مشربية | أبرز المعلومات عن فن العمارة الرومانسكية... تاريخها وخصائصها

يشير مصطلح العمارة الرومانسكية (بالإنجليزية: Romanesque Architecture) إلى الطراز المعماري المنتشر في أوروبا من منتصف القرن الحادي عشر وحتى ظهور الطراز المعماري القوطي، المتميز باحتوائه على التقاليد الرومانية والكارولنجية والأوتونية والبيزنطية والجرمانية، والذي ظهر نتيجة التوسع الكبير في حركة الرهبنة بعد القرن العاشر، ولزيادة الحاجة لوجود كنائس كبيرة تستطيع استيعاب أعداد الرهبان والحجاج من مختلف أنحاء أوروبا والعالم.

عرفت العمارة الرومانسكية بشكلها المميز إذ ضمت النوافذ والأبواب والأروقة ذات الأقواس نصف الدائرية، إضافة إلى القباب الأسطوانية والنوافذ ذات العدد القليل والأرصفة الضخمة والممرات الجانبية والأبراج الكبيرة والصغيرة.

تاريخ العمارة الرومانسكية

بعود تاريخ العمارة الرومانسكية إلى أواخر العصور الوسطى وتحديدًا الفترة الواقعة بين عامي 800م و1200م المقسمة إلى ثلاث فترات رئيسة وهي: فترة ما قبل الرومانسكية، وتضم العمارة الكارولنجية والأوتونية من عام 800 وحتى عام 1000م، والرومانسكية المبكرة وهي العمارة المنتشرة خلال القرن الحادي عشر، والرومانسكية الناضجة المنتشرة من 1070م وحتى عام 1170م.

تُعدّ العمارة الدينية من أهم أشكال العمارة الرومانسكية خلال العصور الوسطى والتي تأثرت بالطراز الروماني الكلاسيكي على نحو أساسي، إضافة إلى تأثرها بالطراز البيزنطي والإسلامي، ويشار إلى أن الكنيسة الرومانسكية اكتسبت مزيدًا من الثقة ما بعد عام 955م مما أدى إلى زيادة انتشارها في ثلاثة أشكال رئيسية وهي الكاتدرائيات والأديرة والقلاع، وبحلول القرن الحادي عشر تطور الطراز الرومانسكي الناضج بحيث برزت الزخرفة كأحد أهم مميزات العمارة الرومانسكية، إضافة إلى التماثيل والنحت البارز والزجاج الملون.

ويشار إلى أن أول طراز رومانسكي ظهر في شمال إيطاليا في منطقة لومباردي وشمال فرنسا ووصل إلى كاتالونيا، وتميز ببنائه الحجري الصلب والأقواس الخالية من الفتحات والزخرفة الخارجية، وعثر عليه بعد ذلك في جميع أنحاء أوروبا والجزر البريطانية في ثلاثة أنماط رئيسية وهي:

فن موسان

انتشر فن موسان في العمارة الرومانسكية ما بين عامي 1050 وعام 1232 ميلادي وتميز بتأثره الكبير بعصر النهضة الكارولنجية، إذ برزت الأعمال المعدنية المتقنة والفخمة واستخدم الذهب والمعادن في إنشاء الحواجز المرتفعة على أسطح الأبنية المنشئة والمرصعة بالألوان، ويُعدّ ضريح المجوس لنيكولاس أوف فردان أشهر معالم العمارة الرومانسكية ضمن أسلوب فن موسان.

الرومانسكية النورماندية

ظهر النمط الرومانسكي النورماندي ما بين القرن الحادي عشر والثاني عشر ميلادي في العمارة الرومانسكية، وهو في الأصل أسلوب إنجليزي طوره النورمانديون بعد غزو انجلترا عام 1066م، وتميزت العمارة النورماندية الرومانسكية بالزخارف والجدارن الضخمة والأرصفة الأسطوانية والأقواس الكبيرة المستخدمة في تصميم القناطر الكبرى، وأشهر معالم هذا النمط المعماري صحن الكنيسة الذي لا يزال قائمًا حتى يومنا هذا.

الرومانسكية الإيطالية

انتشرت الرومانسكية الإيطالية في فترة 1140 ميلادي وتميزت بالواجهات والأروقة وأبراج الأجراس، ويُعدّ أسلوب بيزان أو أسلوب توسكان والذي يعرف بالنمط المركزي في العمارة الرومانسكية أهم أسلوب معماري خلال هذه الفترة، وتميز باستخدام الزخارف الكلاسيكية على نحو رئيسي.

ويذكر أن النمط الرومانسكي ظل منتشرًا حتى القرن الثاني عشر في المدن الأوروبية باستثناء بعض مناطق باريس التي بدأت تشهد ظهور الفن القوطي عام 1120م، إذ انتشرت بعدها العمارة القوطية واستبدلت بالعمارة الرومانسكية، باستثناء بعض المناطق الريفية التي احتفظت بالعمارة الرومانسكية حتى القرن الثالث عشر ميلادي.

خصائص العمارة الرومانسكية

تتمتع العمارة الرومانسكية بثلاث خصائص أساسية تميزها عن غيرها من أنواع العمارة حول العالم وفيما يأتي ذكرها:

الحجم

تتميز العمارة الرومانسكية بحجمها الضخم الذي يهدف بالمقام الأول إلى الإلهام والترهيب، إذ تظهر الأبراج المثمنة ذات الارتفاعات الشاهقة إلى جانب الدعامات الحجرية والجدران السميكة التي تكسب البناء المظهر الضخم والكبير.

الاعتماد على مخططات الكاتدرائية اللاتينية

بنيت الكنائس الرومانسكية بالاعتماد على مخططات شكل الصليب اللاتيني، والتي انبثق عنها العديد من التسميات القديمة مثل الحنية وهي القبة أو نصف القبة الظاهرة في مقدمة القاعة، والمتنقلة وهي الممر، وطبلة وهي منطقة نصف دائرية تضم المنحوتة فوق باب أو نافذة، وجناح الكنيسة وهو القسم الأفقي في الكاتدارئية الذي يمر عبر المتنقلة لتشكيل الصليب، وغيرها العديد.

الأقواس المستدير المقببة

تُعدّ الأقواس المستديرة المقببة من أهم الخصائص المميزة للعمارة الرومانسكية، والتي تظهر على شكل سلسلة طويلة من الأقواس بجانب بعضها البعض.

ويشار أيضًا إلى أن العمارة الرومانسكية تتميز بعناصرها المعمارية الفريدة وفيما يأتي ذكرها والتعريف بها:

الجدران

ظهرت الجدار في العمارة الرومانسكية بسماكات كبيرة وعالية مع فتحات صغيرة وقليلة، ويشار إلى أن المواد المستخدمة في بناء الجدارن اختلفت من منطقة إلى أخرى عبر أوروبا بسبب اختلاف تقاليد الحجر والبناء المحلي إذ استخدم الطوب في إيطاليا وبولندا وألمانيا وهولندا، بينما استخدم الحجر الجيري والجرانيت والصوان في مناطق أخرى.

الأرصفة

استُخدمت الأرصفة في العمارة الرومانسكية لدعم الأقواس، والتي اتخذت شكل المربع أو المستطيل، وأحيانًا يتصل بالأرصفة أعمدة رأسية إضافة إلي قوالب أفقية، ويشار إلى أن هذه الأرصفة، وعلى الرغم من شكلها المستطيل، تتضمن الكثير من التعقيد.

الأعمدة

تبرز الأعمدة في العمارة الرومانسكية وتتميز بأنواعها المتعددة وهي الأعمدة المنقذة، أي، الأعمدة القديمة الرومانية التي أُعيد استخدامها في الديكورات الداخلية والأروقة، والأعمدة الأسطوانية (الطبل) وهي الأعمدة المنتشرة في معظم أنحاء أوروبا والتي استخدمت لتدعم الجدران العلوية السميكة والأقبية الثقيلة، والأعمدة الأساسية المجوفة وهي الأعمدة المملوئة بالركام المتميزة بحجمها الكبير وزخارفها.

الأسقف

ضمت معظم العمارة الرومانسكية ممرات مقببة وأسقف خشبية، وظهرت أيضًا القباب الحجرية والمصنوعة من الطوب بعدة أشكال تطورت إلى القوس المضلع المدبب في العمارة القوطية بعد ذلك، ويشار إلى أن قبو البرميل وقبو الأربية والقبو المضلع والمقوس المدبب من أهم عناصر العمارة الرومانسكية.

النحت التصويري

برز النحت التصويري في العمارة الرومانسكية ما بين القرن الحادي عشر والثاني عشر، ويشار إلى أن فرنسا وشمال إسبانيا وإيطاليا تضم أكثر المعالم المعمارية الرومانسكية ذات النحت التصويري المثير والفريد.

الزجاج المعشق أو الملون

استخدم الزجاج الملون في العمارة الرومانسكية في النحت التصويري، ولاستخدامات وظيفية، ويشار إلى أن تاريخ الزجاج المعشق يعود إلى نهايات القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر.