يُعدّ الأدب الفرنسي أحد أهم أنواع الأدب تألقًا على المستوى العالمي، إذ تميز ولقرون عديدة بقدرته على تمثيل الحضارة الفرنسية والتعبير عن مفهوم الكرامة والهوية الوطنية عن طريق العديد من الكتاب والأدباء المهتمين بصورة كبيرة باللغة والأفكار.
ومن الجدير ذكره أن الأدب الفرنسي تأثر بصورة كبيرة بالأدب الأوروبي أو آداب أوروبا الغربية وذلك نتيجة النظام الإقطاعي والرهبنة وعالمية اللاتينية وأوجه التشابه بين اللغات المشتقة من اللاتينية مما نتج عنها جميعًا تبادلًا مستمرًا في شكل الإنتاجات الأدبية ومضمونها، إضافة إلى تطور الأدب والثقافة الأدبية الفرنسية بصورة خاصة. ومما لا بد من الإشارة إليه أن اللغة الفرنسية المستخدمة في الأدب الفرنسي واحدة من اللغات الخمس الرومانسية التي تتطورت عن اللاتينية نتيجة احتلال الرومان لأوروبا الغربية.
مفهوم الأدب الفرنسي
يشير مصطلح الأدب الفرنسي (بالإنجليزية: French Literature) إلى كافة الأعمال المكتوبة باللغة الفرنسية وبصورة خاصة من قبل المواطنين الفرنسيين -الكتاب أو الأدباء- داخل الحدود الجغرافية والسياسية لدولة فرنسا، ويشمل مصطلح الأدب الفرنسي الأعمال الأدبية التي كتبها أشخاص يعيشون في فرنسا ويتحدثون اللغة الفرنسية التقليدية، وتجدر الإشارة إلى أن الأدب المكتوب باللغة الفرنسية في دول أخرى مثل بلجيكا وسويسرا وكندا والسنغال يعرف باسم الأدب الفرانكفوني وليس الأدب الفرنسي.
تاريخ الأدب الفرنسي
طرأ على الأدب الفرنسي العديد من التطورات عبر السنين والأعوام ويمكن تقسم المراحل التاريخية للأدب الفرنسي إلى ست مراحل أساسية وفيما يأتي ذكرها وبيانها:
- الأدب الفرنسي في العصور الوسطى (Medieval French Literature)
يعود تاريخ الأدب الفرنسي إلى العصور الوسطى وتحديدًا الفترة الواقعة بين القرنين الحادي عشر والخامس عشر ميلادي إذ تميز الأدب حينها بتنوعه وإبداعه والذي أنتجه العديد من الشعراء ورجال الدين والأدباء، وتُعدّ قصيدة يولالي (Eulalie) من أولى الأعمال في الأدب الفرنسي وأقدمها إضافة إلى نشيد القديس (Canticle of Saint)، ومن الجدير ذكره أن الأعمال المسرحية في هذه الفترة عبرت عن العاطفة والمعجزة والأخلاق والغموض.
- أدب النهضة الفرنسي (French Renaissance Literature)
تضم هذه الفترة الأعمال الأدبية المنتجة في الفترة الواقعة بين 1494م و1600م والتي تميزت بإعادة البناء والتجديد في الأدب الفرنسي، ومن الجدير ذكره أن اللغة الفرنسية الوسطى هي اللغة السائدة للأدب آنذاك والتي كان من السهل تداولها وانتشارها بصورة كبيرة نتيجة انتشار الطباعة.
- الأدب الفرنسي في القرن السابع عشر (Seventeenth Century)
توسع الأدب الفرنسي في هذه الفترة ليشمل كافة الأعمال المتنوعة في أنحاء فرنسا، والجدير ذكره أن هذه الفتره شكلت نقطة مفصلية في تاريخ الأدب الفرنسي إذ لعب الأدب الفرنسي دروًا في التطور الثقافي والسياسي، ويشار إلى أن الكتاب خلال هذه الفترة تمتعوا بالعديد من المميزات التي ساعدت على رفع قيمة الأدب والتي من أهمها الذوق الرفيع والوضوح والامتثال للمدرسة الكلاسيكية.
- الأدب الفرنسي في القرن الثامن عشر (Eighteenth Century)
تضم هذه الفترة الأعمال الأدبية المنتجة في الفترة الواقعة بين 1715م و1798م والتي تعرف بالحقبة الحديثة في الأدب الفرنسي، والتي وجدت تحديدًا بعد انتهاء الثورة الفرنسية، ومن الجدير ذكره أن الأدب خلال هذه الفترة تميز بالنجاح العالمي واحتلاله مكانة عالمية بين تصنيفات الأدب الأخرى إذ برز فيه عنصرا الرمزية والطبيعية والشعر البرناسي.
- الأدب الفرنسي في القرن العشرين (Twentieth Century)
تضم هذه الفترة جميع الأعمال الأدبية منذ عام 1900م وحتى عام 1999م والتي تميزت بتطورها وتأثرها بالأحداث السياسية البارزة والتي من أهمها حرب الاستقلال الجزائرية والإمبريالية في إفريقيا والاستعمار الفرنسي، إضافة إلى قضية دريفوس.
- الأدب الفرنسي المعاصر (Contemporary French literature)
يعرف الأدب الفرنسي المعاصر بأنه كافة الأعمال الأدبية المنتجة من عام 2000م وحتى يومنا هذا، ويلاحظ أن الأدب خلال هذه الفترة تأثر بالعديد من العوامل وأظهرها بصورة أو بأخرى، والتي من أهمها العنصرية والبطالة والهجرة والإرهاب والعنف.
خصائص الأدب الفرنسي
تعددت خصائص الأدب الفرنسي واختلفت باختلاف الفترات التاريخية، إذ كان لكل فترة خصائصها المميزة وفيما يأتي ذكرها وبيانها:
- أدب القرن السادس عشر
تميز أدب القرن السادس عشر بالحرية والفوضوية إذ كان أدبًا حرًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى وبرز فيه العنصر الجمالي للفن اليوناني والروماني بصورة جلية، إضافة إلى بروز عنصر الدعابة والهجاء والمحاكاة الساخرة لدى العديد من الأدباء، وبرز أيضًا عنصر الشك والتشكيك لدى البعض في الأعمال الأدبية وخاصة تلك التي تحمل جزء عقدي.
- عصر النهضة أو الأدب الفرنسي الكلاسيكي
تميز الأدب في هذه الفترة بالشكليات والعقل والمنطق، إذ تميز بوضوح اللغة إضافة إلى استخدام الذكاء، وكانت القواعد المستخدمة في الكتابة آنذاك هي قواعد أرسطو، والتي من أهمها الصدق أو الكتابة ضمن إطار واقعي وحقيقي.
- ما بعد النهضة
شكلت الفترة ما بعد عام 1685م تراجعًا لاستخدام القواعد الكلاسيكية في الأدب الفرنسي إذ أثر التقدم بصورة ملحوظة على كسر قواعد القدماء، وأصبحت الكلاسيكية مصدرًا ضعيفًا للإلهام في الأدب الفرنسي، إذ تميز حينها ببروز عنصر التحليل الأخلاقي والنفسي والاجتماعي.
- الأدب الفرنسي في القرن الثامن عشر
تميز الأدب الفرنسي في هذه الفترة بالرومانسية إذ ظهر عنصر الأدب والأخلاق بصورة جلية وواضحة فيه، ويمكن القول إن الرومانسية كانت في جوهرها مناهضة للعقل، ومع ذلك كانت تحمل طابع فلسفي بين ثناياها إلى أن ظهر الأدب بطابع اشتراكي واشتمل في جزء منه على العديد من التفاصيل المحلية والحقائق المعاصرة لتصبح الرواية واقعية بدرجة كبيرة.
- الأدب الفرنسي نهاية القرن التاسع عشر
تميز الأدب مع نهاية القرن التاسع عشر بظهور الرمزية ضد الطبيعة والعلم في الأدب، إذ هدفت الرمزية حينها إلى إعادة إحياء الرومانسية والغموض في النوع الشعري في الأدب الفرنسي بصورة خاصة.
- الأدب الفرنسي في القرن العشرين وحتى اليوم
تميز الأدب الفرنسي في القرن العشرين وحتى يومنا هذا بإظهار عناصر الخيبة والسخرية والتجريبية كعناصر أساسية، إضافة إلى عنصر العبث، ومن الجدير ذكره أن أبرز ما يميز هذه الفترة ظهور حركة تمردية نتج عنها الرواية الجديدة التي تخلت عن الشكل والأسلوب التقليدي للرواية الأدبية من حيث الحبكة والوصف، واستخدمت استراتيجية جديدة في الترتيب الزمني، إضافة إلى ظهور عنصر الخيال وخاصة في أواخر القرن العشرين.
أشهر أدباء الأدب الفرنسي
حصدت دولة فرنسا أكبر عدد من جوائز نوبل في الأدب على مر الأعوام، ويعود الفضل في ذلك إلى الأسماء البارزة والعظيمة التي ساعدت على تشكيل الأدب الفرنسي ونقله من المحلية أو الإقليمية إلى العالمية، وفيما يأتي أبرز أدباء الأدب الفرنسي والتعريف بهم:
- فولتير (Voltaire)
ولد الكاتب الفرنسي فرانسوا ماري أرويه المعروف باسم فولتير في فرنسا عام 1694م وتوفي عام 1778م، عُرف فولتير كأحد الشخصيات البارزة في عصر التنوير وتميزت كتابته بإحداث الكثير من الجدل والضجة إذ اعتمد في أسلوبه الكتابي مهاجمة المعتقدات العقدية والفلسفية، إضافة إلى انتقاده للمؤسسات السياسية، ومن الجدير ذكره أن فولتير ألف ما يقارب 21000 رسالة و2000 كتاب ما بين الرويات والشعر والمسرحيات، ومن أهم أعماله كتاب أوديب.
- فكتور هوغو (Victor Hugo)
ولد الشاعر والأديب والكاتب المسرحي فكتور هوغو في فرنسا عام 1802م وتوفي عام 1885م، وعرف هوغو كأحد رواد الحركة الرومانسية في الأدب الفرنسي في القرن التاسع عشر ميلادي والذي يُعدّ من أشهر أدباء فرنسا على مر العصور، وإضافة إلى كونه أديبًا شغل العديد من المناصب السياسية في الدولة، ومن أشهر روياته البؤساء وأحدب نوتردام ولي ترافيلور دو لا مير.
- ألكسندر دوما (Alexandre Dumas)
ولد الكاتب الفرنسي ألكسندر دوما في فرنسا عام 1802م وتوفي عام 1870م، وعرف كأعظم كُتّاب الرواية التاريخية ورواية المغامرة، ومن الجدير ذكره أن دوما أنتج في بداية حياته الأدبية العديد من المسرحيات وذلك قبل الانتقال للكتابة الروائية، ويشار أن أعماله الأدبية تُرجمت إلى أكثر من 100 لغة حول العالم واقتُبس منها العديد من الأفلام والتي من أشهرها رواية المغامرة كونت مونت كريستو (The Count of Monte Cristo).
- كوليت (Colette)
ولدت الكاتبة الفرنسية سيدوني غابرييل كوليت والمعروفة باسم كوليت عام 1873م وتوفيت عام 1945م، ويشار إلى أن روايات كوليت حققت نجاحًا كبيرًا في بدايات القرن العشرين إذ برزت بصورة أساسية في كتابة الرواية الشعبية خلال الحرب العالمية الأولى، ومن أشهر رواياتها جيجي ورواية شيري.
- موليير (Molière)
ولد الكاتب المسرحي موليير عام 1622م وتوفي عام 1673م، ويُعدّ من أعظم الكتاب المسرحيين في فرنسا إذ تميز أسلوبه بإظهار العنصر الكوميدي الممزوج بالفكر في معظم أعماله، ومن أشهر مؤلفاته مسرحية لو ميسانثروب والتي كانت محاكاة جريئة للمجتمع الفرنسي الأرستقراطي.
- جوستاف فلوبير (Gustave Flaubert)
ولد الروائي جوستاف فلوبير عام 1821م وتوفي عام 1880م، والذي كان من أعظم كتاب عصره، ومن الجدير ذكره أن أول أعماله الكتابية كانت في سن مبكرة إذ أنتج بعض الأعمال الفكرية في سن 14 عامًا ومن أشهر أعماله رواية نوفمبر ومدام بوفاري وسلامبو.