الطائفة السامرية التي تعرف أيضًا باسم السمرة أو شمرونيم بالعبرية أو كوتيم في التلمود، هي طائفة عرقية دينية تعود أصولها لبني إسرائيل لكنها تختلف عن اليهود، إذ إنهم يتبعون ديانة يطلق عليها السامرية، وهي مناقضة للديانة اليهودية على الرغم من اعتمادها على التوراة، إلا أن السامريون يرون توراتهم هي التوراة الصحيحة غير المحرفة وأن ديانتهم هي الديانة الحقيقية لبني إسرائيل، ويُعدّ السامريون في الأصل من شعب بني إسرائيل الذي تكون في شمال دولة يهوذا بعد سيدنا سليمان عليه السلام، ويستمر جودهم حتى الوقت الحالي، لكن بأعداد صغيرة، حيث يبلغ عددهم حوالي 820 شخصًا فقط الآن، يعيشون في قرية لوزة بنابلس في فلسطين ومنطقة حولون القريبة من تل أبيب.

ولا يؤمن أصحاب الطائفة السامرية بأي أحد من أنبياء بني إسرائيل بخلاف هارون وموسى ويوشع بن نون عليهم السلام، بالإضافة إلى أنهم لا يعترفون بقدسية كتب اليهود إلا الأسفار الخمسة المسماة بالتوارة، ويضيفون إليها سفر سادس تحت اسم "سفر يوشع"، بجانب أن نسخة التوراة لديهم تختلف عن النسخة العبرية لليهود في 6 آلاف موضع، ولا يؤمن السامريون لا بكتب العهد القديم ولا التلمود ولا غيره من كتب اليهود الأخرى، ويقدسون جبل يعرف باسم جزريم الواقع في نابلس، ولا يعترفون بصهيون وبيت المقدس، لذا يكفرهم اليهود.

أصل الطائفة السامرية وتاريخهم

يختلف العلماء في أصل السامريين، فمنهم من يقول إن السامرة قبيلة معروفة من بني إسرائيل وأن السامري صاحب العجل الذي ذكر في القرآن الكريم من هذه القبيلة، بينما يقول الرأي الآخر إن الطائفة السامرية لها أصول آشورية تنتمي لفرقة منهم تدعى شمرونيم، وهي مجموعة جاءت من فلسطين بعد غزو الآشوريين لها، وسيطروا على قطاع سبسطية وتملكوه، إلا أن الرأي الأخير ذا أدلة ضعيفة تاريخيًا، ويعتقد اليهود أن السامريين ليسوا من بني إسرائيل، وإنما هم جماعة جاء بهم الآشوريين عام 722 قبل الميلاد بعد السبي الآشوري، ودعم هذا الرأي بعض العلماء المسلمين مثل المقريزي، وقال إن هذه الطائفة دخلت لليهودية بعد أن سكنت بلاد الشام.

لكن السامريون أنفسهم يرون أن تاريخهم بدأ مع بداية خلق الله لآدم عليه السلام، لذا يعدّون سيدنا نوح عليه السلام هو جدهم العاشر وإبراهيم عليه السلام جدهم العشرين، وصولًا لموسى عليه السلام الذي أرسله الله ليحررهم من عبودية فرعون ويقودهم للأراضي المقدسة عام 1798 قبل الميلاد، والتي تمكنوا من دخولها بقيادة يوشع بن نون عام 1638 قبل الميلاد، لذا يعتقد السامرية أنهم بني إسرائيل الأصليون المنتمين ليوسف الصديق رضي الله عنه، وينظرون إلى اليهود على أنهم جماعة انفصلت عنهم وخالطوا أمم أخرى وحرفوا الديانة الصحيحة التي حافظ عليه السامريون –من وجهة نظرهم– من الضياع والتحريف.

وبحلول العهد الإغريقي حينما أصبحت فلسطين تحت سيطرة الإسكندر الأكبر المقدوني عام 333 قبل الميلاد، حكم الإسكندر ببناء الهيكل السامري في جبل جرزيم، الذي توافد إليه الحجاج السامريون واليهود ليقدموا النذور والقرابين، وظل مكان للحج حتى عام 128 قبل الميلاد حينما هدمه يوحنا هركانوس المكابي، وبعد وفاة الإسكندر احتدمت الأمور وعانى السامريون من الاضطهاد اليوناني، وذهب عدد كبير منهم لمصر، وبحلول عام 63 قبل الميلاد، دخلت فلسطين تحت السيطرة الرومانية، ومع قدوم الرومان أُعطى السامريون الكثير من الحرية السياسية التي حرموا منها، لكن تغير هذا على مدى القرون التالية، حيث لم يفرق الرومان فيما بعد بين عدائهم مع اليهود المعادين للنصرانية وبين السامريين، فسنوا العديد من القوانين التي شكلت ضغطًا على الطائفة السامرية.

ومع بدء العصر الإسلامي عاش السامرية كقبائل في أمن واستقرار وهدوء في المدن والقرى المحيطة بمنطقة نابلس، ومن أشهر هذه القبائل: قبيلة زهر وقبيلة عمران وقبيلة زيت وقبيلة يهوشع وقبيلة إبراهيم النور وقبيلة آل بكر وقبيلة ياسر بن نون وغيرهم، ومع بداية حكم هارون الرشيد دخل معظم السامريين للإسلام، واعتنق بعضهم المسيحية، وهاجر البعض من المنطقة مما أدى لتناقص أعدادهم بشكل كبير، حيث وصل عددهم في القرن التاسع عشر بین 150 إلى 200 نسمة، وبحلول عام 2011م قدر عددهم بحوالي 400 نسمة في منطقة حولون و350 نسمة في منطقة نابلس.

عقيدة الطائفة السامرية

تقوم عقيدة السامريين على 5 أركان أساسية على السامري أن يؤمن بها جميعًا، وهي:

  • الإيمان بوحدانية الله تعالى فالله ليس له شريك أو ولد، وهو لم يولد بل هو أزلي سرمدي.
  • الإيمان بأن موسى رسول الله وكليمه وحبيبه.
  • الإيمان بالتوراة (أول خمسة أسفار من الكتاب المقدس)، فهذه الأسفار شريعة الله وأساس الدين السامري.
  • الإيمان بقصة التكوين "خلق الكون"، وقصة آدم وحواء ومعصيتهما لله، وقصة قابيل وهابيل أبناء آدم.
  • الإيمان بسفر الخروج الذي يتحدث عن تكاثر بني إسرائيل في مصر، وعن العذاب الذي ذاقوه على يد فرعون موسى وخروجهم من مصر وهلاك فرعون وجنوده، وتذمر اليهود وعصيانهم لسيدنا موسى وعبادة العجل.

شريعة الطائفة السامرية

تقوم شريعة السامريين على الوصايا العشر التي يؤمنون أنها نزلت على موسى عليه السلام حين خاطبه الله سبحانه وتعالى في سيناء، لكن الوصايا العشر للسامريين تختلف في عدة مواضع عن تلك الخاصة باليهود، وهذه الوصايا هي:

1) لا يكن لك آلهة أخرى أمامي.

2) لا تنطق باسم الله باطلًا.

3) احفظ يوم السبت لتقدّسه.

4) احترم أباك وأمك لتطول أيام حياتك.

5) لا تقتل.

6) لا تزنِ.

7) لا تسرق.

8) لا تشهد الزور.

9) لا تشتهِ بيت قريبك وما يحويه.

10) احفظ قدسية جبل جرزيم الأبدية المطلقة.

لغة الطائفة السامرية

استخدمت الطائفة السامرية على مدار حياتها عدة لغات، وهم: الآرامية والعربية والعبرية، حيث يوجد لديهم العبرانية السامرية والآرامية السامرية، وتحتوي اللغة السامرية على مفردات خاصة بها دون غيرها، وهي مفردات لا توجد في اللغات الأخرى التي اشتقت منها، وتعد العبرية السامرية لغة العبادة عند السامريين، وتقرأ من اليمن لليسار، وتتكون أبجديتها من 22 حرف، أما الآرامية السامرية فهي واحدة من اللغات الآرامية الغربية التي يعود تاريخ استخدامها للفترة الرومانية الأولى التي كانت بين القرنين العاشر والحادي عشر، أما اللغة العربية فبدأ السامريون في استخدامها لغة منطوقة ثم مكتوبة بداية من القرن الحادي عشر، وقام أبو إسحق إبراهيم بن فرج ماروث الشهير باسم أبي الحسن الصوري بترجمة التوراة السامرية للغة العربية.

أهم العادات والتقاليد عند الطائفة السامرية

هناك العديد من العادات والتقاليد التي تميز الطائفة السامرية، ومن أهم هذه العادات ما يأتي:

  • الختان إلزامي للذكور عند السامريين في اليوم الثامن للمولود، ولا يجب تأخير ذلك إلا إذا كان الطفل في الحضانة، حيث يتم الختان في اليوم الثامن من خروجه من الحضانة، لأن هذا العهد هو ما قطعه السامريون لسيدنا إبراهيم عليه السلام، وإذا خولف ذلك يجب قتل الطفل حسب شريعتهم.
  • الطهارة أمر أساسي عند السامريين، فلا يجوز خروج الرجل من البيت إلا إذا كان طاهرًا، ويجب الاغتسال بعد الجماع أو الاحتلام أو لمس الميت أو الحيوانات المحرم تناولها.
  • يجب على العريس في أثناء الزواج بحسب التقاليد السامرية أن يكسو العروس وألا يبتعد عن معاشرتها، فالزواج مقدس لديهم لحفظ طائفتهم من الانقراض، وأركان النكاح عندهم تتمثل في الإيجاب والقبول، وأهم شروط الزواج هي العقل والبلوغ والحرية، ولا يجوز في تقاليدهم أن يتزوج السامري من غير السامرية أبدًا إلا إذا اعتنقت الديانة السامرية، ولا يحق له إلا الزواج بامرأة واحدة إلا إذا كانت زوجته عاقرًا، ولا يمكنه تطليق زوجته إلا إذا كانت مريضة مرضًا معديًا أو كانت لا تطيعه أو كانت عاقرًا.
  • لا يأكل السامريون أي طعام مذبوح إلا داخل منازلهم، ويجب أن يكون الذبح على الطريقة السامرية، مع عدم الجمع بين روحين على مائدة واحدة أو في وعاء واحد.