يُعدّ الأدب اليوناني من أقدم الآداب على مستوى العالم وأعرقها، مشكلًا الأساس لكل أنواع الأدب الغربي والذي يضم الشعر الملحمي والغنائي والمسرح والدراما والمأساة والكوميديا، إضافة إلى التاريخ والفلسفة، ويشار إلى أن الأدب اليوناني لا يزال يحتفظ بمكانة أدبية فريدة إلى يومنا الحالي عبر إنتاجه المأساة التي تتربع على قمة الإنجازات الأدبية والثقافة في الأدب الغربي بصورة خاصة.

وتجدر الإشارة إلى أن الأدب اليوناني تأثر بالشعب والتاريخ، إذ يمكن رؤية الحماسة في الأدب اليوناني بما يعكس شغف الإغريق، إضافة إلى بروز عناصر الحرب والسلام التي ارتبطت بتاريخهم ارتباطًا وثيقًا، ومن أهم الأعمال الأدبية اليونانية وأقدمها التي عكست حماسة دولة اليونان وتاريخها قصائد هوميروس الملحمية، الإلياذة والأوديسة، ويشار إلى أن الإلياذة رواية تروي أحداث حرب طروادة بينما الأوديسة تروي تفاصيل عشرين عامًا لحكاية أوديسيوس بعد حرب طروادة.

وعُرف الأدب اليوناني بارتباطه الوثيق بالمسرح فكان الأدب والمسرح من أهم أشكال التعبير لدى الإغريق قديمًا إذ بدأ عرض المسرحيات التراجيدية في المهرجانات الدينية في القرن السادس قبل الميلاد، ليتطور بعدها النوع الكوميدي في المسرح مما أدى إلى تطور أعمال الكتاب المسرحيين في منطقة البحر الأبيض المتوسط والتأثير في المسرح الهلنستي والروماني، ويشار إلى أن أعمال الكتّاب المسرحيين مثل سوفوكليس وأريستوفانيس شكلت أساس الأدب المسرحي الحديث.

مفهوم الأدب اليوناني

الأدب اليوناني (بالإنجليزية: Greek Literature) هو مجموع الأعمال الأدبية المكتوبة باللغة اليونانية منذ عام  1000 قبل الميلاد حتى يومنا الحالي والذي ضم قديمًا جميع الأعمال الأدبية خارج حدود اليونان إذ ضم كتابات الأدباء في آسيا الصغرى وجزر بحر إيجة وصقلية وجنوب إيطاليا، إضافة إلى أدب شرق البحر الأبيض المتوسط الذي صنف من الأدب اليوناني بعد فتوحات الإسكندر الأكبر إلى جانب أدب الإمبراطورية البيزنطية، والذي يعبر حاليًا عن الأدب المحصور والمنتج في اليونان وقبرص فقط.

تاريخ الأدب اليوناني

يقسم تاريخ الأدب اليوناني إلى ثلاثة مراحل أساسية وفيما يأتي ذكرها والتعريف بها:

الأدب اليوناني القديم

يُعدّ الأدب اليوناني القديم الأساس والمرجع للأدب الغربي حتى منتصف القرت التاسع عشر ميلادي إذ كان الأدب الغربي ينتج اعتمادًا على أسس الأدب اليوناني وقواعده، وتجدر الإشارة إلى أن الأدب اليوناني القديم يقسم إلى ثلاث فترات هي:

  • أدب العصور القديمة (حتى نهاية القرن 6 قبل الميلاد)

أنتج في هذه الفترة الشعر كأول أشكال الأدب اليوناني بصورة شفوية، ويشار إلى أن فن الكتابة قبل القرن السابع لم يكن معروفًا بل كانت الكتابة تستخدم لأغراض إدارية بحتة، وتميز أدب هذه الفترة بموضوعاته الملحمية إذ تناول الأسطورة التي تستند إلى الأحداث التاريخية أو الفلكلورية، وأهم أدباء هذه المرحلة هوميروس وهسيود.

  • الأدب الكلاسيكي ( القرن 4-5 قبل الميلاد)

أنتج الأدب اليوناني المأساة كأشهر أشكال الأدب اليوناني الكلاسيكي من قبل إسخيلوس في هذه الفترة واستمر إنتاجها حتى النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد وأهم ما يميز المأساة في هذه المرحلة تجسيدها الموضوعات السامية الإلهية ومعالجة القضايا الدينية والأخلاقية.

ويشار إلى أن الكوميديا أنتجت بعد المأساة من قبل أريستوفان والتي تميزت ببروز عنصر الذكاء والسخرية من القضايا العامة والشخصيات البارزة، لتتطور الكوميديا بعدها على يد ميناندر وبلوتوس وترينس، ومن الجدير ذكره أن أعمال أفلاطون وأرسطو تُعدّ من أهم الإنتاجات الثقافية خلال القرن الرابع ميلادي والتي أثرت في إنتاج النقد الأدبي.

  • الهيلينستية واليونانية الرومانية (القرن 1-4 قبل الميلاد)

مع نشوء إمبراطورية الإسكندر الأكبر، أصبحت اليونانية والرومانية لغة الإدارة والثقافة وهي ما أطلق عليها اسم اللغة المشتركة (بالإنجليزية: Koine)، وشهدت هذه الفترة الأدبية التي استمرت حتى القرن الأول قبل الميلاد إنتاج مكتبة ضخمة لتجميع المعرفة والحفاظ عليها في الإسكندرية.

الأدب البيزنطي (أدب العصور الوسطى)

عرف الأدب اليوناني في العصور الوسطى باسم الأدب البيزنطي وهو الأدب المكتوب داخل حدود الإمبراطورية البيزنطية وخارجها، وأهم ما يميز الأدب خلال هذه الفترة تأثره بالكنيسة اليونانية إذ ضم الفكر الهيليني المسيحي، إضافة إلى الرومانسية الشعرية والكتابة التعبدية الشعبية.

الأدب اليوناني الحديث ( ما بعد 1453م(

استمر إنتاج الأدب اليوناني في بعض المناطق المحدودة بعد سقوط القسطنطينة والسيطرة عليها من قبل العثمانيين إذ أنتجت قبرص آنذاك الأدب من نثر وشعر بلغتها المحلية، وأصبحت جزيرة كريت مركزًا لازدهار الأدب حتى عام 1669م، ويشار إلى أن هنالك العديد من الكتاب طوروا اللهجة الكريتية واستخدموها وسيلة تعبير أدبية تتصف بالغنى والدقة إذ كتبت بها العديد من المآسي والكوميديا والدراما الدينية.

وبعد عام 1922م تغير الأدب اليوناني جذريًا إذ ظهرت فجوة كبيرة بين المثل القديمة والتوجهات الجديدة لدى الأدباء، حيث أصبح الأدباء ينتجون الأدب الذي يجسد روح العصر وجمعوا بين الثقافة الأوروبية وأفضل ما أنتجت الثقافة اليونانية.

خصائص الأدب اليوناني

تمتع الأدب اليوناني بالعديد من الخصائص التي ميزته عن غيره من الآداب وفيما يأتي ذكرها وبيانها:

  • استخدام الخطابة

زخم الأدب اليوناني بالخطابة كأهم أسلوب أدبي للتعبير عن السخرية والحب والتشكيك والعداء، والذي تم دراسته وتعليمه لاحقًا كفن من فنون الإقناع المستخدم من قبل الحكومات.

  • إظهار العاطفة والمودة

عُني الأدب اليوناني بالعاطفة والمشاعر فاهتم بسلوك الشخصيات في السرد أو استجابة الجمهور، واستخدمت العديد من المفردات العاطفية في الكتابات الأدبية، وأهم المشاعر البارزة في الأدب اليوناني: الشفقة والغضب والخوف والحب والغيرة والتعاطف والعدوان والجبن والتعلق.

  • استخدام السرد الملحمي

كان الأدب اليوناني القديم يُسرد بصورة ملحمية ويتميز بحبكة قوية ولغة بسيطة مباشرة لكنها بليغة.

  • استخدام النثر الفلسفي

يُعدّ النثر الفلسفي أعظم إنجاز أدبي يوناني في القرن الرابع الميلادي والذي تأثر بصورة مباشرة بالفيلسوف سقراط وأفلاطون.

  • وجود إله بشري

تحدث الأدب اليوناني ضمن أشكاله المتعددة عن الآلهة بشكلها البشري، وعلى عكس الأديان الأخرى لم يعط الإغريق أهمية ومكانة للوحوش الغريبة أو الحيوانات أو المخلوقات الخيالية في أدبهم ويعود السبب في ذلك إلى أن اليونان طوروا فهمًا دينيًا بناءً على الوجود الإلهي والتاريخ التقليدي.

  • انتشار الدراما والمأساة

عبر الأدب اليوناني عن الدراما وهي شكل من أشكال الأدب التي تفشل فيها شخصية مركزية وتعاقب بواسطة الآلهة، وفي المأساة غالبًا ما كان البطل يعاني من عيب فادح يتسبب في موته أو هلاكه.

  • استخدام الأسطورة

انتشرت الأساطير في الأدب اليوناني عبر الشعر والنثر، وكان الهدف من تضمين الأدب الأساطير شرح أصول العالم وتقديم تفاصيل حول الآلهة والأبطال والمخلوقات الأسطورية.

أشهر أدباء الأدب اليوناني

ضم الأدب اليوناني أهم الأدباء على مستوى العالم وأعظمهم، وفيما يأتي أبرزهم والتعريف بهم:

  • هوميروس (Homer)

يُعدّ هوميروس من أهم الأدباء اليونانيين في القرن الثامن قبل الميلاد وأعظمهم والذي أنتج أشهر القصائد الملحمية، الإلياذة والأوديسة، والجدير ذكره أن هذه القصائد كانت أحد أهم أعمدة المعرفة والتعلم إذ كان الناس ينظرون لأنفسهم بأنهم غير متعلمين إذا لم يقرؤوها، أما فيما يخص هوميروس فحياته غامضة لدرجة أن المؤرخين شككوا بوجوده فعليًا.

  • سوفوكليس(Sophocles)

يُعدّ سوفوكليس من أعظم ثلاثة كتاب تراجيديين في اليونان إلى جانب إسخيلوس ويوريبيدس، والذي كتب 123 مأساة خلال حياته والتي وصلنا منها 7 فقط، ومن أهم إنتاجاته الأدبية أوديب الملك وإليكترا.

  • يوريبيديس (Euripides)

عرف يوريبيديس كأحد أهم الأدباء المسرحيين والذي أنتج خلال حياته 95 مسرحية وصلنا منها  18 عمل فقط، ومن أهم إنتاجه الأدبي مسرحية هيلين وألكستيس، ويشار إلى أن أسلوبه الأدبي تميز بالحداثة إذ صور قوة النساء وحكمة العبيد في أعماله الأدبية.

  • أريستوفانيس (Aristophanes)

عرف أريستوفانيوس كاتبًا مسرحيًا كوميديًا، وأنتج خلال حياته 40 مسرحية وصلنا منها فقط 11 مسرحية وأشهر أعماله الأدبية مسرحية إكليسيازوزا والضفادع وليسستراتا.

  • أفلاطون

كان أفلاطون أهم تلاميذ سقراط وعلى الرغم من أن سقراط لم تكن له أي إنتاجات خاصة إلا أن فلسفته انتشرت من خلال تلميذه أفلاطون، ويشار إلى أن أشهر أعمال أفلاطون هي "الجمهورية" والتي جسدت الأسلوب الخطابي، إضافة إلى كتاب الندوة.

  • أرسطو

كان لأرسطو أثر في الأدب إلى جانب إنجازاته الفلسفية بصفة خاصة وكان أحد أهم طلاب أفلاطون، ومن الجدير ذكره أن أرسطو يُعدّ فيلسوفًا وهو مؤسس علم المنطق ومعلم الإسكندر الأكبر.