الطاوية تياران أو مدرستان وهم: المدرسة الفلسفية التي ظهرت في الفترة الكلاسيكية لحكم سلالة تشو الصينية والمدرسة الدينية التي ظهرت بعدها في ظل حكم سلالة هان، وعلى الرغم من أن الباحثين يحاولون أحيانًا الفصل بين المدرستين، هذا الفصل لا وجود له في الحقيقة، لأن الأدباء والكهنة الذين كتبوا نصوص الطاوية وشرحوها لم يقوموا بالتمييز بين الطاوية الدينية والفلسفية.

والفلسفة الطاوية هي مجموعة من المبادئ التي تعود أصولها إلى الفلسفة والديانة الصينية القديمة، التي ظهرت في القرن الرابع قبل الميلاد، والتي ارتبطت ارتباط وثيق بالفيلسوف لاو تزو أو لاو تسو الذي كتب كتاب الطاوية الرئيسي (500 قبل الميلاد تقريبًا)، وتُعدّ الفلسفة الطاوية ثاني أهم مدرسة عقلية أثرت في الصين بعد الكونفوشيوسية، وتؤمن الطاوية بأن كل البشر والحيوانات على حد السواء يجب أن يعيشوا في وئام وتوازن مع الكون وما يحتوي عليه من طاقة، ويؤمن أصحاب الفلسفة الطاوية بمبدأ خلود الروح، حيث أن الروح –من وجهة نظرهم– تعود وتنضم إلى الكون بعد موت الإنسان.

أصل الفلسفة الطاوية ونشأتها

ظهرت الفلسفة الطاوية وتطورت في أثناء فترة حكم سلالة تشو الصينية، وتميزت هذه الفترة بالانتعاش الفكري وظهرت خلالها العديد من المدارس الفلسفية التي كانت تتنافس مع بعضها البعض في تقديم النصائح المثلى لكيفية عيش الناس للحياة بشكل أفضل في ظل عالم تتسارع فيه التغييرات السياسية والاجتماعية، ويمكننا تتبع أصول هذا الفكر إلى الفيلسوف لاو تزو الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد، والذي كان يؤمن بتناغم كل الأشياء معًا ويرى أن الناس يمكنهم أن يعيشوا بسهولة إذا راعوا مشاعر بعضهم البعض من حين لآخر.

لكن في هذا الوقت، كان الفساد الحكومي منتشر وهذا ما سبب للناس الكثير من الألم والبؤس، فشعر لاو تزو بالإحباط لعدم قدرته على فعل أي شيء لتغيير سلوك الناس، فقرر الذهاب للمنفى، وبينما كان يغادر الصين من ناحية الممر الغربي رآه حارس البوابة يين هسي، وطلب منه أن يكتب له كتاب قبل أن يترك كل شيء ويذهب، فوافق لاو تزو وجلس على صخرة بجانبه ليكتب كتاب الطريق أو "تاو تي تشينج"، وجاء بعد لاو تزو الفيلسوف تشوانغ تسي الذي يُعدّ الرجل الثاني في المدرسة الطاوية بعد لاو تزو، والذي طور مبادئها التي تقوم على احترام الذات والعزلة والتصوف والتأمل واليوغا في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد.

معتقدات الفلسفة الطاوية وتعاليمها

تقوم مبادئ الفلسفة الطاوية –على عكس الكونفوشيوسية التي تدعو للانصياع إلى نظام المجتمع وتقاليده– على نبذ متطلبات المجتمع والبحث عن الأشياء التي تمكن الإنسان من التناغم مع الكون أو "الطاو"، ويمكننا العثور على مبادئ الطاوية الفلسفية في كتابين، الأول هو كتاب تاو تي تشينج الذي ألفه لاو تزو، والثاني هو تشوانع تسي الذي ألفه الفيلسوف تشوانغ تسي، وترى الطاوية أن الإنسان يجب أن يكون في حالة انسجام مع الكون وأن بإمكانه تحقيق هذا الانسجام من خلال ممارسة "وو واي" أو اللافعل، بمعنى أن يجتنب كل الأفعال غير الطبيعية التي تنتج عن الغصب والإجبار والاصطناع، وإذا نجح الإنسان في هذا وترك ورائه كل المعارف العلمية المكتسبة سيتحد مع الطاو ويأخذ منه قوة غامضة تسمى "دي"، وبفضل هذه القوة سيتمكن الإنسان من تحدي المستحيلات بخلاف البشر العاديين.

ورأت المدرسة الطاوية المبكرة أن هذه القوة الغامضة قوة سحرية، بينما رأها لاو تزو وتشوانغ تسي قوى نابعة من استحقاق الشخص وأهليته للحصول عليها، وترى الفلسفة الطاوية أن الإنسان صالح بالفطرة وأنه يحتاج فقط لتذكير بسيط بطبيعته الداخلية وميله للفضائل عن الرذائل، وعلى هذا فإن واحدة من أهم المبادئ الطاوية هي إيمانها بأنه لا وجود للأشرار، بل هناك فقط أشخاص يتصرفون بشكل سيء، وأنه باتباع التعاليم والإرشادات المناسبة يمكن لأي إنسان أن يكون شخص صالح، ويعيش في رضا ووئام مع الآخرين، وعلى هذا فإن اتباع تعاليم الطاوية تتوافق مع الطبيعة، بينما تكون مقاومتها غير طبيعية وتسبب المشكلات.

الفلسفة الطاوية مقابل الرواقية

تتوافق الفلسفة الطاوية مع فلسفة الرواقيين بشكل كبير، حيث ترى الطاوية أن الانجسام مع الكون يحدث حين يقبل الإنسان الأقدار ويتحلى بالمرونة ويتوافق مع التغيرات التي تحدث في الحياة ويتكيف معها وحين يتمكن من فعل هذا سيكون سعيدًا، أما إذا قاومه فسيكون غير سعيد، وتؤكد أن الهدف النهائي لهذا هو حصول الإنسان على أقصى درجات السلام وإيمانه وقبوله أن كل ما يحدث له في الحياة هو جزء من القوة الأبدية التي تربط كل الأشياء ببعضها البعض، وهذا يشبه أفكار الرواقيين الذين يؤمنون أن لا شيء يحدث في الحياة يمكن أن يكون سيئًا، وإنما تفسير الناس لما يحدث هو ما يجعل بعض الأشياء تبدو سيئة.

الطاوية مقابل الكونفوشيوسية

نشأت الطاوية والكونفوشيوسية تقليدين فلسفيين دينيين في نفس الوقت تقريبًا وتغلغلا في الثقافة الصينية وأثرا فيها لوقت طويل، وتشترك الفلسفتان في العديد من الأفكار المتعلقة بالبشر والمجتمع والسماء والكون والإله، لكن في حين تؤمن الطاوية بالطبيعة وكل ما هو عفوي فيما يخص الحياة والتجارب البشرية، إلى درجة رفضها للكثير من الثقافة والتعلم والأخلاق الصينية المتقدمة، نظرت الكونفوشيوسية إلى المجموعات البشرية والمؤسسات الاجتماعية بما في ذلك الأسرة والمدرسة والمجتمع والدولة بصورة عامة ورأتها ضرورية للغاية لتطور الإنسان وازدهاره وتميزه الأخلاقي.