العلويون (بالإنجليزية: Alawites) هم مجموعة دينية منفصلة ومتفرعة عن الإسلام الشيعي، تأسست على يد محمد بن نصير، وتقدس الإمام علي بن أبي طالب، ويُعتقد أنهم ينحدرون في الأصل من العراق، لكنهم استقروا على الساحل الغربي لسوريا.

 

أصل العلويين

يُعتقد أن أصل العلويين يعود إلى الكنعانيين، وأنهم تأثروا بالمسيحية والإسلام حتى استقر بهم الحال، في نهاية المطاف، طائفة متفرعة من الإسلام الشيعي تسكن، في الغالب، محافظة اللاذقية على الساحل السوري.

ويُقال أيضًا إن نسبهم يعود إلى فرعين رئيسين من القبائل أو العشائر وهما قبائل غسان وبهرا وتنوغ في الشام والعراق؛ اتبعت هذه القبائل المذهب الشيعي وتفرعت عنهم الطائفة التي تُعرف الآن بالنصيرية. وتدّعي بعض هذه القبائل، مثل المحازرة، أنهم هاشميون. ويجدر الإشارة إلى أن قبائل طيئ وغسان ساعدت على زيادة عددهم حيث اضطرت هذه القبائل إلى الهجرة والفرار من العراق إلى الشام بسبب الحروب الصليبية، وبذلك استقروا في المنطقة الممتدة من طبرية وجبل عامل حتى حلب.

أما الفرع الثاني فهم الحيدرية الغيبية، وهم العلويون الذين يسكونون الآن حول نهر الكبير الشمالي في منطقة بسنادا في محافظة اللاذقية، حيث توجد الكثير من العائلات العلوية المشهورة.

 

محمد بن نصير وتأسيس الطائفة العلوية

يُعتقد أن الطائفة العلوية تأسست في القرن التاسع، حوالي عام 868 م، على يد محمد بن نصير الذي يُزعم أنه كان من تلاميذ الأئمة الشيعة، ولا سيما الإمام العاشر علي الهادي والإمام الحادي عشر الحسن العسكري اللذان كانا يشيران إلى نفسيهما باسم الباب الشرعي أو بوابة الحقيقة.

وابن نصير هو أبو شعيب محمد بن نصير بن بكر العبدي النميري التميمي البصري الذي تعود إليه تسمية العلويين باسم النصيريين أو النصيرية، وهو أحد نواب الإمام المنتظر عند الرافضة في فترة الغيبة الصغرى. وعاصر ابن نصير الإمام الحسن العسكري الذي لقبه بأبي شعيب، ويرى النصيريون أنه خليفة الإمام العسكري أو المرجع العلمي والديني له، أي، الباب الشرعي للإمام الحسن العسكري.

وقيل عنه أيضًا إنه كان من أصحاب الحسن بن علي بن محمد بن الرضا، وادّعى أنه وكيلًا للإمام الهادي –قيل إنه لعنه- وادّعى أيضًا النبوة حيث كان يقول بألوهية الإمام علي بن أبي طالب وأنه هو الذي أرسله رسولًا للناس. وقيل إنه من الغلاة الذين يعتقدون بربوبية الإمام الهادي، ويؤمن بتناسخ الأرواح والغلو في مقام الإمام الهادي، ويبيح أيضًا الزواج من المحارم والرجال مع الرجال.

تُوفي ابن نصير ودُفن في حلب عام 270 هجريًا الموافق 883 ميلاديًا وانقسمت الفرقة بعده إلى ثلاثة فرق لاختلافهم فيمن يخلفه حيث سُئل عند موته عمّن يخلفه؟ فأجاب أحمد ثم مات، فانقسموا حول أحمد المقصود، فمنهم من قال إنه ابنه أحمد، ومنهم من قال إنه أحمد بن محمد بن موسى بن الفرات، ومنهم من قال إنه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد.

"ورغم الأقاويل التي تعتقد أن العلويين بدأوا على أنهم طائفة شيعية تأثرت قبل ذلك بالمسيحية ثم الإسلام، هناك أقاويل أخرى ترى أنهم كانوا وثنيين في الأصل قبل ذلك التأثر والتحول اللاحق إلى المسيحية ثم الإسلام."

 

عقيدة العلويين والاختلافات بينها وبين عقيدة السنة

رغم أن العلويين يصفون أنفسهم بأنهم امتداد للشيعة، يتصف مذهبهم بالغموض والانحرافات عن المذاهب والطوائف الإسلامية الأخرى؛ يؤمن المسلمون بوجود إله واحد فقط، وهو الله عز وجل وأن محمد نبيه ورسوله، لكن العلويين يستمدون أصولهم من المسيحية فيقولون بوجود ثالوث ألوهية يتمثل في علي رضي الله عنه، والنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وسلمان الفارسي. ويؤمنون أيضًا أن الله عز وجل ظهر على الأرض سبع مرات وكان أخر ظهور له في صورة الإمام علي رضي الله عنه. ولا يفرض العلويون أي قيود على الطعام أو الشراب ولا يطلبون من النساء تغطية رؤوسهن.

ومن أهم أفكارهم ومعتقداتهم:

  • يعتقدون أن علي بن أبي طالب إله.
  • يحبون عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل الإمام علي بن أبي طالب ويترضون له لزعمهم بأنه خلص اللاهوت من الناسوت، ويلعنون من يلعنه.
  • يعتقد بعضهم أن علي يسكن السحاب بعد تخلصه من الجسد الذي كان يقيده، وإذا مر بهم السحاب قالوا : السلام عليك يا أبا الحسن، ويقولون : إن الرعد صوته، والبرق سوطه.
  • يعظمون الخمر، ويشربونها، ويعظمون شجرة العنب لذلك.
  • يصلون في اليوم خمس مرات، لكنها صلاة تختلف عن صلاة المسلمين، إذ ليس فيها سجود.
  • لهم قداسات شبيهة بقداسات النصارى.
  • لا يؤمنون بالحج، ويقولون بأن الحج إنما هو كفر وعبادة أصنام.
  • لا يؤمنون بالزكاة الشرعية المعروفة عند المسلمين، وإنما يدفعون ضريبة إلى مشايخهم، مقدارها خمس ما يملكون.
  • الصيام عندهم هو الامتناع عن معاشرة النساء طيلة شهر رمضان.
  • لهم تفسير باطني لشرائع الإسلام وأركانه غير ما يعرفه منها المسلمون، ولذلك فهم لا يؤمنون بالشهادتين ولا بالصلاة ولا بالزكاة ولا بالصيام ولا بالحج، ولا الطهارة والوضوء والاغتسال من الجنابة...إلخ.
  • عقائدهم خليط من الاعتقادات والأديان الباطلة، فأخذوا من الوثنية القديمة وعُبَّاد الكواكب والنجوم، وأخذوا من الفلاسفة المجوس، والنصارى، والمعتقدات الهندية والآسيوية الشرقية، وخلطوا ذلك بمعتقدات الشيعة الغلاة.
  • لهم أعياد كثيرة يحتفلون بها تدل على مجمل عقائدهم.

تجدر الإشارة إلى أن العلويين يتفقون مع الشيعة في الرواية التاريخية لمرحلة الرسول وما بعدها، ولكنهم يختلفون في النظريات الدينية والتفاسير القرآنية وتقديس الإمام علي بن أبي طالب، ويركز العلويون على العقل حيث يرمزون إلى الرسول به. ويتمّ تداول الأدبيات العلوية من جيل إلى جيل بين الرجال حيث تُدرّس تلك الأدبيات للصبيان الذين يبلغون من العمر 15 أو 16 سنة وتُترك لهم حرية اختيار التعمق في الأمور الدينية والتوغل في أمور الدين مع أحد المشايخ.

 

الأعياد عند العلويين

يحتفل العلويون بعدد من الأعياد التي لها دلالات عقائدية عندهم، ومنها:

  • عيد النيروز أو النوروز، في اليوم الرابع من أبريل، وهو أول أيام سنة الفرس.
  • عيد الغدير (عيد شيعي تقليدي يحتفل بتعيين محمد لعلي خليفة له) والعاشر من المحرم (عاشوراء، مع الاختلاف في الرمزية والمدلول مع الشيعة).
  • عيد الأضحى، وهو عندهم في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة.
  • يحتفلون بعيد الميلاد وميلاد نبي الله عيسى عليه السلام.
  • عيد الفراش - مبيت أمير المؤمنين (يوم استبدل علي بن أبي طالب نفسه بالرسول محمد عندما هاجر الرسول إلى المدينة، وهو ما يراه العلويون تضحية من الواجب الاحتفال بها وتقديسها).

 

تعداد العلويين وأماكن تواجدهم

تشير الدراسات الاستقصائية إلى أن العلويين يمثلون نحو 17,2% من سكان سوريا ويتمركز معظمهم على الساحل السوري والبلدات القريبة من الساحل في محافظة اللاذقية وقرية الغجر في هضبة الجولان، ويتمركز بعضهم في بعض قرى شمال لبنان، ويشكلون أيضًا أقلية كبيرة في لواء اسكندرون وسهل أضنة في جنوب تركيا حيث غالبًا ما يُخلط بينهم وبين أتباع الطريقة البكتاشية.

 

أبرز العلويين

أخرجت الطائفة العلوية بعض من الشخصيات البارزة التي أثّرت في الحياة السورية، ولا سيما إبان فترة حكم الدولة العثمانية والاحتلال الفرنسي لسوريا ولبنان وما بعد الاستقلال، وفي الحياة السياسية مؤخرًا، ومن أبرز هذه الشخصيات:

  • سليمان المرشد الزعيم الروحي للجماعة المرشدية وأحد مؤيدي الوحدة السورية بعد قرار الحكومة الفرنسية بتقسيم سوريا إلى دويلات تضم كل منها طائفة معينة.
  • جابر أفندي العباس، وهو زعيم الطائفة العلوية وأحد كبار أعيانها والمرجع الأكبر لها حين رفض تقسيم سوريا وإقامة دويلة للعلويين بعيدًا عن العرب.
  • صالح العلي، وهو زعيم سوري قاد الثورة العربية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي في منطقة جبال اللاذقية، وكان أحد قادة الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية مع الشريف حسين، حيث حكم عليه العثمانيون بالإعدام لقتله جنديين عثمانيين اقتحما منزله في وجود زوجته.
  • سليمان الوحش، وهو علوي طالب الحكومة الفرنسية بفصل العلويين في دولة مستقلة بعيدًا عن العرب.
  • حافظ الأسد، وهو رئيس سوريا الذي قاد انقلاب عام 1970 وأصبح رئيسًا لسوريا بعد استفتاء شكلي، وهو أيضًا من قاد مجزرة حماة عام 1982 لمدة 27 يومًا لقمع المعارضة؛ خلفت هذه المجزرة نحو 30 ألف إلى 40 ألف قتيل مدني، وقُدر عدد المفقودين فيها بنحو 17 ألف شخص، ودُمرت أحياء الكيلانية والعصيدة الشمالية والزنبقي وبين الحيرين بالكامل وسُويت بالأرض تمامًا، ودُمرت بعض الأحياء الأخرى بنسبة 80%.
  • رفعت الأسد، وهو شقيق الرئيس السوري حافظ الأسد، وكان قائد سرايا الدفاع التي ارتكبت مجزرة حماة.
  • بشار الأسد، وهو الرئيس السوري الذي خلف أباه حافظ الأسد وقامت ضده الثورة السورية عام 2011، وهو أيضًا من ارتكب العديد من المجازر في حق السوريين وتسبب في قتل نحو مليوني سوري وتشريد ملايين آخرين، وأمر بإلقاء الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليًا على المدنيين مما تسبب بقتل الآلاف من الرجال والنساء والأطفال من المدنيين، وأحكم الحصار على مضايا متسببًا في مجاعة أودت بحياة الآلاف، وانتهى به الأمر هاربًا مع أسرته في أواخر 2024.
  • ماهر الأسد،وهو شقيق الرئيس السوري بشار الأسد ونجل حافظ الأسد الذي كان عونًا لأخيه بشار في المذابح والمجازر التي ارتكبها في حق السوريين على مدى 14 عامًا من الثورة السورية وما قبلها، وهرب هو الآخر مع أسرته مع وصول الثوار إلى العاصمة دمشق وسيطرتهم عليها.