الهندوس هم جماعة من الناس الذين يدينون بالديانة الهندوسية التي نشأت في الأساس في شبه القارة الهندية، والتي يؤمنون على أساسها بعدة أنظمة فلسفية ومعتقدية وطقوسية، وعلى الرغم من أن كلمة هندوسية كلمة جديدة إلى حد ما في الاستخدام، حيث ذكرها الكتاب البريطانيون في أوائل القرن التاسع عشر، فإنها تشير لتقاليد وممارسات ونصوص يمكن أن نتتبعها إلى الألفية الثانية قبل الميلاد أو قبل ذلك قليلًا، ويمكننا أن نقول إن حضارة وادي السند هي أول مكان مارس هذه التقاليد في الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد، ويقول العلماء إن الديانة الهندوسية التي يدين بها الهندوس هي أقدم ديانة ما تزال حية على الأرض، وكان لهذا الجنس دور كبير في نشر هذه الديانة إلى أجزاء كبيرة من العالم، لا سيما في جنوب شرق آسيا في القرن الرابع قبل الميلاد، حيث استمر هناك لأكثر من 1000 عام تقريبًا، وذكرت الإحصائيات أنه مع بداية القرن الحادي والعشرين أصبح هناك أكثر من مليار هندوسي في جميع أنحاء العالم، وأغلب هذه النسبة تعيش في الهند.
أصل الهندوس
الهندوس هم جماعة من الأشخاص الذين يرون أنفسهم جنسًا ثقافيًا أو عرقيًا أو دينيًا يلتزمون فيه بمبادئ الهندوسية، واستخدم هذا الاسم لاحقًا تعريفًا جغرافيًا وثقافيًا ودينيًا للأشخاص الذين يقطنون شبه القارة الهندية، ويرجع أصل كلمة "هندوسية" إلى الفارسية القديمة، المشتقة من السنسكريتية "السندو"، إشارة إلى نهر السند، ويمكن أن يكون الاسم له أصل مشتق من الكلمات اليونانية "إندوس" التي تعني النهر و"الهند" التي تعني أرض النهر، وبحلول القرن السادس عشر استخدم مصطلح الهندوس لكي يشير إلى السكان الذين يقطنون شبه القارة الهندية من غير الأتراك أو المسلمين.
وتقول بعض النظريات إن الهوية الهندوسية بدأت بالظهور خلال حقبة الاستعمار البريطاني، ويقول البعض إنها تطورت في وقت ما بعد القرن الثامن بعد نشوب الغزوات الإسلامية والحرب بين الهندوس والمسلمين خلال العصور الوسطى، وعلى مدى القرون التالية تم استخدام مصطلح هندوسي عدة مرات، لا سيما في النصوص المؤرخة بين القرنين الثالث عشر إلى الثامن عشر، وكذلك استخدم الشعراء الهنود المصطلح بين القرنين الرابع عشر والثامن عشر، حيث أنه بحلول القرن الثامن عشر بدأ التجار والمستعمرون الأوروبيون يميزون الجماعات التي تدين بالديانات الهندية على أنهم هندوس، لتمييزهم عن المسلمين من الأتراك والمغول والعرب.
وبحلول منتصف القرن التاسع عشر ذكرت النصوص الاستشراقية مصطلح الهندوس لتمييز هؤلاء الجماعة عن البوذيين والسيخ والجاينيين، ويمكن تصنيف الهندوس على أنهم ثالث أكبر جماعة دينية في العالم بعد المسيحيين والمسلمين، إذ يبلغ عددهم أكثر من 1.2 مليار شخص الآن، 94.3 % منهم (أي حوالي 966 مليون شخص) يعيشون في الهند فقط، بينما يعيش الباقي موزعين على 9 دول وفق الترتيب التنازلي الآتي: نيبال، بنغلاديش، إندونيسيا، باكستان، سريلانكا، الولايات المتحدة، ماليزيا، الإمارات العربية المتحدة، المملكة المتحدة.
ثقافة الهندوس
نشأت الديانة الهندوسية من أكثر من 5000 عام بالقرب من نهر السند، إلا أن أصول العقيدة أقدم من هذا الوقت بكثير، ولا يمكننا أن نقول إن هناك مؤسس للهندوسية، بل إنها مجموعة من التقاليد الدينية التي لا تعتمد على دين واحد، وهي طريقة كاملة لممارسة الحياة من كل جوانبها، ويمكننا توضيح ثقافة الهندوس سواء من الناحية الدينية أو عادات الموت أو الدفن وفق ما يأتي:
الإله
يؤمن الهندوس بإله واحد ويعبدونه ويظهر هذا الإله الواحد في العديد من الصور والآلهة والتجليات الأخرى، ومن أمثلة ذلك: كريشنا وشيفا وراما ودورجا، ويعتقدون أن الوجود يتكون من دورة مؤلفة من 3 حلقات؛ ولادة وموت وبعث، وهذه الدورة تحكمها الكارما، ويؤمنون أيضًا أن أي صلاة على خلاف شكلها ومظهرها ستصل في النهاية إلى الإله الواحد الذي يؤمنون به، وبالتالي فإن الهندوسية لا تنص على اتباع عقيدة معينة، بل يطلب من أفرادها عبادة الله بحسب وجهة نظرهم وإيمانهم، مع توفير قدر كبير من الحرية في مسألة الإيمان والعبادة.
الكتاب المقدس
يطلق على الكتاب المقدس للهندوس اسم البهاغافاد غيتا، وهو كتاب يضم الحوار الذي دار بين الرب المبارك كريشنا وأرجونا، ويتكون من 700 آية موزعة على 18 فصل، ويعود تاريخ هذا الكتاب إلى الألف الثالث قبل الميلاد تقريبًا، وتعني كلمة بهاغافاد "الله أو الرب أو الإله"، وترمز لكريشنا، أما غيتا فتعني "القصيدة أو الأغنية أو الأنشودة"، ومعلم هذا الكتاب المقدس هو كريشنا الذي يقدسه الهندوس مظهرًا من مظاهر الإله وينسبون إليه الشمس التي تستمر بفضلها الحياة، وهو واحد من ثلاثة آلهة عظام؛ كريشنا وفيشنو وشيفا، ويطلق على الجزء الأخير من الكتاب المقدس اسم الفيدات أو الفيدا وهو الاسم الأكثر انتشارًا واستخدامًا في العالم.
الممارسات الدينية
يصلي الهندوس في العادة مرتين في اليوم، ويحرقون البخور كلما أمكنهم ذلك، ويستخدمون الكتاب المقدس والسبحة في أثناء الصلاة، ويفضلون الخصوصية في أوقات صلواتهم ويقدرون من يحترم ذلك.
الحمية
معظم الهندوس يعتمدون في حميتهم على النباتات، أي أنهم نباتيون، وينظرون إلى البقر كحيوان مقدس، وهذا يعني أنه حتى الهندوس الذين يتناولون اللحوم لا يأكلون لحم البقر، ويأكل بعض الهندوس البيض بينما يرفض البعض الآخر تناوله، ويرفض بعضهم تناول الثوم والبصل، لذا فإن موضوع الحمية نسبي يختلف من هندوسي لآخر، بجانب أن منتجات الألبان مقبولة لديهم لكن يجب أن تكون خالية من المنفحة الحيوانية، فمثلًا نوع الجبن الوحيد الذي يأكله الهندوس هو الجبن القريش، والنباتيون الصارمون منهم قد يشعرون بالضيق الشديد إذا قدم لهم الطعام النباتي من نفس الطبق أو بنفس الأدوات التي قدم بها اللحم.
الصيام
يمارس الهندوس الصيام في الأيام القمرية الجديدة، وفي أوقات المهرجانات مثل مهرجانات شيفاراتري وساراسواتي بوجا ودورجا بوجا، ويمكن أن يتطلب الصيام منهم الامتناع عن أنواع معينة من الأطعمة فقط.
المرأة الهندوسية
طبيعة المرأة الهندوسية الحياء، لذا يفضلن عند الذهاب للفحص الطبي أن تفحصهم وتعالجهم طبيبة أنثى، ويجوز للمرأة الهندوسية أن ترتدي الأساور لكن لا يجوز نزعها من دون إذن، وبالنسبة للبقعة الحمراء التي توضع على الجبهة أو فروة الرأس، فهو تقليد لا يقوم به جميع الهندوس، بل البعض منهم فقط يفعل ذلك، لكن لا ينبغي إزالة هذه البقعة عند وضعها أو غسلها مرة أخرى دون إذن.
ثقافة الموت
يفضل الهندوس القراءة من الكتاب المقدس بجانب الشخص الذي يحتضر، وبعد الموت يجب تغطية الجثة ولا ينبغي إزالة الأشياء المقدسة منها، وسيقوم الأقارب بغسل الجسد ومساعدته على ارتداء أفضل الثياب الجديدة، ويفضل أن يقوم بهذا الابن الأكبر للمتوفى مهما كان صغير السن، ويفضل الهندوس حرق الجثة، حتى لو وجب تشريح الجثة، فإنهم يفضلون جمع الأعضاء كلها قبل الحرق والدفن.