لغة التواصل المشترك أو لينجوا فرانكا (بالإنجليزية : Lingua Franca) أو اللغة الفرانكية هي اللغة المستخدمة خلال العصور الوسطى وسيلة للتواصل بين السكان الذين يتحدثون اللغة العامية غير المفهومة، وهي مزيج من الفرنسية والإيطالية والمصطلحات التي تم تطويرها شرق البحر الأبيض المتوسط، وتتميز بقواعدها وأشكالها الثابتة للأسماء والأفعال والصفات والتي شكلت تبسيطًا للغات الرومانسية المستخدمة خلال العصور الوسطى.

تعرف لغة التواصل المشترك أيضًا بلغة التجارة أو لغة الاتصال أو اللغة الدولية أو اللغة العالمية وينظر اليوم إلى اللغة الإنجليزية على أنها لغة التواصل المشترك في العالم أجمع حيث تُستخدم وسيلة تواصل بين الأشخاص الذين تختلف لغاتهم الأم، ويمكن القول إن لغة التواصل المشترك هي اللغة المستخدمة على نطاق واسع ضمن مناطق جغرافية واسعة والتي تشكل لغة أصلية لبعض المتحدثين بها.

لغة التواصل المشترك حول العالم (لينجوا فرانكا)

امتلكت العديد من الإمبراطوريات والشركات التجارية الكبرى لغة التواصل المشترك ولعبت الآرامية هذا الدور في جنوب غرب آسيا في الفترة الممتدة من القرن السابع قبل الميلاد وحتى منتصف القرن السابع ميلادي، وكانت اللاتينية الكلاسيكية لغة التواصل المشترك للعلماء الأوروبيين حتى القرن الثامن عشر ميلادي بينما استخدمت لغة أقل شهرة من اللاتينية بين القرن الثالث عشر والخامس عشر في الرابطة الهانزية (عصبة ضمت العديد من المدن التجارية في منطقة شمال ألمانيا والبلطيق.

وشكلت البرتغالية لغة التواصل المشترك في الفترة الممتدة بين القرن الخامس عشر والثامن عشر في إفريقيا الساحلية وفي المناطق الساحلية الآسيوية الممتدة من اليابان إلى الهند، بينما ظهرت الملايو في جنوب شرق آسيا لغة تواصل مشتركة آنذاك، وينظر إلى السواحيلية في شرق إفريقيا والهوسا في غرب إفريقيا على أنها لغات تواصل مشتركة، إضافة للغات الست المعتمدة من الأمم المتحدة (الفرنسية والعربية والإنجليزية والإسبانية والروسية والصينية).

تاريخ لغة التواصل المشترك (لينجوا فرانكا)

استخدمت لغة التواصل المشترك عبر التاريخ لعدة أغراض دينية ودبلوماسية وتجارية، ويشار إلى أن مصطلح لغة التواصل المشترك يخضع باستمرار للاستخدام المتغير في مختلف المجالات الاجتماعية والأدبية واللغوية، وفي الأصل أُطلق هذا المصطلح على لغة شرق البحر الأبيض المتوسط خلال القرون الوسطى، وتطور لاحقًا وأشار إلى اللغة المبسطة (بالإنجليزية: Pidgin) المستخدمة بين مجموعتين أو أكثر ليس لديهم لغة مشتركة وتتميز بقواعدها ومفرداتها المحدودة المستخلصة من عدة لغات، ومن ثم أشير إلى اللغة الإنجليزية بأنها لغة التواصل المشترك.

ويشار إلى أن الآرامية هي أول مثال على لغة التواصل المشترك عبر التاريخ واستُخدمت في الإمبراطورية الفارسية، وبعد أن غزا الإسكندر الأكبر المناطق الشاسعة في قارتي آسيا وأوروبا حلت اللاتينية محل الآرامية وأصبحت لغة التواصل المشترك خلال فترة حكم الإمبراطورية الرومانية، ويذكر أن اللغة اللاتينية اكتسبت قوة كبيرة كونها لغة التواصل المشترك بسبب هيمنة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.

وخلال العصور الوسطى استخدم مصطلح لغة التواصل المشترك (لينجوا فرانكا) رسميًا لوصف اللغة أو المصطلحات المستخدمة شرق البحر الأبيض المتوسط من قبل التجار والصليبيين، وتميزت اللغة المشتركة آنذاك باستخدامها أشكالًا ثابتة من الأفعال والأسماء والصفات، التي استخدمت على نطاق واسع في فترة عصر النهضة وحتى بداية القرن الثامن عشر ميلادي، وكانت الإيطالية اللغة الأساسية المستخدمة في تكوين اللغة المشتركة خاصة في التجارة الإقليمية والبحرية حيث كانت اللغة الأم للتجار، فظهرت لغة التواصل المشترك تضم عبارات وكلمات إيطالية ولغات أخرى من الفرنسية القديمة والأوكيتانية والعربية واليونانية والتركية والبرتغالية، ويشار إلى أن أول سجل تاريخي يشير إلى مصطلح لينجوا فرانكا يعود تاريخه إلى عام 1632م.

وعلى الرغم من تطور استخدام مصطلح لغة التواصل المشترك لينجوا فرانكا وتغيره عبر التاريخ، تتميز هذه اللغة بعدة خصائص مشتركة في مختلف دول العالم وباختلاف الفترات التاريخية، ومن أهم هذه الخصائص أن هذه اللغة لا تُحدد من خلال تاريخها أو هيكلها اللغوي وإنما تحدد من خلال وظيفتها سواء كانت تجارية أو دبلوماسية أو دينية أو غيره، وأنها لا تقتصر على الحدود الجغرافية أو الثقافية أو اللغوية للمتحدثين الأصلين للغة على عكس اللغة العامية المستخدمة ضمن حدود جغرافية محددة ويفهمها عدد قليل من السكان في المجتمعات أو الحضارات، وتُعدّ أبرز الخصائص المميزة للغة التواصل المشترك لينجوا فرانكا أنها تستخدم جسر تواصل بين الحضارات والثقافات والأديان المختلفة بهدف ربطها ببعضها البعض.

لغة التواصل المشترك الحديثة

يمكن طرح العديد من لغات التواصل المشترك الحديثة المستخدمة حاليًا وسيلة للتواصل المشترك في مختلف المجالات التجارية والإلكترونية والتعليمية والدينية وغيرها، وفيما يأتي ذكر أبرز مثالين على لغات التواصل المشتركة الأكثر انتشارًا في العالم حديثًا:

اللغة الإنجليزية

تُستخدم اللغة الإنجليزية لغة تواصل مشترك في مختلف أنحاء العالم وذلك منذ أن تم استخدمها لغة رئيسية في العديد من البلدان إذ يستخدمها حاليًا ما يقارب نصف مليار شخص لغة ثانوية بينما تستخدم من قبل 350 مليون شخص لغة أم في العديد من المجالات التجارية والسياسية والاقتصادية، ومن أهم الأسباب التي جعلت اللغة الإنجليزية لغة تواصل مشترك ما يأتي:

  • سهولة التعلم: تعد اللغة الإنجليزية لغة سهلة التعلم فهي ذات هياكل بسيطة في الفهم والتراكيب مقارنة باللغات الأخرى مثل العربية على سبيل المثال.
  • لغة الأعمال التجارية: تستخدم اللغة الإنجليزية في المجال التجاري العملي والأكاديمي العلمي حول العالم ضمن اللغات الأساسية مما يجعلها إحدى لغات التواصل المشترك التي لا بد من إتقانها وتعلمها، بجانب أنها تفتح العديد من المجالات للأشخاص في المجال التجاري العالمي.
  • تستخدم على نطاق واسع حول العالم: يمكن القول إن استخدام اللغة الإنجليزية على نطاق واسع حول العالم جعلها لغة التواصل المشترك في الوقت الحالي والتي تسمح بتحقيق التواصل الفعال في مختلف بلدان العالم بغض النظر عن اللغة الأم.

لغة جلوبيش

تعد لغة جلوبيش أو لغة نيريير (بالإنجليزية: Globish Language) إحدى النسخ المبسطة عن اللغة الإنجليزية الأمريكية المستخدمة بشكل عالمي والمكونة بشكل أساسي من الكلمات العالمية والإنجليزية التي تمت صياغتها رسميًا من قبل جان بول نيريير في منتصف التسعينيات، وتم إصدار عام 2004م كتاب بعنوان (Parlez Globish) يتضمن 1500 كلمة من مفردات جلوبيش، ويشير اللغوي هارييت جوزيف أوتينهايمر في هذا المقام أن لغة جلوبيش ليست لغة إنجليزية مبسطة وإنما لغة بدون تعابير يسهل على غير الناطقين بالإنجليزية التواصل من خلالها وفهمها وتعلمها بسهولة.