الإسكندر الأكبر (بالإنجليزية: Alexander the Great) المعروف أيضًا باسم الإسكندر الثالث أو الإسكندر المقدوني، هو أحد القادة العسكريين الأشهر عبر التاريخ وملك مقدونيا وبلاد فارس ومؤسس أكبر إمبراطورية في تاريخ العالم القديم على الإطلاق. تميز الإسكندر الأكبر بشخصيته الجاذبة والقاسية والمتعطشة للسلطة، والتي ساعدته على فرض سيطرته على مساحات شاسعة من الأراضي والبلاد، إذ كان يهدف من خلال حملاته العسكرية والفتوحات توحيد العالم إلا أنه توفي قبل تحقيق حلمة وترك بعد وفاته أثرًا كبيرًا على الثقافات اليونانية والآسيوية نتج عنه ولادة الحقبة الهلنستية.
في عام 336 ق.م وبعد اغتيال والد الإسكندر الأكبر على يد حارسه الشخصي، سيطر الإسكندر الأكبر على العرش وقتل منافسيه واستكمل خطى والده في السيطرة على العالم بواسطة الهيمنة المقدونية، وبدأت سلسلة من الحملات العسكرية لتوسيع سيطرة مقدونيا على العالم، إذ عُرف الإسكندر الأكبر بطموحه وغضبه العنيف وإصراره، إضافة إلى كونه استراتيجيًا مبتكرًا.
ويشار إلى أن في الفترة ما بين عام 336 ق.م و323 قبل الميلاد استطاع الإسكندر الأكبر توحيد المدن اليونانية وقاد اتحاد كورنثوس وتولى عرش بابل وبلاد فارس وآسيا وأمر بإنشاء المستعمرات المقدونية في الأراضي التي وضع يده عليها، وكان يخطط لفتوحات قرطاج وروما إلا أنه توفي قبل ذلك، إذ امتدت إمبراطوريته من جبل طارق وحتى البنجاب، والتي وحدت بها اللغة اليونانية مما ساعد على انتشار المسيحية المبكرة.
الإسكندر الأكبر ... طفولته ونشأته
ولد الإسكندر الأكبر يوم 20 يوليو/تموز عام 356 ق.م في بيلا، مملكة مقدونيا اليونانية القديمة، لوالده الملك فيليب الثاني ملك مقدونيا ووالدته الملكة أوليمبيا ابنة الملك نيوبتوليموس، نشأ الإسكندر الأكبر وأخته في البلاط الملكي لبيلا، إلا أنه عانى من طفولة يائسة بسبب غياب والده المستمر عنه بسبب الحملات العسكرية والفتوحات التي كان يقودها.
تلقى الإسكندر الأكبر تعليميه المبكر تحت وصاية ليونيداس، أحد أقربائه المعروف بصرامته، إذ كان مسؤولًا عن تعليمه الرياضيات وركوب الخيل والرماية، ليتولى أمر تعليمه بعد ذلك ليسيماخوس، والذي استخدم أسلوب لعب الأدوار في التعليم للفت انتباه الإسكندر الأكبر مما جعل الأخير سعيدًا بانتحال شخصية أهم الشخصيات الأسطورية، المحارب آخيل، لاكتساب المعرفة والتعليم وتعزيز شغفه بالفروسية.
وفي عمر 13 عامًا، تولى الفيلسوف العظيم أرسطو مهمة تعليم الإسكندر الأكبر بأمر من والده فيليب الثاني، وكان قصر الحوريات هو المكان الذي تلقى فيه الإسكندر الأكبر من معلمه أرسطو الفلسفة والشعر وعلوم الدين والسياسة، ويشار إلى أن أرسطو كان من أهم الأشخاص الذين تركوا أثرًا على نفس الإسكندر الأكبر وشخصيته، إذ أمده بالعديد من أعمال الشاعر هوميروس التي أيقظت الشغف بداخله، إضافة لقراءته الإلياذة التي ألهمته أن يصبح محاربًا والتي أعطاه أرسطو لاحقًا نسخًا منها حملها في أثناء حملاته العسكرية.
وفي عمر 16 عامًا، أصبح الإسكندر الأكبر جنديًا وقام بأولى حملاته العسكرية ضد قبائل التراقية (التراقيون)، وبعدها عُين قائدًا لسلاح الفرسان إذ قدم المساعدة لوالده في هزيمة جيشي أثينا وطيبة، وفي سن 20 عامًا تولى الإسكندر الأكبر عرش الحكم بعد وفاة والده، ليبدأ مسيرته حاكمًا وقائدًا عظيمًا.
الحملات العسكرية للإسكندر الأكبر
بعد أن تولى الإسكندر الأكبر العرش كان لا بد له أن يحافظ على إرث والده ومملكته ومواردها، فتعامل بادئ ذي بدء مع المتظاهرين على عرشه وتخلص منهم إلى جانب الدول المعادية المجاورة له وقمع التمرد في اليونان قبل غزو بلاد فارس وقاد العديد من الحملات العسكرية التي من أهمها الحملة العسكرية على منطقة غورديوم والتي تضم عقدة غوردية الأسطورية، إذ تقول الأسطورة إنه من يتمكن من فك العقدة سيستطيع غزو آسيا بكافة أرجائها، فحاول الإسكندر الأكبر فكها بيده لكن كان ذلك مستحيلًا ليستخدم سيفه بعد ذلك وادعى النصر في فكها، وشنّ حملة على مصر وأسس بها مدينة الأسكندرية التي أصبحت مركزًا مهمًا للتعليم والثقافة، ليغزو بعد ذلك بلاد ما بين النهرين.
ويمكن إيجاز أهم الحملات والأحداث التاريخية العسكرية في حياة الإسكندر الأكبر عبر خط زمني كما يأتي:
- الفترة من 338 – 343 ق.م
أظهر الإسكندر الأكبر خلال هذه الفترة قدرات عسكرية مبكرة إذ كان يبلغ من العمر 13 – 18 عامًا، وفي عمر 16 عامًا تولى مسؤولية مقدونيا خلال هجوم والده على بيزنطة، وفي سن 18 عامًا قاد هجومًا ضد فرقة طيبة المقدسة مما ساعد والده على الفوز في المعركة ضد الدول اليونانية المتحالفة.
- الفترة من 336 – 335 ق.م
تولى الإسكندر الأكبر عرش الحكم وورث من والده القوة العسكرية ووافق على إمداد القوات للحرب المخطط لها على بلاد فارس.
- الفترة من 334 – 333 ق.م
قاد الإسكندر الأكبر خلال هذه الفترة قواته للمحاربة ضد الجيش الفارسي بقيادة دايروس حيث عبر الدردنيل وألحق بهم الهزيمة في نهر جرانيكوس وفي إيسوس، واتجه جنوبًا لمنع الأسطول الفارسي من الوصول إلى السواحل وقرر خوض حرب برية وحل أسطوله البحري آنذاك.
- فترة 332 ق.م
تمكن الإسكندر الأكبر خلال هذه الفترة من الانتصار على صور ودخول مصر.
- فترة 331 – 329 ق.م
استطاع الإسكندر الأكبر هزيمة قائد الفرس داريروس، وبعد وفاته أعلن الإسكندر الأكبر نفسه ملكًا على آسيا، ويشار إلى أن هذه المرحلة كانت سببًا في تمويل العديد من الرحلات الاستكشافية التي نشرت الثقافة الهلنستية في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، إضافة إلى ذلك، حاول الإسكندر المقدوني خلال هذه الفترة المزج بين الثقافة الفارسية والمقدونية.
- الفترة من 327 – 325 ق.م
قاد الإسكندر الأكبر خلال هذه المرحلة حملات عسكرية على الهند وهزم العديد من الحكام المحلين وكانت آخر معاركه في نهر هيداسبس ضد الملك بوروس إذ رفضت قواته التقدم مما أجبره على العودة، ويشار إلى أن هذه الهجمة العسكرية خلفت العديد من الوفيات.
- فترة 324 ق.م
حاول الإسكندر الأكبر خلال هذا العام توحيد الثقافة الفارسية والمقدونية من جديد إذ أقام حفل زواج جماعي بين جنود مقدونيا ونساء فارس، إضافة إلى ذلك أرسل الإسكندر الأكبر العديد من الجنود القدامى إلى الوطن وكرمهم، وبدأ في التخطيط للعديد من الرحلات الاستكشافية والحملات العسكرية.
الحياة الشخصية للإسكندر الأكبر
تزوج الإسكندر الأكبر ثلاث نساء هن روكسانا وستيتيرا وباريساتيس، ويشار إلى أن الزواج في الفترة التي عاشها الإسكندر الأكبر كانت بهدف إقامة التحالفات ولإنجاب وريث ذكر يتولى العرش بعد وفاته، وكان ذلك هو السبب الأول من زواجه من روكسانا، وهي الزوجة الأولى له وفارسية الأصل.
أنجب الإسكندر الأكبر ابنًا من زوجته روكسانا وهو الإسكندر الرابع والذي ولد بعد وفاته، إذ شاع في اليونان وحتى اليوم أن يأخذ الابن اسم والده إذا ما ت قبل ولادته.
وفاة الإسكندر الأكبر
بعد 10 سنوات من القتال المتواصل للإسكندر الأكبر والذي نتج عنه الاستيلاء على الإمبراطورية الفارسية والوصول إلى حدود الهند وانتصاره في بنجاب وعلى طول نهر السند، عاد الإسكندر الأكبر إلى بلاد ما بين النهرين إلى بابل عام 323 ق.م وتحديدًا في شهر مايو/أيار إذ احتاج حينها لفترة من الراحة والاسترخاء، وفي إحدى الليالي قدم النبيذ للملك واحتساه بصورة كبيرة ليستيقظ في اليوم التالي وهو يعاني من حمى، وفي اليوم الثالث كانت صحة الإسكندر الأكبر في تدهور.
ومع مرور الأيام ساءت صحة الإسكندر الأكبر تدريجيًا وفي يوم 11 يونيو/حزيران ما بين الساعة الثالثة إلى السادسة عصرًا، أعلن عن وفاة القائد العسكري الأعظم عبر التاريخ الإسكندر الأكبر في ظروف غامضة إذ لا يمكن وحتى يومنا الحالي معرفة سبب الموت الحقيقي، هل كان موته اغتيالًا باستخدام سم دُس له في النبيذ أم موتًا طبيعيًا نتيجة الحمى؟
وبعد وفاة الإسكندر الأكبر في بابل، اتخذ مستشاروه قرارًا بدفنه في مصر، وتشير السجلات التاريخية أن قبره أصبح مكانًا للعبادة بعد ذلك، إلا أن جسد الإسكندر الأكبر اختفى عندما حظر الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس العبادة الوثنية عام 392م ولم يعرف مكانه المحدد، ويشار إلى أن مدير معهد البحوث الهيلينية كاليوب ليمنيوس بباكوتسا نجح عام 2019م في الحفر تحت الأسكندرية الحديثة حيث الأسس الأصلية للأسكندرية ويشار إلى أنه وجد القبر لكن دون الجسد، مما يُعدّ إشارة مهمة للمكان الأساسي الذي دفن فيه القائد العسكري الأعظم عبر التاريخ.
ومن ناحية أخرى تشير عالمة الأثار ليانا سوفالتزي أن الإسكندر الأكبر دفن في واحة سيوة، إذ كشفت عمليات التنقيب والبحث من قبلها عن مدخل قبر ملكي هنلستي مساحته 525 متر مربع يضم العديد من النقوس والمنحوتات التي تعتقد أنها تشير إلى نقل جثة الإسكندر الأكبر لهذا المكان والتي كتبت من قبل رفيقه الشهير بطليموس.