يشير مصطلح عصر الباروك (بالإنجليزية: The Baroque Period) إلى الفترة الممتدة من القرن السابع عشر وحتى منتصف القرن الثامن عشر ميلادي في أوروبا، والتي تتميز بإنتاج أساليب فنية وموسيقية جديدة وانخفاض سيطرة السلطة السياسية الدينية، مما ساعد على بروز أسماء ملحنين عظماء مثل باخ وفيفالدي وهندل وكوريلي، الذين ابتكروا أساليب جديدة في الموسيقى مثل السوناتا وكونشيرتو (نوع من أنواع الموسيقى الآلية).
ويشار إلى أن عصر الباروك عرف بعصر الفنون في إيطاليا وازدهر بعدها في أماكن أخرى في أوروبا في القرن الثامن عشر، إذ ضم، إضافة إلى الموسيقى، الرسم والنحت والفنون الزخرفية والعمارة، ويذكر أن مصطلح باروك مشتق من البرتغالية والذي يعني اللؤلؤ غير المنتظم، وهو مصطلح استخدم لفترات طويلة لوصف عدة خصائص درامية وزخرفية غريبة وجديدة تختلف بأسسها وقواعدها عن المألوف والمعروف في الفن والعمارة في أوروبا آنذاك.
تاريخ عصر الباروك
تعود جذور تاريخ عصر الباروك تحديدًا إلى نهايات القرن السادس عشر حيث عُقد أول لقاء بين عدد من الفنانين وأهمهم جاكوبو بيري وكلوديو مونتيفيردي لمناقشة مواضيع مختلفة في الفن، ويعتقد أن هذا النقاش كان سببًا في بداية عصر الباروك وإنتاج الأوبرا كأشهر أشكال الفن في تلك الفترة وأهمها، ومع بداية القرن السابع عشر ظهر الأسلوب الأحادي في الموسيقى (بالإنجليزية: Monody)، وهو أسلوب الأغنية المنفرد الذي يتميز بالتعبير والبساطة والتناغم.
وفي منتصف القرن السابع عشر، لجأ الموسيقيون إلى الارتجال مما أنتج نوع موسيقي يعرف باسم الجهير المستمر أو المجسم، وهو ناتج عن الجمع بين آلة الأورغ الموسيقية وبين آلة واحدة من آلات الباص أو أكثر، ومع مرور الوقت أصبحت الأوبرا والفنون الأخرى أكثر اتساعًا وتعبيرًا كفنون مميزة لعصر الباروك. ويشار إلى أن الرسام كارافاجيو ساعد على ولادة حقبة جديدة في مجال الرسم، إذ بدأ باستخدام الخلفية الداكنة والأضواء المثيرة كتقنيات جديدة لم تعرف مسبقًا.
يشار إلى أن عصر الباروك ما بين 1600و1700 شهد ولادة أهم علماء الرياضيات، إسحاق نيوتن، الذي أوجد قوانين التفاضل والتكامل، إضافة إلى جاليليو الذي لعب دورًا عظيمًا خلال هذه الفترة إذ اخترع المجهر والتلسكوب وراقب الكواكب، وبرزت أيضًا عدة اختراعات أخرى خلال هذه الفترة أهمها الحقنة ومقياس الريح والبارومتر والشوكة الرنانة والمحرك البخاري.
ومن الجدير ذكره أن قوانين التكامل والتفاضل التي أوجدها إسحاق نيوتن أثرت بصورة خاصة على فن العمارة، مما ساعد على انتشار عمارة الباروك المتميزة بأسلوبها الفريد الذي ضم العديد من التحف الفنية والمنحوتات، ومن أهم النحاتين خلال هذه الفترة جيانلورنزو بيرنيني وفرانشيسكو بوروميني والرسام بيترو دا كورتونا.
الاتجاهات الرئيسية في عصر الباروك
أثرت ثلاثة اتجاهات ثقافية وفكرية على عصر الباروك وفيما يأتي ذكرها وبيانها:
- اتجاه الإصلاح المضاد
كان لظهور الإصلاح المضاد أو الإصلاح الكاثوليكي وتوسع نطاقه إقليميًا وفكريًا تأثيرًا كبيرًا على فن الباروك وموسيقاه، إذ تم التخلي في هذه الفترة عن أسلوب البلاط (التكلف) الذي أصبح غير متلائم مع الفن الديني، حيث تبنت الكنيسة برنامجًا فنيًا واعيًا يحفز إيمان الجمهور، وذا دلالات وتعبيرات أكثر حسية مقارنة بأسلوب البلاط السابق، مما أثر على ثقافة تلك الفترة عمومًا.
- توطيد الملكيات المطلقة وبلورة الطبقة الوسطى
كان لتمكين الملكية المطلقة وتعزيز وجود الطبقة الوسطى دورًا مهمًا في رعاية الفن والعمارة خلال عصر الباروك، إذ تم بناء العديد من القصور الملكية وتشييدها بهدف إظهار قوة الدولة المركزية وعظمتها، إضافة إلى ممارسات الطبقة الوسطى التي رعت أشكال الفن المختلفة ودعمتها، مما ساعد على ازدهار الفنون وزيادة إنتاجها.
- الاهتمام بالطبيعة
شهدت الفترة ما بين 1600 و 1700م اهتمامًا بالبيئة والآفاق الفكرية البشرية مما انعكس على طبيعة الحياة في تلك الفترة وعلى الفن والعمارة والعلوم والاختراعات.
عمارة عصر الباروك
تعرف عمارة عصر الباروك (بالإنجليزية: Baroque Architecture) بأنها الأسلوب المعماري الظاهر في إيطاليا في أواخر القرن السادس عشر، المتميزة بترك أثر درامي من خلال اللون والإضاءة المستخدمة، والمحتوية على أبراج مركزية وقباب وأروقة، والظاهرة بتصاميم ومخططات معقدة تهدف إلى زيادة الشعور بالحركة، وتستند في كثير من الأحيان إلى الشكل الانسيابي أو البيضاوي، وغالبًا ما يظهر في هذا النوع من العمارة التكرار والتفكيك والتشويه لأشكال عصر النهضة الكلاسيكية، وتجدر الإشارة إلى أن عمارة الباروك انتشرت في مختلف أنحاء العالم نتيجة حركات الاستعمار حتى القرن الثامن عشر.
ويشار إلى أن عمارة الباروك اشتملت على عدة عناصر أهمها التباين ومعالجة الأسطح وبروز المنحنيات والالتواءات واستخدام الألوان الساطعة وظهور التماثيل المذهبة، إضافة إلى بروز الأسقف المطلية بشكل واضح وظهور عناصر مجزئة أو غير مكتملة واستخدام الجص والرخام واستخدام القباب على شكل الكمثرى.
فن عصر الباروك
يشير مصطلح فن عصر الباروك (بالإنجليزية: Baroque Art) إلى الفن المزدهر في روما في الفترة ما بين 1590م و1720 ميلادي الذي يضم الرسم والنحت والعمارة والموسيقى، المتأثر بفترة الإصلاح الكاثوليكي، ومن أهم أنواع فن الباروك اللوحات الجدارية الضخمة التي تزين أسقف الكنائس والقصور وقبابها، المتميزة بإبراز العناصر الرئيسية للعقيدة الكاثوليكية أو التراكيب الأسطورية بشكل ينبض بالحركة مع استخدام أنظمة الألوان القوية ومفهوم الدوامة والأقطار الصاعدة واستخدام التقنيات التي تعطي الرسم كثافة سميكة.
وبرزت أيضًا المنحوتات في عصر الباروك المتميزة بحجمها الكبير غير المشابه للحجم الطبيعي، ويشار إلى أن العديد من العناصر الفنية دمجت مع العمارة الباروكية وتُعدّ كاتدرائية القديس بطرس في روما أحد أهم الأمثلة على فن عصر الباروك وعمارته.
أشهر شخصيات عصر الباروك
ضم عصر الباروك العديد من الفنانين والموسيقين والعلماء الذين كان لهم دور مهم في إنجازات هذا العصر، وفيما يأتي ذكر أهمهم:
أشهر علماء عصر الباروك:
- جاليليو جاليلي
- إسحاق نيوتن
- كوبرنيكوس
- أنطوني فان ليفينهوك
أشهر فناني عصر الباروك:
- كارافاجيو
- رامبرانت فان راين
- بيتر بول روبنز
- دييغو فيلاسكيز
- نيكولا بوسين
أشهر الموسيقيين عصر الباروك:
- يوهان سيباستيان باخ
- أنطونيو فيفالدي
- جورج فريدريك هاندل
- هنري بورسيل
- كلوديو مونتيفيردي
- دومينيكو سكارلاتي
- جورج فيليب تيلمان