تُعدّ الدولة الفاطمية إحدى دول الخلافة الإسلامية، وهي خلافة إسلامية تتبع المذهب الإسماعيلي الشيعي، وأيضًا الخلافة الوحيدة التي اتخذت المذهب الشيعي مذهبًا رسميًا لها. حكمت الدولة الفاطمية في القرنين العاشر والثاني عشر واستمرت فترة حكمها منذ عام  909م إلى 1171م.

وبدأت محاولاتها في نشر المذهب الشيعي منذ القرن التاسع في وقت الخلافة العباسية، وكانت البداية عندما نشط عدد من الدُعاة الإسماعيليين بدعوة الناس للقتال باسم المهدي المنتظر الذي تنبؤوا بظهوره في القريب العاجل وكانوا يحضرون لثورة ضد النظام السُّني والدولة العباسية، حينها طاردهم العباسيون في المشرق العربي لهذا انتقلوا لنشر مذهبهم ومعتقداتهم في المغرب العربي وهناك تمكنوا من استقطاب عدد من المؤيدين لهم خاصة قبيلة البرابرة.

وبعد فترة من الزمن أعلنوا قيام الخلافة الفاطمية وكانت تشمل أقاليم واسعة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفيما بعد توسعت سيطرتهم حتى وصلت على طول الساحل المتوسطي من بلاد المغرب إلى مصر، ثم توسعت خلافتهم وضموا إليها الحجاز والشام وجزيرة صقلية، وأعلنوا بعد ذلك استقلالهم عن الدولة العباسية وإقامة دولة مستقلة وذلك عام 296 هـ.

نسب الفاطميين

اختلفت المصادر التاريخية بما يتعلق بنسب الفاطميين، فعند الاطلاع على المصادر الشّيعية نجدها تؤكد بأنّ أصل الفاطميين يعود إلى مُحمد بن إسماعيل بن جعفر الصّادق الإمام الشيعي السابع فهم بهذا عَلويون، ومن سلالة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاةِ وأتم التسليم من طرف ابنته فاطمة الزهراء وزوجها الإمام علي بن أبي طالب وهذا قول عُبيد الله المهدي بالله وهو مؤسس هذه الجماعة، ولكن نجد مصادر أخرى تنفي هذا النسب وتؤكد بأنّ عُبيد الله المهدي يعود أصله للفرس أو اليهود، ويرجع نسبه إلى ميمون القداح فارسي الأصل.

الدولة الفاطمية في إفريقية (تونس حاليًا)

بدأت الدولة الفاطمية في الازدهار في نهاية القرن التاسع وبدأت من تونس، وفيما يلي سنتتبع مراحل تأسيسها في تونس:

  • في عام 909م، تأسست الدولة الفاطمية في تونس على يد الخليفة الفاطمي عبيد الله المهدي، وساهم في انتشارها ثلاثة عوامل، أولها بُعد تونس عن مركز الخلافة العباسية، والأمر الثاني أنّ التشيع كان منتشرًا هناك، ومن ثم انتشر التشيع في تونس بشكلٍ كبير واعتنقه الكثير من البربر والكثير من الوزراء في البلاد، والسبب الثالث أنّ النظام السياسي في تونس كان مُنهارًا بعد سقوط دولة الأغالبة فنجح الفاطميون في إصلاح النظام السياسي.
  • في عام 910م، هزم عبيد الله المهدي جيش الأغالبة في شمال تونس وأضفى الطابع الرسمي عليها.
  • في عام 921م، أسس الفاطميون عاصمتهم الأولى وكانت مدينة المهدية الواقعة على الساحل التونسي .
  • في عام 948م، نُقل مركز الحكم لمدينة المنصورية، وبعدها توسع نفوذ الدولة الفاطمية ليشمل عدة مدن منها طرابلس، الزاب، المغرب الأقصى (مدينة مراكش حاليًا).

الدولة الفاطمية في مصر

بدأت أنظار الفاطميون تتجه نحو مصر بعد أنّ أدركوا أنّ بلاد المغرب لا تصلح أنّ تكون مركزًا لدولتهم وذلك بسبب ندرة مواردها وكثرة الاضطرابات فيها التي كانت تظهر من وقت لآخر، وكان اختيارهم لمصر بسبب وفرة ثرواتها وقربها من بلاد المشرق وبذلك يستطيعون إقامة دولةً لهم تنافس الدولة العباسية، ومن ثم بدأوا بتوجيه أكثر من حملة عسكرية للاستيلاء على مصر فشل بعضها ونجح بعضها في السيطرة على بعض المدن المصرية واستمرت هذه الحملات من سنة  913م - 961م.

وفي عام 969م  تمكنت القوات الفاطمية من دخول مصر تحت قيادة جوهر الصقلي وهو من أهم القادة العسكريين في تاريخ الدولة الفاطمية وأشهرهم، في ظل حكم الخليفة الفاطمي المُعز لدين الله، وكانت أولى اهتماماته تحويل المصريين من المذهب السّني للمذهب الشّيعي وذلك باتباع عدة أساليب منها:

  • إسناد المناصب العُليا في الدولة لا سيما القضاء للشيعيين.
  • السماح للشيعة بممارسة شعائرهم الدينية المُخالفة لشعائر أهل السّنة مثل الاحتفال بيوم عاشوراء.
  • اتخاذ المساجد الكبيرة في مصر مراكز للترويج للمذهب الشّيعي والخلافة الفاطمية.
  • إجبار أهل السّنة على مشاركة الشيعيين طقوسهم.

وفي عام 973م، أسس المُعز مدينة القاهرة والتي أسماها في وقتها مدينة المعز المنتصرة وفيما بعد سُميت بالقاهرة واتخذها عاصمة جديدة للدولة الفاطمية بدلًا من العاصمة السابقة، المهدية في إفريقية، وأصبحت مصر المركز السّياسي والثقافي والروحي للدولة الفاطمية.

الدولة الفاطمية في بلاد الشام والحجاز

بعد استقرار الدولة الفاطمية في مصر وزيادة قوتها العسكرية، اتجهت أنظار الفاطميين نحو الشرق فأرادوا توسيع دولتهم، فشنوا عدة هجمات عسكرية نتج عنها السيطرة على الحجاز والحرمين وفلسطين والشام، وبهذا توسعت حدود الخلافة الفاطمية لتضم كل من شمال إفريقيا حتى المحيط الأطلسي، الحجاز، مصر، فلسطين، بلاد الشام.

ضعف الدولة الفاطمية

تميز العصر الفاطمي بالقوة وكانت الدولة الفاطمية من أغنى الدول حيث عاش الفاطميون حياة مُترفة فبنوا القصور والمساجد بواجهات حجرية وكانوا السّباقين لاستخدام الحجر بدلًا من الطوب، وظهر في العهد الفاطمي العديد من العلماء والأدباء، ولكن ظهرت عدة أسباب أدت لضعف الدولة الفاطمية نذكر منها:

  • ضعف نفوذ الخلفاء وتعاظم نفوذ الوزراء حيث تولوا مُهمة تعيين الخلفاء وعزلهم وكانوا يفضلون تعيين الخلفاء الضعفاء وصغار السّن حتى يكونوا ألعوبة بين أيديهم.
  • تراجع الخلفاء عن الاهتمام بالعلم والعلماء.
  • ضهور الصراعات بين قادة الجيوش والوزراء ورجال القصر.
  • إهمال الخلفاء والوزراء شؤون الدولة والاهتمام بشؤونهم الخاصة.
  • ظهور الأتراك وإقامتهم للدولة السلجوقية.
  • انفصال شمال إفريقيا عن الدولة الفاطمية.
  • مرور الدولة ببعض الأزمات الاقتصادية.
  • انشقاق عدد من الوزراء والمسؤولين عن الخليفة وحتى أن بعض الخلفاء واجهوا مقاومة مسلحة في بعض الأحيان.
  • انتشار الفقر والمجاعات لا سيما في مصر.
  • انتشار الفساد الإداري والفتن.

سقوط الدولة الفاطمية

ضعفت الدولة الفاطمية بعد الخليفة الثامن المستنصر بالله وزادت سلطة الوزراء، وقبل وفاته، كان المستنصر يريد تعيين ابنه الأكبر نزار المصطفى لدين الله خلفًا له ولكن أمير الجيوش الأفضل بن بدر الجمالي ماطل في مبايعة نزار رغبةً منه في نقل الخلافة لابنه الأصغر أحمد المستعلي بالله، ولما توفي المستنصر بالله نفذ الأفضل رغبته وعين أخاه خليفةً للدولة الفاطمية، مما أغضب نزار فهرب إلى الأسكندرية وكان ينوي إقامة ثورة على الخليفة الجديد ولكن الأفضل أرسل خلفه عددًا من الجنود وقضوا عليه وأخمدوا ثورته، مما أدي لانشقاق الدعوة الإسماعيلية لقسمين القسم الأول بايع الخليفة الجديد والقسم الآخر رفض الاعتراف به ومبايعته، وبعد وفاة المستعلي بالله الذي لم تدم خلافته طويلًا حيث استمرت سبع سنين فقط، عُين بعده ابنه الأكبر الآمر بأحكام الله خليفةً للفاطميين وكان عمره خمس سنوات وبعد أنّ بلغ سن الرشد بدأ بفرض ثقله على الدولة.

وبعد وفاة الآمر بأحكام بالله حكم الدولة الفاطمية أربعة خلفاء ولكن جردهم الوزراء من الصلاحيات، وضعفت مصر في خلافتهم ضعفًا شديدًا، وكانت الحروب الصليبية بدأت فحاول الصليبيون احتلال مصر فاستنجد العاضد لدين الله أخر الخلفاء الفاطميين بنور الدين زنكي الذي استجاب له وأرسل قواته وتصدّت للهجوم الصليبي على مصر، وفي عام 1171م أرسل نور الدين الزنكي لصلاح الدين الأيوبي يطلب منه إيقاف الخِطبة للفاطميين وإرجاعها للعباسيين فاستجاب له صلاح الدين الأيوبي وبذلك عادت مصر تحت الخلافة العباسية، وكان في وقتها العاضد لدين الله مريضًا فأمر صلاح الدين بعدم إزعاجه وإخباره بما حصل ولم تمضي أيام حتى توفي، وبهذا تكون انتهت الخلافة الفاطمية بعد أنّ استمرت 262 سنة.