اليونسكو هي إحدى أقدم المنظمات العالمية المعروفة وأبرزها، والتي أُنشئت لتحقيق العديد من الأهداف لكافة المجتمعات على مستوى العالم، وفي هذا المقال سنتعرف أكثر على اليونسكو من حيث التاريخ والأهداف والإدارة وغيرها.
ما هي اليونسكو؟
كلمة اليونسكو هي اختصار لمنظمة الأمم المتحدة للتعليم والعلم والثقافة (United Nations Educational Scientific and Cultural Organization)، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة (UN)، ويوجد لليونسكو 53 مكتب ميداني موزعين حول العالم، وتضم المنظمة حوالي 195 عضو ممثلين عن مختلف بلدان العالم، وكان تركيز اليونسكو في بداية تأسيسها على إعادة إعمار المدارس والمكتبات والمتاحف التي دمرتها الحرب العالمية الثانية في أوروبا، ومنذ ذلك الوقت وأنشطة المنظمة الأساسية هي تقديم المساعدة للدول.
تاريخ اليونسكو
اجتمعت حكومات الدول الأوروبية التي كانت مواجهة لألمانيا وحلفائها في المملكة المتحدة في بدايات عام 1942م لحضور مؤتمر وزراء تعليم دول الحلفاء، ولم تكن الحرب العالمية الثانية قد انتهت، وبالرغم من ذلك، كان ممثلو الدول المشاركة في الاجتماع يبحثون سبل إعادة بناء المؤسسات التعليمية بعد انتهاء الحرب، ولاقى هذا المشروع استحسان عالمي كبير، وانضمت دول أخرى جديدة إلى المشروع منها الولايات المتحدة.
وبالفعل وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، عُقد مؤتمر للأمم المتحدة لإنشاء منظمة تعليمية وثقافية في لندن عام 1945م، وجمع المؤتمر ممثلين عن 44 دولة قرروا بالإجماع تأسيس منظمة تمثل ثقافة سلام حقيقية وتشجع التضامن الأخلاقي والفكري بين البشر، وذلك يهدف بالدرجة الأولى إلى منع اندلاع حرب عالمية أخرى، ومن هنا تأسست منظمة اليونسكو.
متى عقد الاجتماع الأول لليونسكو؟
عقد المؤتمر العام الأول لليونسكو في 19 نوفمبر حتى 10 ديسمبر 1946م، وانتخب فيه الدكتور جوليان هكسلي أمينًا عامًا للمنظمة، وعندما عُقد المؤتمر في نوفمبر عام 1954م كان أول قراراته أن أعضاء المجلس التنفيذي ستكون مهمتهم تمثيل بلادهم فقط ولن تكون القرارات التي يصوتون لها في المنظمة قرارات شخصية كما كانت سابقًا، وهو ما أحدث مشكلات كثيرة بين الدول لأن العضو كان يصوت مع أو ضد القرارات دون الرجوع لحكومة بلده، وهذا من شأنه إيقاف التعاون بين الدول الأعضاء أو عرقلته لتحقيق أهداف المنظمة.
المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو
يُعقد المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو اجتماعاته كل عامين، يحضر خلاله ممثلو الدول الأعضاء في المنظمة، ويحضره أيضًا رؤساء أو ممثلي عن رؤساء الدول الأعضاء والأعضاء المنتسبين، إضافة إلى مراقبين دوليين من الدول غير الأعضاء ومنظمات حكومية دولية ومنظمات غير حكومية، وعند التصويت على مشروع أي قرار فإنّ لكل دولة صوت واحد، بغض النظر عن حجمها أو مدى مساهمتها في ميزانية المنظمة، ويتحدد في المؤتمر العام نقاط العمل الرئيسية للمنظمة، ويناقش أيضًا المستجدات الدولية. ويُنتخب أعضاء المجلس التنفيذي ويُعين المدير العام كل 4 سنوات، ويُتاح في المؤتمر العام عدة لغات هي العربية والإنجليزية والروسية والفرنسية والصينية والإسبانية.
إدارة منظمة اليونسكو
يشغل مدير عام اليونسكو منصب الرئيس التنفيذي لقرارات المنظمة، وتعاقب على تولي هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة 11 شخص، كان أولهم البريطاني جوليان هكسلي، والذي استمرت فترة رئاسته منذ تأسيس المنظمة عام 1946 إلى عام 1948، أما المدير العام الحالي فهي الفرنسية أودري أزولاي، التي تشغل المنصب منذ عام 2017 حتى الآن، وتتكوّن منظمة اليونسكو من موظفي خدمات منتشرين في المكاتب الميدانية حول العالم، تابعين لمقر المنظمة الرئيسي الذي يقع في العاصمة الفرنسية باريس.
من أين تحصل اليونسكو على التمويل؟
تحصل منظمة اليونسكو على تمويلها من خلال الاشتراكات المترتبة على الدول الأعضاء فيها، ومن المساهمات التطوعية من الدول الأعضاء والمنظمات الخاصة، ومن الأموال المقدّمة من القطاع الخاص، والمقدّمة من الشركاء المساهمين، حيث تُعدّ الولايات المتحدة أكبر مساهم في اليونسكو بنسبة 22%، ومن الدول المساهمة الأخرى ألمانيا بنسبة 8% وفرنسا بنسبة 6%.
أهداف اليونسكو
وضعت منظمة اليونسكو الكثير من الأهداف لمساعدة المجتمع الدولي، ومن أبرز أهدافها الشاملة ما يأتي:
- حصول الجميع على تعليم جيد ومستمر مدى الحياة.
- تعزيز سياسات المعرفة العلمية من أجل الوصول إلى تنمية مستدامة للتعليم.
- مواجهة العقبات والتحديات الاجتماعية والأخلاقية الناشئة على الساحة الدولية.
- تعزيز الحوار بين الثقافات ودعم التنوع الثقافي ونشر ثقافة السلام.
- تأسيس مجتمعات قائمة على المعرفة الشاملة من خلال المعلومات والاتصالات.
5 من مجالات عمل اليونسكو
لا يقتصر عمل منظمة اليونسكو على دعم مجال محدد أو تطويره، بل يشمل نطاق مجالات مختلفة، من أبرزها ما يأتي:
1) العلوم الطبيعية
يشمل مجال عمل اليونسكو العلوم الطبيعية وإدارة موارد الأرض، ويتضمن ذلك تحقيق التنمية المستدامة للمياه ودعم التكنولوجيا والعلوم الهندسية وإدارة الموارد الأخرى والاستعداد للكوارث ومواجهتها. لذلك، أنشأت اليونسكو جائزة سنوية للأشخاص الذين يقدمون أفكار مشاريع علمية استثنائية مفيدة للبشرية.
2) العلوم الاجتماعية والإنسانية
تدخل العلوم الاجتماعية والإنسانية ضمن مجالات اليونسكو، وذلك من خلال دعم حقوق الإنسان الأساسية والتركيز على القضايا العالمية مثل مجابهة العنصرية والتمييز، حيث وُقّع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكد على عدم التمييز بين الأفراد على أي أساس في المؤتمر العام للمنظمة في دورته الحادية عشر عام 1965 م.
3) الثقافة
ترتبط الثقافة ارتباط وثيق بمبادئ عمل اليونسكو التي تسعى للوصول إلى تعايش الثقافات من خلال تقبّل ثقافة الآخر والحفاظ على التنوع الثقافي، إلى جانب حماية الإرث الثقافي والحفاظ عليه، واستطاعت اليونسكو تحقيق إنجازات كبيرة على صعيد التعريف بالثقافات الإنسانية وحمايتها.
4) الاتصال والمعلومات
يتضمن مبدأ عمل اليونسكو تطوير مجال الاتصال والمعلومات من خلال تعزيز التعبير عن الأفكار بالكلام والصور لبناء مجتمع معرفي عالمي، وتمكين الأفراد من خلال تسهيل وصولهم إلى المعرفة والمعلومات في مختلف الموضوعات.
وفي هذا المجال، تساعد اليونسكو الحكومات وأصحاب المؤسسات التعليمية من الأفراد على الاستفادة من التكنولوجيا للتعلم من خلال عدة طرق منها دعم أنشطة بناء القدرات والأعمال الميدانية وعقد المؤتمرات الدولية مثل المؤتمر الدولي حول الذكاء الاصطناعي والتعليم.
5) التراث العالمي
يُعدّ الاهتمام بالتراث العالمي من أبرز الموضوعات الخاصة بمنظمة اليونسكو، لذلك أنشأت المنظمة مركز التراث العالمي الذي يحدد المواقع الطبيعية والثقافية الأثرية والمهمة في جميع دول العالم لحمايتها، وذلك لتعزيز ثقافة الحفاظ على التراث التاريخي والثقافي والطبيعي في الأماكن المحددة، ومن هذه الآثار أهرامات الجيزة في مصر والحاجز المرجاني العظيم في أستراليا، ومن الآثار التي تدخلت اليونسكو لإنقاذها معبد أبو سمبل والذي تمّ إنقاذه من ارتفاع مياه نهر النيل بسبب الحملة الدولية التي أطلقتها المنظمة بين عامي 1960-1980م.
أهداف أخرى
إلى جانب المجالات الخمسة التي تسعى اليونسكو إلى النهوض بها وتطويرها، هناك أيضًا مجالات أخرى تهدف المنظمة إلى العمل عليها بعدة استراتيجيات كونها لا تندرج تحت بند مجال واحد فقط، ومن هذه الموضوعات المناخ واللغات وتعددها والتعليم من أجل الوصول إلى تنمية مستدامة، فعلى سبيل المثال، تنشئ اليونسكو باستمرار برامج توعوية وثقافية وتعليمية في جميع نقاط تمركزها حول العالم لتوفير معلومات بشأن التغير المناخي وأثره بالنسبة للأجيال الحالية والقادمة وكيفية الحد من آثاره السلبية.