جنكيز خان هو إمبراطور المغول ومؤسس الإمبراطورية المغولية التي كانت ذات يوم واحدة من أقوى الإمبراطوريات في التاريخ وأكبرها، حيث ذاع صيته بعد أن استطاع توحيد مجموعة من القبائل في شمال شرق آسيا، وأسس بعدها إمبراطوريته، وبدأ بشن حملاته العسكرية على خانات قراخيطان والقوقاز وشيا الغربية وإمبراطورية جين والدولة الخوارزمية، حتى أصبحت إمبراطوريته في أواخر أيامه مسيطرة على جزء كبير جدًا من وسط آسيا والصين، حيث كانت تمتد من كوريا شرقًا حتى الدولة الخوارزمية غربًا، ومن سهول سيبيريا شمالًا حتى بحر الصين جنوبًا، وبلغة العصر الحديث كانت إمبراطوريته تضم كلًا من إيران وكازاخستان وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية ومنغوليا وفيتنام وتايلاند ومملكة لاوس وميانمار ونيبال وبوتان وأجزاء من سيبيريا، وبعد موته استمر أبناؤه وأحفاده في توسيع الإمبراطورية من بعده، وكان أشهر هؤلاء الأحفاد هو هولاكو خان.

اسم جنكيز خان ونسبه

تيموجين بن يسوكاي بهادر المعروف بلقب جنكيز خان والذي تعني قاهر العالم أو ملك الملوك أو القوي بحسب اللغة المنغولية، ويعود نسبه إلى جده خابول خان وأمباغاي، الذي كان زعيمًا للاتحاد المنغولي، والذي خلفه ابنه يسوكاي أو يسوغي من بعده عام 1161م، وهو أبو الإمبراطور تولوي خان وجد منكو وقوبلاي وإريك وهولاكو خان، وولد تيموجين في الفترة بين عامي 1155م و1162م في منطقة تدعى ديليون بولدوغ بالقرب من نهر أونون وجبل بوخان خلدون ونهر كيرولين في منغوليا، وهي منطقة قريبة الآن من آلان باتور.

وترعرع جنكيز خان في هذه المنطقة، لكن لا يعرف التاريخ الكثير من المعلومات عن سنوات طفولته، لأن السجلات التي تذكر هذا نادرة جدًا، وجنكيز هو الابن الثالث لوالده الذي كان زعيمًا لمغول الخاماق الذين يتبعون قبيلة كياد وحليف، وكان يسوغي تابعًا لعشيرة من الرحل تدعى بورجيقن، وسمى ابنه تيموجين بهذا الاسم لأنه لم يحضر ولادته، حيث كان حينها يقاتل التتار، وانتصر عليهم وتمكن من قتل زعيمهم تيموجين، وحين عاد بالنصر وجد أن زوجته أنجبت صبيًا، وبفحص يد الطفل وجد بداخل قبضته قطعة من الدم، فشعر أن هذا علامة على انتصاره على عدوه، فأطلق عليه اسم تيموجين.

نشأة جنكيز خان

كان لدى جنكيز خان ثلاثة أخوة من أمه واثنين من والده، وعانى في بداية حياته قليلًا بسبب تقاليد قبيلته، حيث أخذه والده وهو في التاسعة من عمره إلى العشيرة التابعة لقبيلة أونجيرات، ليرى زوجة المستقبل "بورته"، حيث بقى جنكيز خان هناك يخدم والد زوجة المستقبل حتى بلغ سن 12 عام –وهو سن الزواج– لكن والده مات عام 1175م بينما كان هو ابن 13 عامًا فقط، وما إن وصله الخبر حتى عاد لأهله ليطالب بمنصب والده وحقه كوريث شرعي، إلا أن القبيلة رفضت ذلك بسبب صغر سنه وأداروا ظهرهم له ولأسرته كلها وتركوهم بلا حماية، ففقدوا الجاه والعزة والسلطان وعاشوا حياة قاسية تذوقوا فيها مرارة الجوع والفقر والحرمان.

إلا أن والدته نجحت في جمع شتات أسرتها وحثت أبناءها على الصبر والاستمرار والكفاح وبعثت الأمل في نفوسهم، حتى أصبحوا شبابًا أشداء أقوياء، لا سيما جنكيز خان الذي ظهر عليه حب السلطة وأمارات القيادة، وساعده على هذا بنيانه القوي الذي مكنه من أن يصبح المصارع الأول بين أقرانه، واستطاع بشجاعته وقوته الحفاظ على أسرته فتحسن وضعهم وبدأت القبائل تتوافد عليهم لأنها رأت فيهم القادة والزعماء، بالإضافة إلى نجاحه في إجبار المنشقين على العودة إلى القبيلة، ونجح في  إجبار الرافضين الانصياع إلى أوامره أن يكونوا تحت قيادته، حتى أصبحت قبيلته كلها تدين له بالولاء قبل أن يصل لسن العشرين.

حملات جنكيز خان العسكرية وتأسيس الإمبراطورية المغولية

تبنى جنكيز خان خطة توسع كبيرة استمر فيها على حساب جيرانه من حوله، حيث سيطر على منطقة واسعة من إقليم منغوليا حتى صحراء جوبي، واستطاع الاستيلاء على قرة قورم أو قراقورم عام 1203م من قبيلة الكراييت الذي كان حليفًا لزعيمها سابقًا، قبل أن تسوء علاقتهما بسبب الدسائس، وبعد انتصاراته وزيادة قوته أطلق عليه خاقانا واشتهر باسم جنكيز خان بدلًا من تيموجين، واستطاع في الثلاث سنوات التالية توحيد منغوليا كلها وجعلها تحت سلطانه لا سيما بعد أن دخل الإيغوريون تحت إمرته.

ثم بدأ يتوسع ناحية الغرب بين عامي 1202 و1204م، فسيطر على منغوليا الغربية وأصدر شريعته الخاصة التي أطلق عليها الياسا، والتي تقوم على الطاعة العمياء للحاكم مع العقاب القاسي للمذنب، واستمر جنكيز خان في التوسع غربًا بين عامي 1207م و1211م، حتى خضع له القيرغيز في حوض ينسي والإيغور في تركستان الشرقية والقارلون في جنوب شرق بلخاش، لكنه اضطر للتوقف عن التوسع غربًا ليذهب لقتال أسرة جين شمال الصين، لأنها بدأت في توقيع المغول بعضهم ببعض، واستمرت حملته هذه بين عامي 1211م إلى 1215م، واستطاع بنهايتها احتلال بكين.

وحين بدأ جنكيز خان وجيوشه حملاتهم العسكرية على المسلمين، أطلق عليهم العرب اسم التتار أو التتر، ونادرًا ما كانوا يطلقون عليهم اسم المغول، وتمكن بقيادة جيشه من احتلال العديد من المدن مثل بخاري وسمرقند، حيث نهبهم وأحرقهم وقتل سكانهم، وأغار على بلخ وهرات وطوس في خراسان، وإربل في شمال العراق، ثم أغار على بلغاريا قبل أن يعود إلى منغوليا عام 1223م.

وصف جنكيز خان ومظهره

على الرغم من أنه لا توجد صورة دقيقة عن مظهر جنكيز خان، ذكر رشيد الدين في جامع التواريخ أنه كان طويل القامة، طويل اللحية، له شعر أحمر وعيون تشبه عيون القطط تميل إلى الأخضر المزرق، ويقال إنه كان أبيض البشرة، عريض الجبهة والمنكبين.

أشهر أقوال جنكيز خان

هناك العديد من الأقوال المشهورة لجنكيز خان مؤسس الإمبراطورية المغولية، التي تعبر عن حقيقة شخصيته وفظاعتها، ومن أشهر هذه الأقوال ما يأتي:

  • ليس كافيًا أن أكون ناجحًا، بل يجب أن يفشل الجميع.
  • بمعونة السماء أسست لكم إمبراطورية عظيمة، لكن حياتي كانت قصيرة للغاية لكي أغزو العالم، لذا فإن هذه المهمة تُرِكَتْ لكم.
  • أنا عقاب الرب، فماذا فعلت لكي يبعث الله عليك عقاب مثلي.
  • أنا على استعداد للتضحية بنصف شعب المغول لكي يستقيم النصف الثاني.

وفاة جنكيز خان

لا يعرف السبب الدقيق لوفاة جنكيز خان، لكن يقال إنه مات بسبب المرض، وهناك من يقول إنه قتل، بينما يقول البعض إنه مات بسبب سقوطه من على حصانه أو بسبب الجروح التي أصابته في معركة أو في أثناء الصيد، وأيًا ما يكن السبب فقد توفي عام 1227م عن عمر يناهز الستين أو السبعين، وتكتم أبناؤه على خبر وفاته حتى عادوا به إلى الديار، وعند وصولهم إلى نهر كيرولين أعلنوا الخبر للجيش، وتنقل جثمانه بين القصور الملكية لكي تقوم زوجاته بإلقاء نظرة الوداع عليه، ودفن جنكيز خان في مكان مجهول عند سفح أحد المرتفعات في جبال برقان تنفيذًا لوصيته.