره وتنافس قصور ومحاكم روسيا وألمانيا، وأعاد الاحتفالات التقليدية التي أوقفتها الملكة فيكتوريا وجعل في إنجلترا تكريمات جديدة، لا سيما للأشخاص الذين ساهموا في تقدم العلوم والفنون، ففي عصره ازدادت الاختراعات واستُخدمت على نطاق واسع، حيث تمّ إمداد الكثير من المنازل في إنجلترا بالكهرباء والهواتف والسباكة، لمن يستطيع تحمل تكاليفها، وأصبحت السيارات متاحة للاستخدام لأول مرة، وخلال فترة حكمه عمل إدوارد السابع على تعزيز العلاقات الدولية مع الدول الأوروبية المجاورة، لا سيما مع فرنسا، العدو التقليدي لبريطانيا، ولذلك أُطلق عليه لقب صانع السلام.

الجوانب السياسية والاجتماعية للعصر الإدواردي

شهد المجتمع البريطاني في العهد الإدواردي تغيرات اجتماعية وسياسية، تزامنًا مع تلك التي تحدث في بقية دول العالم الغربي، ففي هذا العصر برزت مكانة النخبة ورفاهيتها، مما جعل العصر الإدواردي عصرًا فاخرًا، ووصلت الرياضة وأشكال الألعاب الأخرى إلى الميادين الدولية، فمثلًا أُقيمت الألعاب الأولمبية للمرة الأولى في إنجلترا عام 1908، وكانت الضرائب على الدخل شبه معدومة تقريبًا وازدهرت الفنون وأصبحت خيارات السفر أكثر تعدًدا، باستثناء الدخول إلى الحدود العثمانية والروسية التي كانت تحتاج إلى تأشيرات، وشدّدت كل من السلطتين القضائية والتنفيذية على منع عمل الأطفال، الذي أصبح يعد جريمة خطيرة، وأصبح التعليم إلزامي لجميع الأطفال، وبالرغم من ذلك استمرت معاناة الطبقة العاملة من الفقر، حيث كانت تعيش نحو 23% من الأسر العاملة في المناطق الحضرية من دون دخل يغطي كافة احتياجاتها الضرورية.

وفي العصر الإدواردي نمت الحركات المطالبة بالحقوق المدنية والمناهضة للإمبريالية التي كانت متفشية في تلك الحقبة وبدأت شعبية الغزو والدخول في حروب جديدة تتراجع للغاية، لا سيما بعد حروب البوير، التي أثبتت تراجع هيمنة القوة العسكرية البريطانية، وتماشيًا مع التحول الجغرافي السياسي في أوروبا، تحالف الملك إدوارد مع روسيا وفرنسا لمواكبة قوة التحالف الثلاثي للنمسا وإيطاليا وألمانيا، وهو ما مهد الطريق لبدء الحرب العالمية الأولى، أما وضع المرأة في العصر الإدواردي فشهد تطور ملحوظ، حيث أصبح هناك عدد متزايد من النساء المتعلمات اللواتي ساهمن في صنع القرار السياسي وإيجاد حلول لبعض القضايا الاجتماعية، بسبب المطالبات الشعبية النسائية الشرسة التي نادت إلى إنصاف المرأة ومنحها حقوقًا مدنية توازي حقوق الرجل.

الجانب الديني والروحاني للعصر الإدواردي

تماشيًا مع التغيرات المجتمعية الحاصلة في العصر الإدواردي، تغيرت نظرة المجتمع للدين، فعلى الرغم من أنّ الكنيسة الأنجليكانية بقيت الكنيسة الأم، لم يعد المنشقون عنها (من البروتستانت) والكاثوليك واليهود محظورين من ممارسة الأدوار السياسية، حتى أن بعض الأرستقراطيين وأفراد الطبقة العليا أعلنوا إلحادهم، وكذلك تحول عدد قليل منهم إلى ديانات أخرى، مثل الدين الإسلامي والديانة البهائية، وفي هذه الفترة لعب مفهوم المسيحية العضلية (حركة فلسفية تدعو إلى الالتزام بالواجب الوطني، مع الاهتمام بالجانب الجسدي والأخلاقي) دور في التوسعات الاستعمارية للإمبراطورية البريطانية، وانتشر في العهد الإدواردي المبشرون الأوروبيون والأمريكيون في جميع دول العالم، وبالرغم من ذلك بدأ الكثير في التشكيك بالمسيحية والإيمان بالخالق، في موجة ثانية من الأفكار الداروينية.

الأدب في العصر الإدواردي

نظرًا لقصر مدة العصر الإدواردي حدث تداخل بين كل من الأدب الفكتوري والإدواردي، فعاصر مؤلفون مشهورون كلتا الفترتين، مثل آرثر كونان وجوزيف كونراد، أما الأعمال الأدبية التي يمكن تصنيفها فردية فهي التي أُنتجت بين عامي 1901 و1914، مثل أعمال الكاتب جورج برنارد شو والروائي إدوارد مورغان فورستر، وارتبطت الأعمال الأدبية ارتباط وثيق بأحداث العصر وتطوراته وساهمت في إحداث تحول جذري في أسلوب السرد القصصي والشعري، حيث ابتعد معظم أدباء العصر الإدواردي عن الأشكال التقليدية للشعر ورواية القصص وتبنوا الأساليب التجريبية الحديثة.

الاقتصاد والتقدم التكنولوجي في العصر الإدواردي

كانت بريطانيا دولة قوية في القرن التاسع عشر، حيث كانت البحرية الملكية أعظم قوة بحرية في العالم آنذاك، رافق ذلك تقدم تكنولوجي وصناعي وتجاري، ومن الصناعات الرئيسية ما يلي:

  • صناعة الحديد والصلب.
  • التعدين، لا سيما الفحم الذي كان مصدر الطاقة الرئيسي.
  • بناء السفن.
  • صناعة الأقمشة من الصوف والقطن وخامات أخرى عديدة.
  • صناعة الأدوات والمعدات المنزلية، مثل أدوات المائدة والسيراميك.
  • بناء السكك الحديدية، مما دفع الكثير من دول العالم إلى الاستعانة بالبريطانيين لبناء سكك حديدية على أراضيها.