الدولة الأموية أو كما يطلق عليها أيضًا اسم الخلافة الأموية أو دولة بني أمية هي أكبر دولة في تاريخ الخلافة الإسلامية، وواحدة من أكبر الدول التي حكمت في التاريخ، إذ تمتد فترة حكمها من سنة 41هـ / 662م بعد مقتل الإمام علي رضي الله عنه إلى 132هـ / 750م، وأسسها معاوية بن أبي سفيان بعد أن تنازل له الحسن بن علي رضي الله عنه عن الخلافة، إذ كان أهل العراق بايعوه بالفعل ليكون أميرًا للمؤمنين، لكن أهل الشام اختاروا أن يبايعوا معاوية بن أبي سفيان، ودخل معاوية للكوفة وبايعه الحسن والحسين رضي الله عنهما على الخلافة، وأصبحت دمشق بموجب هذا عاصمة الدولة الإسلامية الجديدة، وظل الحكام الأميون يتوارثون الحكم لما يقارب 91 عامًا، شهدت فيهم الدولة الأموية اتساع جغرافي كبير وصل لأوروبا وعدة أجزاء من آسيا، ووصلت الدولة لذروة هذا الاتساع في عهد خليفتها العاشر "هشام بن عبد الملك"، حيث امتدت حدودها من الصين شرقًا حتى جنوب فرنسا غربًا وافتتحت إفريقيا والمغرب والأندلس وجنوب الغال والسند وما وراء النهر.
تأسيس الدولة الأموية
تأسست الدولة الأموية عام 41 من الهجرة بعد تنازل الحسن بن علي لمعاوية بن أبي سفيان عن الخلافة، لرغبته في حقن دماء المسلمين في حالة عدم موافقته على التنازل وميله لتوحيد كلمتهم بعدما حدث من فتنة كبرى سابقة في عهد عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فكان هذا التنازل وقيام الدولة الأموية تخييبًا لآمال أهل الشر والفتنة ومصدر استقرار وسعادة وأمان للمسلمين بعد فترة من الاقتتال والفتن.
ويمكننا أن نقسم تاريخ الدولة الأموية إلى عصرين قويين، امتد العصر الأول من 41 إلى 64 هجرية، وكان يضم حكم الخليفتين معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية، أما العصر الثاني فامتد من عام 86 إلى 125 هجرية، وضم خمسة خلفاء هم: الوليد بن عبد الملك بن مروان وسليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز بن مروان ويزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك، ويضاف إلى عصرين القوة عصر ضعف قصير امتد بين عامي 125 هجرية حتى سقوط الدولة عام 132 هجرية، أما الفترة بين 64 إلى 86 هجرية فيمكننا أن نطلق عليها عصر الفتنة والصراعات، وضمت الفترة معاوية بن يزيد بن أبي سفيان ومروان بن الحكم وابنه عبد الملك بن مروان.
فترة حكم معاوية بن أبي سفيان
بدأ عصر القوة الأول للدولة الأموية مع الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، الذي قال عنه ابن تيمية: "فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خيرًا من معاوية، إذا نُسِبَتْ أيامه إلى أيام من بعده، أمّا إذا نُسِبَتْ إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل"، لذا كان جديرًا بالحكم بفضل خبرته الطويلة وفطنته، وكان محبًا للجهاد في سبيل الله، واستطاع حكم الدولة ببراعة من الناحيتين الإدارية والاقتصادية، لذا كان عصره عصر رخاء، وما إن كبر في السن شعر أنه لا بد من أن يحدد الخليفة القادم حتى لا تحدث فتنة من جديد، واهتدى إلى أن أفضل شخص يحكم من بعده ابنه يزيد بن معاوية لأنه أعده إعدادًا حسنًا، وبالفعل أخذ البيعة على ذلك من المسلمين، وتغير مفهوم الشورى من بعد هذه الحادثة، فمعاوية كانت نيته حسنة فيما فعل، إلا أن من أتى بعده على مدار السنوات التالية رغب في ألا يخرج الحكم من أبنائه، وبالتالي غيرت شهوة السلطة مسار الخلافة الإسلامية المعهود.
فترة حكم يزيد بن معاوية
توفي معاوية سنة 60 هجرية في دمشق وجددت ليزيد ابنه البيعة بعد وفاته، على الرغم من أن الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير رفضا مبايعته، لكن باقي الصحابة أمثال عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس بايعوه، وحدثت في عصر يزيد العديد من الأحداث المهمة، أبرزها الحرب التي دارت بينه وبين الحسين بن علي رضي الله عنه، وفي هذه المعركة قُتل الحسين وبكى يزيد حين عرف الخبر وأكرم أهله من بعده، وحدثت الفتنة الكبرى وحاصر أهل الشام أهل مكة بعد وفاة الحسين، ولم يتوقف هذا الحصار إلا بوفاة يزيد.
فترة حكم عبد الملك بن مروان وأبنائه
قضي على الخوارج في عصر عبد الملك بن مروان ولم تقم لهم قائمة حتى عهد عمر بن عبد العزيز، واستمرت الفتوحات الإسلامية بعد توقف لعقد كامل تقريبًا بسبب النزاعات الداخلية، وكان هذا عام 73 هجرية "عام الجماعة الثاني"، وقضي على البيزنطيين بشمال إفريقيا، ودمرت مدينة قرطاجية التي كانت أكبر مركز بيزنطي في المنطقة، وافتتحت فاس وقرطاجية والمغرب كاملة، ثم افتتحت أرمينيا وضمها الأمويون لدولتهم، وكانت هناك الكثير من الغزوات في عهد عبد الملك في بلاد ما وراء النهر، أبرزها غزوة بخارى سنة 80 هجرية.
وأهم ما يلفت نظرنا في هذا العصر هو أن والي العراق والمشرق طوال عهد عبد الملك وجزء كبير من عهد ابنه هو الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي استطاع بسياسة الترهيب أن يلاحق الخوارج ويخمدهم، ويلاحق كل من يدعو للخروج على الخليفة، وهذا ما أعطى الدولة الأموية سمعة سيئة، وكان هذا من أهم أسباب سقوطها لاحقًا، وبحلول عام 94 هجرية –في عهد الوليد- افتتح الأميون مدينة ملتان ثم السند، وحققوا العديد من الإنجازات المعمارية، حيث بني الجامع الأموي الكبير في دمشق، وقام الوليد بتوسعة المسجد النبوي في المدينة وتهيئة الطرق المؤدي لمكة، وبعد وفاته عام 96 هجرية تولى أخوه سليمان من بعده، وفي عهده فتح المسلمون إقليمي طبرستان وقهستان، وحدث حصار القسطنطينية سنة 98هـ الذي قاده بنفسه حتى توفي هناك عام 99 هجرية.
فترة حكم عمر بن عبد العزيز
كان عهد عمر بن عبد العزيز رغم قصره من أكثر العصور الأموية رخاءً، حيث تولى عمر الخلافة عام 99 هجرية، واستمر فيها حتى موته عام 101 هجرية، لكن في هذه الفترة استطاعت الدولة الأموية تحقيق الرخاء والاستقرار وساد فيها العدل، حتى يقال إنهم كانوا يبحثون عن فقراء ليتصدقوا عليهم بالمال فلا يجدوا، ولقب عمر بن عبد العزيز بالخليفة الزاهد وخامس الخلفاء الراشدين من شدة عدله وكرمه وحسن تصرفه، وأهم ما حدث في هذا العصر هو بداية تحرك الخوارج من جديد بعد أن ظلوا ساكنين لثلاثة عقود كاملة، وبعد أن توفي عمر بن عبد العزيز جاء بعده في الحكم ابن عمه يزيد بن عبد الملك.
فترة حكم يزيد بن عبد الملك
حاول يزيد أن يقلد ابن عمه في بداية حكمه إلا أن أهل الشر والسوء أفسدوه، حيث كان شابًا صغيرًا ابن 29 عامًا، وقضى أغلب حياته في اللهو واللعب والترف، وكان من الممكن أن يتسبب في انحطاط الدولة الأموية لولا بعض رجالها الأقوياء -مثل مسلمة بن عبد الملك- الذين حافظوا عليها قدر المستطاع، وتوفي يزيد سنة 105 هجرية بعد أن أوصى بالخلافة لأخيه هشام فابنه الوليد من بعده.
فترة حكم هشام بن عبد الملك
كان هشام يختلف عن أخيه، حيث كان خليفة قويًا له باع وخبرة طويلة في الأمور السياسية، لذا نجح في إدارة الدولة جيدًا وتمكن من الحفاظ على أمنها واستقرارها خلال فترة حكمه الطويلة، وعلى الرغم من عدم حدوث فتوحات كبيرة في عهده، بلغت الدولة الأموية ذروة اتساعها، حيث امتدت من أطراف الصين في الشرق حتى جنوب فرنسا في الغرب، وبالنسبة للخوارج فاستمروا في ثوراتهم خلال عهد هشام بن عبد الملك كما كان حالهم في أغلب فترة حكم الدولة الأموية.
ضعف الدولة الأموية وسقوطها
بدأ عهد ضعف الدولة الأموية آخر سبع سنوات لها، بعد أن توفي هشام بن عبد الملك الذي يعد آخر من حكم من أبناء عبد الملك بن مروان، وبعده انتقل الحكم لجيل الأحفاد، وبدأ انحطاط الدولة الأموية، وغرقت الدولة في الصراعات والنزاعات الداخلية، وسعى الخلفاء لحياة اللهو والترف، مع عدم امتلاكهم أي مؤهلات كافية للحكم، لا سيما عهد الوليد الثاني، وتوقفت في هذه الفترة حركة الجهاد تمامًا وفسدت الأوضاع في الدولة، وبدأ العباسيون في تحركاتهم التي لم يعيرها الأمويون انتباهًا واهتمامًا حتى سقطت الدولة على أيديهم، بعد مقتل آخر خليفة أموي "مروان بن محمد" عام 132 هجرية.