أم الرصاص (لالإنجليزية: Umm ar-Rasas) هي منطقة سكنية وأثرية تتبع محافظة العاصمة الأردنية عمّان، وتضم المنطقة مجموعة متنوعة من الآثار لتعاقب عدة حضارات عليها، وتمّ الإعلان عن أم الرصاص موقعًا للتراث العالمي في عام 2004.

أين تقع أم الرصاص؟

تقع منطقة أم الرصاص المسورّة المستطيلة الشكل على بُعد 26 كم جنوب شرق مدينة مادبا و60 كم جنوب العاصمة عمّان، على هضبة مادبا الخصبة على ارتفاع 760 متر عن سطح البحر، بين وادي الموجب ووادي الولاء، وهي في قضاء منفصل مركزه أم الرصاص، وقضاء أم الرصاص جزء من لواء الجيزة الذي يتبع لمحافظة عمان، وهي منطقة مأهولة يبلغ عدد سكانها نحو 4200 نسمة، وأم الرصاص تعد واحدة من أهم الأماكن السياحية في الأردن.

سبب التسمية

ترجع تسمية المنطقة بهذا الاسم وفقًا لمعاجم اللغة إلى جذره، فهو مشتق من الفعل رصّ، أي رتّب شيئين بتراص جانب بعضهما البعض، وتشير كلمة مرصّ إلى الطلاء بالرصاص، وكلا الاسمين يشيران في علم الأسماء إلى الأسوار المحصنة، وكانت أم الرصاص تسمى قديمًا "كاسترون ميفعة" وفق ما ورد في أحد نصوص اللغة اليونانية والمكتوب على فسيفساء تعود للعصر الأموي، وذُكر اسم "ميفعة" في المصادر العربية والرومانية، وأم الرصاص هو الاسم العربي المتعارف عليه للمنطقة، والذي أُطلق عليها للمرة الأولى من قِبل الرحالة الغربيين منذ عام 1807م.

التاريخ القديم

يُعتقد أنّ منطقة أم الرصاص والمناطق المحيطة بها كانت مأهولة بالسكان منذ حوالي 800 قبل الميلاد، وفي فترة الدولة الرومانية أصبحت أم الرصاص واحدة من ضمن مناطق القواعد العسكرية الرومانية، وعندما غادرها الرومان أصبح الحجاج المسيحيون يزورون المنطقة موقعًا دينيًا مقدسًا، وقرّر عدد منهم الاستقرار في المكان في القرن الخامس للميلاد، وتعود معظم الكنائس الموجودة في أم الرصاص إلى هذه الفترة الزمنية، وهي تتميز بطرازها المعماري البيزنطي، وفي العهد الإسلامي ومع دخول الفتوحات الإسلامية إلى المنطقة، أصبحت أم الرصاص تحت الحكم الإسلامي الذي تعاقب عليها حتى وصل إلى فترة الإمبراطورية العثمانية.

التاريخ المعاصر

بعد انسحاب العثمانيين من شرق الأردن وإعلانها إمارة، أصبحت أم الرصاص جزء من لواء عمّان، الذي يتبعه قضاء مادبا، لتكون أم الرصاص اليوم قضاء مستقل، وكان لأهل البلدة في التاريخ المعاصر دور حيوي في عدد من المعارك منذ بدايات القرن العشرين، من أبرزها دورهم الكبير في التصدي لغزوات البدو التي سُمّيت "حرب الأخوين"، جنبًا إلى جنب مع قبائل إمارة شرق الأردن في ذلك الوقت، وشارك أبناء أم الرصاص في أحداث الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الحسين بن علي ضد الدولة العثمانية، وكذلك دورهم في حرب فلسطين عام 1948، حيث استشهد عدد منهم في أثناء قتالهم ضد الصهاينة.

الأهمية الدينية المسيحية

تضم أم الرصاص آثار للأنباط والبيزنطيين والرومان، ويوجد بها 14 كنيسة يرجع تاريخ معظمها إلى القرنين الخامس والسادس، وقامت وزارة السياحة والآثار الأردنية بالترويج للمكان وإدراجه ضمن قائمة السياحة الدينية، حيث يرتاد الموقع الحجاج المسيحيون من شتى بقاع الأرض، إلى جانب العديد من المواقع الدينية الأخرى الموجودة في مدينة مادبا، مثل كنائس مادبا وجبل نيبو وقلعة مكاور، وتمّ التأكيد على هذه المواقع من قِبل البابا بنديكتوس السادس عشر في خلال زيارته للأردن عام 2009.

الأهمية الدينية الإسلامية

وفقًا لِما ورد في تاريخ ميفعة (أم الرصاص حاليًا)، فإنّ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم زار المنطقة قبل البعثة عندما كان شابًا، والتقى هناك براهب يُسمى بحيرى، والذي رأى ملامح النبوة في سيدنا محمد في اللقاء العابر الذي جمعهما في أم الرصاص.

الأهمية التاريخية والجغرافية لأم الرصاص

تكمن أهمية منطقة أم الرصاص التاريخية والجغرافية بسبب توثيقها للفترات والحضارات التي مرت بها، سواء كان ذلك من خلال الآثار القائمة في المكان إلى الآن أو من خلال خرائط الصور الموجودة في الأرضية الفسيفسائية لبعض كنائسها، والتي تذكر أسماء عدد من البلدات المصرية والفلسطينية في الفترة البيزنطية مكتوبة بالخط اليوناني، ولهذه الأسماء الموثقة أهمية بالغة من الناحية الفنية وكسجل جغرافي كذلك، وأيضًا تصور بعض كنائس أم الرصاص الأخرى الحيوانات والصيادين في تحفة فنية هندسية فسيفسائية مدهشة، إلى جانب العديد من النقوش والآثار المسيحية التي تشهد على انتشار المعتقد التوحيدي في المكان.

أبرز الآثار في أم الرصاص

تضم أم الرصاص العديد من الآثار المتنوعة، ولكن يغلب عليها المواقع الدينية المسيحية، ومن أبرز آثار المنطقة ما يلي:

  • الكنائس المسيحية

تحتوي منطقة أم الرصاص على مجموعة من الكنائس المسيحية، منها كنيسة القديس بولس وكنيسة القديس أسطفانس وعدد آخر من الكنائس المرصوفة أرضياتها بالفسيفساء.

  • الحصن الروماني

هو حصن يحيط به سور قديم يحتوي على عدد من أبراج المراقبة التي شُيّدت في الفترة البيزنطية في القرن الثالث عشر لحماية المنطقة من أي هجمات خارجية.

  • برج الناسك

يقع برج الناسك في الجهة الغربية من الحصن، على مسافة 5 كيلو متر منه، وهو مشيّد على أعلى قمة جبلية، وبُني البرج لعبادة الرهبان، فيما يعتقد بعض المؤرخين أنّ البرج كان لحماية المنطقة ومواردها المائية المحيطة وليس للتعبد.

الاقتصاد في أم الرصاص

تنتشر في معظم أنحاء منطقة أم الرصاص اليوم العديد من المزارع الكبرى على الرغم من طبيعة المنطقة الصحراوية، والتي تنعكس على التربة والمناخ، وهي مزارع قائمة على الآبار الارتوازية المحفورة في الأرض، وقامت وزارة السياحة والآثار الأردنية بتنفيذ مشروع تطوير أم الرصاص القديمة، لتنشيط حركة السياحة في المكان، ويوفر المشروع عدد من الوظائف والمشاريع الثانوية الصغيرة لسكان المنطقة لرفع المستوى المعيشي لهم.