يُصنف الأدب اللاتيني أو الأدب الروماني المعتمد على التقاليد الثقافية اليونانية من أقدم الأدبيات الثقافية المتوفرة بين أيدينا في يومنا الحالي والذي تطور مع تطور الزمن والشعوب الناطقة باللاتينية، وتجدر الإشارة إلى أن أقدم إرث ثقافي لاتيني باقٍ إلى يومنا الحالي هي الملاحم التاريخية التي تتحدث عن التاريخ العسكري لروما، ويشار إلى أن الأدب اللاتيني ابتدأ في أول الأمر لتحقيق غايات شخصية اقتصادية إذ كُتب من أجل المال ثم تطور بعد ذلك ليُنتج لغايات جمالية وفنية، وتجدر الإشارة إلى أن أول عمل أدبي مؤرخ أنتج باللغة اللاتينية عام 240 ق.م هو قصيدة الأوديسة ليفيوس أندرونيكوس.

ويذكر أن الأدب اللاتيني يحتل اليوم مكانة بارزة بين الآداب إذ تمت ترجمة العديد من الأعمال الأدبية إلى معظم اللغات الرئيسية بهدف الحفاظ على جمال العمل اللاتيني الأصلي وروحه حيث نشطت حركة الترجمة خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر بصورة أساسية.

مفهوم الأدب اللاتيني

يشير مصطلح الأدب اللاتيني (بالإنجليزية: Latin Literature) إلى كافة الأعمال الأدبية المنتجة خلال الإمبراطورية الرومانية باللغة اللاتينية وإلى الأدبيات التي أنتجت باللغة اللاتينية بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية، ويذكر أن الأدب اللاتيني بعد عصر النهضة أصبح محصورًا بدرجة كبيرة في مجالات محددة، إذ اقتصر على منشورات الكنيسة آنذاك.

ويمكن تعريف الأدب اللاتيني بأنه مجموع الأعمال الأدبية التي تشمل المقالات والتاريخ والقصائد والمسرحيات المنتجة من قبل الرومان القدماء والتي تعكس حياة روما القديمة وتاريخها، وتتميز بالبلاغة وفن الحديث والخطابة، إذ عرف الكتاب الرومان بأنهم سادة فن الخطابة.

تاريخ الأدب اللاتيني

مرّ الأدب اللاتيتي بالعديد من المراحل وفيما يأتي أهم مراحل تطور الأدب اللاتيتي والتعريف بها:

  • بدايات الأدب اللاتيني

طَور الرومان قبل 270 ق.م أحد أهم أشكال الأدب اللاتيني الشفوي والذي أطلق عليه اسم شعر الزجل إذ اعتمد بصورة أساسية على اللهجة اللاتينية وكان يلبي العديد من الأغراض الشعرية، ويشار إلى أن القليل من الآثار الأدبية متوفرة إلى يومنا الحالي من هذه الحقبة الزمنية والتي من أهمها كتابات تيتوس ماكيوس بلاوتوس أعظم كاتب مسرحي في روما، وبرز أيضًا كوينتوس اينيوس كأشهر اسم من أدباء الأدب اللاتيني والملقب بأبي الشعر الروماني.

  • العصر الذهبي

يشير مصطلح العصر الذهبي في الأدب اللاتيني إلى الفتره التي بلغ فيها الأدب أوج ازدهاره وهي الفترة الممتدة من 70 ق.م وحتى القرن الرابع عشر ميلادي، إذ انتشرت الفنون الأدبية بصورة خاصة في عهد الإمبراطور أوغسطس في إيطاليا، وتجدر الإشارة إلى أن شيشرون الذي لعب دورًا مهمًا في تطور الأدب في بدايات هذه الفترة برع في النثر اللاتيني وأظهره كأداة من أدوات التعبير الفلسفي والأدبي والخطابي، وظهر أيضًا اسم يوليوس قيصر كأحد رواد السرد النثري في الأدب اللاتيني في فترة العصر الذهبي.

  • العصر الفضي

تدهور الأدب اللاتيني بعد وفاة الكاتب الروماني أوفيد ناسو وذلك بعد  القرن الرابع عشر ميلادي إذ تميزت الكتابة اللاتينية حينها بالعامية والتخلي عن التوجهات الكتابية، وبدأ بعض الكتاب باللجوء لإمتاع القراء على حساب جودة العمل والمكانة الأدبية، ويشار إلى أن هذه الفتره كانت فتره مهمة وأساسية في ترجمة الأدب اللاتيني إلى الإنجليزية ونقل التجربة الأدبية اللاتينية إلى اللغات الأخرى.

وتجدر الإشارة إلى أن أهم الأعمال الأدبية اللاتينية التي تعود بتاريخها إلى العصر الفضي هي رسائل بليني الأصغر والتي تتميز بأسلوبها الحيوي، ويُعدّ كتاب التاريخ الطبيعي من أهم مؤلفات هذه الفتره الزمنية، وهو وثيقة تاريخية تقدم أهم المعلومات حول العصور الرومانية القديمة، ويذكر أن الرواية النثرية والنقد الأدبي برزا خلال هذه الفترة في الأدب اللاتيني.

  • العصور الوسطى

بقي استخدام اللغة اللاتينية لغة للأدب في أوروبا مستمرًا حتى 1000 عام بعد تفكك الإمبراطورية الرومانية بعد الغزو، ويعود السبب في ذلك إلى أن اللغة اللاتينية كانت اللغة الرسمية في أوروبا لما يقارب 500 عام إضافة إلى وجود الكنيسة المسيحية والتي كانت اللاتينية لغتها الرسمية.

ومما ساعد أيضًا على إبقاء اللغة اللاتنية لغة الأدب في العصور الوسطى هو استخدامها  لغة رسمية في الوثائق الرسمية والقوانين والمعاهدات، إضافة إلى المراسلات الدبلوماسية والأعمال الدينية اللاهوتية والفلسفية والأطروحات العلمية والتمارين التعبدية والكتب المدرسية والسير الذاتية في الكنيسة للقديسين.

وتضم فترة العصور الوسطى الأدب المنتج في بدايات القرنين الرابع والخامس، وأهم رواد هذه الفترة القديس جيروم وسانت أوغسطين، ويشار إلى أن الأدب في هذه المرحلة كان له أثر على الفكر الديني والعلماني، ويشار إلى أن الإنتاج الأدبي من القرن السادس وحتى القرت التاسع تميز بالخمول والركود إلى أن حكم شارلمان حيث ساعد في إحياء التعليم وإعادة استخدام اللغة اللاتينية خلال عصر النهضة الكارولنجية، إذ توافد الشعراء والأدباء من كافة أرجاء أوروبا وأنتجوا أبرز الأعمال الأدبية في هذه الفتره الزمنية والتي من أهمها (في تقسيم الطبيعية) للكاتب يوهانس سكوتس إريوجنا.

  • عصر النهضة

في نهايات العصور الوسطى وبداية عصر النهضة، استمر العديد من الكتاب في استخدام اللغة اللاتينية في كتاباتهم الأدبية إضافة إلى استخدام اللغات الوطنية لأوروبا، ويعود السبب في الإبقاء على استخدام اللغة اللاتينية إلى أن العديد من المنح الدراسية كانت مكرسة لإحياء الكلاسيكية الرومانية القديمة وظهر هذا الأمر بصورة خاصة في إيطاليا وشمال أوروبا، ومن أبرز الأدباء خلال هذه الحقبة الزمنية ألبرتينو موساتو مؤلف مسرحية إيرينيس، والتي تعد من أشهر مسرحيات المأساة اللاتينية.

خصائص الأدب اللاتيني

يتضمن الأدب اللاتيني العديد من مظاهر الأدب إذ اشتمل على المسرح والشعر الغنائي والملحمة والبلاغة والتاريخ، وفيما يأتي أهم الخصائص التي ميزت الأدب اللاتيني عن غيره من الآداب:

  • الطابع الشفوي

من أهم سمات الأدب اللاتيني أنه نقل شفويًا لفترات طويلة ويشار إلى أن أول الإنتاجات الأدبية اللاتينية كانت شفوية وتميزت بإيقاعها من أشهرها أغاني المدح الدينية وأغاني الجنائز والأغاني الدينية والحوارات المرتجلة الساخرة.

  • التأثر اليوناني

اعتمد الأدب اللاتيني على الأدب اليوناني بصورة كبيرة وتأثر به تأثرًا كبيرًا، ويعود السبب في هذا الأمر إلى أن الأدب اللاتيني أخذ من الأدب اليوناني أشكال الأدب التي تطورت عبر العصور ووصلت إلى روما ومن أهم أشكال الأدب التي نجدها مشتركة بين الأدب اللاتيني والأدب اليوناني الأساطير.

  • بروز العنصر التربوي

ضم الأدب اللاتيني في جانب كبير منه العديد من الكتب في مجال الخطابة والعلوم بشكل موازي للكتابات الأدبية ويعود السبب في ذلك إلى أن الأدب اللاتيني كان أدب مائل إلى الإبداع التربوي ويعطي الأولوية للطابع العلمي في الإنتاج.

  • الانتشار

لا يمكن إعطاء الأدب اللاتيني حدود زمنية أو جغرافية فهو شمولي واسع الانتشار، فالعديد من الإنتاجات الأدبية اللاتينية تعود لفترات وعصور مختلفة تفصل بينها سنوات عديدة وكبيرة.

  • التميز المسرحي

ضم الأدب اللاتيني أهم الإنتاجات الأدبية على المستوى المسرحي، إذ تعد المسرحيات اللاتينية من أكثر أشكال الأدب اللاتيني تطورًا، والتي ضمت المسرحيات الشفوية المرتبطة باحتفالات الفلاحين والحصاد، وظهر أيضًا المسرح الشعبي القائم على الكتابة الشعرية في الأدب اللاتيني، إضافة إلى تكييف المسرحيات اليونانية وترجمتها كأحد أشكال الأدب اللاتيني.

أشهر أدباء الأدب اللاتيني

ضم الأدب اللاتيني العديد من الأدباء المشهورين وفيما يأتي ذكرهم والتعريف بهم:

أدباء الأدب اللاتيني في عهد الإمبراطورية الرومانية

من أهم أدباء الأدب اللاتيني في العهد الروماني:

  • لوسيوس ليفيوس أندرونيكوس

عرف أندرونيكوس شاعرًا ملحمليًا تعود جذوره إلى اليونان، والذي عمل على ترجمة العديد من الأدب اليوناني إلى اللاتينية وكتب المآسي والكوميديا، وتجدر الإشارة إلى أنه لقب بأبي الأدب اللاتيني، ولا يوجد إلا عدد قليل من أعماله باقية إلى يومنا الحالي.

  • إينيوس

عرف إينيوس كاتبًا وشاعرًا رومانيًا واشتهر في مجال الشعر حتى أطلق عليه أبي الشعر الروماني.

  • جناوس جيليوس

عاش جيليوس خلال القرن الثاني ق.م وعرف مؤرخًا، ومن أهم أعماله التاريخية الضخمة والباقية إلى يومنا الحالي أناليس والتي أنتجت في 97 جزءً وتتناول تاريخ روما.

  • كوينتوس هوراتيوس فلاكوس

كوينتوس هوراتيوس فلاكوس هو أحد أشعر الشعراء الغنائيين في فينيسيا، جنوب إيطاليا، وأنتج في الأدب اللاتيني العديد من الرسائل والقصائد الغنائية المنشورة ضمن أربعة كتب.

أدباء الأدب اللاتيني في العصر الحديث

من أهم أدباء الأدب اللاتيني في العصر الحديث:

  • خورخي لويس بورخيس

ولد الكاتب بورخيس عام 1899م وتوفي عام 1986م وبرز كاتبًا وأديبًا في أواخر عقده الثلاثين على الرغم من نشره بعض الكتابات في سن مبكرة واشتهر بصورة خاصة في كتابة القصة القصيرة.

  • أليخو كاربنتير

ولد الكاتب كاربينتر في 1904م وتوفي عام 1980م ويصنف من أشهر الأدباء المساهمين في إنتاج الأدب اللاتيني في أمريكا اللاتينية، وتُعدّ حياته وأعماله الأدبية نموذجًا للفنان والناشط السياسي في أمريكا اللاتينية.

  • غابرييل غارسيا ماركيز

ولد غابرييل ماركيز عام 1927م وتوفي عام 2014م ويُعدّ من أشهر أدباء أمريكا اللاتينية وتميزت كتاباته بالروعة والسحر والخيال.