سيف الدولة الحمداني أو سيف الدولة (بالإنجليزية: Sayf al-Dawlah) هو علي بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان بن الحارث التغلبي شقيق حسن عبد الله بن حمدان المُلقب بناصر الدولة، برز سيف الدولة ضمن الشخصيات الأساسية في العصر العباسي، خاصة في منطقة سوريا حيث فرض سيطرته وأسس إمارة حلب المتضمنة مناطق شمال سوريا وأجزاء من غرب الجزيرة (بلاد الرافدين)، وحاز سيف الدولة طوال فترة حكمه على احترام القبائل العربية وتقديرهم، وساعد على أن تصبح حلب مركزًا للثقافة والأدب إذ قدم الدعم لأدباء القرن العاشر ميلادي.

وبرز سيف الدولة شاعرًا  وأحاط به العديد من الشخصيات المثقفة البارزة التي من أهمهم الفارابي والمتنبي وأبو فراس الحمداني، وعُرف على صعيد آخر قائدًا شجاعًا تميز بقوته وسخائه وطموحه السياسي غير المحدود وأدبه وكرمه وقدرته على اصطفاء الرجل من حوله، وحافظ على الدولة الحمدانية حتى نهايات القرن العاشر ميلادي.

وتفككت الدولة الحمدانية بعد وفاة سيف الدولة الحمداني ووقعت في العديد من الصراعات الداخلية واستعان العديد من أبنائها بالروم مما شكّل خطرًا على العالم الإسلامي إذ خضعت تحت الضعط للدولة الفاطمية أخيرًا.

سيف الدولة الحمداني... نشأته وطفولته

ولد سيف الدولة يوم 22 يوليو/حزيران عام 916م لوالده عبد الله أبو الهيجاء بن حمدان في مدينة ميافارقين، إحدى مدن ديار بكر، وهو من قبيلة بني حمدان المتفرعة من قبيلة تغلب المنتمية للجزيرة (بلاد الرافدين العليا)، ونشأ سيف الدولة في أسرة ذات تاريخ نضالي بارز إذ كان والده وقبيلته يناضلون من أجل الحكم في إمارة الموصل ونقل والده عبد الله الحكم إلى أخيه الأكبر الحسن ناصر الدولة بعد وفاته.

تلقى سيف الدولة على يد أخيه ناصر الدولة أساسيات الإدارة العامة، وخلال فترة شبابه حقق العديد من الإنجازات وأصبح اليد اليمنى له مقابل الحصول على منصب حاكم لديار بكر، فتمكن حينها من السيطرة على الأجزاء الشمالية من محافظة ديار مضر وأطلق العديد من الحملات الاستكشافية لمساعدة الإمارات المسلمة المتواجدة في منطقة الحدود البيزنطية لمنع التقدم البيزنطي، إلى أن رأى في شمال سوريا طموحه في الحكم وانتقل إليها لتأسيس إمارة حلب.

أهم إنجازات سيف الدولة الحمداني

حقق سيف الدولة العديد من الإنجازات الحربية خلال بداية حياته مما منحه لقب سيف الدولة، إذ استطاع أن يحقق أعظم انتصار على البريدين عام 942م الذين دفعوا الخليفة العباسي المتقي لله إلى الخروج من بغداد، حيث أمر الخليفة بعد انتصار سيف الدولة عليهم أن يصك اسمه على الدنانير والدراهم تكريمًا لإنجازاته وتعظيمًا لها ومنحه لقب سيف الدولة كناية عن قدرته على الحماية، وفيما يأتي أبرز إنجازات سيف الدولة التاريخية:

  • تأسيس إمارة حلب

أسس سيف الدولة الحمداني إمارة حلب عام 333هـ الموافق ميلادي 944، بعد أن استطاع السيطرة على المنازعات والصراعات المنتشرة  في مدينة حلب الشهباء قبل فرض حكمه عليها، فعمل أول الأمر على التخلص من حكم بني تميم الذين عاثوا فسادًا وظلمًا في أرض الشهباء، ثم قامت حروبه مع الإخشيدين الذين استولوا على أرض حلب وكانت الغلبة له ولجيشه، وأسس بعد ذلك إمارته التي ضمت حمص وحلب وأنطاكيا، بينما تولى الإخشيدي ولاية دمشق مقابل أتاوة سنوية تدفع لسيف الدولة، إلى أن استولى عليها بعد انسحاب جيوش كافور منها إلى مصر، واستطاع أن يطأ بقدميه أرض الدولة الأموية.

  • الحروب مع البيزنطيين

واجه سيف الدولة البيزنطيين في آكام طوروس وسهول الأناضول، وتشير السجلات التاريخية إلى أنه خاض معهم العديد من الحروب التي وصل عددها 40 حربًا أشار إليها المتنبي في العديد من المواضع في قصائده الشعرية، ومن أعظم القادة البيزنطين الذين واجههم سيف الدولة نيسفوروس فوكاس المعروف من القادة البيزنطيين في عهد قسطنطين السابع.

وحقق سيف الدولة العديد من الانتصارات على البيزنطيين إلا أنه لم يتمكن من الاستحواذ الدائم على الأراضي التي كانت تحت سيطرتهم، وبحلول عام 962م تقدم جيش البيزنطيين المكون من 200 ألف جندي وألحقوا الهزيمة بسيف الدولة واستولوا على المدينة.

سيف الدولة الحمداني والمتنبي

حظي المتنبي في ظل حكم سيف الدولة بالمميزات العديدة وكان أحد شعراء البلاط لمدة تسع سنوات، وخلال تلك الفترة كتب المتنبي في الأمير الحمداني سيف الدولة أجود الشعر، فوصف جهاده ضد الروم وعرض فروسيته وشجاعته، واكتسب المتنبي قمة الشهرة وذروتها والمجد عند سيف الدولة إلى أن غادر حلب متجهًا إلى دمشق ثم مصر ثم إلى الكوفة ثم بغداد إلى أن قتل على يد فاتك بن أبي جهل.

وساعدت أسباب عدة على حصول المتنبي على إشادة سيف الدولة وتكريمه وبروزه ضمن أشهر شعراء العصر العباسي، ومن أهم هذه الأسباب ما يأتي:

  • ثقافة سيف الدولة

ساعدت البيئة التي نشأ فيها سيف الدولة الحمداني على تعظيم الأدب والشعر والثقافة، إذ رغب بعد تأسيس إمارة حلب أن تكون المدينة مركزًا للثقافة والعلم والفلسفة فكرّم الشعراء والأدباء الذين برزت أسمائهم في فترة حكمه وما بعد حتى يومنا الحالي والذين من أشهرهم المتنبي.

  • الكرم

تمتع سيف الدولة الحمداني بالكرم والغدق فكان ذلك أحد أهم الأسباب في جذب العديد من الشعراء والأدباء حوله من كافة أنحاء البلاد، فجاد العديد منهم بشعره لنيل وده، وقدم سيف الدولة العديد من الهدايا للشعراء المغمورين طريقة لدعمهم وتشجيع الحركة الأدبية الثقافية.

  • إذكاء روح المنافسة

شجع سيف الدولة روح المنافسة بين الشعراء مما ساعد على إنتاج أجود الشعر من قبل العديد الشعراء من حوله فعرف المتنبي وغيره بشعرهم الجيد، مما ساعد على تخليد العديد من الأسماء إلى جانب المتنبي مثل أبي الفراس الحمداني والصنوبري وكشاخم والخالديان.

وفاة سيف الدولة الحمداني

توفي سيف الدولة الحمداني يوم 25 يناير/كانون ثاني عام 967م بعد أن فرض سيطرته على حلب ودمشق، إلا أن سنواته الأخيرة تميزت بالضعف والهزيمة نتيجة مرضه مما أدى إلى تراجع سلطته وقيام العديد من الثورات من قبل رجال الدولة المقربين من حوله للسيطرة على الحكم، وسيطرت القوات البيزنطية على أجزاء من أنطاكيا والسواحل السورية وأصبحت رافدًا بيزنطيًا بعد وفاته مما أفقد الإمارة قوتها السابقة.