الفلسفة الإسلامية هو مصطلح يطلق على نوع من الفلسفة التي تهتم بالتقاليد الإسلامية، والتي بدأت بالظهور على يد يعقوب بن إسحاق الكندي في القرن الثاني الهجري (بداية القرن التاسع الميلادي) وانتهت مع ابن رشد في القرن السادس هجرية (نهاية القرن الثاني عشر الميلادي)، وكانت هذه الفترة تعرف باسم العصر الذهبي للإسلام، ومع رحيل ابن رشد انخفض النشاط الفلسفي العربي في الدول الإسلامية وانتهى تخصص "المدرسة المشائية" من الفلسفة الإسلامية تمامًا، إلا أن الفلسفة الإسلامية استمرت في أماكن أخرى مثل الدولة الفارسية والإمبراطورية العثمانية والمغولية، وواصلت العديد من المدارس الفلسفية عملها مثل: المدرسة السينوية التي تنسب لابن سينا والمدرسة الرشدية المنسوبة لابن رشد والفلسفة الصوفية والفلسفة الإشراقية وفلسفة أصفهان وفلسفة الحكمة المتعالية، وازداد الاهتمام بحقل الفلسفة الإسلامية بحلول أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حتى يومنا هذا، بعد أن قدم ابن خلدون في مقدمته الشهيرة مساهمات قيمة في فلسفة التاريخ، وعليه فإن الفلسفة الإسلامية كان لها عظيم التأثير على أوروبا لا سيما بعد حركات الترجمة التي تمت في العصور الوسطى.
مفهوم الفلسفة الإسلامية
يميل مصطلح الفلسفة الإسلامية لوصف الفلسفة التي نشأت في العالم الإسلامي، وهذا المصطلح عام إلى حد ما، لذا يمكن تعريفه واستخدامه بالعديد من الطرق، فالفلسفة الإسلامية بمعناها الأوسع والأشمل تشير إلى نظرة العالم للدين الإسلامي كما هو مستمد من النصوص الإسلامية في القرآن والسنة، والتي تتعلق بالله سبحانه وتعالى وإرادته، بمعنى أن هذا المصطلح يشمل أي مدرسة فكرية نشأت وازدهرت في فترة الحضارة الإسلامية أو الثقافة العربية الإسلامية، أما من منظور أقل اتساعًا وشمولية، فإن الفلسفة الإسلامية تشير إلى المدارس الفكرية الخاصة التي تعكس تأثير مناهج الفلسفة اليونانية، مثل الفلسفة الأرسطية والأفلاطونية.
ولا يشترط معنى الفلسفة الإسلامية أن يكون المجال متعلقًا بالقضايا الدينية فقط أو بالفلسفات التي تظهر على يد المسلمين وحدهم، ويمكن أن تكون أقرب كلمة للفلسفة استخدمت في النصوص الإسلامية التي تشمل القرآن الكريم والسنة النبوية هي كلمة "الحكمة"، لذا نلاحظ أن الكثير من فلاسفة المسلمين استخدموا كلمة حكمة كلمة مرادفة لكلمة فلسفة، وعلى الرغم من هذا فإن كلمة فلسفة في ضوء الحضارة الإسلامية بقيت شديدة الصلة والالتصاق بالمفاهيم الفلسفية اليونانية، وبالتالي فإن كل مدرسة فلسفية إسلامية قامت بتعريب أو تعريف الفلسفة وفقًا لرؤيتها الخاصة واهتماماتها، فنجد أن الصوفية على سبيل المثال فضلوا استخدام كلمة حكيم على كبار علمائهم بدلًا من فيلسوف، بينما ظل لقب الفلاسفة ينتمي أكثر للفلسفة اليونانية.
نشأة الفلسفة الإسلامية
بدأت الفلسفة الإسلامية تيارًا فكريًا في بداية تكوين الدولة الإسلامية، وكان يطلق على هذا العلم حينها "علم الكلام"، واستمرت في الازدهار حتى وصلت لقمة تقدمها بحلول القرن التاسع، حينما اطلع المسلمون على الفلسفة اليونانية، فساعد هذا على ظهور العديد من الفلاسفة المسلمين، الذين اختلفوا في هذا الوقت عن علماء الكلام، فعلم الكلام كان علمًا يستند إلى نصوص القرآن والسنة النبوية، مع الأساليب اللغوية المنطقية لإقامة الحجج أمام من يحاول الطعن في الدين الإسلامي وحقيقته، أما الفلاسفة الإسلاميون الذين تبنوا الفلسفة اليونانية، والذين كانوا يلقبون بالفلاسفة المشائين، فكانوا يعتمدون على التصورات الأرسطية والأفلاطونية بما يتناسب مع نصوص الإسلام، مع محاولات لاستخدام المنطق لتحليل القوانين الكونية الثابتة النابعة من إرادة الله.
ووصلت الفلسفة الإسلامية لتطور وازدهار بالغ على يد ابن رشد، الذي تمسك بالفكر الحر والعقلاني القائم على المشاهدة والتجربة، لذا نجد أن أول فيلسوف عربي برز ولقب بالمعلم الأول كان الكندي، ثم تبعه الفارابي الذي تبنى الكثير من الأفكار الأرسطية وأسس مدرسة فكرية كان من أهم روادها: الأميري والسجستاني والتوحيدي، ومن ثم ظهر الغزالي الذي يُعدّ أول فيلسوف يمكنه التوفيق بين المنطق والعلوم الإسلامية، وهو أول من توسع في استخدام المنطق وشرحه واستعان به في علم الفقه وأصوله، إلا أنه على الرغم من هذا كتب كتابًا سماه تهافت الفلاسفة، والذي هاجم فيه الفلاسفة المشائين بشدة، ورد عليه ابن رشد لاحقًا في كتاب سماه تهافت التهافت.
وفي المقابل كان دائمًا هناك اتجاه يرفض أي خوص في مسائل الإلهيات وطبيعة الخالق، ويكتفي فقط بما تم ذكره في الكتاب والسنة، مع التشكيك في المنطق الفلسفي والحجج الكلامية، وكان يطلق عليهم اسم "أهل الحديث"، ولا يزال يوجد حتى الآن تيارات إسلامية تؤمن أنه لا يوجد فلاسفة إسلاميون، وأن هذا اللفظ لا يصح من الأساس، لأن الإسلام له علماؤه الذين يتبعون كتاب الله وسنة نبيه، أما من يشتغل بالفلسفة فهو من الفئة المبتدعة الضالة، وفي الفترة الأخيرة من الحضارة الإسلامية ظهر ابن تيمية بحركته النقدية للفلسفة، والذي عارض الأعمال الفلسفية بشدة، وكان واحدًا من أبرز أعلام مدرسة الحديث، وكتب في هذا كتاب أطلق عليه "الرد على المنطقيين"، ورأى الباحثون هذا الكتاب نقد مبني على دراسة عميقة وأساليب منطقية للفلسفة اليونانية، وكان هذا الكتاب السبب في بناء فلسفة من نوع جديد كانت النقلة من واقعية الكلي لاسميته.
خصائص الفلسفة الإسلامية
للفلسفة الإسلامية العديد من الخصائص التي تميزها عن العلوم الأخرى، ومن أبرز هذه الخصائص ما يأتي:
الشك المنهجي
من أهم خصائص الفلسفة الإسلامية هو الشك المنهجي الذي يُعدّ جزءً مهمًا من عملية التفكير، لأنه ما يدفع الإنسان إلى القيام بعملية البحث.
النظرة الشمولية
تتسم الفلسفة الإسلامية بنظرتها الكلية والشمولية لكل الظواهر، وتجعل الإنسان يبحث عن أساس الأشياء التي تقوم عليها معتقداته وما يؤمن به وأصولها.
التطور
على الرغم من أن الفلسفة الإسلامية جاءت من أصول يونانية، تطورت على أيدي الفلاسفة المسلمين فيما بعد، لذا فهي تطورية.
سمو الهدف والغاية
تهتم الفلسفة الإسلامية بالتأكيد على مبادئ العقيدة الإسلامية والبحث عن أساس فلسفي لها، لذا فهي ذات هدف سامي ولا تهتم بالأمور الجدلية.
المنهج البرهاني
منهج الفلسفة الإسلامية هو المنهج البرهاني الذي يقوم على الأدلة العقلية لا على العواطف والجدل.