لا شكّ أنّ الجميع سمع أو قرأ مصطلح الدروز، ولكن قد لا يمتلك معظم الناس الكثير من المعلومات حول هذه الطائفة أو الفئة من حيث أصلها ومذهبها وأماكن تواجدها ومعتقداتها وعاداتها، لذلك سيُطرح في هذا المقال أهم المعلومات المتعلقة بالدروز، ومن بعدها سيتّضح الجزء الأبرز عنهم.
من هم الدروز؟
الدروز (بالإنجليزية: Druze)، مفردها درزي، هي طائفة دينية صغيرة شرق أوسطية، تُطلق على نفسها اسم الموحدين، نسبةً إلى اتباعها لمذهب التوحيد على خطى سيدنا إبراهيم عليه السلام، ولكن بمذاهب ومعتقدات باطنية ومُستحدثة، ويتميز الدروز بتمسكهم بمعتقداتهم وولائهم لمذهبهم، وهذا ما مكّنهم من الحفاظ على هويتهم لعقود من الزمن، وبلغ عدد الدروز أكثر من 2 مليون فرد في أوائل القرن الحادي والعشرين، وهم يقطنون غالبًا لبنان وسوريا وفلسطين، إلى جانب بعض التجمعات الصغيرة في دول أخرى.
ما أصل الدروز؟
نشأت الطائفة الدرزية في مصر على يد حمزة بن علي بن أحمد الزوزاني، فرعًا من الشيعة الإسماعيلية، وذلك عندما بدأ علماء الدين الإسماعيليين في تأسيس حركة تتبنّى فكرة ألوهية الخليفة، وذلك في عهد الخليفة الفاطمي السادس الحاكم بأمر الله.
وعلى الرغم من أنّ هذه الفكرة راقت للخليفة، أدانها علماء الدين الفاطميين بشدة ورأوها بدعة يجب مناهضتها، وتمّ الإعلان رسميًا عن هذا الفكر لأول مرة في عام 1017م، وعلى إثر ذلك قامت أعمال شغب في القاهرة، ولكن لم يتم وأد هذا الفكر، بل تطوّر ونشأ في وقت لاحق، وأصبح يُطلق على أتباعه اسم الدروز.
أبرز المعتقدات الدينية لدى الدروز
يتمسّك الدروز إلى حد كبير للغاية بمعتقداتهم الدينية، التي من أبرزها ما يأتي:
- يعتقد الدروز بأنّ الله عز وجل حلّ بجسد الحاكم بأمر الله الفاطمي.
- يؤمن الدروز بتناسخ الأرواح، والتي تعني أنّ روح الإنسان بعد موته تدخل في جسد إنسان آخر.
- يُنكر الدروز الكثير من العبادات والشعائر الإسلامية جملةً وتفصيلًا.
- لا يعترف الدروز بجميع الرسل والأنبياء.
- لا يعترف الدروز بفضل الصحابة باستثناء سلمان الفارسي الذي يعتقدون بأنّ فضله يزيد عن فضل النبوة.
- يرفض الدروز الزواج من أتباع المذاهب أو الديانات الأخرى لمنع اختلاط أنسابهم.
- يُمنع الرجل الدرزي من تعدد الزوجات، والعصمة تكون في يد المرأة كما هي في يد الرجل.
ما هو الكتاب الديني الأول عند الدروز؟
يدّعي بعض الدروز أنّ القرآن الكريم هو المرجع الديني لديهم، ولكن في الحقيقة هناك كتاب ديني خاص بالدروز يُطلق عليه كتاب الحكمة أو رسائل الحكمة، وفيه تأثير واضح للمسيحية على معتقداتهم، ويتضمن الكتاب عدد من القضايا الفلسفية الأفلاطونية المتعلقة بالوجود والكون والأرواح، إلى جانب التأكيد على فكرة ألوهية الخليفة الفاطمي، وينص الكتاب أيضًا أنّ الخليفة الفاطمي لم يمت، بل رُفع إلى السماء وسيعود في نهاية الزمان ليؤكد على أنّ الدروز هم الفئة الصائبة، وتبلغ عدد رسائل الحكمة عند الطائفة الدرزية 111 رسالة، وجدير بالذكر أنّ هذه الطائفة باطنية في الكثير من معتقداتها الدينية، والتي يجهلها الكثيرين من الدروز أنفسهم.
دور العبادة عند الدروز
لا توجد دور عبادة للصلاة عند الدروز؛ فمذهبهم ينص على أنّ الصلاة معناها صلة قلوب الدروز بعبادة الحاكم، أمّا الصلاة المعروفة عند المسلمين فأنكرها مؤسس هذه الطائفة حمزة بن علي، وبالرغم من هذا يتظاهر بعض أتباع الطائفة الدرزية في هذا الزمن بالصلاة في المساجد، ولكن في الحقيقة الباطنة ترفض هذه الطائفة مفهوم الصلاة المتعارف عليه، ويكتفون بما يُسمّى بالخلوات التي يجتمع فيها كبار الطائفة للدعاء للحاكم.
الدروز في لبنان
يوجد تجمّعات كبيرة للدروز في لبنان، وتقع تجمعاتهم السكانية على طول الجهات الغربية لجبال لبنان، وكذلك في الجهة الجنوبية الغربية من الدولة، ويتجاوز عددهم في لبنان 300000 نسمة، ويحظى الدروز في البلاد بسلطة سياسية واسعة، حيث تولّى العديد منهم مناصب سياسية قيادية رفيعة المستوى.
الدروز في سوريا
تضم سوريا أكبر تجمع للدروز في العالم، حيث بلغ عددهم فيها أكثير من 600000 نسمة، قدِم معظمهم من لبنان في القرن الثامن عشر وقطنوا حول مدينة السويداء في منطقة جبل الدروز، ولا تزال الأغلبية العظمى منهم تعيش في سوريا إلى اليوم.
الدروز في فلسطين
يوجد جالية كبيرة من الدروز في الأراضي الفلسطينية تبلغ حوالي 150000 شخص، يقطنون بالكامل في الجهة الشمالية من البلاد، ويزعم الدروز أنّهم يُعاملون هناك مواطنين من الدرجة الثانية، فهم يفتقدون الكثير من حقوقهم المدنية.
5 حقائق عن الدروز
يتّفق الباحثون على إخفاء الطائفة الدرزية للكثير من الأسرار والمعتقدات حول مذهبهم الإيماني، ولكن من أبرز الحقائق المؤكدة عن الدروز ما يأتي:
- تجمع الطائفة الدرزية ما بين الفلسفة الإسلامية واليونانية والهندوسية.
- لا توجد طقوس دينية عند الدروز لاعتقادهم أنّ الاحتفالات والطقوس تصرف الفرد عن مذهبه، ولكن يُحظر على الدروز أكل لحم الخنزير وشرب الخمر والتدخين.
- لا يُتاح كتاب الحكمة للعامة من الدروز، بل هو متاح للدروز المتدينين فقط.
- استبدل الدروز خمسة قوانين وضعية أخرى بأركان الإسلام الخمسة، وهي قول الحق ودعم المجتمع وترك المذاهب القديمة وقبول الوحدة والتخلي عن البدعة والاستسلام لقدر الله.
لا ينتمي الدروز إلى دولة محددة، بل يدينون للولاء للبلد الذي يعيشون فيه، وبالرغم من ذلك لديهم علم وهي نجمة خماسية تحتوي على خمسة ألوان، يمثّل كل لون مبدأ معين من مبادئ الدرزية.