برز الأدب الكوري بين أنواع الأدب العالمي متميزًا بطابعه وموضوعاته الخاصة إذ أكد في مختلف أشكاله على الجزاء والعقاب والولاء للبلاط الملكي والملك وتقوى الأبناء واحترام الكبير والعفة والصداقة والصدق، ويشار إلى أن الأدب الكوري نشأ متأثرًا بالشامانية والبوذية والكونفوشيوسية، وظهر بصورة شفوية كما الأدب الصيني، بينما الأدب المكتوب ظهر لأول مرة في عهد مملكة شلا (بالإنجليزية: Shilla) على شكل قصائد أطلق عليها اسم هانجا (بالإنجليزية: Hyangga)، ويشار إلى أن الأدب الكوري نشأ بادئ ذي بدء للطبقة العليا وكان أحد الفنون الضرورية لخدمة الحكومة، إذ اشتمل حينها على المقالات العلمية ومذكرات العلماء.

ومن الجدير ذكره أن الأدب الكوري القديم اعتمد في كتابته على الأحرفة الصينية إذ لم تكن اللغة الكورية مستقلة بذاتها بحيث كُتب باللغة الصينية الكلاسيكية ثم الكورية، وبقي الأدب الكوري ينتج بالحروف الصينية حتى ظهور شعر شيجو (بالإنجليزية: Shijo) وهو شعر كوري مكون من ثلاثة أسطر ومكتوب باللغة الكورية ويُعرف باسم هان جول (بالإنجليزية:  Han-Gul).

مفهوم الأدب الكوري

الأدب الكوري (بالإنجليزية: Korean Literature) هو مجموع الأعمال الأدبية التي كتبت من قبل الأدباء الكوريين عبر ثلاث مراحل أساسية وهي:

  • كتابة الأدب الكوري باستخدام اللغة الصينية الكلاسيكية
  • استخدام أنظمة النسخ المختلفة باستخدام الأحرف الصينية
  • استخدام اللغة الأبجدية الوطنية (الهان جول)

ويشار إلى أن كوريا استخدمت الحروف الصينية في القرن الرابع ميلادي للتعبير عن نشاطها الأدبي، وبحلول القرن السابع ميلادي وُضع نظام النسخ إيدو (بالإنجليزية: Idu) والذي يسمح للكوريين بترجمة تقريبية للنصوص الصينية إذ استخدمت الأحرف الصينية بسبب التشابه الصوتي مع صوت الحرف الكوري مما تسبب في اتساع عملية النسخ حيث ظهرت جمل كورية طويلة مكتوبة بأحرف صينية، ثم استخدم نظام الهان جول والذي اعتمد على استخدام مختصرات من الأحرف الصينية للدلالة على العناصر النحوية الكورية مما أنتج أبجدية كورية مستقلة بذاتها.

تاريخ الأدب الكوري

تعود جذور الأدب الكوري إلى الحكايات والمعتقدات الشعبية والشفوية المتأثرة بالكونفوشيوسية والبوذية والطاوية لشبه الجزيرة الكورية، والذي قُسم لمرحلتين أساسيتين وهما مرحلة الأدب الكلاسيكي القديم ومرحلة الأدب الكوري الحديث، وفيما يأتي مختصر مراحل تاريخ الأدب الكوري وأهم الإضاءات التاريخية خلالها:

الأدب الكوري الكلاسيكي

يضم الأدب الكوري الكلاسيكي أربع محطات رئيسية وفيما يأتي ذكرها وبيانها:

  • الأدب الكوري في عهد سلالة شلا

شكل شعر هانجا في فترة شلا بدايات الأدب الكوري، ويشار إلى أن هنالك 14 قصيدة تعود لعهد شلا بأسلوب هانجا ويطلق عليها اسم تذكارات الممالك الثلاث و11 قصيدة تعود لعهد كيونيوجون باسم حكايات كيونيو، ومن الجدير بالذكر أن الأدب في هذه الفترة أو القصائد تميزت بعدة خصائص أهمها بروز الطابع الشعبي للقصيدة وكتابتها ضمن 4 أو 8 أو 10 أسطر، ويشار إلى أن القصائد المكونة من 10 أسطر قُسمت إلى ثلاثة أقسام (4 أسطر- 4 أسطر- 2 سطر).

وغالبًا ما كتبت القصائد المكونة من 10 أسطر من قبل القساوسة الذين شكلوا العمود الفقري للطبقة الأرستقراطية في عهد شلا والتي عكست وعي الأرستقراطيين الديني ومشاعرهم، بينما كتبت القصائد ذات الأربعة أسطر من قبل شعراء من خلفيات متعددة.

أبرز ما يميز الأدب الكوري في عهد ممكلة كوريو استخدام الحروف الصينية واختفاء شعر الهانجا ليحل محلها أغاني كوريو أو كما يطلق عليها بالكورية كوريو كايو أو بيولجوك (بالإنجليزية: Pyolgok )، ويُعدّ هذا النوع من الأدب شفوي وبقي كذلك حتى عهد مملكة جوسون، ويشار إلى أن الأغاني الكورية آنذاك كانت صلوات دينية تخلو من أي طابع علماني أو فني، وأهم ما يميز كوريو كايو طولها وشكلها الحر وغير المنضبط وطبيعتها الجريئة وتعاملها مع الواقع ونقل مفاهيم حقيقية عن البشر.

  • الأدب الكوري في عهد مملكة جوسون

كانت فترة ممكلة جوسون إحدى أهم نقاط التحول في تاريخ الأدب الكوري إذ نشأت الأبجدية الكورية، وخلال هذه الفترة كُتبت المقطوعات الموسيقية بالنص الكوري مما ساعد على تحفيز عملية الكتابة وتطور الأدب الكوري بصورة كبيرة، وتعد قصيدة الشيجو أول الإنتاجات الأدبية بالأبجدية الكورية.

الأدب الكوري الحديث

يقسم الأدب الكوري الحديث إلى ثلاثة أقسام رئيسية وفيما يأتي ذكرها والتعريف بها:

  • أدب عصر التنوير (كاهوا كيمونغ)

يمتد الأدب الكوري في فترة التنوير من منتصف القرن التاسع عشر ميلادي وحتى بدايات القرن العشرين ميلادي والذي تطور عن خلفية إقطاعية وسياسة إمبريالية، وتميز بالأفكار الجديدة المستوردة من الغرب، ويشار إلى أن الأدب الكوري خلال هذه الفترة ضم العديد من التحولات نتيجة حركة التعليم ما بعد 1894م إذ أُنشئت المدارس ونُشرت الكتب المدرسية بالاعتماد على النمط الغربي، وساعدت وسائل الإعلام آنذاك على تثبيت الشكل الأدبي خاصة عبر الصحف والتي من أهمها صحيفة المستقل والأخبار اليومية الكورية والصحيفة الإمبراطورية، ويشار إلى أن تقنيات الطباعة أيضًا ساعدت على نشر الأعمال الأدبية وظهور شركات النشر الخاصة مما عزز الحركة الأدبية الكورية.

  • أدب فترة الاستعمار الياباني

تأثر الأدب الكوري بالأحداث السياسية التي عانت منها كوريا إذ بقيت تحت الحكم الياباني ما يقارب ثلاثة عقود، بحيث أصبح يعكس اليقظة الذاتية الوطنية ويعبر عن الذات، وظهرت المجلات الأدبية خلال هذه الفترة، وتطورت الإنتاجات الأدبية والإبداعية بصورة أكبر.

  • الأدب الكوري ما بعد الاستقلال (فترة التقسيم الوطني)

بعد استقلال كوريا عن اليابان (1945م) برزت المناورات السياسية لقوى العالم وأصبح الانقسام إلى كوريا الجنوب والشمال أمرًا لا بد منه وكان لهذا الانقسام أثرًا واضحًا على الأدب الكوري إذ شهد هو أيضًا انقسامًا وصراعًا واضحًا بحيث عكس الأدب الكوري في كوريا الجنوبية نضالات الشعب من أجل تحقيق النجاة، وظهرت حركات تجديدية في الأدب والشعر ساعدت على التخلي عن العادات والأعراف التقليدية، وظهرت رواية التقسيم التي تناولت انقسام الوطن بصورة نقدية.

خصائص الأدب الكوري

تميز الأدب الكوري بعدة خصائص ميزته عن غيره من الآداب ومن أهم هذه الخصائص:

  • التأثر بالنشاط الغربي

تأثر الأدب الكوري بالعديد من الثقافات الغربية خاصة ما بعد منتصف القرن التاسع عشر ميلادي، وتأثر أيضًا بالثقافات البوذية والطاوية والكونفوشوسية، وكان للفلسفة البوذية الأثر الأكبر عليه، ويشار إلى أن الأدب الكوري تطور من اتصاله بالثقافة الغربية إذ ضم الفكر المسيحي والعديد من الاتجاهات والتأثيرات الفنية من الغرب، وتجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من استيراد كوريا للعديد من ثقافتها الأدبية من الغرب ومن الصين واليابان، حرصت على إحداث الإصلاح الذاتي والداخلي على أدبها ليظهر بصورة مستقلة.

  • الطفرات الأدبية

تميز الأدب الكوري بدمجه بين أشكال الإنتاج الفني والأدبي إذ دُمجت الموسيقى مع الشعر الكلاسيكي وأنتج نوعًا جديدًا من الأدب أو الأغنية أطلق عليه اسم شانجوك (Ch'anggok) والذي فتح مسارات جديدة للأدب الجديد.

  • ازدواجية اللغة

كُتب الأدب الكوري باللغة الصينية قبل القرن الخامس ميلادي، والذي عرف بأدب الطبقة العليا، إذ تأثر بدرجة كبيرة بالتقاليد الصينية وثقافتها إلى أن تطورت الأبجدية الكورية ما بعد القرن الخامس عشر ميلادي مما ساعد على توسع نطاق الأدب الكوري وزيادة حركة الإنتاج من قبل المرأة الكورية فتوسعت الطبقة الاجتماعية للكتاب والقراء على حد سواء، وبحلول النصف الأخير من القرن التاسع عشر ميلادي احتل الأدب الكوري مكانة رائدة وعالمية بين أنواع الأدب وانخفض استخدام الأحرف الصينية وساد الحرف الكوري في الأدب وتم التغلب على ازدواجية اللغة مما أدى إلى تطور الأدب الوطني المستقل.

أشهر أدباء الأدب الكوري

ضم الأدب الكوري عبر الفترات المختلفة العديد من الأدباء وفيما يأتي أبرزهم والتعريف بهم:

  • هوانغ سوك يونغ (Hwang Sok-Yong)

ولد هوانغ شوك يونغ عام 1945م ويُعدّ من أهم الكتاب الكوريين الذين عبروا عن الأحداث الوطنية والسياسية في كتاباته، إذ كان يونغ ناشط سياسي مناهض للدكتاتورية وبقيت أعماله تنشر في القرن العشرين ميلادي معبرة عن توجهه وفكره.

بدأت بارك وان سو مسيرتها الأدبية في سبعينيات القرن العشرين ميلادي وكان أول أعمالها الشجرة العارية، ويشار إلى أن أسلوب بارك وان سو تميز  بعكس صدمة الحرب وأثرها على العلاقات الأسرية، وعكست أيضًا الأحداث التاريخية في أعمالها الأدبية من منظور أنثوي إذ أبرزت صورة المرأة الفاقدة لليقين نتيجة الحروب والمصاعب والشدائد وتحدثت بصورة واضحة عن محنة النساء في كوريا ما بعد الحرب.

  • تشوي يون (Ch’oe Yun)

يُعدّ تشوي يون من أشهر الأدباء وتناول في أعماله الأدبية الأحداث التاريخية والسياسية التي شكلت حاضر كوريا المعاصر، إضافة إلى تطرقه إلى قضية التحيز الأبوي في كوريا الجنوبية خاصة.

تُعدّ شين كيونغ سوك أول كاتبة تحصل على جائزة الرجل الأدبي الآسيوي (Man Asian Literary Prize) عام 2012م عن رواية من فضلك اعتني بأمك، وهي من أشهر الكتاب المعاصرين الذين حصلوا على جائزة مانهي، إضافة إلى حصولها على جائزة دونغ إن الأدبية وجائزة يي سانغ الأدبية.