الإمبراطورية المغولية (بالإنجليزية: Mongol Empire) هي أكبر إمبراطورية متجاورة الأراضي تأسست على مر التاريخ، قام بتأسيسها جنكيز خان عام 1206 واستمرت قرابة قرن ونصف من الزمان –القرنين الثالث عشر والرابع عشر- حتى انهارت عام 1368م، إذ وحد جنكيز خان القبائل البدوية القائمة في السهوب الآسيوية وشكل منهم إمبراطورية موحدة لها جيش قوي مدمر ومرتب، حتى استطاعت هذه الإمبراطورية السيطرة على مساحة شاسعة من آسيا بداية من البحر الأسود حتى شبه الجزيرة الكورية، ومن وسط أوروبا حتى بحر اليابان وسيبيريا وشبه القارة الهندية والهند الصينية والهضبة الإيرانية وبلاد الشام وشبه الجزيرة العربية، ووصلت مساحة أراضي الإمبراطورية لـ 33.2 مليون كم مربع تقريبًا، أي أنها كانت تشكل ربع مساحة الكرة الأرضية.
تاريخ الإمبراطورية المغولية
ولد تيموجين المعروف باسم جنكيز خان عام 1162م تقريبًا وعلى الرغم من صغر سنه، اشتهر بقوته قائدًا عسكريًا، حيث نجح حينما كان ابن 19 عام فقط أن يوحد العديد من قبائل منغوليا، وهذا ما جعل قوته تنمو وتزداد ثقة القبائل المغولية فيه، وتمكن في نهاية المطاف من توحيد هذه القبائل عام 1206م، وأعلن عن قيام الإمبراطورية التي أصبح أول زعيم عليها، وغيّر اسمه من تيموجين إلى جنكيز خان أو "قاهر العالم"، ونجح جنكيز خان في الصعود بإمبراطوريته وتنميتها على مدار العشرين عامًا التالية، ونجحت الإمبراطورية في أوائل القرن الثالث عشر في الهجوم على أعدائها والفوز عليهم، وجندت المزيد من الأشخاص أصحاب المهارات العالية في أراضي العدو واستخدمتهم لصالحها.
ووصلت إمبراطورية المغول خلال حياة حنكيز خان لقمة ازدهارها، حيث امتدت من الساحل الشرقي للصين إلى بحر قزوين، وقام جنكيز خان في حياته بتقسيم المملكة إلى أربعة خانات يخضعون لحكمه وإشرافه المباشر، وبعد وفاة جنكيز عام 1227م صعد ابنه أوجي خان وأحفاده كوبلاي خان ومونك خان على العرش، وبعد وفاة كوبلاي خان قسمت الإمبراطورية إلى: القبيلة الذهبية ومؤسسها باتو خان، إلخانات ومؤسسها هولاكو خان، أسرة يوان ومؤسسها قوبلاي خان، منغوليا ومؤسسها تولاي خان، وبحلول ثلاثينيات القرن الثالث عشر استطاع المغول غزو آسيا الوسطى وانتشروا حتى روسيا.
وفي عام 1241م استطاع المغول السيطرة على أجزاء كبيرة من أوروبا الشرقية بعد أن هزموا القوات العسكرية في بولندا والمجر، وبحلول الخمسينيات من نفس القرن استطاع المغول الوصول إلى الشرق الأوسط ونهبوا بغداد ودمروها في الوقت الذي كانت فيه الخلافة العباسية قائمة، وبحلول عام 1279م غزا كوبلاي خان الصين كلها، ونقل عاصمة الإمبراطورية المغولية لبكين بعد أن كانت منغوليا هي العاصمة.
ويمكننا أن نقول إن قوة المغول بدأت في الزعزعة منذ معركة عين جالوت التي قامت عام 1260م، حيث استطاع المماليك الانتصار فيها على المغول، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يُهزم فيها الجيش المغولي، وحمى المماليك مصر من الغزو المغولي لها، وبعد هذا الوقت بدأت الإمبراطورية المغولية في الانقسام، شأنها شأن كل الإمبراطوريات التي قامت على مر التاريخ، والسبب في هذا هو خلاف أحفاد جنكيز خان على العرش، الأمر الذي ترافق معه اندلاع العديد من الحروب الأهلية بين القبائل المغولية، وهذا ما أدى لضعف الإمبراطورية أكثر وأكثر، إذ تنازعت الإمبراطوريات الأربع الصغيرة فيما بينهم وأطاحوا ببعضهم البعض لا سيما مع حلول عام 1368م.
وبحلول أواخر القرن الرابع عشر اختفت الإمبراطورية المغولية التي دامت لأكثر من 150 عام، فبوفاة أبي سعيد خان عام 1335م أصيبت الإمبراطورية المغولية بالفوضى السياسية في بلاد فارس، وقسمت الإلخانات بين قبيلة التايشيديين والجلائريين وآل توغا تيمور، وبهذا تفككت الإمبراطورية المغولية بالكامل وانتهى أمرها.
العلاقة بين المغول والمسلمين
كانت العلاقة بين الإمبراطورية المغولية والمسلمين علاقة حرب، حيث بدأت القوات المغولية بشن الحروب على المسلمين بداية من عام 651 هجرية، إذ أرسل هولاكو خان إلى إيران لكي يحارب فرقة الإسماعيلية هناك ويقضي على الخلافة العباسية في بغداد، وبالفعل توجه هولاكو لإيران ونجح في جعلها تحت سلطانه عام 653 هجرية، ثم انتقل نحو بغداد التي استطاع إخضاعها بعد 40 يوم فقط من حصارها والتخريب فيها، بعدها توجه للشام ثم حلب عام 658 هجرية، وقتل هناك أهلها وأخضع دمشق وغزة والخليل له، وقام المغول بسبي النساء والأطفال والحصول على العديد من الغنائم.
وبعد أن نجح المغول في السيطرة على كل من غزة والشام، وضع المماليك خطتهم لاستعادة غزة والتخلص من المغول، فسلحوا جيشهم وقسموه إلى مجموعات كل مجموعة مكونة من 400 جندي، والتقى الفريقان معًا وكانت الغلبة للمسلمين، وبدأت القوات المغولية في الهروب من الحرب، لكن جيش المسلمين الذي كان يقوده الظاهر بيبرس لاحق المغول حتى عين جالوت، وقامت هناك معركة حاسمة سحق فيها المسلمون المغول، ونجح الظاهر بيبرس في تخليص الشام من يد المغول، وتحجيم توغلهم في شمال إفريقيا وأوروبا والمغرب.
ديانة المغول
أنشأ جنكيز خان مؤسسة ضمن فيها الحرية الدينية الكاملة، إذ تحول منذ هذا الوقت العديد من المغول من البوذية للمسيحية ومن المانوية إلى الإسلام، وشمل المجتمع المغولي دور العبادة البوذية والطاوية والمسيحية والإسلامية، وكانت أشهر الأديان السائدة في هذا الوقت الشامانية والبوذية والتنغرية أكثر من غيرهم، وفي قت لاحق كانت كل دولة من الإمبراطورية المغولية معتنقة للدين السائد في المكان الذي قامت فيه، إذ اعتنق مغول أسرة يوان الصينية في الشرق البوذية والشامانية، بينما اعتنقت الخانات الغربية الثلاثة الدين الإسلامي.