الحريرة (بالإنجليزية: Harira) أحد الأطباق التقليدية الكلاسيكية المغربية ذات الشعبية الخاصة لدى الشعب المغربي في رمضان والذي يُقدم على مائدة الطعام على مدار العام ويُصنع من الخضراوات والبقوليات واللحوم والتوابل، ويذكر أن طبق الحريرة يقدم حساء، إما كطبق رئيسي أو على شكل مقبلات اعتمادًا على حجم الحصة مع الليمون والخبز المحمص، وغالبًا ما يقدم إلى جانبه طبق الحلوى التقليدي المعروف باسم الشباكية.

تعرف الحريرة المغربية بأنها طبق حساء غني بالطماطم والعدس والحمص والأعشاب والتوابل التي من أهمها الكركم والكمون والقرفة، المضاف إليها معكرونة الشعيرية أو شعرية الأرز، وغالبًا ما يقدم هذا الطبق بصورة خاصة في المغرب وفي العديد من دول شمال إفريقيا بصورة عامة، ويذكر أن اسم طبق الحريرة مشتق من الكلمة العربية (حرير) وهو وصف لقوام الحساء بعد طهيه إذ يتخذ قوامًا حريريًا مخمليًا ذا مذاق دافئ وشهي.

يذكر أن طبق الحريرة المغربي يتضمن العديد من الاختلافات من منطقة لأخرى في المغرب إذ تتميز بعض الوصفات بإضافة الشعيرية وأخرى تتخلى عن هذا المكون، بينما يضيف البعض السمن أو الزبدة ذات الطعم الشبيه بجبنة البارميزان، وقد يصنعها البعض باستخدام الدجاج، بينما يفضل آخرون إضافة لحم الضأن أو اللحم البقري، أو قد تظهر بشكلها النباتي بحيث تكون خالية من أي نوع من أنواع اللحوم وتعتمد على أنواع العدس المختلفة (الأخضر أو الأحمر) والحمص والكرفس والجزر، ويمكن استخدام شعيرية الأرز أو الأرز طويل الحبة بديلًا لشعيرية المعكرونة لتصبح طبقًا صحيًا خاليًا من الغلوتين.

تاريخ الحريرة المغربية

يُعدّ طبق الحريرة المغربية من أقدم الأطباق المغربية الموثّقة في التاريخ، إذ تشير السجلات التاريخية إلى أن هذا الطبق حُضّر قبل 22 قرن في العهد الروماني وتحديدًا في بلاط زعيم موريتانيا الطنجية (أحد أقاليم الإمبراطورية الرومانية) عندما كان المغاربة (سكان جبال الأطلس) جزءًا أساسيًا من الجيش الروماني، إذ صُنف طبق الحريرة حينها ضمن الأطباق الأساسية الموصى بها من قبل القادة الرومانيين للجنود والمتدربين على قتال الوحوش ومبارزتهم، وخاصة في جبال الأطلس المغربية التي شكلت أهم مصادر توريد الحيوانات المفترسة المستخدمة في احتفالات المبارزة الدموية في الكولوسيوم بروما (مدرج روماني مخصص لقتال المصارعين).

ويذكر أن معجم الطبخ الروماني أبيسيوس (Apicius) أشار إلى طبق الحريرة الذي تناولها الجنود المغاربة الذين تواجدوا ضمن الجيوش الرومانية في القرنين الأول والثاني ميلادي ضمن أنواع الطعام الموصى به للحفاظ على صحة الجنود والذي تم تناقله من جيل لآخر حتى أصبح من الأطباق التقليدية في المغرب في يومنا الحالي.

وشكّل طبق الحريرة المغربية أحد الأطباق الأساسية في العهد الروماني في الحمية الطبية لمصارعي الأسود، إضافة إلى جعله طبقًا قانونيًا نص عليه الدستور الروماني للمقاتلين طوال مدة التدريب والتأهيل أو في أثناء الغزوات والاشتباكات إذ كان مصدرًا مهمًا لإمداد الجسم بالقوة والطاقة، وساعدت هذه العوامل مجتمعة على ترسيخ طبق الحريرة في النمط الغذائي المغربي منذ قرون عدة مضت، ويذكر أنه خلال هذه المدة شهد هذا الطبق العديد من الاختلافات في التحضير والمكونات، والتي من أهمها إضافة الطماطم بعد القرن الخامس عشر وإضافة معكرونة الشعيرية.

الفوائد الصحية لطبق الحريرة المغربية

يُعدّ طبق الحريرة المغربية من الأطباق الصحية التي تمد الجسم بالألياف والبروتينات النباتية والفيتامينات والأحماض المتعددة، فهو  مصدرًا مهمًا لفيتامين أ وحمض الفوليك إضافة إلى فيتامين سي والثيامين والبوتاسيوم والحديد والنحاس والمنغنيز، وهذه العناصر الغذائية مجتمعة تساعد على حسن سير وظائف الجسم عامة، ويشار إلى أن الحصة الواحدة (240 غرام) من حساء الحريرة يتضمن 188 سعرة حرارية تتضمن 73% كربوهيدرات و10% دهون و18% بروتينات نباتية.

إضافة إلى ما سبق، يذكر أن طبق الحريرة المغربية  له فوائد خاصة يكتسبها جسم الإنسان في حال تم تناوله في شهر رمضان المبارك وفيما يأتي ذكر أهمها:

  • تساعد الحريرة المغربية على الوقاية من الإمساك وتسهل مرور الأغذية في الأمعاء خاصة بعد عدد ساعات صيام طويلة قد تتجازو 14 ساعة، إذ تكون الأمعاء في حالة التصاقات مؤقتة لعدم شرب الماء في أثناء النهار.
  • تزود الحريرة الجسم بفيتامين د المتواجد في الكزبرة والبقدونس والكرفس، إضافة إلى إمداد الجسم بالفيتامينات المختلفة المتواجدة في الطماطم والتي تعطي للجسم القوة والطاقة التي تساعد على مواصلة الصيام لمدة 30 يومًا.

ومن ناحية أخرى، قد يكون طبق الحريرة المغربية أحد الأطباق ذات الآثار الجانبية على الصحة إذ يعد الدقيق الموجود في معكرونة الشعيرية أو المضاف إليها لإعطائها القوام السميك مصدرًا غني بالسكريات والذي يؤثر على ارتفاع نسبة السكر في الدم خاصة في حال تم تناولها بشكل غير معتدل، إضافة إلى ذلك قد تعمل الدهون الآتية من السمن أو العظام أو اللحوم على زيادة نسبة الكوليسترول الذي يعمل على انسداد شرايين القلب وزيادة الوزن، لذلك ينصح أغلب أخصائيي التغذية الاكتفاء بحصة واحدة من طبق الحريرة وعدم الإكثار منها أو المبالغة في تناولها.

المكونات الأساسية للحريرة المغربية وطريقة التحضير

يتكون طبق الحريرة المغربية التقليدي من البقوليات بشكل أساسي والعديد من الخضروات ونوع من أنواع اللحوم، وقد تختلف الوصفات باختلاف المناطق أو العادات المتوارثة من جيل إلى آخر ومن أسرة إلى أخرى، وفيما يأتي المكونات التقليدية العامة التي يمكن أن تشكل الأساس لطبق الحريرة المغربية وطريقة تحضيره:

اللحوم

  • يمكن استخدام اللحم البقري أو الضأن أو الدجاج لإعداد طبق الحريرة إذ يقطع إلى مكعبات صغيرة.

الخضراوات

  • طماطم طازجة
  • بصل
  • كرفس
  • باقة من أوراق البقدونس
  • باقة صغيرة من الكزبرة الخضراء

البقوليات

  • العدس (البني الجاف أو الأخضر الجاف)
  • الحمص (منقوع ومقشر)

مكونات أخرى

  • سمن (اختياري)
  • ملح
  • مسحوق الزنجبيل
  • فلفل أسود
  • قرفة مطحونة
  • مسحوق الكركم
  • معجون الطماطم
  • ماء
  • شعيرية معكرونة أو شعيرية الأرز أو أرز حبة طويلة
  • دقيق (متعدد الاستعمالات)
  • ليمون

ولتحضير طبق الحريرة المغربية لا بد من إجراء بعض من التحضيرات المسبقة والتي من أهمها:

  • نقع الحمص لمدة 24 ساعه قبل الطهي ويفضل استخدام الحمص المجروش (المقشر)
  • تنقية العدس من أي شوائب مثل الحجارة أو غيرها
  • تحضير هريس الطماطم ليكون جاهزًا لإضافته للحريرة المغربية
  • غسل الكرفس والبقدونس والكزبرة  وتقطيعهم إلى قطع صغيرة وناعمة

بعد إكمال الخطوات التحضيرية يمكن البدء بإعداد طبق الحساء عن طريق طهي اللحم باستخدام قدر عادي أو قدر الضغط إذ يتم تحمير اللحم بالزيت ثم يضاف إليه الماء والحمص المقشر والمنقوع والطماطم المهروسة والبصل والبهارات والسمن، وبعد مضي ما يقارب 25 دقيقة يضاف العدس ومعجون الطماطم والأعشاب المقطعة ويترك لمدة 30 دقيقة أو حتى تنضج المكونات، ويمكن إضافة الأرز في حال استخدامه عنصرًا أساسيًا بدلًا من معكرونة الشعيرية ويترك لمدة 15 دقيقة على نار متوسطة حتى يصبح جاهزًا للتقديم، وفي حال استخدام الشعيرية تضاف في آخر 10 دقائق من الطهي إلى الطبق.

 ملاحظة: يضاف الطحين الممزوج بالماء ذا القوام السائل تدريجيًا للحساء حسب كميته ليعطيه قوامًا سميكًا، وفي حال استخدام الأرز يمكن الاستغناء عن هذه الخطوة إذ تساعد النشويات في الأرز على إعطاء الحساء قوامًا سميكًا.