تعد الكتابة من أهم اختراعات الإنسانية، فهي التي مكنت البشر من تدوين أفكارهم وتاريخهم واكتشافاتهم ونشرها في جميع أنحاء العالم ليطلع عليها الجميع، وبالتزامن مع تطور الكتابة تطورت أدواتها وتقنياتها، فتحولت من أدوات بدائية إلى أدوات متطورة للغاية.

أدوات الكتابة الأولى

كانت أدوات الكتابة الأولى تتمثّل في استخدام أدوات الصيد والأحجار المسننة، والتي صُنعت لضغط الأحرف على شكل أسافين في الألواح الطينية، ويعود الفضل لابتكار هذه الأدوات إلى السومريين منذ آلاف السنين، وتعد هذه الأدوات البدائية هي الشكل الأول للكتابة، والتي عُرفت باسم الكتابة المسمارية، وكان السومريون يرتبون الأشكال الإسفينية وفقًا للحجم والتصميم والمسافة، وأصبحت الكتابة المسمارية الشكل الوحيد المتوفر للكتابة لعدة سنوات.

الكتابة بالفرشاة

جاء اختراع الكتابة بالفرشاة بعد مرور وقت  من ابتكار الكتابة المسمارية، وذلك من خلال غمس طرف الفرشاة الرفيع بأحبار مصنوعة من الماء والأصباغ الطبيعية، وكان هذا هو الشكل الأول للأقلام، وأتاحت هذه الطريقة الكتابة على الألواح الفخارية والشمع بشكل أكثر سهولة ووضوح، واستُخدمت الفُرش المغموسة بالحبر لاحقًا للكتابة على ورق البردي، ولا تزال بعض الدول، لا سيما دول شرق آسيا، تستخدم أقلام الفرشاة حتى اليوم لكتابة الأحرف اليابانية والصينية ولغات آسيوية أخرى.

الكتابة بالريشة

بحلول العصور الوسطى تمّ ابتكار شكل آخر من أدوات الكتابة وهي الكتابة بالريشة، حيث كان يتم نزع ريشة من جناح طائر كبير (غالبًا إوزة)، ثمّ غسل الريشة وتجفيفها، وبعد ذلك تُزال الأطراف الموجودة على جانبيها، حتى لا تعرقل عملية الكتابة ويتم الحصول في النهاية على عمود قوي وطويل، وبعد الانتهاء من تنظيف الريشة وإزالة الزوائد منها تُدفن في الرمال وتُشعل فوقها النار، والغرض من هذه الخطوة هو تجفيفها والحصول على قلم صلب ومرن، وبمجرد إخراج القلم من الرمل يُنظّف جيدًا، وتُزال مرة أخرى أي زوائد على جانبيه.

وأتاح استخدام القلم الجديد أنماط متنوعة من الكتابة، ففي هذا الوقت ظهرت الكتابة القوطية واستُبدلت جلود الحيوانات المجفف بورق البردي، حتى تمّ التوصل في النهاية للكتابة على الورق، واستمر استخدام الريشة لعدة قرون، حيث دُوّنت العديد من الوثائق المهمة مثل الكتاب المقدس والكثير من الأعمال الأدبية الكلاسيكية من القرن الثامن عشر باستخدام قلم الريشة، وقبل ذلك كتب ويليام شكسبير كل مسرحياته باستخدام هذه الطريقة.

الكتابة بالأقلام المعدنية

بقي استخدام الريشة أداة للكتابة شائعًا حتى حلول القرن التاسع عشر، حيث ابتكر جون ميتشل أول قلم معدني، ثمّ أُنتج بعد ذلك هذا القلم بكميات كبيرة، وكانت الأقلام المعدنية تحتوي على مقبض ورأس معدني بفتحة عندما يُغمس في الحبر يلتقط كمية صغيرة منه، وهذا يشبه نظام الريشة ولكنّ القلم المعدني يدوم لفترة أطول، ولا يحتاج لأي صيانة مثل الريشة، بجانب أنّه أدق بكثير منها.

الكتابة بأقلام الحبر ذات الخزان

حصل بارثولوميو فولش في عام 1809م على براءة اختراع أول قلم بخزان حبر، ثمّ تمّ اختراع قلم الحبر الجاف في عام 1888م، وتمّ تطويره في عام 1938م، وبعد ذلك ظهر في اليابان القلم الذي يُستخدم فيه الحبر المائي، وأصبحت يتم التخلص من الأقلام الحديثة بعد نفاد الحبر منها، وبعد ذلك ظهرت أقلام الرصاص وأقلام الرسم والتلوين التي ما تزال تُستخدم حتى اليوم.

تقنيات الكتابة

تنوعت تقنيات الكتابة وفقًا للتسلسل الزمني، ومن أبرز الأدوات التي كانت تُستخدم للتدوين ما يأتي:

  • ألواح الطين

تعد ألواح الطين أول مادة استُخدمت للكتابة، نظرًا لأنها سهلة التحضير ومتوفرة بكثرة في بلاد ما بين النهرين، مهد تطور  الكتابة الأولى وأدواتها، حيث يتم تشكيل الألواح الطينية الرطبة، ثمّ استخدام القلم للكتابة عليها، وبعدها تُجفّف هذه الألواح حتى تبقى ثابتة لمدة طويلة.

  • عظام الحيوانات

عُثر في الصين القديمة على سجلات لطقوس السحر منقوشة على سطح عظام الحيوانات، تعود لأكثر من 3000 عام، وفي حين أنّ معظم هذه السجلات كانت منحوتة، هناك فئة قليلة منها كانت مكتوبة بالحبر والفرشاة.

  • أقراص الشمع

عُثر أيضًا على كتابة منقوشة على أقراص الشمع، فبالتزامن مع دخول الثقافتين الرومانية واليونانية عبر مصر أصبحت أقراص الشمع من أكثر مواد الكتابة شيوعًا في المنطقة، حيث كانت تُصنع ألواح من الخشب أو من مواد ثمينة مثل العاج، وبعد إتمام نحتها بشكل غائر يتم ملء السطح بشمع العسل، وكانت تُستخدم هذه الطريقة لتدوين تواريخ الحضارات القديمة والعصور الوسطى، وفي الحسابات، واستُخدمت كذلك في تمارين تعلّم الكتابة.

  • الطباعة

تعد الطباعة، وهي عملية نقل صورة من سطح إلى آخر مباشرة، فن قديم للغاية بدأ بصناعة الختم، حيث كانت الأختام المنقوشة مهمة في الصين القديمة والإمبراطورية الرومانية ومصر القديمة وبلاد ما بين النهرين، وبحلول القرن الثامن كان الصينيون يكتبون النصوص الخطية على ألواح خشبية، ثمّ يُلصق الكاتب الورق على النص المكتوب، ويضع الحبر على سطح الورقة من الأعلى، ويضغط عليها برفق حتى تنتقل نسخة من الكتابة مباشرةً من السطح الخشبي إلى الورقة.

حقائق حول تاريخ أدوات الكتابة

من أبرز الحقائق حول تاريخ أدوات الكتابة ما يلي:

  • تاريخ قلم الريشة

بقي قلم الريشة أكثر أدوات الكتابة تطورًا لنحو 15 قرن، حيث استُخدم ريش العديد من الطيور الكبيرة لصنع أقلام الريش، بغرض تدوين التاريخ ونشر المعرفة، قبل أن يتم استبدالها بأقلام الحبر المعدنية.

  • تاريخ قلم الحبر ذي الخزان

حلّت أقلام الحبر ذات الخزان محل الأقلام المعدنية بسبب سهولة استخدامها وتسببها بفوضى أقل، وبمرور الوقت أصبحت أقلام الحبر الجافة تُستخدم بأعداد هائلة حول العالم إلى الآن.

  • تاريخ الأقلام الملونة

ظهرت الأقلام الملونة في أوائل القرن العشرين وأحدث ظهورها نقلة نوعية في عالم أدوات الكتابة وأصبح لها أهمية كبيرة، لا سيما عند اقترانها بأدوات كتابة أخرى.

  • تاريخ الممحاة

وجد الإنسان في البداية صعوبة بالغة في محو أخطائه الكتابية، واستمرت هذه المعاناة إلى حين اكتشاف المطاط، حيث تمّ صنع الممحاة بكافة أنواعها باستخدام المطاط لإزالة أي أخطاء قد تقع في أثناء الكتابة.

  • تاريخ المبراة

ارتبط استخدام المبراة بأقلام الرصاص، حيث لا يمكن شحذ قلم الرصاص لتحديد نقطة جيدة للكتابة إلا من خلال استخدام المبراة.

  • تاريخ طباشير السبورة

بالتزامن مع ازدياد المدارس في القرن التاسع عشر ظهرت مشكلة تتمثل في كيفية نقل معلومات الدرس إلى عدد كبير من الطلاب، وكان الحل في ابتكار السبورة والطباشير بدايةً، ثمّ السبورة البيضاء وقلم السبورة لاحقًا.