مملكة كوريو التي تكتب أيضًا غوريو هي مملكة تأسست في كوريا على يد الإمبراطور تايجو عام 918م، بعد أن قام بتوحيد ممالك كوريا الثلاث الأخيرة "شلا وبايكتشي وغوغوريو" عام 936م، وحكم بعدها معظم أنحاء شبه جزيرة كوريا، ويُعدّ اسم مملكة كوريو هو المصدر الذي أخذ عنه اسم كوريا الحديث، ووسعت مملكة كوريو حدودها حتى وصلت إلى منطقة وونسان في الناحية الشمالية الشرقية ثم نهر أنموك وما تبقى من شبه الجزيرة الكورية، واستمرت المملكة حتى عام 1392م حين سقطت على يد قائد سلالة جوسون، حيث بدأت المملكة بالانهيار والتفكك وفقدان الكثير من قوتها بداية من القرن الرابع عشر لصالح سلالة يوان، حتى سقطت بسقوط آخر ملوكها "غونغيانغ" عام 1392م الذي أمر إي شونغ غاي بإعدامه عام 1394م وقيام مملكة جوسون.

تأسيس مملكة كوريو

بعد أن أصاب الضعف مملكة شلا وبدأت في فقدان سيطرتها على المناطق التابعة لها بحلول نهاية القرن التاسع الميلادي، بدأت تعاني من الثورات والحروب الأهلية التي قادها الكثير من القادة على رأسهم: غنغ يي وغي هوون ويانغ غل وغيون هوون، حيث قام غنغ يي بتأسيس غوغوريو الأخيرة بينما أسس غيون هوون بايكتشي الأخيرة، وبدأت ممالك كوريا الثلاث الأخيرة في الظهور بسبب ضعف شلا، حيث قام فرد من عائلة تجار سونغدو "كايسونغ الآن" يدعى وانغ غون عام 918م بالانضمام إلى مملكة غوغوريو الأخيرة وأطاح بمؤسسها غنغ يي وأسس سلالة كوريو، التي كانت لها علاقات معادية في بدايتها مع بايكتشي الأخيرة وعلاقة صداقة مع شلا، وبحلول عام 930م هزمت كوريو بايكتشي وأفقدتها سلطتها، ومع حلول عام 935م قامت كوريو باحتلال شلا، وفي العالم التالي استسلمت بايكتشي الأخيرة لها، وبهذا انتهى عصر الممالك الثلاث الأخيرة، وقام وانغ غوون بنقل العاصمة إلى كايسونغ حيث مسقط رأسه، وأصبح أول ملك لكوريو رسميًا، وتزوج من أميرة من أسرة شلا واستمر حكمه لمدة 7 سنوات.

غزو مملكة كوريو (حروب كوريو – خيتان)

توالى الملوك على حكم كوريو بعد الملك المؤسس وأجروا العديد من الانتصارات وقاموا بالعديد من الإصلاحات، حتى عام 993م، حينما قامت سلالة خيتان لياو بغزو الحدود الشمالية لكوريو بأكثر من 60 ألف جندي، إلا أن السلالتان عقدتا تحالف ينص على انسحاب خيتان والتنازل عن أراضي شرق نهر أمروك "نهر يالو" في مقابل أن تلغي كوريو تحالفها مع سلالة سونغ الصينية، وتم الاتفاق وانسحبت قوات خيتان بالفعل، ومع هذا ظلت كوريو على اتصال مع سلالة سونغ وعززت حدودها وأراضيها ببناء قلعة في أراضي الشمال، وبحلول عام 1010م قام الخيتان بالهجوم على كوريو مجددًا بأكثر من 400 ألف جندي، حيث استغلوا الصراع الداخلي الذي يحدث في المملكة على السلطة، لكن قوات الخيتان فشلت في دخول كوريو وانسحبت، ثم أعادوا غزوها مرة أخرى بجيش أكبر يتكون من 100 ألف جندي عام 1018م، إلا أن الجنرال غانغ غام تشان تمكن من إبادة قوات الخيتان ولم ينج منهم إلا بضعة آلاف جندي فقط.

غزو كوريو من قبائل الجورشن

كانت قبائل الجورشن تعيش في الأراضي الشمالية لكوريو وتدفع الجزية لملوك كوريو، إلا أن قوتهم زادت بمرور الوقت وتوحدوا تحت اسم وانيان وبدأوا بانتهاك حدود مملكة كوريو حتى قاموا بغزوها في نهاية الأمر عام 1087م، فقام الجنرال يين غوان عام 1107م بشن حملة على الجورشن استمرت عدة سنوات هُزم فيها الجورشن تمامًا، وبنى بعدها الجنرال ين تسع قلاع في منطقة الشمال الشرقي على الحدود بين كوريو والجورشن.

الحروب الأهلية والصراع على السلطة في كوريو

بسبب الزيجات التي تمت بين ملوك كوريو بداية من عهد الملك منجونغ إلى عهد الملك إنجونغ من عشيرة إي إنجو، ضعفت سلطة الملك كثيرًا لحساب سلطة العشيرة، وانتهى الأمر بانقلاب إي جا غيوم الذي حدث عام 1126م، وعلى الرغم من أنه فشل، أضعف قوة الملك وهز صورته، وبدأت تنشب في كوريو منذ هذا الوقت حروب أهلية بين النبلاء، وبحلول عام 1135م بعد طلب ميو تشونغ بنقل عاصمة المملكة إلى سوغيونغ (بيونغيانغ الآن)، انقسم نبلاء كوريو لقسمين، القسم الأول كان بقيادة ميو تشونغ والذي رأى ضرورة نقل العاصمة لسيوغيونغ والبدء في التوسع ناحية منشوريا، والقسم الثاني الذي كان بقيادة كم بو شك، والذي رأى أن تبقى الأوضاع على ما هي عليه، وبسبب فشل ميو تشونغ في أن يقنع الملك بفكرته تمرد على الحكومة وأنشأ دولة أطلق عليها دايبانغ، لكنه فشل وتعرض للقتل في النهاية.

الحكم العسكري في كوريو

بحلول عام 1170م حدث انقلاب عسكري في كوريو بقيادة جونغ جنغ بو وإي وي بانغ وإي غو، الذين نحجوا في انقلابهم ونفوا الملك، ونشأ النظام العسكري منذ ذلك الوقت، حتى عام 1179م، حيث وصل للحكم الجنرال الشاب غيونغ داي سنغ، الذي حاول أن يعيد للملك سلطته ويطهر الدولة من المفسدين، لكن بعد موته عام 1183م وصل للعرش إي وي الذي يعود أصله لطبقة النوبي أو العبيد، وفي عهده حدث انقلاب آخر بقيادة تشوي تشنغ هون الذي اغتال إي وي وسيطر على السلطة عام 1197م، وظلت أسرة تشوي في الحكم لمدة 61 سنة.

غزوات المغول لمملكة كوريو

غزا المغول مملكة كوريو عام 1231م بقيادة أوقطاي خان، وظلت كوريو تقاومهم لمدة 30 سنة حتى طلبت سلام وهدنة عام 1259م، بعد أن خرب المغول الكثير من الأماكن في كوريو، ونشأت علاقة سلام بين كوريو والإمبراطورية المغولية، وهي العلاقة التي رفضها بعض المسؤولين العسكريين الذين كانوا ضد الهدنة والسلام، فقاموا بتمرد سامبيولتشو واستمروا في المقاومة في الجزر التي تقع على ساحل شبه الجزيرة الكورية الجنوبي، وبسبب علاقات المصاهرة التي حدثت بين حكام كوريو وأباطرة يوان "خوريغين" أصبحت كوريو تحت سيطرة يوان حتى عام 1350م، حين نجح الملك غونغمن بطرد الحاميات العسكرية من البلاد، وبحلول أواخر القرن الرابع عشر استعادت كوريو كامل سيطرتها على أراضيها الشمالية التي كانت خسرتها.

سقوط مملكة كوريو

بدأ الملك غونغمين بعد عام 1368م بالكثير من الجهود للتخلص من التأثيرات المنغولية وإعادة إصلاح حكومة مملكة كوريو، لكن بعد قتله على يد هونغ ريون وتشوي مانسينج وبعض الأشخاص الآخرين عام 1374م، تولى يي إن إم رئاسة الحكومة، بينما تولى الملك يو ابن غونغمين العرش، والذي كان ابن 11 عام فقط، والذي خطط بحلول عام 1388م مع الجنرال تشوي يونج بشن حملة على لياونينغ الصينية لغزوها، وعين بعدها الجنرال يي سيونغ جي "المعروف لاحقًا باسم تايجو" ملكًا، والذي قام بإسقاط مملكة كوريو وقتل آخر ثلاثة ملوك لها واغتصب العرش وأسس سلالة جوسون التي حكمت كوريا لمدة طويلة تتجاوز الخمسة قرون منذ عام 1392م حتى عام 1897م.