الرواية القوطية هي نوع أو نمط من الأدب يجمع بين الرعب والخيال والرومانسية والموت، وعُرف هذا النوع من الروايات في إنجلترا ونُسب أصلها للكاتب الإنجليزي هوراس والبول من خلال روايته قلعة أوترانتو التي صدرت عام 1764م.

ما هي الرواية القوطية؟

يشير مصطلح الرواية القوطية إلى أسلوب الكتابة الذي يتميز بتوفر عناصر الموت والكآبة والرعب، إلى جانب بعض العناصر الرومانسية ذات العاطفة المبالغ فيها للغاية والمشاعر القوية مثل مشاعر الإثارة والخوف، وبدأ هذا النمط من الرواية في منتصف القرن الثامن عشر مع رواية بعنوان قلعة أوترانتو (عام 1764) للمؤلف هوراس والبول، وكانت أحداث القصة تدور حول عائلة محكوم عليها بالفشل والموت والصعوبات المستمرة، وكانت هذه هي الحكاية الأولى من حكايات الأدب القوطي، الذي أُطلق عليه هذا المسمّى لأن دافعها الخيالي كان مستمد من العمارة القوطية في العصور الوسطى.

أبرز العناصر الأساسية للأدب القوطي

تشترك قصص الأدب القوطي ورواياته في مجموعة من العناصر الأساسية التي تجمعها، على الرغم من إمكانية التعامل مع كل منها بشكل مختلف، ومن أبرز هذه العناصر ما يلي:

  • تقع الأحداث في قلعة أو بيت مسكون

عادةً ما تدور أحداث الرواية القوطية في قلعة قديمة حلّت عليها لعنة ما، حيث يساهم هذا المكان بتوفير خلفية توحي بالتهديد والظلام، ويُذكر أنّ المؤلف هوراس والبول كان مهتم بالهندسة المعمارية في العصور الوسطى، لذلك حوّل منزله الخاص إلى قلعة كاملة وغامضة ليجعلها تُحاكي الهندسة المعمارية القوطية تمامًا.

  • البطلة في محنة

تواجه بطلة الأحداث غالبًا سلسلة من الأحداث المرعبة التي تدفعها للصراخ والإغماء، وعادةً تتمثّل بداية الأحداث في أن تُسجن الفتاة الفاضلة في قلعة يلاحقها فيها أرستقراطي سادي أو أشباح من تلك التي تسكن المكان، مثل الفتاة إميلي في رواية "ألغاز أودولفو"  للمؤلفة آن رادكليف وماتيلدا في رواية "قلعة أوترانتو" للمؤلف هوراس والبول.

  • جو من التشويق والغموض

يغلب على الجو العام للأدب القوطي الشعور بالتهديد والخوف من المجهول، وتزيد مجموعة من الأدوات والأشياء من توتر الجو وصنع المزيد من الإثارة مثل المرايا المتشققة والشموع الوامضة والقبور والصور الشخصية وأحداث الشر العنيفة.

  • وجود شبح أو وحش

يُعدّ وجود شبح أو وحش من الشخصيات المركزية للأدب القوطي، حيث يتم ابتكار الوحش من أرواح شريرة لمجرمين متوفين أو من مخلوقات بشعة أو خارقة للطبيعية تتراوح ما بين الشياطين والأشباح ومصاصي الدماء والوحوش والمستذئبين والممسوسين.

  • الطقس المرعب

يصاحب أحداث رواية الأدب القوطي دائمًا الظروف الجوية السيئة، مثل ومضات البرق التي توحي بالرعد والمطر الغزير، والتي تكون مقدمة لوقوع حدث مهم أو ظهور شخصية ما، ومن العناصر الجوية الشديدة الأخرى التي تُستخدم في الرواية القوطية العواصف والرياح الشديدة، التي تُشير إلى أنّ شخصيات القصة تحت سيطرة قوى لا ترحم، وعمومًا تعكس الحالة الجوية السيئة الحالة المزاجية للشخصيات.

  • الأحلام المروعة

كثيرًا ما تُستخدم الأحلام المرعبة أو الكوابيس الحية في الرواية القوطية للتأكيد على مدى خوف الشخصيات من الأحداث التي يعيشون فيها.

  • الميلودراما

الميلودراما ببساطة هي العمل المليء بأحداث الإثارة والمشاعر القوية (العاطفة العالية)، ويستخدم صنّاع الأدب القوطي الميلودراما بشكل ثابت لإعطاء المزيد من التشويق للقصة، ويشمل ذلك إغماء السيدات وصراخ الرجال وغضبهم من عذابهم الداخلي وجرائم قتل وخطف وأشخاص يصلون لمرحلة الجنون، وعادةً ينتصر البطل على الشخصية الشريرة بعد سلسلة من الصراع المرعب.

  • الموت

تميل الرواية القوطية إلى وجود الموت والأمور الخارقة في أحداثها، وإذا كان الأدب القوطي يعكس رغبة الإنسان في مقاومة الموت والتغلب عليه، فهناك أيضًا مخاوف أخرى من أشخاص تمكنوا من تجاوزه بطريقة ما، أي الزومبي (الموتى الأحياء).

خصائص الأدب القوطي

من أبرز الخصائص المشتركة الملازمة للرواية القوطية والتي تزيد من إضفاء المزيد من الرعب والتشويق على العمل ما يلي:

  • الغموض والخوف

يعد عنصرا الغموض والخوف من المكونات الأساسية لأعمال الأدب القوطي، حيث تفسح القصة القوطية المجال لاستخدام الخيال بما يتجاوز المفاهيم العلمية، ممّا يُضفي المزيد من الغموض على العمل، وتشمل الرواية القوطية العديد من مشاهد الموت والسلوك الشرير وعناصر أخرى مثيرة للخوف.

  • التحذير واللعنات

يُستخدم أسلوب التحذير أداة للتلميح لِما هو قادم من الأحداث، ويتمثّل ذلك على شكل كوابيس ولعنات وإنذارات، ففي معظم الأحيان يسبق المأساة سوء حظ مثل سقوط جسم وتحطمه بشكل غامض أمام الشخصية لينذرها بقرب حدوث أمر سيء.

  • الأنشطة الخارقة للطبيعة

يستخدم الكثير من صنّاع الأدب القوطي العديد من الأنشطة والأحداث الخارقة للطبيعة لتعزيز جو التشويق والرعب في أعمالهم، مثل تحرّك الأشياء الجامدة وعودة الأموات للحياة.

  • الرومانسية

يُعتقد أنّ الأدب القوطي مستمد من الأدب الرومانسي، لذلك فكلاهما يشتركان في عدد من الخصائص المتداخلة، من أكثرها وضوحًا احتواء الرواية القوطية على الرومانسية والعواطف الجياشة التي يكون نهايتها غالبًا الحزن والألم.

  • الشر

يلعب الشر دور محوري في الروايات القوطية، ففي الرواية القوطية التقليدية كان الشر يتمثل في شخصيات ذكورية سادية ذات مناصب رفيعة مثل الملوك والكهنة، وتطورت الشخصيات الشريرة لاحقًا وأصبحت أكثر تعقيدًا لتشمل الأشباح والشياطين والدراكولا.

  • نضال البطل

يغلب على البطل في الرواية القوطية دور المكافح الذي يعمل بأقصى جهده لتجاوز سلسلة من المشكلات والعقبات المرعبة التي تقف في طريقه تباعًا، وكانت شخصية البطل من الذكور غالبًا، ولكن مع ظهور الحركة النسوية بدأ المؤلفون الإنجليز بإسناد دور البطولة للسيدات أيضًا.

الأدب القوطي اليوم

على الرغم من أنّه لا يطلق مسمّى الأدب القوطي على الروايات والقصص الحديثة التي تتضمن أحداثًا تضاهي تلك التي كانت موجودة في الروايات القوطية، يمكن القول إنّ الأدب القوطي هو حجر الأساس الذي بُني عليه هذا النوع من الروايات التي أصبح الناس يُطلقون عليها أسماء مختلفة مثل الرعب والغموض، والتي هي بالأساس امتداد للرواية القوطية القديمة، والتي ما يزال الكثير من الناس يستمتعون بقراءتها ومشاهدة ما تحوّل منها إلى أفلام تلفزيونية أو سنيمائية، ويحظى هذا النوع من الرواية بشعبية عالية لأنه يتناول بعض الجوانب الأساسية في النفس البشرية، على الرغم من وجود الأحداث الخيالية الخارقة للطبيعة.