شيا الغربية أو إمبراطورية تانغوت أو مينياك، كما أطلق عليها سكان التبت وشعب التانغوت، هي دولة قامت في الفترة ما بين عام 1083 إلى 1227 في المنطقة التي تشغلها حاليًا المقاطعات الصينية الشمالية الغربية نينغشيا وقانسو وتشنغهاي الشرقية وشانشي الشمالية وشمال شرقي شينجيانغ وجنوب غرب منغوليا الداخلية وأقصى جنوب منغوليا الخارجية.

الخلفية التاريخية

عاصرت مملكة شيا الغربية أسرة سونغ الحاكمة، وقامت المملكة على نظام قوي ذي نفوذٍ واسع وأطلق سكان المنطقة على أرضهم اسم مملكة شيا العظمى البيضاء العالية أو مملكة شيا العظمى، ونظرًا لوقوعها إلى غرب الأرض التي تحكمها سلالة سونغ، سمّيت في التاريخ الصيني باسم شيا الغربية، والتي حكمها عشرة أباطرة على مدى 190 عام من تاريخها، حاربوا خلالها كل من سلالة سونغ ولياو الحاكمتين، ولاحقًا سلالة جين، وفي فترة الممالك الثلاث شكّلت شيا الغربية قوة كبرى كان لها دور رئيسي في توازن القوى الصينية في العصور الوسطى، وكانت قبيلة التانغوت تمثّل الغالبية العظمى لسكان شيا الغربية، الذين كانوا متفوقين بالقوة العسكرية وأنشأوا اقتصاد كبير وكانوا متطورين في كافة جوانب الحياة الثقافية.

أسرة شيا الغربية

مملكة شيا الغربية هي إحدى الممالك البربرية الثلاث الكبرى التي حكمت شمال الصين وتأسست على يد الإمبراطور جينغ الذي حكمها من 1032-1048، وكان حاكم على التانغوت، وهم شعب يعود في أصوله إلى التبتيين، وفرض التانغوت هيمنتهم على الطرق التجارية بين آسيا الوسطى والصين، والتي كانت معروفة باسم طريق الحرير، ونظرًا لقوتهم العسكرية الهائلة لم تتمكن قوات إمبراطورية سونغ من هزيمتهم في الصراع المتبادل على الشمال الغربي من الصين، بل أجبر التانغوت سونغ على توقيع معاهدة سلام في عام 1044، ولم يتبنَ شعب شيا الغربية العادات والتقاليد والثقافة الصينية كما فعلت السلالات الصينية الأخرى مثل لياو وجين، وبقيت ثقافتهم الأدبية وتقاليدهم الدينية منفصلة تمامًا عن الثقافات الصينية الأخرى، أما عن الأبجدية فابتكر التانغوت طريقة خاصة للكتابة مستوحاة من النص الصيني، وكانت مملكة شيا الغربية أول إمبراطورية صينية تغزوها الجيوش المغولية، وعلى عكس سلالتي لياو وجين، لم تُصنّف أسرة شيا الغربية على أنها سلالة صينية شرعية.

اقتصاد شيا الغربية

استمر اقتصاد شيا الغربية لفترة طويلة معتمدًا على نظام البدو الرحّل، فكانوا يربون قطعان الماشية الكبيرة في السهول والمراعي الواسعة القريبة من النهر الأصفر العظيم، وبمرور الوقت بدأ سكان جنوب البلاد بالاعتماد على الزراعة، التي أصبحت لاحقًا الرافد الرئيسي لاقتصاد المملكة، وتحوّل الجزء الأكبر من السكان إلى الزراعة بدلًا من تربية الماشية، حيث نمت طبقة من الفلاحين والعمال الزراعيين، والذين كانوا مضطرين لدفع ضرائب لدولتهم، على الرغم من منعهم من امتلاك مساحات كبيرة من الأراضي، أما الطبقة الأخرى التي كانت في شيا الغربية فهي الطبقة الأرستقراطية التانغوتية والمسؤولين الحكوميين.

أما المجال الاقتصادي الآخر والناجح في شيا الغربية فهو صناعة المنتجات الصوفية، التي كانت تعتمد على قطعان الماشية، وبعد ذلك تمّ تطوير حرف يدوية متعددة، مثل صناعة الخزف، ثمّ تطوّر إنتاج الحديد بالتدريج في البلاد، وعلى الرغم من المعارك والحروب الدائمة، لم تكن عائق حقيقي أمام التبادل التجاري بين مملكة شيا الغربية وجيرانها، فكانت هناك أسواق حدودية لاستيراد المنتجات وتصديرها، ومن السلع التي احتاجها تجار شيا الغربية من أسر لياو أو جين أو سونغ الحرير والبخور والأدوية والزنجبيل وغير ذلك، فيما صدرت الإمبراطورية الملح والجلد والنسيج والعسل والأعشاب وغيرها، وكانت تجارة المقايضة شائعة للغاية آنذاك، إلا أنّ ملوك شيا أنتجوا عملاتهم المعدنية الخاصة.

المعتقدات الدينية والروحانية

كان لشعب شيا الغربية معتقدات دينية وروحانية خاصة بهم تقوم في المقام الأول على الإيمان بالأرواح، وعلى الرغم من ذلك كانوا يتبعون طريقة حرق موتاهم بدلًا من دفنهم في القبور، وبمرور الوقت مالت نسبة كبيرة من شعب التانغوت إلى اتباع الديانة البوذية، التي سرعان ما انتشرت لتصبح الدين الرسمي للبلاد، وانتشرت الأديرة والباغودا في جميع أنحاء المملكة، وترجم رهبان التانغوت العديد من تعاليم البوذية (السوترا) إلى لغتهم الخاصة، كذلك كانت هناك ديانات أخرى في شيا الغربية، ولكن على نطاق غير واسع، منها الديانة الإسلامية والمسيحية والفلسفة الطاوية.

سجلات شيا الغربية

على الرغم من أنّ التانغوت أسسوا إمبراطورية عظيمة لا تقل عن تلك التي أسستها سلالات سونغ ولياو وجين، لم يترك المؤرخون التانغوت خلفهم الكثير من السجلات التي تدل على تاريخ مملكتهم، على النقيض من السلالات الحاكمة الصينية، سونغ ولياو وجين، التي تركت خلفها تاريخ حافل بالإنجازات والتفاصيل التي تناولت جميع جوانب الحياة في عصرهم، ويعتقد بعض العلماء أنّ جزء كبير من السجلات التاريخية للتانغوت تمّ تدميره عند غزو الجيش المغولي للبلاد ودُفنت في أعماق غبار التاريخ، بينما نجت بعض الأدوات الثمينة من ذلك التدمير، لذلك هناك هالة كبيرة من الغموض حول إمبراطورية شيا الغربية وسكانها التانغوت، فمعظم المعلومات عن تاريخ المملكة مأخوذة من السجلات التاريخية لسونغ ولياو وجين.

الغزو المغولي لشيا الغربية

سبق الغزو المغولي لشيا الغربية سلسلة من الهجمات الأولية المتتالية بقيادة جنكيز خان، قبل أن يشن الغزو الرئيسي واسع النطاق على المنطقة في عام 1209، وكان هذا أول غزو مغولي رئيسي للصين وأول غزو كبير ينفذه القائد المغولي جنكيز خان، حيث قام في البداية بفرض حصار استمر لنحو عام على العاصمة ينتشوان، وعلى الرغم من غمر المعسكر المغولي بمياه النهر التي تمّ تحويل مسارها بطريقة غير مدروسة، أعلن إمبراطور التانغوت لي أنكوان استسلامه في عام 1210، وأصبحت بعد ذلك شيا الغربية تابعة للمغول لحوالي عشر سنوات، ساعدت خلالها في الغزو المغولي لأسرة جين، وبحلول عام 1219، عند بدء جنكيز خان بغزو الإمبراطورية الخوارزمية الإسلامية، حاولت شيا الغربية الانفصال عن المغول والتحالف مع سلالتي جين وسونغ، وردًا على هذا التمرد أرسل جنكيز خان في عام 1225 قوة جديدة لغزو شيا الغربية، كان عازم من خلالها على محو ثقافة الإمبراطورية وآثارها تمامًا، وبالفعل قامت القوات المغولية بتنفيذ تدمير ممنهج لمدن شيا وريفها، وبلغ الأمر أشده عند حصار العاصمة في عام 1227 بالتزامن مع شن غزوات على إمبراطورية أسرة جين، وفي نفس العام مات جنكيز خان لسبب غير مؤكد، على الرغم من أنّ بعض الروايات تزعم بأنّه قُتل في إحدى المعارك التي جرت في العاصمة ينتشوان، وبعد وفاته سقطت العاصمة في أيدي المغول الذين أبادوا غالبية سكانها.